هل يعاقب الله على الذنب بعد التوبة؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين ممن ارهقتهم الذنوب، ويطمعون في عفو الله تعالى ورحمته بهم، فيتساءلون: هل يعاقب الله على الذنب بعد التوبة؟، وهل هناك علامات للقبول وأخرى للرد؟ هذا ما نرصده في التقرير التالي.

هل يعاقب الله على الذنب بعد التوبة؟

تقول دار الإفتاء إن التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام، حيث قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 238، ط.

دار الكتب المصرية) عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى ﴿وَتُوبُوا﴾: أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين.. والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال] اهـ.

وبينت أن التوبة من الذنوب واجبة، على المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عزَّ وجلَّ أن يتفضَّل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.

وشددت: مَن كان مِن المسلمين يفعل ذنبًا أو معصية فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أخرجه ابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبير".

حكم التوبة من أكل أموال الناس سواء بالحج او العمرة هل يلزم التائب أن يصلي صلاة التوبة؟.. و4 شروط في حق من ارتكب الكبائر شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر

وفي شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر شددت الإفتاء على من ارتكب ذنبًا أن يبادرَ بالتوبة والرجوع إلى الله، ويندمَ أشد الندم على ما فعل، ويعزمَ عزيمة صادقة على ألَّا يرجع إلى القبائح والأفعال الذميمة، وليُكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة وعمل الخير؛ فقد ورد أن هذه الأمور تكفِّر الذنوب وتمحو الخطايا؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: أراد معاذُ بنُ جبلٍ سفرًا فقال: أوصني يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ» رواه الطبراني في "الكبير" (20/ 39)، وروى عديُّ بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ» رواه البخاري ومسلم، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ» رواه أحمد (23/ 425)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط». رواه مالك في "الموطأ" (224/ 2)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه أحمد (35/ 284).

وأكدت على من ارتكب هذه الكبائر وغيرها أن يبادر بالتوبة إلى الله مما اقترف من إثمٍ كبيرٍ توبةً خالصةً نادمًا على ما فرَّط في جنب الله، ولا يتحدث بهذه المعاصي وإلا كان من المجاهرين بها وقد سترها الله عليه، وليُكثر من الصدقات والإحسان إلى الفقراء والمساكين؛ أملًا في رحمة الله ومغفرته ورضوانه.

متى يغلق باب التوبة

غلق باب التوبة عند طلوع الشمس من مغربها وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ»  رواه مسلم (2703) .
وروى البخاري (4635) – واللفظ له -، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ».

سيد الاستغفار والذكر.. أدركه بـ 15 كلمة لتفريج الكرب وصرف الأذى صيغة النبي فى الاستغفار.. من واظب عليها غفر الله له 8 علامات تدل على قبول التوبة من الكبائر

أن يقبل العبد على ربه محبا لطاعته مبتعدا عن معصيته وعن أسباب المعصية.

أن يصاحب أهل الفضل والخير ويبتعد عن أهل السوء فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل

وأن يلازم العبد الشعور بالندم كلما تذكر معصيته، وأن يجد العبد طمأنينة وسكينة تملأ قلبه. لأن العبد إذا فقد أقبل على ربه.

وإذا أقبل العبد على ربه أقبل ربه عليه. فمن تقرب من ربه شبرا تقرب منه ذراعا ومن تقرب من ربه ذراعا تقرب منه ربه باعا ومن أتاه يمشى أتاه ربه هرولة.

وأن يكون حال العبد بعد التوبة أفضل مما قبلها، والأثر الذى يجده العبد التائب فى حياته من بركة فى أهله وماله وولده.

بغض المعاصى وكره العودة إليها والاستقامة على الحق والإقبال على الطاعات و الشعور بالندم الشديد على اقتراف المعصية

حب مجالسة الصالحين والشعور بالذلة والانكسار بين يدى الله جل جلاله و الأثر الذى يجده التائب فى حياته من بركةٍ فى ماله وأهله وأولاده، وتيسيرٍ له فى عمله وشئونه،

الطمأنينة والسكينة اللتين تملآن قلبه و ملازمة الاستغفار والدعاء لله جل جلاله بقبول التوبة والثبات على الحق والدين.

دعاء التوبة من الكبائر

اللَّهمَّ باعد بيني وبينَ خطايايَ كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ اللَّهمَّ نقِّني من خطايايَ كما ينقَّى الثَّوبُ الأبيضُ منَ الدَّنسِ اللَّهمَّ اغسلني من خطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ.

ربِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ
استغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه، من قاله غفر له وإن كان فرّ من الزحف.

اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وأَسْرَرْتُ وأَعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ لي غَيْرُكَ.

اللهم إن حسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك، فجد بما أنعمت علي، جللت أن تطاع إلا بإذنك، أو تعصى إلا بعلمك، اللهم ما عصيتك حين عصيتك استخفافًا بحقك، ولا استهانة بعذابك، لكن لسابقة سبق بها علمك، فالتوبة إليك، والمغفرة لديك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ.

اللهم اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ.

لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ.

“اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي”.

“اللهم إني أستغفرك من كل ذنب أذنبته تعمدته أو جهلته وأستغفرك من كل الذنوب التي لا يعلمها غيرك، ولا يسعها إلا حلمك”.

“اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء”.

“اللهم أنت ربي وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي
فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”.

” اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، سبحانك لا إله غيرك، اغفر لي ذنبي وأصلح لي عملي إنك تغفر الذنوب لمن تشاء. وأنت الغفور الرحيم”.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التوبة دار الإفتاء التوبة من المعصية شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر قال رسول الله صلى الله علیه صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه قال الله تعالى التوبة من من ارتکب تقرب من عن أبی

إقرأ أيضاً:

فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

ما الفرق بين «شر الشيطان وشَرَكِه» و«شر الشيطان وشِرْكِه»؟ وأيهما ورد في رواية النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: كلا الروايتين صحيحتان، فقد وردت الأولى وهي الأشهر «من شر نفسي ومن شر الشيطان وشِرْكه»، ووردت أيضا «ومن شر الشيطان وشَركه» بفتح الشين في الثانية، أما في الأولى، فإن المقصود بها هو وساوس الشِرْك التي ينفثها الشيطان في ابن آدم، والشرك الذي هو الجحود، وهو مقابل للإيمان والتوحيد، وأما معنى «وشَرَكه»، فهو يشير إلى حبائل الشيطان ومصايده التي ينصبها، فالشَرَك هنا هو المصيدة.

الشرك معروف، فعلى الروايتين، يستعيذ المسلم من هذا الذكر الوارد في حال أن يأخذ الإنسان مضجعه للنوم، وورد في مناسبات أخرى، لكن الرواية الأشهر وردت في هذه الحالة، فيتعيّن أن يستعيذ من «شر الشيطان وشركه»، ومن هنا، إذا استعاذ بالصيغة الثانية، فإن الأولى تدخل في معناها، لأن من حبائل الشيطان ومصايده ما يتعلق بالوسوسة التي تطعن في الإيمان، وتشكك في الله تبارك وتعالى والتوحيد.

وإذا استعاذ بالصيغة الأولى، وهي الأشهر، فإن ذلك يتضمن ما يتعلق بحبائل الشيطان ومصايده أيضا، لأن أعظم مصايد الشيطان وأعظم وساوسه إنما تتعلق بإخلاص التوحيد لله تبارك وتعالى، بحقيقة الإيمان به جل وعلا، وإذا صدق الإيمان وأخلص العبد لربه في إيمانه، وأيقن بوحدة التوحيد، فإنه حينئذ يكون في عصمة من أن تسري إليه وساوس الشيطان، لأنه يتعلق بالله تبارك وتعالى إيمانا به، إيمانا باليوم الآخر، ومراقبة له جل وعلا، وخشية منه سبحانه، والله تعالى أعلم.

ما حقيقة أن الإنسان بعد أن يتوفاه الله يظل يرى ويسمع كل ما حوله، ولكنه لا يستطيع أن يتحرك؟

المسألة محل خلاف، فمن العلماء من يرى أن الموتى يسمعون، واستدلوا لذلك بما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما خاطب قتلى بدر من المشركين، فعجب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه، فبين لهم أنهم يسمعون «ما أنتم بأسمع منهم لما أقول»، هذا أحد الأدلة التي يستدل بها القائلون بأن الموتى يسمعون، واستدلوا أيضا بحديث سؤال الميت بعد دفنه، فقد ورد فيه: «إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا»، أي أن الميت يسمع وقع خطاهم عندما ينصرفون عنه بعد دفنه.

وذهب آخرون إلى أن الموتى لا يسمعون، فقد قبض الله تعالى أرواحهم، وانتقلوا إلى عالم البرزخ، ولا دليل صريح على أنهم يسمعون، ومن ذلك ما استشهدت به السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث استندت إلى قول الله تبارك وتعالى: «وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ»، وبقوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى»، فقالت: «يعني لا نترك كتاب ربنا لما يقول فلان وفلان؟» ثم ذكرت ما كان يقال بأن الموتى يسمعون.

هؤلاء قالوا إن ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاطب قتلى بدر من المشركين، أو قوله: إن الميت يسمع وقع نعالهم عندما ينصرفون، إنما هو من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل هو الذي أوصل صوته إليهم فأسمعهم، وأما في الرواية الثانية، فقد فسرها البعض بأنها تدل على سرعة سؤال العبد بعد دفنه، وأن هذا ليس المقصود منه حقيقة اللفظ، بل هو مجازٌ عن أن العبد بعد مواراته في القبر يُرسل إليه الملكان اللذان يسألانه، فهذه المسألة محل خلاف، وهذه هي أشهر الأقوال، والله تعالى أعلم.

كيف تكون متابعة المأموم للإمام في قراءة الفاتحة؟ هل يقرأ بعد انتهاء الإمام من تلاوة كل آية أم يمكن أن يتبعه بفارق كلمات في الآية نفسها؟

أما عندنا، فإن المتابعة تكون أثناء تلاوة الإمام، وقد ذكر الشيخ القطب رحمه الله في شرح النيل أن الإمام إذا قرأ البسملة، فإن المأموم ينصت، ثم إذا شرع في قوله: الحمد لله رب العالمين، فإن المأموم يأتي بالبسملة، وهكذا إذا انتقل إلى الآية الثانية، فإن المأموم يأتي بالآية السابقة، وقيل: يتابعه كلمة كلمة.

والخلاصة أن مردّ ذلك إلى ما يورث مزيد خشوع، والناس يتفاوتون في ذلك؛ فمنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام آية آية، ومنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام أثناء الآية، كلمة كلمة أو كلمتين كلمتين، بشرط ألا يتقدّم على الإمام.

وأما عند عموم المذاهب الأربعة، فإنهم يرون أن ينصت المأموم حتى يفرغ الإمام فيسكت، ثم يتلو المأموم الفاتحة، هذا عند أكثرهم، وقيل عند بعضهم، كما هو عند الأحناف، أن تلاوة الإمام تُجزئ عنهم، وأن إنصاتهم مجزئ، فالخلاف على هذا المنوال، وهي مسألة رأي وفيها مجال، ولكن القول الراجح هو الأَسَدُّ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، وهو الأرجح: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، حينما سألهم: «لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟» فقالوا: نعم، فقال: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، فهذا، والله تعالى أعلم.

امرأة أجهضت جنينها عمدًا، ماذا يلزمها من حقوق ودية؟ وهل عليها كفارة؟ ولو تنازل صاحب الحق، هل تسقط الدية؟ وهل يوجد فرق في عمر الجنين من حيث مقدار الدية؟

أولًا لنقرر أن تعمّد إجهاض الجنين حرام في دين الله تبارك وتعالى في كل مراحل تكوّن هذا الجنين، لأنه نفس بشرية نامية لها حقوق أثبتتها الشريعة، فبتكوّن الجنين في رحم أمه ترتفع بعض الأحكام التكليفية عن الأم نفسها، فيُباح لها الفطر في الصيام الواجب، وإن استحقت عقوبة، فإن العقوبة تؤجل مراعاةً لجنينها، ويثبت له الإرث، وهو جنين في بطن أمه.

فإذا اعتُدي على الأم أو تسببت الأم في إسقاط الجنين، فإن من فعل ذلك أثم، ويلزمه أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى مما وقع فيه، ويلزمه «أي المتسبب» دية يدفعها إلى ورثة الجنين، دون أن يدخل المتسبب في الاستحقاق إن كان من ورثته، وهذا لا بد أن يُتنبه له، وهنا أيضًا تنبيه بالغ الأهمية، وهو أن من لا يرث بسبب مانع، فإنه لا يحجب غيره، أي لو كان موجودًا مستحقًا لفريضة مقررة شرعًا، فإنه في هذه الصورة لا يحجب غيره.

وبقي الكلام في الكفارة: هل يلزم من فعل ذلك كفارة، فعند الإباضية والأحناف والمالكية، لا كفارة، لأن هذه النفس المعتدى عليها كما يقول الفقهاء «نفس دون نفس»، أي لم تثبت حياتها بعد، لأنها لم تخرج إلى عالم الوجود حية، فإنما الكفارة تكون في النفس الكاملة التي تخرج حية، والدليل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر بالكفارة في حادثة المرأتين من هُذيل، حين رمت إحداهما الأخرى فأجهضت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغُرّة، أي دية الجنين: غرة عبد أو أمة، وهذا مقدار الدية.

ومقدار دية الجنين: عُشر دية الأم، أو نصف عشر دية الرجل، أو عشر دية المرأة، وهذا هو التقدير المعروف، لأن الحديث لم يبيّن فرقًا في مقدار الدية بين الذكر والأنثى، وإن كان بعضهم يفرّق، فيقول: العُشر إذا كان الجنين ذكرًا، ونصف العُشر إن كان أنثى، ولكن الحديث أطلق، ولا شك أن الاحتياط أولى.

هذا إن خرج الجنين ميتًا، أما إن خرج حيًا ثم مات بعد استهلاله (أي ظهرت عليه علامات الحياة)، فهذا فيه دية النفس الكاملة، وفيه الكفارة بلا خلاف، وإذا كانت الأم قد تعمدت الإجهاض، فخرج الجنين حيًا ثم مات، فإن عليها الدية الكاملة والكفارة، سواء كان التسبب من الأم أو من شخص آخر.

أما إن سقط الجنين ميتًا من رحم أمه، فقد تحدثنا عن الدية، وفي الكفارة خلاف، وقلنا: إن القول بعدم لزوم الكفارة هو أرجح، وهو قول الإباضية والحنفية والمالكية، أما الشافعية والحنابلة فيرون أن الكفارة واجبة، وهي: صيام شهرين متتابعين، والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • ما حكم ترك صلاة الجمعة بدون عذر.. اعرف الرأي الشرعي
  • فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • 12 ركعة واظب عليها النبي وتبني لك بيتًا في الجنة.. لا تفوت أجرها
  • دعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
  • هل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء توضح
  • موعد المولد النبوي 2025.. هل الإجازة مدفوعة الأجر؟
  • قبل العيد.. تعرف على شروط الأضحية والمضحي
  • دعاء السيدة عائشة للرزق أوصاها النبي به .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
  • إسلامية دبي تنظم درساً أسبوعياً في شرح «رياض الصالحين»
  • ‏⁧‫رسالة عاجلة‬⁩ إلى سماحة السيد ⁧‫مقتدى الصدر‬⁩ :-