أعربت لجنة من المستشارين عن بعض المخاوف خلال اجتماع مع إدارة الغذاء والدواء الأميركية أمس الثلاثاء لمناقشة المخاطر المحتملة التي قد يفرضها علاج جديد يتوقع استخدامه لمعالجة مرض فقر الدم المنجلي باستخدام تقنية تحرير الجينات المسماة "كريسبر" (CRISPR)، وذلك وفقا لتقرير نشره موقع أخبار "سي بي إس".

وإذا تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، فإن العلاج المسمى "إيكسا-سل" (exa-cel)، من شركة "فيرتيكس فارما سوتيكال"، يمكن أن يكون أول علاج متاح للعديد من المرضى الذين يعانون هذا النوع من فقر الدم.

ومن المقرر أن تتخذ إدارة الغذاء والدواء الأميركية قرارا بشأن الموافقة على "إيكسا-سل" بحلول الثامن من ديسمبر/كانون الأول القادم، وفقا لبيان صحفي صادر عن شركة فيرتيكس.

كيف يعمل العلاج الجديد؟

علاج إيكسا-سل يستخدم الخلايا الجذعية الخاصة بالمريض، حيث يعدّلها الأطباء باستخدام تقنية كريسبر لإصلاح المشاكل الوراثية التي تسبب الخلايا المنجلية، ثم يتم إعادة الخلايا الجذعية المعدلة إلى المريض في حقنة لمرة واحدة.

ما تقنية كريسبر؟

و"كريسبر" (CRISPR) هي تقنية للتعديل الجيني تتيح تعديل الحمض النووي للكائن الحي، بما في ذلك البشر، ويسعى العلماء لاستخدامها في علاج الأمراض.

وتمتاز تقنية "كريسبر" بأنها رخيصة التكلفة، وسهلة الاستعمال، وتتيح للعلماء تعديل الجينات من خلال "مقص" جيني يضاهي في عمله برنامجا لمعالجة النصوص، ويمكنه رصد التشوهات الجينية والاستغناء عنها بعناصر أخرى في الحمض النووي.

وتعتمد تقنية "كريسبر" على إنزيم يُسمى "كاس 9" (Cas9)، ويستخدم جزيئا إرشاديا من الحمض النووي الريبي، بغرض استهداف الجزء المطلوب من الحمض النووي، ثم يعدل الحمض النووي، من أجل تفكيك الجينات، أو وضع التسلسلات المطلوبة.

ما مرض فقر الدم المنجلي؟

ومرض فقر الدم المنجلي هو مجموعة من اضطرابات خلايا الدم الحمراء الوراثية، تحدث فيه مشكلة في هيموغلوبين الدم. وذلك وفقا لموقع ميدلاين بلاس التابعة للمكتبة الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأميركية.

والهيموغلوبين هو بروتين موجود في خلايا الدم الحمراء يحمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. وفي فقر الدم المنجلي يتكون الهيموغلوبين على شكل "قضبان صلبة" داخل خلايا الدم الحمراء، وهذا يغير شكل خلايا الدم الحمراء. ومن المفترض أن تكون الخلايا على شكل قرص، لكن هذا يغيرها إلى شكل هلال أو منجل.

والخلايا منجلية الشكل ليست مرنة ولا يمكنها تغيير شكلها بسهولة، وينفجر الكثير منها أثناء تحركها عبر الأوعية الدموية. وعادة ما تعيش الخلايا المنجلية من 10 إلى 20 يوما فقط، بدلا من 90 إلى 120 يوما الذي تعيشها خلايا الدم الحمراء الطبيعية.

وقد يواجه الجسم صعوبة في تكوين خلايا جديدة كافية لتحل محل الخلايا التي تم فقدانها. لهذا السبب، قد لا يكون لدى الشخص ما يكفي من خلايا الدم الحمراء. وهذه حالة تسمى فقر الدم، ويمكن أن تجعل الشخص يشعر بالتعب.

ويمكن أن تلتصق الخلايا المنجلية أيضا بجدران الأوعية، مما يتسبب في انسداد يؤدي إلى إبطاء تدفق الدم أو إيقافه. وعندما يحدث هذا، لا يمكن للأكسجين الوصول إلى الأنسجة المجاورة.

ويمكن أن يتسبب نقص الأكسجين في حدوث نوبات من الآلام الشديدة والمفاجئة (Crises). ويمكن أن تحدث هذه الهجمات بدون سابق إنذار. وإذا حدث لك نوبة ما منها، فقد تحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ما سبب مرض فقر الدم المنجلي؟

سبب داء فقر الدم المنجلي هو جين معيب يسمى جين الخلية المنجلية. ويولد الأشخاص المصابون بالمرض بجينين من الخلايا المنجلية، واحد من كلا الوالدين.

وإذا ولد الشخص بجين واحد من الخلايا المنجلية، فإنها تسمى سمة الخلية المنجلية. ويتمتع الأشخاص المصابون بسمة الخلية المنجلية بصحة جيدة بشكل عام، لكن يمكنهم نقل الجين المعيب إلى أطفالهم.

وتقول المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة إن عمليات زرع الدم ونخاع العظم هي الخيار الوحيد حاليا لعلاج مرض فقر الدم المنجلي، وتقتصر على أقلية من المرضى الذين يمكنهم الحصول على متبرعين قريبين من تطابقهم الجيني.

حياة أقصر بكثير

وقالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية للجنة إن البالغين المصابين بمرض فقر الدم المنجلي يعيشون الآن حياة أطول بفضل التقدم الطبي، لكن من المرجح أن يعيشوا حياة "أقصر بكثير".

وأدت تجارب "إكسا-سل" إلى نتائج فعالة أشادت بها فيرتكس باعتبارها "غير مسبوقة" للمرضى الذين يعانون من مرض فقر الدم المنجلي الحاد، مما أدى إلى منع دخول المستشفى من هذه الأزمات للمرضى الذين تلقوا جرعة واحدة من إكسا-سيل.

وفي الوثائق التي تم نشرها قبل اجتماع أمس الثلاثاء، أعربت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى حد كبير عن موافقتها على معطيات الشركة حول "النتائج الإيجابية القوية" من تجارب العلاج.

وقالت الدكتورة نيكول فردان رئيسة مكتب المنتجات العلاجية التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، خلال الاجتماع إنه "تمت دراسة إكسا-سيل لعلاج مرض فقر الدم المنجلي مع أزمات انسداد الأوعية الدموية الشديدة وأظهر فعاليته".

مخاطر تحرير الجينات

ولم تطلب الوكالة من لجنتها الاستشارية للعلاجات الخلوية والأنسجة والجينات التصويت على الموازنة بين الفوائد والمخاطر الذي يقدمها "إكسا-سل"، كما تفعل غالبا عند تقييم قرارات الموافقة الصعبة.

وبدلا من ذلك، طلب مسؤولو إدارة الغذاء والدواء من اللجنة التركيز فقط على مناقشة المخاوف من أن شركة فيرتيكس قد تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لدراسة احتمال أن تؤدي تقنيتها في حالات نادرة إلى تغيير أجزاء أخرى من الجينوم عن طريق الخطأ.

وقال كومودي سينغ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية "إذا كان الجين يلعب دورا أساسيا في وظيفة الخلية، فإن مثل هذه التعديلات غير المقصودة يمكن أن تكون ضارة. ويمكن لهذه التعديلات أيضا أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان".

وفي العروض التقديمية التي قدمتها شركة فيرتيكس إلى اللجنة، أكدت الشركة أنها استخدمت عددا من الإستراتيجيات لتقليل مخاطر التحرير الجيني غير المقصود وفحص المسارات المحتملة التي يمكن أن تؤدي إلى التعديلات غير المقصودة.

وقالت الشركة إنه بعد سحب الدم من المرضى، تتعرض خلاياهم لفترة وجيزة فقط لتقنية كريسبر التي تستخدمها لتحرير الخلايا، قبل إعادة حقنها مرة أخرى في المرضى.

واعترف خبراء طلبت إدارة الغذاء والدواء تقديمهم إلى اللجنة أيضا بالمخاوف النظرية من أن التعديلات غير المستهدفة قد تسبب سرطان الدم. ومع ذلك، فإن العديد من التغييرات غير المقصودة قد لا يكون لها تأثير على المرضى.

وأعرب أعضاء اللجنة إلى حد كبير عن دعمهم لهذا العلاج، بالإضافة إلى بعض الخطوات الإضافية بعد طرحه لدراسة مخاطره على المدى الطويل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: خلایا الدم الحمراء الحمض النووی ویمکن أن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

بعد معاناة 26 عامًا.. «التخصصي» ينجح في علاج حالة مستعصية من «الورم الأصفر»

نجح مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث بجدة، في علاج حالة متقدمة من الأورام الجلدية الصفراء، لمريض يبلغ من العمر 58 عامًا، وذلك باستخدام بروتوكول علاجي مبتكر يعتمد على تقنية تبادل البلازما، ليغادر المريض بعدها المستشفى معافى بعد معاناة شديدة مع المرض استمرت 26 عامًا، لم يشهد المريض خلالها تحسنًا يذكر رغم السفر المتكرر للعلاج في أفضل المستشفيات في العالم، بل ازدادت حالته سوءًا، وعُدت من قبل المراكز الطبية الرائدة في أمريكا وأوروبا حالة مستعصية.

كان المريض يتناول نحو 70 حبة دواء يوميًا، دون تحقيق أي تراجع للأورام الصفراء، بل تفاقمت حالته الصحية وغطت الأورام أجزاء كثيرة من جسده، ما جعله عاجزًا عن القيام بأبسط احتياجاته اليومية، كما حالت بينه وبين ممارسة مهنته كونه طبيبًا استشاريًا.

ويُعرف علميًا، مرض الورم الأصفر (xanthoma) بأنه حالة جلدية نادرة، تتسبب بتكون رواسب صفراء كثيرة من الدهون أو الكوليسترول أسفل الجلد، مصحوبة بآلام شديدة، حيث يشكل وجودها ضررًا على صحة الفرد وجودة حياته، تتمثل في تحديات تواجه المريض في مشيه ومأكله ومشربه ونومه، فضلًا عن التأثير السلبي في مظهر جسد المريض، وانعكاسات ذلك على صحته النفسية وحياته الاجتماعية.

ولتقديم خطة علاج مخصصة لحالة المريض، شكّل "التخصصي" فريقًا طبيًا مكونًا من خبراء الغدد الصماء وأطباء أمراض التمثيل الغذائي واستشاريي أمراض الدم، حيث بدأ الفريق بتشخيص الحالة، وعلى إثر ذلك قرر اعتماد بروتوكول تبادل البلازما المعدل الذي يستخدم لأول مرة في مثل هذه الحالة النادرة، ما أدى إلى سحب الدهون المستعصية من داخل الجسم، وتراجعٍ تدريجي للأورام الجلدية، لتختفي تمامًا بعد فترة قصيرة من الزمن دون أي تدخل جراحي أو دوائي على الاطلاق.

ويتضمن البروتوكول المبتكر سحب الدم من جسم المريض لفصل الجزء السائل من الدم (البلازما) التي تحتوي على الدهون المتراكمة في الدم عن خلايا المريض، ثم إعادته إلى جسم المريض بعد استبدال البلازما الضارة بمحلول بروتين (الألبومين)، حيث عمل الفريق الطبي على زيادة نسبة مميعات الدم المستخدمة لتخفيض سرعة تدفق الدم خارج جسم المريض وفصل البلازما بسلاسة أكثر، كما قام بتغيير مستلزمات فصل الدم البلاستيكية أربع مرات في الجلسة الواحدة، وتمديد مدة الجلسة إلى حوالي سبع ساعات للجلسة الواحدة بدلًا عن ساعتين لتحسين فعالية وأمان عملية تبادل البلازما لتحقيق أفضل النتائج العلاجية للمريض.

وقال رئيس قسم علم الأمراض والطب المخبري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، ورئيس الفريق الطبي المشرف على الحالة البروفسور أشرف دادا، "آثرنا الإفصاح عن الإنجاز بعد التثبت من استدامة نتائج العلاج لمدة تزيد عن 18 شهرًا، ونأمل أن تشكل هذه الحالة بارقة أمل للذين يعانون هذا المرض في جميع أنحاء العالم".

وأضاف إلى إنجاز الفريق الطبي ورقةً علميةً توضح خصائص الحالة والبرتوكول العلاجي المبتكر تم نشرها في مجلة (JCEM)، التي تعد الأولى عالميًا في مجال طب التعثر الهرموني والأيض الغذائي الصادرة عن جامعة أكسفورد التي رحبت بدورها هذا النجاح الملفت للنظر، خصوصًا أن المريض سبق له أن سافر إلى جامعة أكسفورد لتلقي العلاج فيها دون تحقيق تقدم يُذكر، وبين الدكتور أشرف أن هذا النجاح يمثل صورة جليةً لأثر الابتكار في الممارسات العلاجية على حياة الإنسان.

وتعزز قصة النجاح والبروتوكول العلاجي المبتكر في التخصصي الطريق نحو التعاون وتبادل المعرفة مع المؤسسات الدولية الرائدة المتخصصة في الإجراءات أو العلاجات المماثلة، وذلك عبر تنفيذ مبادرات بحثية، وبرامج تبادل المهنيين الطبيين، وتنظيم ورش عمل تدريبية، للاستفادة من نجاحات "التخصصي" في تطوير الممارسات الطبية حول العالم، وترسيخ مكانته بصفته رائدًا في ممارسات الرعاية الصحية المبتكرة.

الجدير بالذكر أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث صُنف الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا والـ 20 عالميًا، للسنة الثانية على التوالي، ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية حول العالم، والعلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط، وذلك بحسب"براند فاينانس" (Finance Brand) لعام 2024، كما صُنف في ذات العام من بين أفضل 250 مستشفى في العالم من قبل مجلة نيوزويك (Newsweek).

مقالات مشابهة

  • اختبار دم يمكن أن يتنبأ بعودة سرطان الثدي قبل سنوات من انتكاسة المرضى
  • “الغذاء والدواء”: أجنحة ورسائل توعوية بـ 9 لغات خلال موسم الحج 1445هـ
  • بعد معاناة 26 عامًا.. «التخصصي» ينجح في علاج حالة مستعصية من «الورم الأصفر»
  • بـ9 لغات عالمية.. “الغذاء والدواء” تقدم رسائل توعوية للحجاج بمطارَي جدة والمدينة
  • الجوع والعطش يهددان نصف مليون فلسطيني في قطاعغزة
  • علاج واعد يستهدف سرطان العظام.. تفاصيل
  • فحص دم جديد للكشف المبكر عن السرطان ينتظر الموافقة لاستخدامه
  • التحذير من اشتداد أزمات الغذاء والماء والدواء في غزة
  • علاج جديد يستهدف أخطر أنواع سرطان العظام
  • علاج واعد يستهدف نوعا شائعا من سرطان العظام