ظلت العولمة، على مدى أكثر من 50 عامًا، عاملًا محفزًا للتنمية الاقتصادية، والتكامل التجارى. كما ساعدت فى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، أصبحت مسارًا للشركات فى الاقتصادات الصاعدة لدخول سلاسل القيمة العالمية ومضاعفة حصتها من الصادرات. ومن ناحية أخرى، يلقى البعض، خاصة فى الاقتصاديات المتقدمة باللوم على العولمة نظرًا لفقدان الوظائف فى قطاع الصناعات التحويلية، وتمثل أيضًا مصدرًا لانبعاثات غازات الدفيئة.
. وفى الآونة الأخيرة، دفعت جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية، والتوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة، وأخيرًا اشتعال فتيل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، الدول والشركات إلى إعادة التفكير فى الاستراتيجيات العالمية. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: إلى أى مدى تتراجع العولمة فعليا؟ فالعالم الآن يشهد تحولًا فى هيكل العلاقات الاقتصادية للدول، بما فى ذلك حركة السلع، وحركة الأيدى العاملة، وحركة رؤوس الأموال عبر الحدود الدولية، وما إلى ذلك من أبعاد. وقد تناول منتدى دافوس الأخير هذا الأمر، حيث ذكر أن التحولات التى يشهدها الاقتصاد العالمى الآن ليست إلا موجة جديدة من العولمة، وأطلق عليها اسم «الموجة الرابعة من العولمة Globalization». وما يشهده العالم الآن نتيجة الأزمات العالمية المتلاحقة يؤذن بانتهاء مرحلة فى تاريخ النظام الاقتصادى العالمي، وبداية مرحلة جديدة، ذات خصائص ومميزات جديدة. وفى هذه المرحلة المهمة من مراحل نشر العولمة تحـاول المنظومـة الرأسمالية التركيز على إبعاد دور الدولة عن إدارة الشؤون الاقتصادية، وتقليص مساحة تـدخلها فى إدارة علاقاتها الاقتصادية الخارجية وترك كل المهام للآليات الأخرى كمنظمة التجارة العالمية والبنك والصندوق الدوليين، وهو ما قد أدركته القيادة المصرية عبر الإصرار على برنامج إصلاح اقتصادى برؤية مصرية خالصة، بدأت فى نوفمبر 2016 كمرحلة أولى ونوفمبر 2021 كمرحلة ثانية، وقد عكست هاتان المرحلتان احتياجات الدولة المصرية، ففى المرحلة الأولى تضمنت إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة، ووضع حلول جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية، أما المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادى فقد ارتكزت على زيادة الوزن النسبى لقطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من 26%، إلى 30-35% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2023/ 2024, وتم استكمال ذلك بالبرنامج القطرى لمصر الذى يضم محاور رئيسية تتمثل في:
النمو الاقتصادى الشامل والمستدام، والابتكار والتحول الرقمي، والحوكمة ومكافحة الفساد، والإحصاءات والمتابعة، والتنمية المستدامة المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، لتحقيق رؤية مصر 2030. ما نؤكد عليه هو إدراك القيادة السياسية التام لمجريات الأمور الاقتصادية التى أنتجتها العولمة، فقد أدى تضخم أسعار الأصول خلال العقدين الماضيين إلى إنتاج «ثروة ورقية» تقارب قيمتها 160 تريليون دولار، فيما تراجع النمو الاقتصادى وازداد انعدام المساواة، وولد كل دولار مستثمر 1.90 دولار من الديون. فالمشهد الجيوسياسى الحالى خاصة بعد فوران الصراع الفلسطينى الاسرائيلى يحفز الاستثمارات المتعلقة بالسياسة الصناعية وسلاسل الإمدادات والدفاع، مع نتائج متفاوتة بالنسبة للإنتاجية. فتسريع نمو الإنتاجية هو الوسيلة الوحيدة لدعم النمو الاقتصادى على المدى الطويل، وهو ما تدركه القيادة السياسية جيدًا.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
الصراع الفلسطينى الإسرائيلى
اصلاح اقتصادي
د علاء رزق
إقرأ أيضاً:
برلماني: منح حوافز استثمارية جديدة للقطاع الخاص يرفع معدلات النمو المستدام
أشاد النائب عامر الشوربجي، عضو مجلس النواب، باستعدادات الحكومة لإطلاق حزمة من التيسيرات الاقتصادية بهدف جذب الاستثمارات للقطاع الخاص وتعزيز دوره في عملية التنمية الشاملة، مؤكدا أنها خطوة فعالة لتسهيل إنشاء وتوسيع المشروعات الاقتصادية ، مما يخفف الأعباء المالية والإدارية عن المستثمرين، و يسرع عملية النمو ويخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.

وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل
القطاع الخاص

وزير الزراعة: القطاع الخاص سيشغل حديقة الحيوان وهذا موعد الافتتاح

الأسرع منذ 11 شهرًا.. تحسن قوي لأداء القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات خلال نوفمبر الماضي
وأوضح" الشوربجي" في تصريحات لـ " صدى البلد" أن هذه التيسيرات من شأنها أن تسهم في زيادة الإنتاجية وجودة المنتجات والخدمات، وتعزز الشراكة بين القطاع الخاص والدولة في تنفيذ المشروعات الاستراتيجية، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويرفع معدلات النمو المستدام.
جاء ذلك بعد أن عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً، أمس لمتابعة جهود جذب الاستثمارات، واستعدادات الحكومة لإطلاق "حزمة" من التيسيرات والسياسات لزيادة الاستثمارات في عدد من القطاعات المستهدفة، وذلك بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وأحمد كجوك، وزير المالية، وشريف فتحي، وزير السياحة والآثار، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمُجتمعات العُمرانية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
وبدأ رئيس الوزراء الاجتماع، بالإشارة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية، والتي تضمنت العديد من الحوافز الاستثمارية لتحسين بيئة الاستثمار بوجه عام، لافتا إلى أن هناك بالفعل مؤشرات إيجابية عديدة في الوقت الراهن، ولذا فالحكومة مستمرة في تحسين مناخ الاستثمار وتحفيز المستثمرين، وتشجيع القطاع الخاص على زيادة مساهمته في الأنشطة الاقتصادية؛ بهدف توفير المزيد من فرص العمل، وزيادة حجم الإنتاج والتصدير في مختلف المجالات.

طباعة شارك مجلس النواب الحكومة التيسيرات الاقتصادية مدبولي