ناصر آل فنه لـ"الرؤية": الاقتصاد الرقمي في عُمان يحقق معدلات نمو جيدة.. ونواصل تسليح الشباب بمهارات سوق العمل
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
◄ تقدم ملحوظ بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية الأساسية للهاتف المحمول والنطاق العريض
◄ نشجع الشركات على المساهمة في بناء المهارات الرقمية للشباب
◄ حريصون على دعم استخدامات الذكاء الاصطناعي وتشجيع التقنيات الناشئة
◄ عُمان تتطلع لتبوؤ مكانة ضمن أفضل 20 دولة في مجال الابتكار
◄ 31 أكتوبر آخر موعد لتقديم طلبات المشاركة في جائزة الازدهار الرقمي
الرؤية- خاص
أكد الدكتور ناصر بن محمد آل فنه مدير مكتب البرامج التقنية وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أن الاقتصاد الرقمي في سلطنة عمان يحقق معدلات نمو جيدة، حيث بات يشكل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أن الحكومة تهدف من خلال البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي إلى زيادة مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 3% بحلول العام 2025، و5% بحلول العام 2030، و10% بحلول العام 2040، مؤكدًا التزام الحكومة الراسخ بالتحول إلى الاقتصاد الرقمي وقدرتها على تحقيق النمو في هذا المجال.
وقال آل فنه- في حوار خاص تنشره "الرؤية"- إن الوزارة تسعى إلى تحقيق نمو لافت في قطاع التقنية وتعزيز المنافسة على المستويين الإقليمي والعالمي، إلى جانب جهود بناء المهارات الرقمية التي باتت أمرًا ضروريًا لخلق فرص العمل، لافتًا إلى جهود الوزارة لتنفيذ برامج التدريب المجتمعي على تقنية المعلومات، ومنها مبادرة "مكين" التي تهدف لتدريب وتأهيل أكثر من 10 آلاف عُماني في مجالات المهارات الرقمية المتقدمة.
وإلى نص الحوار..
** كيف تُقيِّم جهود السلطنة في سعيها لمعالجة الفجوة الرقمية؟
نسعى إلى تحقيق نمو لافت في قطاع التقنية وتعزيز المنافسة على المستويين الإقليمي والعالمي. ومن الناحية الديموغرافية، يملك الشباب العُماني إمكانيات وقدرات رقمية هائلة ونأمل ونعمل على تسخير هذه الطاقات لصالح القطاع ، ونتطلع لأن يسهم القطاع بتوفير المزيد من فرص العمل وتمكين الشباب اقتصاديًا.
على غرار دول أخرى، يوجد لدينا رواد في المجال الرقمي مهدوا الطريق لتحقيق التميز الرقمي، وهذا بدوره سيمكننا من إرساء الاستراتيجيات والخطط التي ستعزز اقتصادنا ومجتمعنا. وخلال السنوات القليلة الماضية، تمكنّا من تحقيق تقدم ملحوظ بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية الأساسية للهاتف المحمول والنطاق العريض. وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها البلاد في جلب التقنية والبنية الأساسية إلى المناطق البعيدة عن التجمعات السكانية الرئيسية، إلا أننا تمكنا من إحداث تقدم كبير في تلك المناطق ورفع معدل انتشار الهاتف المحمول وزيادة تغطية وسرعة الإنترنت، مدفوعًا رؤية "عُمان 2040".
ومع هذه الإنجازات، سينصب تركيزنا الآن على الاستفادة القصوى من البنية الأساسية لتتمكن الشركات من تعزيز ميزاتها التنافسية في الاقتصاد العالمي، وسنسعى إلى إرساء بيئة تكون فيها أحدث التقنيات في متناول الشركات الناشئة ورواد الأعمال.
ويعد بناء المهارات الرقمية أمرًا ضروريًا لخلق فرص العمل، وتؤكد برامج التدريب المجتمعي على تقنية المعلومات التابعة لوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والمتمثلة حاليًا بمبادرة "مكين" التي تهدف لتدريب وتأهيل أكثر من 10 آلاف عُماني في مجالات المهارات الرقمية المتقدمة، ونحن نركز على محو رفع مستوى الأمية الرقمية ورفع مستوى الوعي بتقنية المعلومات -والحديثة منها خاصة- بين مختلف شرائح المجتمع، ونشجع الشركات في سلطنة عُمان على المساهمة في بناء المهارات الرقمية للشباب.
** برأيك.. ما التقنيات الرئيسية التي تحدد مستقبل الابتكارات في عُمان؟
تحرص عُمان على الاستفادة من فوائد جميع التقنيات المبتكرة الرئيسية، ومن الكفاءات والرؤى التي تأتي من استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، والتي ستؤول إلى التحول الرقمي في الصناعات والخدمات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني تقريبًا، وتشكل مجالات التركيز في التقنيات الان وللمستقبل القريب بعض البرامج التنفيذية التي تندرج تحت مظلة البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي وهي التحول الرقمي، والصناعة الرقمية، التكنومالية، والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.
** إلى أي مدى يمكن أن تسهم مبادرات مثل جوائز الازدهار الرقمي، في تعزيز الاقتصاد الرقمي؟
نتطلع لأن تصبح عُمان ضمن قائمة أفضل 20 دولة في مجال الابتكار العالمي بحلول العام 2040، ومن بين أفضل 10 دول في مؤشر التنافسية العالمي، ومركزًا عالميًا للتقنية والشركات الصغيرة والمتوسطة. والمفتاح الأساس لتحقيق ذلك يكمن في تمكين وإطلاق العنان لإمكانات شبابنا الرقمية. وبالنسبة لنا، مسألة إقناع شبابنا أن العمل في مجال التقنية مناسبًا لهم وأن مزاولة هذه المهنة تخولهم المساهمة في نمو وازدهار بلدهم، أمر بالغ الأهمية. وجوائز مثل جوائز الازدهار الرقمي تكرم المبادرات الرقمية وتحفز الأشخاص على المشاركة لتوفير حلول ملهمة والارتقاء بابتكاراتهم.
ومسألة خلق فرص العمل للشباب تمثل أولوية سياسية رئيسية لسلطنة عُمان، ونريد أن نُظهر أن هناك العديد من المسارات الوظيفية المختلفة التي يجب مراعاتها، وهناك الآن توجه لتشجيع الشباب للانخراط في العمل الحر أو ما يعرف بالـfreelance.
وعادة ما تركز الدول على مجالات مثل البرمجة كمهارة للشباب ينبغي تعلمها ومتابعتها كمسار وظيفي، ولكن ماذا عن الواقع المعزز والتكنولوجيا الزراعية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة؟ قد تكون البرمجة إبداعية، ولكنها أيضًا أداة لقيادة هذه التقنيات واسعة النطاق التي تغير العالم.
** وإلى ماذا تهدف جائزة الازدهار الرقمي؟
تهدف جائزة الازدهار الرقمي إلى إبراز المساهمات العالمية التي تمكن الحكومات والشركات والمجتمعات من التعاون وتسريع التقدم الاقتصادي الرقمي، ونحث الجميع على سرعة التقدم للمنافسة على الجائزة، لأن آخر موعد لتقديم طلبات المشاركة في الجائزة في 31 أكتوبر الجاري. وندعو الراغبين في المنافسة زيارة الموقع الرسمي لجوائز الازدهار الرقمي على الرابط: www.DigitalProsperityAwards.com، للتعرف على فئات الجائزة وعملية الترشيح وتقديم المشروع أو ترشيحه.
** عُمان عضو في منظمة التعاون الرقمي.. كيف يمكن الاستفادة من هذه العضوية في تعزيز الفرص المحلية ومواجهة تحديات التقنيات الحديثة؟
سلطنة عُمان عضوٌ مؤسس في منظمة التعاون الرقمي، وقد اختيرت هذا العام كعضو في اللجنة التنفيذية للمنظمة. ولقد تبنينا دورًا نشطًا في هذا الجانب؛ لأننا نؤمن بأهمية التعاون الدولي لتحقيق أهداف اقتصادنا الرقمي، ونسعى الى التشاور والعمل مع الدول الأعضاء الأخرى لوضع سياسات وقوانين جديدة تحفز الاقتصاد الرقمي. ونعمل مع المنظمة في العديد من المشاريع، مثل حوكمة البيانات وحساب الضرائب الرقمية ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التوسع، الى جانب تطوير مؤشر لقياس مدى نضج الاقتصاد الرقمي.
ولا شك أن مواجهة تحديات التغير المناخي وندرة المياه والبطالة بين الشباب وجميع العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى تقريبًا، كلها قضايا تتطلب حلولاً رقمية وتعاونًا أكبر مع البلدان الأخرى في هذا العالم الرقمي.
** ما أحدث إحصائيات الاقتصاد الرقمي في عُمان؟ وما توقعاتكم المستقبلية؟
حسب التقديرات الأخيرة، فإن الاقتصاد الرقمي العُماني يشكل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتهدف الحكومة من خلال البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي إلى زيادة مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 3% بحلول العام 2025 و5% بحلول العام 2030 و10% بحلول العام 2040، وهذا بدوره يشير إلى التزام الحكومة الراسخ بالتحول إلى الاقتصاد الرقمي وقدرتها على تحقيق النمو في هذا المجال، من خلال تسخير قدرات وإمكانيات الشباب، والاستفادة من البنية التحتية المتطورة، وإرساء منظومة قوية للشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة حصتها في الاقتصاد عن طريق تخصيص 10% من المناقصات الحكومية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ونحن في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، حريصون على بناء منظومة قوية وذكية لريادة الأعمال وتوفير الأسس الصحيحة والتمويل المطلوب وزيادة الدعم للشركات الناشئة من خلال هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تقدم حلولًا متكاملة ودعمًا ماليًا وبرامج تدريبية وأراضي ومباني بأسعار مخفضة؛ بما يخول رواد الأعمال الشباب الوصول إلى صندوق تنمية مشروعات الشباب "شراكة" للحصول على التمويل والدعم والمشورة في تخطيط الأعمال.
ونتطلع أيضًا لتنمية الاقتصاد القائم على الإبداع والابتكار، وجعل سلطنة عُمان مكانًا واعدًا للشركات الناشئة والشركات التقنية بصفة عامة، ونود إرساء بيئة أعمال جاذبة ومناخ استثماري مزدهر يستقطب المستثمرين والاستثمار الخارجي، ونؤمن بأن التقنية ينبغي أن تكون في طليعة أولوياتنا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حلم «الوظيفة» يطرق أبواب الأمل!
الإنسان لا يعلم الكثير عن أسرار الحياة والقدر الذي يسوقه الله له، لكن أحلامه في الدنيا «لا تكفي ولا تنتهي».
ربما كان حلم الوظيفة يتجلى مبكرًا في ذهن كل شاب وفتاة عندما يشق طريقه في مشواره الدراسي، ولطالما كنا نسمع مَن حولنا يسأل: «ماذا تريد أن تصبح عندما تكبُر؟»، ودون تردد هناك من يقول: «طبيبًا، أو معلمًا، أو شرطيًّا، أو مهندسًا» وغيرها من المهن.
هذا السؤال لم يكن عبثيًّا أو مجرد دعابة لصغير يخطو خطواته الأولى في الحياة، وإنما جاء تأكيدًا على حلم شرعت أجنحته في النمو. إذن، حلم «الوظيفة» حاضر فينا منذ الصغر. البعض لا يتنازل عن حلمه الصغير، والبعض الآخر تتغيّر قناعاته عندما يكبر، فحلم «الوظيفة» قد يكون مفتاحًا للأبواب المغلقة في بعض الأحيان، خاصة عندما ينخرط الشباب في سوق العمل، سواء في القطاع العام أو الخاص.
إن حلم الحصول على «الوظيفة» لا ينتهي إلا بالحصول عليها باستحقاق وجدارة. فمن خلال الوظيفة يضع الجميع أول أقدامهم نحو تحقيق بقية الأحلام الأخرى مثل: امتلاك السيارة أو المنزل أو الزواج والاستقرار العائلي والنفسي، وغيرها من الأحلام المرتبطة بالوظيفة.
الحلم ليس حكرًا على أحد، وليس مستحيلًا أو سرابًا في صحراء قاحلة، وليس مجرد أحجار لا تنكسر أو تتلاشى من مسارنا اليومي، بل هو دافع نحو درجات الصعود للوصول إلى القمة. بعضنا قد يستنزف وقتًا أطول من غيره في الحصول على «الوظيفة»؛ لأن المشوار ليس سهلًا كما يظن البعض، بل يحتاج إلى الكثير من الصبر والبحث، والاحتساب، والتوكل على الله.
أحيانًا، الصُدَف تكون لاعبًا محوريًّا للحصول على الوظيفة! لكنها أقدار في نهاية المطاف. كلنا لا ندرك ما تخبئه لنا الأقدار، لكن علينا دومًا السعي نحو الوصول إلى ما نريد تحقيقه والفوز به.
ليس عدلًا ما يروجه البعض بأن فرص العمل تأتي مرة واحدة في العمر، فالله تعالى يرزق الجميع وفق ما أراده لهم. فطالما بقينا على يقين بأن القادم أجمل، فبإذن الله سيأتي هذا القادم محمّلًا بالغيث ويغيّر الكثير من المسارات، وينقلنا من مرحلة إلى مرحلة أجمل وأفضل.
كلما أنجز الإنسان شيئًا في حياته وتخطى عقبات، كان المتبقي أقل بكثير مما ذهب ومضى. لذا، وجب التنبه إلى أمر ضروري، وهو الاشتغال على تطوير الذات الذي يُعد من الضروريات المهمة في سوق العمل. فالشهادة وحدها لا تكفي لدخول المنافسات القوية، علمًا بأن التوفيق من عنده سبحانه، لكن سلاح العلم والمعرفة طريق يختصر علينا الوقت والجهد والعناء.
لا تحزن إذا فاتك شيء ما، فإن الله تعالى ربما يريد لك الأفضل. هذا ليس مجرد ترضية للنفوس الحزينة، أو مجرد حلم جديد نزرعه في عقول الشباب، أو خيال نرسمه في الفضاء، وإنما واقع ملموس لشخصيات نعرفها عن قرب، تغيّرت حياتهم كليًّا في وقت كانوا يظنون بأن قطار الفرص قد فاتهم. فالقلوب يجب أن تُضاء بمصابيح الأمل، والعقول أن تزداد يقينًا بتجربة المحاولة مرة أخرى، والهمة يجب أن تُغذى بالسعي والبحث مهما كان الطريق شاقًا ووعرًا، فلا بد من نهاية يكتبها الله لكل شخص منا تأتي بالفرج.
القوانين تتغيّر، والنظرة إلى أهمية استقطاب الشباب نحو قطاعات العمل أصبحت ضرورة مهمة في مسيرة أي وطن في العالم. ونحن نسير في خطى مستقيمة وبنّاءة، قد يكون هناك أعداد من الباحثين عن عمل في قائمة الانتظار، وهذا أمر طبيعي، لكن الفرص تُوجد تباعًا، ومن لحمة الصبر نشق طرقات الحياة لتحقيق الأمل الآتي، حتى لو من بعيد.
هناك اتحاد وإدراك مجتمعي بأهمية إيجاد فرص العمل للشباب، فالمخرجات الجامعية ترفد سنويًّا أعدادًا منهم في سوق العمل، والفرص وإن كانت أحيانًا قليلة، أو الفوز بها يشكّل مشكلة لدى الباحث عن عمل، إلا أنها تظل تجربة يخوضها الشباب دون إحجام أو رفض منهم.
من ينظر إلى سنوات الماضي، يجد أن بعض المهن تغيب عنها الوجوه العُمانية الشابة. في السابق أيضًا، كانت النظرة الشبابية لا تقبل الانضمام إلى بعض الوظائف، ولذا ظلت لسنوات طويلة حكرًا على فئة من القوى العاملة الوافدة. أما اليوم، فالشباب العُماني لديه من الطموح والسعي ما يكفي للحصول على العمل في أي مكان يفتح له فرص التغيير نحو الأفضل، خدمة لوطنه ونفسه وعائلته.
كما أن حلم الحصول على «الوظيفة» ليس محالًا وإن كان أحيانًا صعبًا بسبب التخصص أو المهارة أو أي معيار يحتاجه سوق العمل، وكما قلت: الشهادة لا تكفي وحدها، وإنما تزويد الشباب بالمهارات الأخرى يُعجّل من دخول أبواب الوظيفة والحصول عليها.
لقد سعت الحكومة، ممثلة في أجهزتها وهيئاتها ومؤسساتها، إلى تأهيل الشباب العُماني ليكون قادرًا على المنافسة والعطاء في مجال العمل الوظيفي. ولذا، فإن مرحلة البناء والتطور تزداد يومًا بعد آخر، وهذا ما نلمسه جميعًا عندما نتحدث عن مرفق عام يؤدي خدماته للمجتمع وفق أفضل معايير الأداء الوظيفي، ويدار بسواعد عُمانية شابة نشعر بالفخر والاعتزاز بها.
ويبقى أن نشير للمرة المليون إلى أن «حلم الوظيفة» لوحده لا يكفي لتحقيق ما نريد، بل علينا أن نرتقي بمهاراتنا وأدواتنا من أجل المنافسة للحصول على الوظيفة التي نطمح لها، ومن خلال ذلك نستطيع أن نحقق كل ما كنا نحلم به في أي مرحلة تجاوزناها أو ننتظر الدخول فيها.