أسدود مدينة فلسطينية لها امتداد حضاري يرجع إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد، وقد احتلتها إسرائيل عام 1948 وهجرت العرب منها، وأصبحت مستوطنة إسرائيلية، وتقع تحت نيران الصواريخ الفلسطينية كلما نشبت حرب مع إسرائيل، وكانت أحد أبرز الأهداف التي قصفتها المقاومة في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

الموقع

تقع مدينة أسدود في الشمال الشرقي لمدينة غزة على منتصف المسافة بين يافا وقطاع غزة، وتبعد عن القدس 53 كيلومترا، ومن تل أبيب 32 كيلومترا، ومن عسقلان 20 كيلومترا، وهي مبنية على ربوة ترتفع 42 مترا فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها 60 كيلومترا مربعا.

تطل أسدود على البحر الأبيض المتوسط، كما تبعد 6 كيلومترات من نهر صقرير الذي يمر بشمالها، ويتغير مناخها حسب فصول العام، ففي الصيف ترتفع درجة الحرارة جدا، وفي الربيع والخريف يكون الجو معتدلا، أما في الشتاء فيكون باردا وممطرا.

التاريخ

أثبتت الحفريات والاكتشافات الحديثة أن تاريخ المدينة يعود إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد، وفي القرن الـ12 ق.م نزل الفلسطينيون بالساحل الفلسطيني وجعلوا أسدود إحدى مدنهم الرئيسية.

وفي 1050 ق.م تقريبا وقعت معركة "رأس العين"، إذ شن اليهود غارات على المدينة، لكن الفلسطينيين استطاعوا صدّهم وانتصروا عليهم.

وفي الفترة الممتدة بين 668 و625 قبل الميلاد، حاصر فرعون مصر "بسامتيك الأول" المدينة 29 عاما حتى تمكّن من أخذها.

وعبر تاريخها الطويل، شهدت أسدود الكثير من الصراعات والحروب، وكانت كلّما سقطت في يد محتل، يسترجعها الفلسطينيون عبر حروب وحملات عسكرية منظمة.

وفي القرن السابع الميلادي، دخلها المسلمون العرب وأصبحت مدينة إسلامية بها رباط للمجاهدين، وأصبحت محصنة من الغزاة، وتحظى بمكانة خاصة لمحوريتها وموقعها الجغرافي الذي يجعل منها حلقة وصل بين عدد من المدن الكبيرة.

مشهد من مدينة أسدود في ستينيات القرن العشرين (غيتي) السكان

تعتبر القبائل الكنعانية أول من سكن مدينة أسدود في العصور القديمة، حيث استوطنت الساحل الفلسطيني حقبا متتالية من الزمن.

وفي القرن الثاني عشر ق.م نزل الفلسطينيون في الساحل، وجعلوا مدينة أسدود إحدى المدن الرئيسية لهم، وبنوا فيها ميناء، وأصبحت مركزا تجاريا مهما في المنطقة.

وأثبتت دراسات أثرية وتاريخية، أنجزها في منتصف القرن الماضي باحثون أميركيون، أن أسدود كانت على قدر كبير من الازدهار الحضاري والتطور المادي، مما جعلها هدفا عسكريا للإمبراطوريات القديمة من آشوريين ومصريين ورومانيين.

في القرن السادس ق.م كانت عاصمة لفلسطين، وشهدت تطورا وازدهارا حتى أطلق عليها اسم "سوريا الكبرى". وفي عام 63 ق.م دخلها الرومان واستوطنوها وضموها لولاية سوريا، وشيّدوا فيها عمرانا كثيرا وأعادوا لها رونقها. وصلتها طلائع الفتح الإسلامي في العام العاشر من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق سريتي أسامة بن زيد إلى فلسطين والأردن. بعد الفتح الإسلامي، في القرن السابع الميلادي تحديدا، استوطنها العرب المسلمون، وأضحت مدينة عربية وإسلامية تحظى بمكانة مهمة. بعد الحرب العالمية الأولى، كان المسلمون يشكلون الغالبية العظمى من سكانها، كما كانت تشهد حراكا ثقافيا وإقبالا على التمدرس والتعليم. في عام 1922 أقيمت بها مدرسة للبنين، بلغ مرتادوها 371 تلميذا، كما تم تدشين مدرسة للبنات عام 1942 بلغت المنتسبات لها 74 تلميذة، وكانت تضم مساجد ودور تحفيظ للقرآن الكريم، وكان لها مجلس بلدي يدير الشؤون المحلية. وحسب تعداد السكان في إسرائيل للعام 2019، يقيم بها حاليا قرابة 229 ألف مستوطن يهودي من مختلف أنحاء الدول، وفيها أكبر جالية يهودية من المغرب، كما تصنّف موطنا لأكبر جالية جورجية يهودية في العالم.


الاقتصاد

عبر التاريخ، كانت أسدود من المدن الزراعية الهامة التي تنمو فيها الحمضيات والكثير من أنواع الفواكه كالأعناب والتين والرمان، كما كانت مركزا مهما لزراعة القمح في المنطقة.

وتتميز بمينائها البحري الذي أتاح لها حركة تجارية من خلال الإيراد والتصدير. ويعتبر موقعها الجغرافي الذي جعلها بين قطاع غزة ويافا، ووقوعها في الطريق الذي يربطها بعدد من المدن، عاملا مهما يساعد في انتعاش الأسواق التجارية فيها.

ويتخذ منها الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الراهن مقرا للعديد من المصانع، كمصنع شركة التاء لإنتاج الطائرات وتطوير الرادارات وأنظمة الحرب الإلكترونية، كما توجد بها واحدة من منشأتين لتكرير النفط في إسرائيل.

الاحتلال الإسرائيلي

في 15 مايو/أيار 1948 دخلت القوات المصرية فلسطين، وتمركزت الكتيبة التاسعة للجيش المصري في أسدود. وأصبحت المدينة في الخطوط الأمامية للمواجهة بين القوات المصرية والإسرائيلية.

وفي يومي الثاني والثالث من يونيو/حزيران 1948، شنّت إسرائيل غارات مكثّفة على المدينة بهدف تهجير أهالي الأحياء السكنية. وبعد انتهاء الهدنة الثانية بين القوات المصرية والإسرائيلية، شنت هذه الأخيرة حملات مكثّفة على قضاء غزة يومي 22 و23 أكتوبر/تشرين الأول 1948 وسقطت عدد من القرى والبلدات المحاذية للمدينة.

وفي خضم المعركة، فرّ الجنود المصريون وانسحبوا من أسدود باتجاه الطريق الساحلي نحو الجنوب، وبقي المدنيون وحدهم يواجهون القصف الإسرائيلي.

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 1948 دخل جيش الاحتلال المدينة، وأصدر بلاغا عسكريا قال فيه إن القوات الإسرائيلية دخلت المدينة بناء على طلب من السكان العرب المحليين، وفور توغل إسرائيل في البلدة رحل المواطنون نحو الجنوب.

ومنذ العام 1949 بدأت إسرائيل في بناء المستوطنات في المدينة، وأبرزها "سدي عزياهو" و"شتولم" و"بني دروم".

حفل أقيم عام 2019 في النصب التذكاري للجيش المصري بمدينة أسدود (الجزيرة) أهم المعالم

تصنف مدينة أسدود بأنها واحدة من المدن التاريخية للشعب الفلسطيني، وأكد باحثون أجانب أن المنطقة كانت تشهد ازدهارا حضاريا كبيرا يعود لما قبل الميلاد بقرون عديدة، وذلك إثر حفريات قاموا بها في خمسينيات القرن الماضي.

تضم المدينة حاليا الكثير من المعالم التي تشهد على تاريخ العرب والمسلمين، وأهمها:

مزار الصحابي الجليل سلمان الفارسي: وهو مسجد تم بناؤه في عهد الظاهر بيبرس في 667 للهجرة، لكن إسرائيل دمرته بالكامل.

مقام أحمد أبو الإقبال: وهو أحد الأولياء الصالحين الذين قدموا للمدينة من مصر.

مقام نبي الله يونس (عليه الصلاة والسلام): ويقع عند تلة صخرية قرب نهر صقرير.

وتضم المدينة حاليا بعض المعالم التي شيدها الاحتلال الإسرائيلي مثل:

ميناء أسدود: وهو ميناء شحن كبير، يعدّ ثاني ميناء شحن في إسرائيل، ويشهد حركة كبيرة للسفن التجارية، وتمر من خلاله بعض المساعدات الإنسانية نحو قطاع غزة بإشراف قوات الاحتلال.

محطة أشكول: وهي واحدة من المحطات المهمة التي تعتمد عليها إسرائيل في الطاقة والكهرباء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القرن السابع قبل المیلاد من المدن فی القرن

إقرأ أيضاً:

شرطة إسرائيل تطلق سراح جميع المستوطنين بعد "هجوم كفر مالك"

أطلقت الشرطة الإسرائيلية سراح جميع المشتبه بهم المستوطنين الخمسة، الذين اعتقلوا في هجوم دام على قرية كفر مالك بالضفة الغربية المحتلة، الأربعاء.

وكانت القوات الإسرائيلية احتجزت المشتبه بهم قبل نقلهم إلى مركز شرطة قريب، حيث أطلق الضباط سراحهم على الفور وأبلغوهم أنهم لم يعودوا مشتبه بهم في القضية، وفقا لما ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

ولم يعتقل أي مشتبه بهم آخرين.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أفادت بمقتل 3 أشخاص وإصابة 7 برصاص المستوطنين والقوات الإسرائيلية، أثناء هجوم المستوطنين على القرية القريبة من رام الله.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار بعد تدخله خلال "صدام" بين إسرائيليين وفلسطينيين في كفر مالك.

وذكر متحدث باسم الجيش في بيان، أن القوات تدخلت مساء الأربعاء في كفر مالك بعد "أن أشعل عشرات من المدنيين الإسرائيليين النيران في ممتلكات" هناك، مما أدى إلى تراشق بالحجارة بين فلسطينيين وإسرائيليين.

وتابع المتحدث: "تم إرسال قوات تابعة للجيش والشرطة إلى المنطقة وعملت على فض الاحتكاك".

وأضاف: "لاحقا، فتح إرهابيون النار من داخل البلدة وألقوا حجارة على القوات التي ردت بالرصاص الحي على مصدر إطلاق النار وراشقي الحجارة"، مشيرا إلى "وقوع إصابات، ويبدو أن هناك عددا من القتلى والجرحى".

ووفق الجيش، فقد أدى رشق الحجارة إلى إصابة جندي بجروح طفيفة، بينما تم اعتقال 5 إسرائيليين.

وتقع هجمات المستوطنين على الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة بشكل متكرر، مع إفلات شبه كامل من العقاب.

ويخضع رئيس قسم الضفة الغربية في الشرطة الإسرائيلية حاليا للتحقيق، بتهمة "تجاهل عنف المستوطنين لكسب ود وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير"، لكن سُمح له بالعودة إلى منصبه رغم استمرار التحقيق.

ومنذ بدء حرب غزة في أكتوبر 2023، قتل الجيش الإسرائيلي أو المستوطنون ما لا يقل عن 941 فلسطينيا، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

وخلال الفترة نفسها، قتل ما لا يقل عن 35 إسرائيليا، من بينهم مدنيون وجنود، في هجمات فلسطينية أو خلال مداهمات عسكرية إسرائيلية، بحسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • شرطة إسرائيل تطلق سراح جميع المستوطنين بعد "هجوم كفر مالك"
  • حركة فتح: إسرائيل ترى نفسها منتصرة وخطة فلسطينية مصرية لإعادة إعمار غزة
  • مؤسسات فلسطينية: إسرائيل حولت سجونها ومعسكراتها لساحات تعذيب
  • فرنسا: اعترضنا مسيّرات كانت تستهدف إسرائيل قبل وقف إطلاق النار مع إيران
  • إيران: خسائر إسرائيل في الحرب كانت كبيرة
  • القدس: إسرائيل دمرت أكثر من 600 منزل ومنشأة فلسطينية في المدينة منذ بدء حرب غزة
  • مدينة الخليج العربي وضحكات الأطفال تُنبت الحياة في أرضٍ كانت جرداء
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي لوقف أوامر الهدم في مدينة القدس
  • شاهد كيف حولت صواريخ ايران يافا المحتلة الى مدينة خاوية
  • لافروف: لا دليل على أن إيران كانت تعد لهجوم ضد إسرائيل