المقاوِمة الاسلامية..بين فلسطينية مشروعها.. وإيرانية تحالفها…رؤية تفكرية..
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
#المقاوِمة_الاسلامية..بين #فلسطينية مشروعها.. وإيرانية تحالفها…رؤية تفكرية..
ا.د #حسين_محادين*
المجد للشهداء في عليين،والدعوة بالشفاء العاجل لجرحى أهلنا الصامدون منذ خمسة وعشرون يوما في غزة العز.
(1)
فكريا / سياسيا وميدانيا؛ سيبقى يوم السابع من اكتوبر 2023 بقيادة حماس القسام /غزة/ ترابطا مع وجود ايران الشيعية/وحزب الله في الظل للآن.
لقد مثل هذا التاريخ حداً جوهريا فاصلاً بين حقبيتين في تطور الصراع الفلسطيني الصهيوني بامتداده العربي والعالمي في ظل استمرار سيادة القطب الامريكي الواحد للعالم والداعم اللامحدود للمحتل ..كيف ولماذا..؟.
( 2)
لقد شكل نجاح حماس الفكري والعسكري معاً في قيادة معركة ميدانية في غزة اي الداخل الفلسطيني بالضد من المحتل الصهيوني بخسائره النفس عسكرية الكبيرة إحراجا له ولتيار التطبيع الرسم الفلسطيني والعربي معاً مع المحتل من جهة ، ومن الجهة الثانية شكل صمود ونجاح ادارة حماس/القسام للمعركة المستمرة ايضا احراجاً مضافا لامريكا وحلفائها الغربيين امتم انفسهم والراي العام العالمي بكل ما يمثلانه من قوة عسكرية وتطور تكنولوجي وضع بكرم مطلق في خدمة المحتل الصهيوني محليا بالترابط عالميا مع دنو الانتخابات الرئاسية في كل من :- امريكا,إسرائيل , و جمهورية مصر العربية في ذات الوقت.
أن هذا الواقع الفلسطيني العربي والعالمي المترابط من حيث الاثر والتأثيرات المتبادلة مع ما يجري في ميدان المعركة ونتائجها المحتملة.
اقول لقد شكل ضغطا مضافا على جميع الاطراف المتداخلة على مسرح المعركة في غزة والتي اتسعت مدياتها الى معارك اقليمية وعالمية وليست معركة عسكرية واحدة من حيث التوقيت الراهن ومآلات المستقبل بالنسبة للجميع.
( 3)
لعل التساؤل الاصعب الذي يوجه للمقاومة الاسلامية في غزة؛ سنُياً شعبيا ورسميا في الوطن العربي المسلم ولو همساً، ومفاده ما طبيعة واتجاه العلاقة بين المقاومة الاسلامية الفلسطينية في غزة راهنا وفي المستقبل مع المشروع الايراني الشيعي/الحليف الآخذ في التوسع في الاقليم…؟.
( 4)
بتحليلي الاكاديمي والسياسي- يمكن ان أستنتج بان حماس”الفلسطينية السنية” تدفع ثمناً مضاعفاً على الصُعد الفكرية والعسكرية والتحالفية معاً رغم استمرار المعركة, وتجلى هذا الثمن في تردد كل من حزب الله وايران اي”الشيعية الاممية” الدخول العسكري الحاسم الى جانبها رغم كل الحديث السابق لهما عن وحدة الساحات في معركة غزة للآن دون ان ننسى استحضار الراي العام. بذاكرته المعلنة ، كيف استحوذت ايران وبالتدرج على كل لبنان، اليمن، سوريا، العراق .؟.
(5)
ولعل غياب الجواب الصريح من قِبل المقاومة الاسلامية- رغم حساسية ودموية الظروف الحالية – على التساؤل الفكري والعسكري السابق هو الذي دفع وشجع امريكا وحلفائها الغربيين على الاعلان عما يلي ولو من باب التبرير الانتهازي السياسي لها :-
أ- إستمرار وزيادة الدعم المطلق والمتنوع لاسرائيل ابنتهم المدلله في سعيها الدموي لضرورة نجاحها في إجتثات حماس والمدنيين الداعمين لها في غزة واكنافها معاً.
ب- عدم التفكير او العمل على ايقاف اطلاق النار في معركة طوفان الاقصى. .
ج- الاعلان الرسمي عن سعي هذه الدول الغربية وحلفائها في الاقليم كما اعلنت بأن من اهدافها المحسومة هو تغيير قيادة حماس كحاكمة في غزة بمرحلة ما بعد هذه الحرب المستمرة للان،وفي ظل خرس ما تُسمى بمنظمات الشرعية الدولية .
( 5)
اخيرا..
هذه التساؤلات آخذه في التنامي على صعيد الراي الفكري المحاور بعقله الهادىء -وهذا دوره الاستشرافي – بعيداً عن الانفعال الجماهيري بلهيب الحرب ومعها، رغم كبر التضحيات التي قدمتها غزة وأهلنا فيها جراء العدوان عليها كجزء من النضال الفلسطيني المستمر…
لكن كما يعلمنا التاريخ البشري بأن نتائج المعارك تُقاس في مآلاتها وحجم وجودة ثمارها المختلفة خصوصا وان فلسطين/ القدس كانت وستبقى مفتاح الحرب والسلم في العالم عبر الاجيال. قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن. مقالات ذات صلة حماس الفلسطينية والمؤسسة الأمنية والعسكرية الاسرائيلية 2023/11/01
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء
لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على جبهات واضحة أو بخطوط تماس تقليدية، بل أصبحت مختبرات الأبحاث البيولوجية والجينية جبهات متقدمة في صراع القوى الدولية، ومع تسارع وتيرة التقدم في علوم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية، تلوح في الأفق ملامح عصر جديد من الحروب، الحروب البيولوجية المستقبلية، التي قد تُعيد تشكيل النظام العالمي وتُحدث تحولات جذرية في مفاهيم الأمن القومي والسيادة.
التحول الجوهري في طبيعة الحرب البيولوجية المستقبلية يكمن في دقتها الانتقائية، ففيما كانت الأسلحة البيولوجية التقليدية تُطلق في نطاق واسع غير موجه، بات الآن بالإمكان استخدام أدوات مثل تقنية "كريسبر" لتعديل الجينات وتصميم فيروسات موجهة تصيب فئة بشرية معينة بناءً على خصائص وراثية محددة، كالسلالة أو العرق أو حتى التكوين الجيني لسكان منطقة بعينها.
في قلب هذه الحرب القادمة تقف البيانات الوراثية للبشر، باعتبارها الوقود الحقيقي للصراعات، ملايين الأشخاص أرسلوا عينات حمضهم النووي إلى شركات لتحليل الأنساب أو الأمراض الوراثية، هذه الشركات، رغم ما تعلنه من التزام بالخصوصية، قد تكون في يوم ما هدفًا للاختراق أو الشراء من قِبل جهات أمنية.
ويمكن استهداف مجموعات بشرية معينة بفيروسات مصممة بدقة. ويمكن معرفة نقاط ضعف الشعوب صحيًا، وتطوير أدوات قتل صامتة، وهذا النوع من الأسلحة يُحدث ثورة في موازين القوى، لأنه يتيح لدولة صغيرة أو تنظيم مسلح امتلاك قدرة تدميرية تضاهي النووي، ولكن دون الدمار الشامل للبنية التحتية أو الحاجة إلى جيوش ضخمة.
التهديد لا يأتي فقط من الدول العظمى التي تستثمر في البحث البيولوجي، بل من تعدد اللاعبين غير التقليديين، شركات التكنولوجيا الحيوية العابرة للحدود، التي تُجري تجارب على الجينات، أصبحت تملك بنوك بيانات ضخمة يمكن استخدامها لأغراض هجومية، كما أن السوق السوداء للفيروسات والمُعدلات الجينية باتت متاحة عبر الشبكة المظلمة.
والتقارير الاستخباراتية تؤكد أن بعض الدول استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث الجينوم البشري بهدف جمع قاعدة بيانات جينية عالمية، يمكن من خلالها تطوير فيروسات مخصصة وهي ليست مجرد خيال علمي، بل مشروع يُطبخ في الخفاء على نار باردة.
والتنظيمات المتطرفة قد تستخدم فيروسًا مُهندَسًا كأداة إرهاب واسعة النطاق، بل إن بعض الفرضيات الاستخباراتية تتوقع هجمات بيولوجية بوساطة طائرات درون صغيرة تنشر رذاذًا معديًا في أماكن التجمعات.
وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 هشاشة البنية الصحية العالمية، حتى في الدول المتقدمة، وكشفت مدى تداخل الأمن الصحي مع الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والجائحة كانت، في نظر كثير من المحللين الاستراتيجيين، محاكاة عملية لحرب بيولوجية محدودة.
فحرب بيولوجية واحدة قد تُسقط دولة قوية دون طلقة واحدة هذا يجعل بعض الدول تفكر بالبيولوجيا كأداة للانتقال من وضعية القُطر الصغير إلى لاعب إقليمي أو عالمي فإذا استطاعت دولة ما توجيه ضربة بيولوجية تُحدث انهيارًا اقتصاديًا في دولة عظمى، دون أن تُكتشف، فقد تحقق نفوذًا غير مسبوق دون الحاجة لمواجهة مباشرة.
ولو ظهر الآن فيروسًا أكثر فتكًا، مُصممًا في مختبرات عسكرية، لا يُظهر أعراضه إلا بعد أسبوعين من العدوى، يُصيب فئة عمرية منتجة، ويُطلق بهدوء في أحد المطارات الدولية لن يكون حجم الخسائر يُقاس بالموتى فقط، بل بالانهيار الكلي لسلاسل الإمداد، والثقة المجتمعية، وحتى استقرار الأنظمة السياسية.
وفي السنوات الأخيرة، ومع تنامي الصراعات الجيوسياسية وحمى سباق التسلح الصامت، تصاعد الحديث في أوساط المخابرات والمراكز البحثية عن تجارب بيولوجية سرية تجريها بعض الدول الكبرى، هدفها ليس العلاج، بل تطوير فيروسات معدلة وراثيًا لتُستخدم كأسلحة دمار شامل.
ويؤكد تقرير صادر عن "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي" أن هناك دلائل متزايدة على أن بعض الدول تسعى لخلق "فيروسات ذكية"، يصعب اكتشافها، وتتميز بسرعة الانتشار، وارتفاع معدل الوفاة، وإمكانية برمجتها لاستهداف جينات معينة.
وفي أوائل عام 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب القصوى بعد ظهور سلالة متحورة من فيروس "ماربورغ" في وسط إفريقيا، أُطلق عليها اسم “ماربورغ 2.0”، السلالة الجديدة لم تكن طبيعية في نمط تطورها، وهو ما أثار شكوكًا حول تدخل بشري في تعديل بنيتها الجينية.
وتمتاز هذه النسخة بسرعة الانتشار عبر الهواء وهو تطور خطير مقارنة بالسلالة الأصلية التي كانت تنتقل عبر سوائل الجسم فقط، ومع معدل وفاة يصل إلى 85% في الحالات المصابة، وغياب لقاح فعال حتى اللحظة، بدا العالم وكأنه على شفا كارثة بيولوجية.
لكن ما أثار الجدل أكثر، هو تسريب وثائق من مركز أبحاث في أوروبا الشرقية، تشير إلى تجربة سرية كانت تهدف لاختبار قدرة الفيروس على الانتشار في بيئات مغلقة كالمطارات والسجون، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس "مختبرات الموت".
وفي جنوب آسيا، رُصدت حالات لفيروس "نيباه" المتحور، والذي تم تطويره في ظروف غامضة ليصبح أكثر مقاومة للأدوية وأسرع في الانتقال من إنسان لآخر والنسخة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "نيباه X"، تتسبب في تورم دماغي حاد يودي بحياة الضحية خلال أقل من 48 ساعة من ظهور الأعراض.
اللافت أن التحاليل الجينية أظهرت تلاعبًا واضحًا في الشيفرة الوراثية للفيروس، مما دفع جهات استخباراتية غربية إلى اتهام أطراف غير معلومة بتطوير الفيروس داخل مختبرات عسكرية، ربما بغرض اختباره كسلاح كتمهيد لحرب بيولوجية محتملة.
ما يجعل هذه الأسلحة البيولوجية الفيروسية أكثر خطورة من غيرها، هو أن اكتشافها يتم بعد فوات الأوان، فغالبًا ما يُعتقد أن انتشار الفيروس هو وباء طبيعي، حتى تتضح الحقيقة، ولا يمكن مواجهة هذه الفيروسات بأسلحة تقليدية، ولا حتى بالجيوش، مما يجعل الدول أمام خيارين الانهيار أو العزلة، ولعل ما حدث في أعقاب جائحة "كوفيد-19" يُعد تحذيرًا مبكرًا لما هو قادم لكن الفرق أن الفيروسات التي ظهرت مؤخرًا أكثر خبثًا، وأسرع فتكًا، وربما للأسف أكثر ذكاءً.
وفرض التوازن النووي حالة من الردع بين القوى العظمى، والعالم الآن بحاجة إلى مفهوم جديد للردع البيولوجي لكن التعقيد في الأسلحة البيولوجية يكمن في إمكانية إنكار استخدامها، وصعوبة تتبع مصدرها، مما يجعل المحاسبة الدولية شبه مستحيلة.
من هنا تنبع الحاجة إلى معاهدة دولية مُلزمة تُعزز الشفافية في الأبحاث البيولوجية، وتُنشئ هيئة تحقيق عالمية لديها صلاحية التفتيش الفوري على المختبرات، تمامًا كما هو الحال مع وكالة الطاقة الذرية.
وسيحتاج الأمن القومي في العقود القادمة إلى إعادة تعريف جذري. الجيوش التقليدية، مهما كانت قوتها، لن تستطيع حماية دولة من فيروس موجه، والمطلوب هو بنية تحتية للذكاء الحيوي، تُراقب التغيرات البيولوجية غير المعتادة، وتحلل التسلسل الجيني للفيروسات الجديدة فور ظهورها.
الدول الذكية لن تستثمر فقط في الطائرات والسفن، بل في قدرات رصد بيولوجي مبكر، وفي العلماء باعتبارهم جنود الخط الأمامي في الحروب القادمة والتي قد لا تصدر عنها أصوات انفجارات، ولا ترفع فيها رايات، لكنها ستكون الأكثر تأثيرًا في تاريخ البشرية، حرب تُخاض داخل خلايا الجسد، وميادينها مجهرية، ولكن عواقبها عالمية.