كيف تخطط تركيا لتفكيك ترسانة حزب العمال الكردستاني؟
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
أنقرة- بينما يدخل صراع الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني منعطفا جديدا بدأت أنقرة الإعداد لمرحلة دقيقة تهدف إلى تفكيك البنية المسلحة للتنظيم ونزع سلاحه بالكامل.
وتدور في الأوساط السياسية والأمنية نقاشات موسعة بشأن آليات التنفيذ، وسط تسريبات عن خطة خماسية تقودها الاستخبارات الوطنية التركية، وتستلزم تنسيقا مع حكومتي الجوار في العراق وسوريا.
لكن نجاح هذه الخطة لا يبدو محسوما في ظل تعقيدات ميدانية واحتمالات لانشقاقات داخل التنظيم، فضلا عن تحديات ضبط السلاح والكوادر في بيئات خارجة عن السيطرة، وهو ما يطرح أسئلة بشأن كيفية تنفيذ هذه العملية وآلية ضمان استدامتها.
خطة التفكيكقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تصريحاته التي أدلى بها للصحفيين على متن رحلة عودته من ألبانيا إن أنقرة تجري محادثات مع حكومتي بغداد وأربيل بشأن تفاصيل كيفية تسليم المسلحين الأكراد أسلحتهم خارج حدود تركيا، معتبرا أن هذه الخطوة ستخدم أيضا استقرار العراق وسوريا خلال المرحلة المقبلة.
وبحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام تركية، يجري الإعداد لتنفيذ عملية تسليم أسلحة مقاتلي حزب العمال الكردستاني تحت إشراف لجنة مشتركة تضم مراقبين دوليين يرجح أن تكون بتفويض من الأمم المتحدة في مواقع محددة داخل إقليم كردستان العراق.
وتشير المعلومات إلى أن محافظات دهوك وأربيل والسليمانية ستكون المحاور الأساسية للعملية، حيث تُخصَص نقاط تجمّع لتسليم السلاح بإشراف مباشر من الجهات المعنية.
وبموجب الترتيبات المقترحة، سيزود عناصر الحزب الجهات المختصة بإحداثيات دقيقة لمواقع تخزين الأسلحة والمخابئ الجبلية التي تضم الذخائر والمعدات تمهيدا لتفكيكها.
إعلانفي المقابل، ستتولى السلطات الأمنية والعسكرية التدقيق في الأسلحة المسلّمة، ومقارنتها بقوائم الجرد التي أعدتها أجهزة الاستخبارات، للتأكد من عدم وجود أسلحة مخفية خارج نطاق العملية الرسمية.
ومن المتوقع أن يتولى جهاز الاستخبارات الوطني التركي الإشراف المباشر على تنفيذ خطة تفكيك البنية المسلحة لحزب العمال الكردستاني، بالتنسيق مع كل من الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان.
ووفق ما أوردته صحيفة "تركيا" التركية، فإن من المنتظر أن تشارك القوات المسلحة التركية أيضا في هذه المرحلة، لضمان جمع الأسلحة وتأمينها ضمن آلية ميدانية مشتركة تشمل أنقرة وبغداد وأربيل والسليمانية شمالي العراق.
وتهدف هذه الترتيبات إلى إتمام عملية تسليم السلاح بشكل كامل بحلول مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، مما يمهد الطريق لانطلاق مرحلة سياسية جديدة في الداخل التركي.
وبحسب موقع "تي 24″ التركي، فإن سيتم استكمال الإجراءات الأمنية المرتبطة بتسليم الأسلحة قبل نهاية الصيف، ليصار بعدها إلى دعوة البرلمان لعقد جلسات خاصة تبحث ترتيبات المرحلة التالية لـ"إنهاء التمرد".
وفي السياق، قال الباحث السياسي عمر أفشار في حديث للجزيرة نت إن الشرط الأساسي لضمان اكتمال عملية نزع السلاح هو امتلاك الدولة قدرة تحقيق مستقلة وميدانية لا تعتمد على وعود الطرف المقابل، خصوصا في بيئات غير خاضعة للسيطرة التركية المباشرة مثل قنديل أو شرق الفرات.
وأكد أفشار أنه من دون امتلاك القوات التركية هذه القدرة ستبقى العملية معرضة لخطر الإجهاض أو إعادة التسلح لاحقا من مخازن لم يُكشف عنها.
تبرز أهمية التنسيق الإقليمي في خطة تفكيك ترسانة حزب العمال الكردستاني بالنظر إلى تمركز النسبة الكبرى من مقاتليه وقياداته خارج الأراضي التركية، وتحديدا في المناطق الجبلية الوعرة شمالي العراق وشمال شرقي سوريا، وهو ما يجعل تسليم الأسلحة خارج الحدود أحد أبرز مفاتيح نجاح العملية.
إعلانوتشدد أنقرة على ضرورة التعاون الوثيق مع كل من بغداد وأربيل لوضع آلية ثلاثية تضمن التنفيذ الفعلي لنزع السلاح في هذه المناطق، حيث لا تخضع مواقع التنظيم عادة لسيطرة مباشرة.
ووفق ما أفاد به مسؤولون أتراك لوسائل إعلام محلية، فقد أجريت خلال الأسابيع الماضية مشاورات مكثفة مع الجهات العراقية المعنية، سواء على المستوى الاتحادي أو على مستوى إقليم كردستان، وسط مؤشرات على تحقيق "تقدم ملموس" في الجوانب اللوجستية والأمنية المتعلقة بتسليم الأسلحة.
في المقابل، يحذر مراقبون من احتمال ظهور فصائل منشقة ترفض الانخراط في العملية وتلجأ إلى الاحتماء في الجبال أو تعيد التمركز تحت مسميات جديدة، في حين تؤكد مصادر أمنية تركية أن الجيش سيُبقي على حالة من الجاهزية والاستطلاع النشط في المناطق الحدودية لفترة طويلة، لضمان عدم بروز أي تهديد مسلح مجددا.
ويرى المحلل السياسي التركي علي أسمر أن احتمالية بروز فصائل متشددة ترفض الانخراط في العملية تظل قائمة، وهو ما تتعامل معه الدولة التركية -بحسب وصفه- من زاويتين: الأمن القومي والشرعية القانونية.
ويشير أسمر في حديث للجزيرة نت إلى أن أي فصائل منشقة ترفض تسليم السلاح "لا تعبر فقط عن تمرد على الدولة، بل تمثل خروجا عن سلطة القيادة المركزية للحزب وزعيمه عبد الله أوجلان، مما يفقدها أي غطاء سياسي"، وهو ما يمنح أنقرة بالمقابل شرعية أمنية وقانونية كاملة للتعامل معها عسكريا، دون أن يعد ذلك تقويضا للعملية السلمية، بل امتدادا طبيعيا لها لضمان استكمالها.
أما من الناحية العملية فيلفت أسمر إلى أن تركيا لا تستبعد إطلاقا اللجوء إلى عمليات عسكرية محدودة ضد من يثبت تورطه في نشاطات تهدد الأمن والسلم الأهلي، مشيرا إلى امتلاك الجيش التركي خبرة طويلة في هذا النوع من العمليات النوعية الدقيقة التي تمنع تحول الفصائل الصغيرة إلى تهديد منظم.
إعلانويختم بالقول "سواء اكتمل الحل بتفكيك الحزب كليا أو برزت جيوب معارضة فإن تركيا تملك زمام المبادرة في الحالتين، في الأولى تنهي حقبة من الصراع، وفي الثانية تكتسب تفويضا مزدوجا داخليا ودوليا لاجتثاث ما تبقى من تهديد بوسائل شرعية ومشروعة دفاعا عن أمنها القومي ووحدة أراضيها".
وفي مؤشر على توجه الحكومة نحو إرساء أرضية سياسية موازية، كشفت صحيفة "صباح" المقربة من دوائر القرار عن نية أنقرة إطلاق "حملة دمقرطة" شاملة بعد إتمام تسليم السلاح تشمل مراجعة قوانين مثيرة للجدل، كآلية تعيين الولاة في البلديات، في محاولة لخلق مناخ سياسي أكثر انفتاحا يعزز الثقة في المرحلة المقبلة.
مسار سياسيوبالتوازي مع الخطوات الميدانية لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني تتجه أنقرة نحو تفعيل مسار سياسي داخل البرلمان التركي، في إطار مرحلة جديدة توصف بأنها "انتقالية" نحو ترسيخ السلام الداخلي.
وفي هذا السياق، طرح رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي مبادرة لتشكيل لجنة برلمانية موسعة تعنى بإدارة المرحلة المقبلة تحت عنوان "إستراتيجية تركيا بلا إرهاب في القرن الجديد.. لجنة الوحدة الوطنية والتضامن".
ويقضي المقترح بأن تتولى اللجنة -التي يُنتظر أن تضم قرابة 100 عضو- مهمة وضع خارطة طريق للملف الكردي ما بعد السلاح، مع ضمان تمثيل نسبي للأحزاب الـ16 الممثلة في البرلمان التركي.
ووفقا لبهتشلي، فإن رئاسة اللجنة ستُسند إلى رئيس البرلمان نعمان قورتولموش، لضمان إشراف دستوري مباشر على عملها.
بدوره، أكد قورتولموش أن عملية الانتقال نحو "تركيا من دون إرهاب" تسير وفق الجدول المقرر، مشيرا إلى أن "الخطوة التالية هي تسليم السلاح، وبعد ذلك ستكون ساحة النقاش السياسي هي البرلمان، سواء من حيث التشريع أو وضع الأطر القانونية اللازمة".
وتتماهى تصريحات قورتولموش مع موقف الحكومة التي تربط أي تحرك سياسي داخل البرلمان باستكمال المرحلة الأمنية.
وأوضح مسؤولون في حزب العدالة والتنمية أن إطلاق النقاش البرلماني بشأن "المرحلة السياسية الجديدة" لن يتم إلا بعد صدور تقرير رسمي من جهاز الاستخبارات يؤكد انتهاء عملية نزع السلاح بالكامل.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حزب العمال الکردستانی تسلیم الأسلحة تسلیم السلاح وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
أنفاق وشبكات تهريب وتجنيد.. هلع إسرائيل من ترميم ترسانة حزب الله
لم تنجح فترة ما بعد اتفاق "وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل" في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في منح الساحة اللبنانية أي قدر من الاستقرار، إذ تتواصل الخروقات الإسرائيلية للاتفاق بحجة ملاحقة عناصر حزب الله ومحاولات إعادة بناء قوته.
ولم تقتصر الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار على الجنوب اللبناني، بل امتدت أيضا إلى شرقي البلاد وضواحي جنوب العاصمة بيروت، وفي مناطق تُعد معاقل رئيسية لحزب الله، وتجلت أمس الثلاثاء بقصف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.
وبلغ إجمالي خروقات الجيش الإسرائيلي منذ بدء سريان الاتفاق نحو 4500 خرق، وفق إحصاء للجيش اللبناني في سبتمبر/أيلول الماضي.
رغم المطالبات بتسليم سلاحه، حافظ حزب الله على سردية المقاومة، وعمل على إعادة ترميم واسعة لموارده العسكرية والتنظيمية، بحسب عدة تقارير صحفية.
وفي بيانه في يوليو/تموز الماضي تحت عنوان "كتاب مفتوح إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني"، أكد الحزب على "الحق المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان".
وشدد على رفض أي طرح يهدف إلى نزع سلاح المقاومة، معتبرا أن الحديث عن هذا الملف في الظرف الراهن "يخدم العدو الإسرائيلي ومشاريعه في المنطقة".
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا، قالت فيه إن "حزب الله بدأ في إعادة بناء ترسانته العسكرية وإعادة تنظيم صفوفه".
ووفقا للتقرير، تشير تقييمات الاستخبارات إلى أن حزب الله يخزّن الصواريخ والأنظمة المضادة للدبابات والمدفعية الثقيلة، ويُزعم أن بعض الشحنات تصل عبر طرق التهريب السورية والموانئ البحرية اللبنانية.
وأضافت الصحيفة أن الحزب استأنف أيضا إنتاج الأسلحة محليا، مما يُشير إلى جهود إعادة تسليح كبيرة بعد أقل من عام على سريان وقف إطلاق النار.
ونشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قالت فيه إن حزب الله يعمل حاليا بشكل شبه كامل تحت الأرض، مشيرة إلى أن الحزب يعيد بناء هيكله القيادي وقوته العسكرية بشكل سري.
إعلانوسبق أن أعلنت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) عن اكتشاف شبكة واسعة من الأنفاق المحصنة التابعة للحزب في محيط عدد من البلدات جنوبي لبنان، وتحتوي على أسلحة وصواريخ وعدد من المخابئ وقطع المدفعية وراجمات الصواريخ، إلى جانب مئات القذائف والصواريخ والألغام المضادة للدبابات والعبوات الناسفة الأخرى.
قناعات إسرائيلية
على الجانب الإسرائيلي، تترسخ القناعة بأن حزب الله يواصل التركيز على إعادة بناء قدراته العسكرية، وقال تقرير لمركز معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل إنه "منذ وقف إطلاق النار، يعيد الحزب تنظيم نفسه بشكل واضح، حيث يعمل على تجديد احتياطاته المالية، والبحث عن طرق جديدة لتهريب الأسلحة إلى لبنان، وتجنيد أفراد، وإعادة هيكلة مؤسساته".
ووفقا لتقرير وول ستريت، فقد أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن حزب الله هرّب مئات الصواريخ القصيرة المدى من سوريا إلى لبنان في الأشهر الأخيرة، ويعمل على إعادة بناء هيكله القيادي.
وعلى مستوى حجم القوات والذخائر، يقول موقع نقابة الأخبار اليهودية في تقرير بشأن تقديراته المتعلقة بعديد الحزب وعتاده "يبلغ قوام حزب الله في لبنان 40 ألف عنصر، ولديه ما بين 15 ألفا و20 ألف صاروخ وقذيفة تحت تصرفه"، وينقل الموقع عن المبعوث الأميركي الخاص توم براك أن "هذا المخزون يمثل قاعدة مبدئية لعملية التعافي العسكري للحزب، وإن ظل أقل بكثير من قدراته السابقة".
ومع استمرار الغارات الإسرائيلية الهادفة إلى تعطيل عمليات إعادة التسلّح، تؤكد تقديرات إسرائيلية، ومن بينها تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، "أن حزب الله يتعرض لضربات مستمرة لكنه يحاول أيضًا إعادة التسلح والتعافي".
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن ترسانة حزب الله تبلغ حوالي 20 ألف وحدة عسكرية، كما وسّع الحزب برنامج طائراته المسيرة، وأعاد بناء مرافق التخزين والتجميع، في إشارة إلى تنوّع أدوات الاستعادة وعدم اقتصارها على الصواريخ التقليدية.
ويشير تقرير لموقع "واي نت" الإسرائيلي إلى أن حزب الله يعيد بناء قدراته بسرعة في ثلاثة محاور "الصواريخ والقذائف، والطائرات المُسيّرة، والبنى التحتية".
وتقدر إسرائيل أن حزب الله يمتلك عشرات الآلاف من هذه الصواريخ وعدة آلاف من الصواريخ المتبقية، بالإضافة إلى إنتاج آلاف الطائرات المسيرة الجديدة والمحمولة جوا منذ نهاية الحرب. ويضيف التقرير أن عناصر قوات الرضوان أعادوا تنظيم صفوفهم في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود في مدن كبيرة مثل النبطية.
ونشرت صحيفة معاريف أن الجيش الإسرائيلي أدرك الخطوات التي يتخذها حزب الله لإعادة تأهيل نفسه، فهو يعيد بناء قوته من خلال تجنيد مكثف للعناصر، ويحاول تكديس الأسلحة، بل بنى خط دفاعه الجديد شمال نهر الليطاني، وهو جيش وليس تشكيلًا قتاليا، بالإضافة إلى منظومات صاروخية ومدفعية.
وأبلغت إسرائيل الأجهزة الأميركية أن حزب الله نجح في تهريب مئات الصواريخ من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، كما نجح في تشغيل صواريخ ومنصات إطلاق تضررت خلال المعارك، إضافة إلى تجنيد آلاف العناصر الجدد.
إعلانوبحسب التقارير الإسرائيلية، يُوفق حزب الله بين الإنتاج الضخم للأسلحة البسيطة كالصواريخ القصيرة المدى والأسلحة الخفيفة وإنتاج الأسلحة الدقيقة والمتطورة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات والوسائل الإلكترونية المتطورة.
وحسب القناعات الإسرائيلية، فإنه بموازاة عمليات التعافي العسكري فوق الأرض، انخرط حزب الله في تعزيز بُناه التحتية السريّة التي تعتبر في نظره صمام أمان يضمن استمرار قدرته على الصمود، ويوفر مسارات بديلة تشمل الإطلاق والتخزين والتنقل.
وقدّم تقرير لمركز "ألما" للأبحاث والتعليم الإسرائيلي توصيفًا لهذه البنية بالقول إن "حزب الله يعمل على تسريع إعادة تأهيله، لا سيما في المنطقة الواقعة شمال الليطاني، في مركز ثقله الجغرافي الجديد -قطاع وحدة بدر- الذي أصبح نقطة محورية لنشر حزب الله في الجبهة الجنوبية من حيث تفعيل النيران والدفاع وتخزين الأسلحة".
ويضيف التقرير أن "جهود إعادة تأهيل حزب الله تُركز على القدرة على البقاء والانتقال إلى عمليات أكثر سريّة، وصيانة الأسلحة وإصلاحها وإنتاجها، والتهريب، والعمليات التنظيمية، وتحديث الخطط العملياتية العسكرية، وإجراء التدريبات والتمارين".
وتقدر المؤسسة أن الحزب "يحتفظ حاليًا بحوالي ثلث القوة النارية التي كان يمتلكها قبل الحرب".
وفي تحليل آخر لموقع إسرائيل ألما، يوضح تال بيري أنّه "فيما يتعلق بالأنفاق التابعة لحزب الله في لبنان بشكل عام، نقدر أنه لا تزال هناك بنية تحتية كبيرة من الأنفاق التكتيكية والإستراتيجية التي لم تتضرر".
ويضيف أن "الوضع غير واضح" بشأن الأنفاق المزروعة بالألغام، موضحًا أن الحزب لم يستخدمها أثناء الحرب، مما يجعل الخريطة الفعلية لهذه المنظومة غامضة.
وتؤكد التقارير الإسرائيلية أن منطقة البقاع تظل العمق الإستراتيجي لحزب الله من الناحيتين العملياتية واللوجستية، وتضم المنطقة البنية التحتية للتدريب وإنتاج الأسلحة وتخزينها، وتضم مواقع لمصفوفات إستراتيجية من الصواريخ والذخائر، بعضها يقع تحت الأرض في منشآت مهمة لم تتضرر.
رسائل ردعوفي ظل هذا التصعيد السياسي، عادت إسرائيل لتربط موقفها الأمني بما تعدّه فشلًا لبنانيا في ضبط حزب الله، وحذرت من تكثيف الضربات في حال فشل نزع سلاح الحزب، مما أعاد تسخين المشهد الدبلوماسي، وزاد من حدة المخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهة جديدة إذا تعثرت المسارات السياسية.
وأعلن الاحتلال عقيدة عملياتية جديدة تقوم على مبدأ الضربة الاستباقية، لخصها في عبارة "علينا ألا ننتظر هجوم العدو، بل أن نسبقه بضربة من جانبنا"، مما يعزز استمرار التصعيد ويضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة.
وفي السياق، أكد قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء تومر بار على تشديد الضغط على وحدة الطائرات المسيّرة التابعة لحزب الله ومنع عودتها إلى العمل، مما يعكس خوفًا متصاعدا من تطوير الحزب برنامجه المسيّر.
ومع اتساع الخشية الإسرائيلية من مساعي حزب الله لإعادة ترميم قدراته، اتجهت المؤسسة العسكرية في تل أبيب إلى إرسال رسائل ردع مباشرة عبر تكثيف النشاط العملياتي.
وأكد تقرير لقوات اليونيفيل حجم الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق، التي تجاوزت "2200 هجوم عسكري وأكثر من 6200 انتهاك للمجال الجوي" منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مما يظهر أن تل أبيب تعتمد تكتيك الاستنزاف والضغط المتواصل بهدف تقويض أي محاولات لإعادة بناء القوة الصاروخية أو القتالية.
كما أكد تقرير لصحيفة لوموند أن سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن "111 مدنيا" في لبنان منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مما يجعل وقف إطلاق النار أقرب إلى هدنة هشة تتعرض للخروق بشكل يومي.
ضغوط دبلوماسيةتزايدت الضغوط الدولية على الحكومة اللبنانية في ضوء استمرار حالة عدم الاستقرار على الحدود، واتساع القلق من إعادة تشكيل حزب الله قدراته العسكرية.
إعلانفقد ألغت الولايات المتحدة مواعيد كانت مقرّرة لقائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل في العاصمة الأميركية، وكشف مسؤول أميركي للجزيرة أن وزارة الحرب ألغت جميع لقاءاته التي كانت مقررة في البنتاغون.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن إلغاء هذه الاجتماعات جاء بسبب "استياء" الإدارة الأميركية ممّا تعتبره "تقصيرا" في أداء الجيش اللبناني في مهمة حصر السلاح بيد الدولة.
وفي السياق ذاته، أورد موقع يورونيوز أن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام "يتعرض لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة لضمان أن تسلم الجماعة المسلحة الموالية لإيران أسلحتها".
وتتقاطع هذه الضغوط مع تصريحات المبعوث الأميركي توم براك خلال مشاركته في "حوار المنامة 2025″، حيث أشار إلى أن لبنان بات في نظر واشنطن "دولة فاشلة"، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن القيادات اللبنانية لا تزال قادرة على التحرك، داعيًا إياها إلى تسريع الجهود لحصر السلاح في يد الدولة، في سياق قوله "على القيادة اللبنانية التقدم أسرع لحصر سلاح حزب الله".