وزيرة الصحة الفلسطينية توجه الشكر للدولة المصرية والقيادة السياسية
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
وجهت وزيرة الصحة الفلسطينية الدكتورة مي أبو كيلة الشكر للدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار لجهد مصر الدائم في محاولة تنسيق وصول المساعدات للقطاع ".
ووجهت كيلة نداء عاجل للمجتمع الدولي لإيقاف هذه الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني داخل القطاع وعمل ممرات إنسانية لمرور المساعدات".
كاشفة أن القطاع يعاني من نقص في الوقود والسولار الذي تعمل به المستشفيات ومع انقطاع الكهرباء تعمل تلك المستشفيات بمولدات الكهرباء وأن كميات السولار سوف تتعرض للنفاد يوم الخميس وقد تعاني المستشفيات من الظلام الدامس .
وأوضحت أن مخزون الادوية والمستلزمات الطبية يكفي بالكاد لمدة أربعة أيام فقط مناشدة العالم والمجتمع الدولي بالسماح بوجود ممرات إنسانية كما ينص القانون الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية والمؤن الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية ".
أكملت: نحذر المستشفيات ستصبح المستشفيات بدون كهرباء وبدون مولدات لنفاذ السولار قطاع غزة يحتاج لضمير دولي حي وأن تصل المساعدات الإنسانية والغذائية لقطاع غزة".
وحول نقص الادوية الادوية قالت: "تكفي لمدة أربعة أيام أخرى فقط ولدينا مساعدات في الضفة لانعرف كيفية إيصالها للقطاع الذي تقطعت به كل السبل كما أن سلطات الاحتلال قطعت المياه عن القطاع ولا يوجد به الآن مياه صالحة للشرب في قطاع غزة".
وأوضحت أنه لا ضحايا نتيجة القصف بين الاطقم الطبية أو التمريض لكن كثير منهم هدمت بيوتهم كاملة وهناك مأزق حقيقي مع اكتظاظ المستشفيات بالمصابين بشكل كبير جداً وتعرض الاطقم الطبية للإنهاك الشديد مع ارتفاع أعداد المصابين فوق الطاقة الاستيعابية للمستشفيات أو الاطقم الطبية وقدراتها"، لافتة إلى أنها أجرت اتصالا مع وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار لتنسيق إقامة مستشفى ميداني في العريش لاستقبال الضحايا من القطاع موجهة الشكر لمصر قائلة: "أشكر مصر الشقيقة الكبرى لنا".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصحة الفلسطينية وزيرة الصحة الفلسطينية وزيرة الصحة الدكتور خالد عبد الغفار توك شو
إقرأ أيضاً:
التحويلات الطبية في غزة: موت مؤجَّل في ظل الإغلاق
#سواليف
تُعدُّ #التحويلات_الطبية من قطاع #غزة ركيزةً حيويةً في منظومة الرعاية الصحية الفلسطينية، في ظل افتقار القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عامًا إلى التخصصات و #الخدمات_العلاجية المتقدمة، خاصةً في مجالات الأورام، وأمراض القلب، والفشل الكلوي، والحروق، و #الإصابات_البليغة الناتجة عن العدوان الإسرائيلي المتكرر. ومع #انهيار_المنظومة الصحية في خلال العام والنصف الأخيرين بفعل #حرب_الإبادة، باتت الحاجة إلى التحويلات أشد إلحاحًا من أي وقت مضى.
غير أن هذه الحاجة تصطدم بواقع ميداني مأزوم، على رأسه الإغلاق الكامل لمعبر رفح منذ سيطرة الاحتلال عليه في 7 أيار/مايو 2024، واستمرار إغلاق حاجز بيت حانون “إيريز” منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما حوَّل آلاف المرضى إلى رهائن داخل القطاع، في ظل عجز شبه تام للمستشفيات المحلية عن التعامل مع الحالات المعقدة.
وحذَّرت منظمة الصحة العالمية من أن استمرار هذا الإغلاق يمثِّل انتهاكًا صارخًا لحق الوصول إلى العلاج، لافتةً إلى أن المستشفيات المدمرة والمثقلة بالحالات الطارئة عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية.
مقالات ذات صلةوعلى الرغم من فداحة المشهد، لم ترتقِ الاستجابة الدولية إلى حجم الكارثة، وظلت أسيرةَ المعالَجات التقليدية والمحدودة، في وقت باتت الحاجة ملحَّةً إلى حلول جذرية تضمن إنقاذ حياة آلاف المرضى، وتقلِّل الاعتماد على التحويلات الخارجية، في ظل واقع ميداني متغير تفرضه عمليات الاحتلال العسكرية المستمرة.
كارثة صحية متفاقمة: الحاجة إلى العلاج في الخارج في ظل حرب الإبادة والإغلاق
أدَّت حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى تفاقم غير مسبوق في انهيار النظام الصحي، ما ضاعف الحاجة إلى التحويلات الطبية في ظل عجز المستشفيات المحلية عن التعامل مع الإصابات المعقَّدة أو الأمراض المزمنة. وبينما تستمر الهجمات الإسرائيلية اليومية، ترتفع أعداد الإصابات الخطيرة التي تتطلب تدخلاتٍ طبيةً متقدمةً غير متوفرة في غزة، مثل جراحات الأعصاب والأطراف والرعاية القلبية.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن نحو 120,000 فلسطيني أُصيبوا في خلال الحرب، بينهم آلاف الحالات التي غيَّرت الإصابةُ مجرى حياتهم، فيما قدرت منظمة الصحة العالمية أن بين 13,455 و17,550 إصابة شديدة بالأطراف سُجِّلت منذ بدء العدوان، إضافةً إلى ارتفاع إصابات الحبل الشوكي والدماغ والحروق العميقة، خاصةً بين النساء والأطفال، وسط غياب شبه تام لإمكانيات التأهيل والعلاج.
وفي موازاة ذلك، يُقدَّر عدد مرضى السرطان في قطاع غزة بنحو 13,000 مريض، بينهم 4,200 سيدة و750 طفلًا، جميعهم بحاجة إلى علاج مستمر، بينما يُسجَّل شهريًّا ما يقارب 200 حالة جديدة، دون توفر العلاج داخل القطاع بفعل الحصار والإغلاق.
تتقاطع هذه الأرقام مع مشهد دمار واسع للبنية التحتية الصحية، إذ وثَّقت وزارة الصحة تدمير 23 مستشفى من أصل 38، وخروج 80 مركزًا صحيًّا من أصل 90 عن الخدمة، فيما تواجه المستشفيات القليلة المتبقية أزمة وقود ومياه وأدوية، وعجزًا عن العمل بكامل طاقتها. ونتيجة لذلك، توفي 436 مريضًا بالأورام حتى نهاية يوليو/تموز 2024، إلى جانب 650 من أصل 1,400 مريض كلى لم يتمكنوا من إكمال جلسات الغسيل.
وفي 13 مايو/أيار 2025، أعلنت منظمة الصحة العالمية خروج المستشفى الأوروبي في خان يونس من الخدمة إثر قصف إسرائيلي مباشر، وهو المستشفى الأخير الذي كان يوفر علاج السرطان والرعاية القلبية وجراحة الأعصاب. وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن القصف “أدى إلى دمار بالغ وتعذر الوصول للمستشفى”، مؤكدًا أن فرق المنظمة أخلَت الطواقمَ الطبيةَ بشكل عاجل في خلال الهجوم.
في ظل هذا الواقع، يُفاقِم الإغلاقُ الكاملُ للمعابر الأزمة، وعلى رأسها معبر رفح الذي سيطر عليه الاحتلال في 7 مايو/أيار 2024، إلى جانب إغلاق حاجز بيت حانون “إيريز” منذ الأشهر الأولى للحرب. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن الاحتلال يتعمد ترك المرضى لمصيرهم، في خرق واضح للقانون الدولي.
ووفق وزارة الصحة، فقد قُدِّم نحو 25,000 طلب تحويل طبي منذ بداية الحرب، لكن لم يُمنَح التنسيق إلا لـ6,645 منها، ولم يُسمَح بسفر أكثر من 216 مريضًا في الأشهر الخمسة الأولى التي تلت احتلال معبر رفح. وحتى في خلال اتفاق التهدئة الذي انهار في منتصف مارس/آذار، لم يتمكَّن سوى 1,100 مريض من السفر عبر الآلية الجديدة التي أُقرَّت للإجلاء عبر معبر رفح، حسب تصريحات مدير مركز المعلومات الصحية زاهر الوحيدي.
ومنذ استئناف الحرب في 18 مارس/آذار الماضي، بات معبر كرم أبو سالم الخاضع للاحتلال المنفَذ الوحيد، ولم يغادر عبره سوى أقل من 100 مريض ومرافقيهم. ووفق الدكتور محمد أبو سلمية، مسؤول ملف العلاج بالخارج، لا يُسمَح بالسفر إلا لـ10 إلى 15 حالة كل أسبوعين، “في حين أن الآلاف بحاجة للإجلاء يوميًّا، وإلا فسننتظر سنوات حتى يحصلوا على حقهم في العلاج”، وفق تعبيره.
وكان معبر رفح يشكِّل طوق نجاة للمرضى نحو مستشفيات مصر والأردن، غير أن إغلاقه حوَّله إلى بوابة مغلقة منذ مايو/أيار الماضي.
وفي ظل هذا الانهيار، دعت وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية إلى فتح المعابر فورًا، وتأمين ممرات إنسانية للمرضى، وإدخال المستلزمات الطبية الطارئة، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها “إسرائيل” بحق المدنيين الفلسطينيين. غير أن غياب الإرادة الدولية ورفض الاحتلال حتى لتحويل المرضى إلى مستشفيات الضفة الغربية والقدس، يجعل آلاف المرضى يواجهون لحظات انتظار قاتلة، في واقع لا يترك لهم سوى خيار الموت داخل القطاع المحاصر.
انتهاك ممنهج للحق في الصحة: الاحتلال يتنكر للقانون الدولي وقرارات العدل الدولية
تشكِّل الكارثة الصحية المتفاقمة في غزة نتيجة مباشرة لانتهاكات الاحتلال الصارخة للقانون الدولي، من خلال منع التحويلات الطبية، واستهداف المرافق الصحية، وإغلاق المعابر، في خرق واضح لحقوق أساسية يكفلها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
فوفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين، يُعَدُّ الحق في الحياة والصحة والتنقل من الحقوق غير القابلة للتصرف. لكن الاحتلال، بصفته قوةً قائمةً بالاحتلال، يتنكر لهذه الالتزامات، ويمنع المرضى من الوصول إلى العلاج، في انتهاك للمادتين (3) و(25) من الإعلان العالمي، والمادتين (6) و(12) من العهدين الدوليين، التي تكرِّس الحق في الحياة والرعاية الطبية.
وتؤكد اتفاقية جنيف الرابعة أن على سلطات الاحتلال مسؤولية مباشرة في تزويد السكان بالإمدادات الطبية، وصيانة المنشآت الصحية (المادتان 55 و56). كما تُلزمه الاتفاقيةُ ذاتها بتسهيل إجلاء المرضى ونقلهم للعلاج، كما ورد في المواد (17) و(21) و(23).
وعلى الرغم من القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في 28 يناير/كانون الثاني 2024، والذي ألزم الاحتلال باتخاذ تدابير عاجلة لمنع الإبادة الجماعية، ووقف السياسات المميتة، تواصِل “إسرائيل” عرقلة العلاج، وفرض واقع من الموت البطيء على آلاف المرضى، وسط صمت دولي مريب وانعدام للمساءلة.
وتبعًا لهذا الواقع، الذي يُشكّل أحد فصول الإبادة المستمرة في قطاع غزة، يُجمع حقوقيون على أن استمرار هذا النمط من الانتهاكات يستدعي تحركًا على مستويات دولية متعددة، لطرح الجرائم بحق القطاع الصحي ومرضى غزة بوصفها إحدى التجليات الصارخة لسياسة الإبادة الجماعية، التي تتطلب متابعة خاصة وتنسيقًا فاعلًا بين المؤسسات الحقوقية والصحية الدولية، بهدف تكثيف وتصعيد ملاحقة الاحتلال في المحافل القانونية الدولية، ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب.
وفي هذا السياق، تتحمَّل الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة، ليس فقط في ضمان احترام الاتفاقيات، بل في اتخاذ خطوات عملية لوقف الانتهاكات الجسيمة ومحاسبة مرتكبيها.
الاستجابة الدولية: تحركات محدودة لا ترقى إلى حجم الكارثة الصحية
على الرغم من الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي في قطاع غزة نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية، بقيت الاستجابة الدولية دون المستوى المطلوب، محصورة في إطار التدخلات الطارئة الأولية، دون أن ترتقي إلى مستوى الكارثة الصحية القائمة أو تقدِّم حلولًا شاملةً تضمن الحق في الرعاية الصحية للمدنيين.
وقد انصبَّت الجهود الدولية على إنشاء مستشفيات ميدانية في جنوبي القطاع، في دير البلح وخان يونس ورفح، شكَّلت إضافةً في تعزيز القدرة السريرية، إلا أن هذه المنشآت تفتقر إلى القدرة على التعامل مع الجراحات المعقَّدة والحالات الخطيرة، إذ اقتصر معظمها على تقديم استشارات أولية أو خدمات جزئية، في ظل عوائق إسرائيلية مستمرة تعرقِل دخول المعدات الحيوية والوقود اللازم لتشغيلها بكفاءة.
وتشمل هذه المستشفيات: المستشفى الميداني التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في مواصي رفح جنوبي القطاع بسعة 50 سريرًا، والمستشفى البريطاني، ويقدِّم كلاهما خدمات تشمل الأطفال والجراحة العامة وجراحة العظام. كما يوجد مستشفى تابع للهيئة الطبية الدولية في المحافظة الوسطى بسعة 70 سريرًا قابلة للزيادة حتى 120، إضافةً إلى مستشفيات تديرها منظمة أطباء بلا حدود – بلجيكا، وأخرى فرنسية في المحافظة الوسطى. وتعتمد هذه المستشفيات غالبًا على طواقم وزارة الصحة في غزة، إلى جانب عدد من الأطباء الأجانب.
وأما المستشفيات العربية، فتشمل المستشفى الأردني الميداني في خان يونس، ويضم 27 سريرًا ويعمل بطواقم طبية أردنية، فيما خرج المستشفى الإماراتي الميداني في رفح عن الخدمة حاليًّا بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يؤكد الأستاذ رأفت المجدلاوي، المدير العام لجمعية العودة الصحية والمجتمعية، أن هذه المستشفيات فشلت في سد الفجوة العلاجية لأنها تقدم خدمات عامة مثل الاستقبال والطوارئ، بينما يحتاج القطاع إلى تخصصات نادرة مثل جراحات القلب والكبد والعظام.
وفي موازاة ذلك، قدمت منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة دعمًا إسعافيًّا محدودًا، شمل كميات بسيطة من الوقود والأدوية، لكنه لم يكن كافيًا لتلبية الحاجات المتزايدة للجرحى والمصابين والمرضى المزمنين، ما يتطلب تمويلًا مستمرًا ومركَّزًا لتوفير المعدات التخصصية والأدوية المعقدة وخدمات العلاج والتأهيل.
كذلك أُوفدت فرق طبية دولية إلى غزة، من بينها جراحون وأخصائيو عناية مركزة، لكنها اصطدمت بعقبات إسرائيلية منعت وصولها إلى مناطق واسعة، أو أبطأت دخولها، ما قلل من قدرتها على التعامل مع حالات معقدة، مثل مرضى الثلاسيميا الذين يعانون نقصًا مستمرًا في وحدات الدم والأدوية المنقذة للحياة.
وأما حملات التبرعات التي أطلقتها منظمات دولية لرفع الوعي وجمع التمويل، فقد بقي أثرها محدودًا بسبب الحصار الخانق وصعوبة إدخال ما يُجمَع من تجهيزات إلى القطاع. وعلى المستوى السياسي، وعلى الرغم من الإدانات والنداءات الأممية والعربية والغربية التي طالبت بفتح ممرات إنسانية وتسهيل التحويلات الطبية، فإن هذه الضغوط لم تُترجَم إلى تحركات عملية، وبقيت سلطات الاحتلال على موقفها، تمارس العقاب الجماعي وتمنع وصول العلاج للمرضى.
وتكشف هذه التجربةُ عن قصور بنيوي في مقاربة الاستجابة الدولية، التي انشغلت بتعزيز الرعاية الأولية، على الرغم من أن المستشفيات الحكومية والأهلية في غزة كانت قادرة، حتى في ظل الحرب، على تغطية جزء كبير من هذه الخدمات.
وفي المقابل، يغيب الاستثمار الدولي في تأسيس مراكز ميدانية متقدمة تُعنى بالجراحات المعقدة والرعاية التخصصية، ما يُضيِّع فرصة ثمينة لتخفيف الحاجة للتحويلات الخارجية وتوفير بدائل علاجية داخل القطاع.
ويؤكد هذا الواقع الحاجة إلى إعادة توجيه الجهد الدولي نحو تغطية الفجوات النوعية، وتوفير تجهيزات دقيقة، وطواقم متخصصة، وضمان حرية حركة المرضى، بما يُعيد الاعتبار إلى حق الفلسطينيين في الرعاية الصحية، ويمنع حالات الوفاة التي يمكن تلافيها بتدخل جاد ومسؤول.
نحو استجابة تكاملية تُقلِّص الحاجة للتحويلات وتُعيد تشكيل دور المستشفيات الميدانية
في ظل استمرار إغلاق المعابر وتراكُم آلاف طلبات التحويلات الطبية العاجلة، تبرز الحاجة إلى رؤية دولية جديدة تُعيد صياغةَ أدوات الاستجابة الصحية في قطاع غزة، وتُحدِث تحوُّلًا جوهريًّا في وظيفة المستشفيات الميدانية، لتنتقل من كونها مراكز إسعاف أولي إلى وحدات طبية متقدمة قادرة على تقديم رعاية صحية نوعية، تُخفِّف العبءَ عن نظام التحويلات الخارجية، وتمنَح المرضى فرص نجاة حقيقية داخل القطاع.
وفي هذا السياق، يشدد الأستاذ رأفت المجدلاوي، المدير العام لجمعية العودة الصحية والمجتمعية، على أن ما يحتاجه قطاع غزة ليس المزيد من المستشفيات العامة، بل أطباء متخصصون، وأجهزة طبية متطورة، وأدوية ومستلزمات تسد الفجوات العميقة التي خلَّفها الدمار. ويضيف أنه حتى إن توقَّف العدوان اليوم، فستستمر آثاره الصحية لسنوات ما لم تتحرك الجهود الدولية تحركًا عاجلًا لإعادة إعمار النظام الصحي.
تقتضي هذه الرؤية تحوّلًا حقيقيًّا في آلية الاستجابة الدولية، يقوم على خطة تكاملية تُوزِّع الأدوارَ بفعالية بين المستشفيات المحلية والميدانية. بحيث تتركَّز مهمة المستشفيات الحكومية والأهلية على تقديم الرعاية الأساسية وخدمات الطوارئ، فيما تتخصص المستشفيات الميدانية بالخدمات النوعية التي تشكِّل النسبةَ الأكبرَ من حالات التحويل إلى الخارج.
وتقتضي هذه المقاربة إعادة هيكلة أولويات المؤسسات الصحية الدولية، من خلال توجيه التمويل والتجهيزات نحو تعزيز القدرات التخصصية، بدلًا من تكرار أدوار الرعاية الأولية، مع توفير الدعم المالي والتقني لتشغيل المستشفيات المحلية بكامل طاقتها، واستكمال تأهيل المنشآت المتضررة، وضمان استقرار خدمات الإسعاف والإمدادات الأساسية.
بالتوازي، تُجهَّز المستشفيات الميدانية لتقديم رعاية متقدمة في التخصصات الأكثر إلحاحًا داخل غزة، وفي مقدمتها علاج الأورام (عبر أجهزة العلاج الكيماوي والإشعاعي والمسح الذري)، وجراحات العظام الدقيقة (بما يشمل الأشعة المتنقلة وتجهيزات العمليات المعقدة)، إضافةً إلى معالجة أمراض القلب (عبر غرف قسطرة ووحدات عناية مركزة)، وإنشاء وحدات لغسيل الكلى وعلاج الحروق، وبرامج تأهيل ما بعد البتر والكسور.
وتشير تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية إلى أن هذه التخصصات تغطي الشريحة الأكبر من المرضى، التي تضم نحو 13,000 مريض سرطان، و540 مريض كلى، وأكثر من 11,000 جريح بحاجة إلى جراحات دقيقة، إلى جانب أكثر من 22,000 مصاب يحتاجون لتأهيل طبي مستمر.
وبإسناد هذه التخصصات إلى طواقم طبية دولية متخصصة داخل المستشفيات الميدانية، يمكن تقليص عدد الحالات المحرومة من العلاج بفعل إغلاق المعابر، وإعادة تعريف دور المؤسسات الدولية نحو استجابة أكثر فاعلية واستدامة، تعزز بدورها قدرة المستشفيات المحلية على التعافي واستعادة دورها الوظيفي.
هكذا، تنتقل الاستجابة الدولية من حالة الطوارئ المؤقتة إلى شراكة استراتيجية قائمة على تكامل الأدوار وتوسيع الخدمة، ما يُحدِث فارقًا ملموسًا في واقع غزة الصحي المتأزم، ويفتح الباب أمام بناء بنية تحتية طبية متقدمة، تستجيب للمتطلبات العلاجية النوعية، وتُدمج لاحقًا ضمن خطط الإعمار وإصلاح النظام الصحي في مرحلة ما بعد الحرب.