لجريدة عمان:
2025-05-23@21:17:44 GMT

عودة بولندا إلى الاعتدال نعمة للاتحاد الأوروبي

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

عاد دونالد توسك إلى بروكسل يوم الأربعاء 25 أكتوبر كبولندي فخور ببلده بولندا وأوروبي فخور بولائه لأوروبا وغالبا كرئيس وزراء قادم بعد أن أسقط حكومة اليمين المتشدد في انتخابات 15 أكتوبر.

(حل حزب القانون والعدالة الشعبوي الحاكم في المركز الأول في انتخابات مجلس النواب البولندي بحصوله على 194 مقعدا من جملة 248 مقعدا.

لكنه لن يشكل الحكومة الجديدة لفشله في تأمين الحد الأدنى من المقاعد المطلوبة وهي 231 مقعدا حتى إذا ائتلف مع حزب الاتحاد اليميني المتطرف (18 مقعدا). وجاء في المركز الثاني حزب التحالف المدني الذي يتزعمه دونالد توسك بحصوله على 157 مقعدا لكن يمكنه تشكيل حكومة ائتلافية مع حزبي الطريق الثالث (65 مقعدا) واليسار الجديد (18 مقعدا) بإجمالي 248 مقعدا - المترجم).

عند دخوله مبنى المفوضية الأوروبية (بيرليمونت) في بروكسل ربما يكون دونالد توسك قد تذكر المعركة المريرة التي فقدها لصالح إنجيلا ميركل وجان كلود يونكر قبل 8 أعوام كرئيس للمجلس الأوروبي.

ففي صيف عام 2015 كانت ألمانيا تواجه أعدادا هائلة من اللاجئين القادمين من سوريا وأرادت المستشارة الألمانية ميركل من شركائها الأوروبيين أن يقتسموا معها عبء الاستضافة. أعدت ميركل مع يونكر الذي كان وقتها رئيس المفوضية الأوروبية مشروعا تأوي بموجبه كل دولة عضو في الاتحاد حصة من اللاجئين. توسل توسك إلى ميركل لتأجيل التصويت على المشروع لكن دون فائدة.

في بلده بولندا كان حزب يمين الوسط الحاكم الذي يتزعمه مهددا بخسارة انتخابات قادمة لصالح حزب القانون والعدالة المتشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي والمعادي للمهاجرين. وكان يعلم أن قبول حصة المهاجرين سيزوِّد ذلك الحزب بحجة قوية ضد بروكسل والديمقراطيين الليبراليين. لكن ميركل كانت لديها أولوياتها الخاصة بها.

وافقت الحكومة البولندية على استضافة 7000 لاجئ وعوقبت على ذلك بواسطة المعارضة وخسرت الانتخابات.

صارت بولندا مصدر إزعاج مستمر للاتحاد الأوروبي الذي اتخذ خطوة غير مسبوقة بتجميد 35 بليون يورو من أموال التعافي من كوفيد ردا على انتهاكات حزب القانون والعدالة لحكم القانون.

أثناء زيارته إلى بروكسل في الأسبوع الماضي تحدث توسك عن فك تجميد هذه الأموال. لكن انتصار تحالفه في انتخابات الشهر الماضي يعني الكثير لأوروبا. فإنهاء الشجار حول حكم القانون الذي يشكل ركيزة للمشروع الأوروبي سيسمح لبولندا باستعادة دورها كطرف بالغ الأهمية في وقت يشهد تحديات هائلة للاتحاد الأوروبي الذي هزته بعمق الحربُ في أوكرانيا.

يجب أن تشمل الفوائد الفورية لذلك الانتصار تحسين العلاقات البولندية الألمانية التي سمَّمتها المطالب المهولة بتعويضات تتعلق بالحرب العالمية الثانية من جانب حكومة حزب القانون والعدالة وحملة العداء الشرسة ضد ألمانيا أثناء موسم الانتخابات.

كما ستجد فرنسا أيضا مآلات أفضل لعلاقاتها مع وارسو. بل حتى إحياء مثلث فايمار الذي يتشكل من باريس وبرلين ووارسو يبدو ممكنا. (مثلث فايمار تحالف إقليمي بين ألمانيا وفرنسا وبولندا تأسس بمدينة فإيمار في أغسطس 1991 لتعزيز التعاون بين البلدان الثلاثة - المترجم.) هذا الإحياء لن يقتصر فقط على تلطيف الأجواء في بروكسل ولكنه سيشكل دفعة جديدة لديناميات الغرب -الشرق المتغيرة داخل الاتحاد الأوروبي الذي مَكَّنت فيه حربُ أوكرانيا الأصوات القادمة من وسط وشرق أوروبا.

تطلعت بولندا دائما لأن تكون قائدة في وسط أوروبا. وهي ستسعى الآن لأداء هذا الدور بطريقة تدعو إلى قدر أكبر من الاحترام دون تقييدها بنوبات غضب فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر أو روبرت فيكو زميله في براتيسلافا (عاصمة سلوفاكيا). إنهما الآن معزولان ولا يمكنهما استخدام مجموعة فيسيغراد كمنصة انطلاق لنشاطهما. (تأسست المجموعة في 1991 بمدينة فيسيغراد في المجر لتعزيز التعاون في أوروبا الوسطى وتضم بولندا والمجر وجمهورية تشيكيا وسلوفاكيا).

الآن دورة تولي المجر رئاسة الاتحاد الأوروبي لفترة ستة أشهر والتي تبدأ في الأول من يناير 2024 ستكون أقل عنتا ومشقة لشركائها.

عودة بولندا إلى مسار الاعتدال بعد فشل الحزب اليميني المتطرف «فوكس» في الانتخابات الأخيرة بإسبانيا أيضا تجرد جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا من حلفاء محتملين في بروكسل. وقد تشجعها على اتباع خط منحاز للاتحاد الأوروبي.

لكن البُعد الأكثر أهمية للتحول السياسي في وارسو يتعلق بتوسع الاتحاد الأوروبي في المستقبل. فدمج أوكرانيا ومولدوفا وبلدان غرب البلقان مسعى غير مسبوق ويتطلب إجراء تغييرات في طريقة تنظيم الاتحاد. بولندا التي تجاور أوكرانيا تحتل موقعا محوريا. وستكون لتجربتها الخاصة في الانضمام للاتحاد الأوروبي كعضو جديد في عام 2004 قيمة كبيرة.

تمكنت حكومة حزب القانون والعدالة من تقويض علاقة بولندا برئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي حول قضية واردات القمح. هذا الوضع يجب أن يتغير على الرغم من أن تأثير المنتجات الأوكرانية على المزارعين البولنديين (والفرنسيين) سيمثل مشكلة أخرى للسياسة الزراعية المشتركة للاتحاد.

لكن الأهم أن وجود حكومة موالية للاتحاد الأوروبي في وارسو وإدارة غير مهووسة بتسوية الحسابات مع الماضي له قيمة ضخمة في وقت يشهد تحولات تاريخية للاتحاد الأوروبي.

في مقابلة مع كايا كالاس رئيسة وزراء أستونيا خلال هذا العام فوجئت بمدى اختلافنا في النظرة لتاريخ الاتحاد الأوروبي. فالأطفال الفرنسيون يتعلمون في المدارس أن الاتحاد تأسس بواسطة 6 بلدان في عام 1957 وأن المصالحة الفرنسية الألمانية كانت مِحورَه. هذه السردية جزء من تركيبتهم الجينية. لكن بالنسبة للساسة من جيل كالاس ومن منظور ذلك الجزء الذي تنتمي إليه من أوروبا يُعتبر الاتحاد الأوروبي مغامرة حديثة جدا وعدد أعضائه 27 بلدا سيرتفع لاحقا إلى 35 بلدا. إنه كائن مختلف جدا. هو الآن اتحادهم كما هو اتحاد فرنسا وألمانيا. وهم أيضا لهم حق تشكيل مستقبله. وهذا سبب الأهمية البالغة لوجود نظرة جديدة ومنفتحة في بولندا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حزب القانون والعدالة الاتحاد الأوروبی للاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

مجلس النواب يشارك في اجتماع «اتحاد البرلمانات الإفريقية» في الرباط

شارك مقرر مجلس النواب صالح قلمه في اجتماع الدورة الـ83 للجنة التنفيذية لاتحاد البرلمانات الإفريقية، المنعقد بمدينة الرباط في المملكة المغربية.

وناقش الاجتماع مشروع جدول أعمال الدورة السابعة والأربعين لمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي المزمع تنظيمه في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى مشروع جدول أعمال الدورة الرابعة والثمانين للجنة التنفيذية، وتحديد تاريخ ومكان انعقادها.

وترأس الاجتماع رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد ورئيس الجمعية الوطنية في تشاد علي كلتو شايمى، وشارك في الافتتاح رئيس مجلس النواب المغربي رشيد الطالبي، ورئيس مجلس المستشارين المغربي محمد ولد الرشيد.

تجدر الإشارة إلى أن اللجنة التنفيذية تعد إحدى اللجان الرئيسية التابعة للاتحاد البرلماني الإفريقي، التي تسهم في تفعيل أنشطة الاتحاد وتحقيق أهدافه.

مقالات مشابهة

  • آخر حلقة في مسلسل التعريفات: ترامب يفرض رسوما على آبل بنسبة 25% و50% للاتحاد الأوروبي
  • الاتحاد من أجل المتوسط يتسلّم أحد أرفع أوسمة كتالونيا تقديرًا لجهوده في تعزيز التعاون الإقليمي
  • اتفاق على تعزيز دور الاتحاد البرلماني الإفريقي في ختام دورته بالرباط
  • سعيد العاجل رئيساً للاتحاد العربي لكرة القدم المصغرة
  • حماس: نحذّر من الواقع المأساوي الذي يهدد حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين
  • مجلس النواب يشارك في اجتماع «اتحاد البرلمانات الإفريقية» في الرباط
  • ما الذي تعنيه عودة نظام سويفت للاقتصاد السوري؟
  • سحب طعن رئيس الاتحاد البرازيلي
  • وزير الخارجية يلتقي رؤساء وفود الاجتماع الإفريقي الأوروبي
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال