القاهرة - دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من القاهرة أمس الأربعاء الى إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل التوصل الى "حل الدولتين"، رافضا اتهام بلاده باعتماد سياسة "الكيل بمكيالين" حيال الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس.

وحذّر الرئيس الفرنسي من أن عملية عسكرية برية إسرائيلية "واسعة النطاق" في قطاع غزة ستكون "خطأ"، وذلك بعدما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى تجنب "الاجتياح البري" للقطاع لمنع سقوط مدنيين إضافيين في الحرب التي راح ضحيتها الآلاف حتى الآن من الجانبين.

كما أعلن ماكرون الذي اختتم جولة إقليمية شملت إسرائيل والضفة الغربية المحتلة والأردن، أن بلاده سترسل مساعدات انسانية لدعم جهود الاغاثة.

وأتت زيارة ماكرون الى القاهرة في ظل حرب بين إسرائيل وحماس اندلعت في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة ضد الدولة العبرية التي تردّ منذ ذلك الحين بقصف مكثّف على القطاع. 

كما حشدت إسرائيل عشرات الآلاف من جنودها عند حدود القطاع، في ظل الحديث عن تحضيرها لعملية برية تهدف الى "القضاء" على حركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007.

وقال ماكرون قبيل مغادرته القاهرة إنه اذا قامت إسرائيل بـ"تدخل واسع النطاق يعرض للخطر حياة السكان المدنيين، فأعتقد أن ذلك سيكون خطأ".

وتابع "سيكون خطأ لاسرائيل كذلك لأن ذلك ليس من شأنه حمايتها على المدى الطويل، ولأن ذلك لا يتوافق مع احترام السكان المدنيين واحترام القانون الدولي الانساني وقواعد الحروب".

وكان السيسي حذّر بعد لقائه ماكرون من أن الاجتياح البري للقطاع سيؤدي الى سقوط "ضحايا مدنيين كثيرين جدا جدا".

وقال الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي إنه ناقش مع الأخير "أهمية أن نسعى لمنع الاجتياح البري للقطاع (..) لأن ذلك سيؤدي الى ضحايا كثيرين جدا جدا من المدنيين".

كل الأرواح "متساوية"

وسعى ماكرون خلال زيارته الى التشديد على محاولة منع اتساع نطاق الحرب، والدفع نحو إعادة إطلاق عملية السلام بعد أعوام طويلة من جمودها.

وهو أعرب الثلاثاء في القدس عن "التعازي" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من "دولة صديقة حزينة على أفظع عمل إرهابي في تاريخكم". والأربعاء، توجه الى الرأي العام العربي من القاهرة.

وبعدما اتهم العديد من القادة العرب الدول الغربية بأنها تعتبر أن "حياة الفلسطينيين أقل أهمية من حياة الاسرائيليين" في مقاربتها للحرب، قال ماكرون إن "كل الأرواح (البشرية) متساوية وكل الضحايا يستحقون تعاطفنا والتزامنا الدائم (بالعمل على) سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط".

وشدد على أن فكرة حل الدولتين "لم يعف عليها الزمن".

وحضّ ماكرون على أن "التوصل الى حل الدولتين، اسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا الى جنب في سلام وأمن"، معتبرا أن "فكرة حل الدولتين لم يعف عليها الزمن لمجرد أنها قديمة".

وكان الرئيس الفرنسي التقى صباحا في عمان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي دعا العالم الى أن "يتحرك فورا لوقف الحرب في غزة".

وقال بيان صادر عن الديوان الملكي إن الملك عبد الله أكد لماكرون أن "وقف الحرب على غزة ضرورة قصوى، وعلى العالم أن يتحرّك فورا بهذا الاتجاه". وطالب المجتمع الدولي بـ"التحرك فورا للضغط على إسرائيل لوقف الحرب وحماية المدنيين وكسر الحصار عن القطاع".

وحذّر الملك من "استمرار الحرب على قطاع غزة الذي قد يدفع إلى انفجار الأوضاع بالمنطقة".

وبحسب الديوان الملكي، بحث الزعيمان "الجهود الممكنة دوليا للعمل على إنهاء دوامة العنف، والوصول إلى أفق سياسي لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وضمان الأمن، وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين".

وجدّد الملك "من خطورة تدهور الوضع الإنساني في القطاع"، مؤكدا "أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية"، ومجددا رفض "أية محاولات للتهجير أو التسبب بالنزوح داخل قطاع غزة".

في السابع من  تشرين الأول/أكتوبر تسلل مئات من مقاتلي حماس إلى إسرائيل من غزة، في هجوم غير مسبوق ردت عليه إسرائيل بقصف جوي ومدفعي مكثف على غزة، أسفر عن مقتل 6546 فلسطينيا، بينهم 2704 طفلا، وفق آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة في حكومة حماس الأربعاء.

ومن الجانب الإسرائيلي، قتل أكثر من 1400 شخص معظمهم من المدنيين سقطوا في اليوم الأول من هجوم حماس، فضلا عن احتجاز حماس أكثر من 200 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وأثارت الحرب أزمة انسانية متزايدة في القطاع المحاصر الذي يقطنه 2,4 مليون نسمة. وحذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من أنها ستضطر إلى وقف عملياتها الإغاثية الأربعاء في القطاع بسبب نقص الوقود.

وأعلن ماكرون انضمام فرنسا الى جهود الاغاثة الانسانية لقطاع غزة. 

وقال إن إحدى سفن القوات البحرية البحرية ستتوجه الى شرق البحر المتوسط "لدعم مستشفيات" غزة، وأن طائرة تحمل مستلزمات طبية مخصصة للقطاع ستصل كذلك الى مصر الخميس.

وأكد مصدر مقرب من الملف لوكالة فرانس برس أن سفينة "تونير" أبحرت من ميناء تولون بعد ظهر الأربعاء

وتتراكم المساعدات الانسانية منذ أيام على الجانب المصري من معبر رفح، الا أن كميات ضئيلة منها دخلت قطاع غزة.

على صعيد متّصل، أكد ماكرون أن من بين الضحايا الذين سقطوا في إسرائيل، 31 مواطنا فرنسيا، وأن تسعة آخرين أخذتهم حركة حماس "رهائن".

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: حل الدولتین قطاع غزة أن ذلک

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: توغل إسرائيل شمال الضفة الغربية يهدف لوأد حل الدولتين

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن إسرائيل تسعى إلى تحقيق أهداف عدة من وراء عملياتها العسكرية في مثلث طوباس– جنين– طولكرم، أبرزها تأمين البعد الجغرافي، حيث تنظر إسرائيل إلى الضفة الغربية باعتبارها عمقا جغرافيا لامتدادها.

وأضاف حنا خلال فقرة التحليل العسكري أن إسرائيل تسعى من خلال عملياتها العسكرية المكثفة في شمال الضفة الغربية إلى تقطيع المنطقة وعزل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، ضمن إستراتيجية كبرى تهدف إلى ضرب مشروع الدولة الفلسطينية وحل الدولتين.

ولفت إلى أن "البعد الطبوغرافي" يلعب دورا محوريا، نظرا لطبيعة الأرض في طوباس وأغوار الأردن الشمالية التي تشكل طريقا للتهريب.

وحذر من أن المنطقة تشهد على الصعيد الديمغرافي عملية تهجير منظمة للسكان ضمن هذا المثلث.

وسلط الخبير العسكري الضوء على أن الهدف الأكبر يتمثل في السماح بإقامة المستوطنات وتوسيعها، مشيرا إلى أن الغاية المستقبلية هي قطع الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب عبر ما تُعرف بسياسة العزل والاحتواء.

وأوضح أن هذه الإستراتيجية ستؤدي إلى حصر التجمعات الفلسطينية في بؤر كبيرة معزولة عن بعضها، في حين تبقى الطرق الرابطة بينها حكرا على الإسرائيليين للتحرك، مما يمهد لتوسيع الاستيطان وإجهاض أي مشروع للدولة الفلسطينية.

بيئة حاضنة

ووصف حنا مثلث طوباس- جنين- طولكرم بأنه بيئة حاضنة للمقاومة، مشيرا إلى أن المعارك في جنين مستمرة منذ عام 2002، مع تنفيذ عمليات متكررة في مخيمات المنطقة.

ولفت إلى الفارق الجوهري بين مخيمات الضفة ومخيمات قطاع غزة، حيث إن مخيمات غزة اندمجت في المجتمع وأصبحت تشكل وحدة متكاملة، في حين بقيت مخيمات الضفة معزولة نسبيا عن محيطها، مما يجعلها بيئة خصبة للمقاومة في نظر إسرائيل.

وقال إن إسرائيل تصنف الضفة الغربية "الجبهة السابعة" الأساسية، إضافة إلى (قطاع غزة، حزب الله اللبناني، أنصار الله في اليمن، المقاومة الإسلامية في العراق، سوريا، وإيران) وتعتبرها أهم من غزة بالمعنى "الإستراتيجي والجيوسياسي" لأنها تشكل العمق للكيان الإسرائيلي.

إعلان

وعلى صعيد القدرات العسكرية، تناول حنا طبيعة القوات الإسرائيلية العاملة في المنطقة، مشيرا إلى أن "فرقة الضفة" المسؤولة عن الأمن تتألف من 6 ألوية ولديها كتيبة استطلاع واستخبارات متطورة، مما يعني وجود هيمنة وسيطرة عسكرية مسبقة.

وأوضح أن الإنزال الجوي المستخدم في هذه العمليات يمثل حاجة تكتيكية لكسب الوقت وتجنب المفاجآت، حيث تنفذ عمليات سريعة ومحدودة الأهداف باستخدام وحدات خاصة.

من جهة أخرى، وصف حنا قدرات الفصائل الفلسطينية المقاومة بأنها محدودة وذلك لأسباب عدة، أبرزها العزلة عن خطوط التواصل وغياب الملاذ الآمن والراعي الداعم.

وأكد أن الإرادة على القتال موجودة، لكن الوسائل تبقى محدودة في ظل محاولات إسرائيل تجفيف المنطقة وقطع أي ارتباط لها بالأردن الذي كان يُتهم بأنه معبر للتسليح القادم من سوريا.

يُذكر أن جيش الاحتلال بدأ الأربعاء الماضي عملية عسكرية في محافظة طوباس شملت المدينة وعددا من القرى التابعة لها ومخيم الفارعة، واستمرت 4 أيام.

كما ينفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في بلدة قباطية إلى الجنوب من جنين شمالي الضفة، حيث فرض منعا للتجول وحوّل عددا من المنازل إلى ثكنات عسكرية، بحسب شهود عيان.

وفي جنين، أجبرت قوات الاحتلال عائلات على إخلاء منازلها في حي الجابريات، وفي هذه الأثناء احتجز مستوطنون فلسطينيين واعتدوا على أراضيهم في قرية البرج جنوبي الخليل.

ويواصل جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم وتصعيدهم في الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة على غزة، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 1085 فلسطينيا وإصابة قرابة 11 ألفا واعتقال ما يزيد على 21 ألفا آخرين.

وخلّفت حرب الإبادة على غزة -والتي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت عامين- أكثر من 69 ألف شهيد ونحو 171 ألف جريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.

مقالات مشابهة

  • حماس تدعو الوسطاء إلى التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين بغزة
  • ماكرون يعلق على زيارة زيلينسكي إلى باريس
  • خبير عسكري: توغل إسرائيل شمال الضفة الغربية يهدف لوأد حل الدولتين
  • الفاتيكان: “حل الدولتين” الوحيد لوقف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • إيران وتركيا تنددان بجرائم إسرائيل في حق المدنيين بقطاع غزة
  • البابا يوكد دعمه لحلّ الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين
  • إسرائيل تبلغ واشنطن: لن نتقدم في اتفاق غزة قبل استعادة الجثمانين.. والدوحة تعترض
  • الصحة بغزة : أكثر من 70 ألف شهيد منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس
  • رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي: ندعو للحوار بين شعوب منطقة الأورو -متوسطي وإعادة إحياء عملية برشلونة
  • إسبانيا تدعو لتطبيق حل الدولتين من أجل سلام دائم في الشرق الأوسط