محمد مصطفى أبوشامة يكتب.. إهدار «الغضب الساطع»
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
نمتلك فى بلادنا قدرات متميزة نُحسد عليها فى إبداع «إهدار الفرص»، لهذا اخترنا، مثلاً، أن ندعم الأشقاء الفلسطينيين بـ«مقاطعة البضائع» التى تنتمى لعلامات تجارية أجنبية، مغفلين أن معظم هذه السلع أصبحت بطبيعة الحال منتجات مصرية، برأسمال مصرى وعمالة مصرية، فأصبحنا كمن قرَّر أن يصفع نفسه انتقاماً من إهانة تلقاها من شخص آخر.
وظهرت فى المقابل «قوائم بيضاء»، تطرح البدائل من السلع والمنتجات، وأقحمت شعارات رنانة مثل: «شجّع صناعة بلدك»، و«اشترى المصرى»، فيما تضخمت القوائم (السوداء)، واتسعت لتشمل أغلب المنتجات والشركات التى تحمل جنسية دول تبنَّت السردية الإسرائيلية ودعمت خطوات حكومة الحرب فى تل أبيب بقيادة بنيامين نتنياهو، وبالطبع تصدَّرت القوائم كل من أمريكا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وكبرى «برانداتهم» العالمية، التى تحتكر المنتجات والسلع الأكثر استخداماً واستهلاكاً حول العالم.
وبلغ التجلى فى الإبداع حداً مبهراً، فقد طالعت مؤخراً فى العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية خبر تدشين تطبيق «قضيتى»، الذى وصفته الزميلة ندى قطب على موقع جريدة «الوطن» قائلة: «قضيتى، تطبيق مصرى أصبح قِبلة للمقاطعين على مدار الأيام المنقضية، باعتباره دليلاً شاملاً للمنتجات الذى يجب الامتناع عن تناولها باعتبارها تخرج من بلاد تدعم كيان الاحتلال الإسرائيلى، إلى جانب تصحيح بعض المعلومات غير الدقيقة عن منتجات المقاطعة». إن ضعف الخسائر المتوقعة من حملات المقاطعة بفرض قدرتها على الاستمرار لفترات طويلة، وإصابتها الهدف الصحيح باختيارها لمنتج أجنبى تنطبق عليه كل الشروط، ومقارنة هذه الأرقام بحجم خسائر إسرائيل الاقتصادية الفادحة يومياً بسبب الحرب على غزة، يجعل الأمر مثيراً للسخرية، ويبدو ساذجاً.
الغضب طاقة هائلة، غالباً ما تكون مدمرة، لكن التعامل الذكى معها يجعلها «طاقة إيجابية»، وبرغم أن مصدر الغضب سلبى ويصاحبه الحزن والألم، فإن استثمار الغضب فى سياقه الإيجابى المحفز يخفف من وطأة هذه المشاعر ويبددها، وهو ما بشرنا الرحبانية بأنه «من كل طريق آتٍ»، إنه «الغضب الساطع»، الذى سيهزم «وجه القوة»، والذى يشبه «وجه الله الغامر»، سمعنا ذلك وتعلمناه من صوت السيدة فيروز فى رائعتها الخالدة «زهرة المدائن».
حديث الغضب مفهوم دوافعه، ومعروف أسبابه، فكل الشعوب العربية غاضبة موجوعة لما يجرى للأشقاء فى غزة، وما يضاعف حزننا هو إهدار هذا «الغضب الساطع» وتفريغه من قيمته واستهلاكه فيما لا طائل منه، لتصبح نصرة فلسطين، تحت لافتة «قضيتى» هى «مقاطعة بضائع وسلع»، ليكتمل المخطط المستمر لمسخ القضية، وتفريغ شحنات الغضب العربى فى فراغ.. وهراء.
لتختزل «قضية فلسطين» القضية السياسية والعسكرية العربية الأولى، وقصة الشعب البطل الذى غُدر به وسُرق وطنه وانتهكت أرضه وعرضه، وتتحول قضيته إلى قضية إغاثة إنسانية ووصول مساعدات غذائية وطبية، ويتقلص السلام العادل وحل الدولتين، إلى هدنة مؤقتة وممرات آمنة، ويتبدل حق عودة ملايين اللاجئين المطرودين من أراضيهم المحتلة إلى وساطة أممية حول آلاف الأسرى فى السجون الإسرائيلية.
إن استثمار الغضب فى سياقه الصحيح يستدعى منا أن نوجه كل طاقتنا لبناء أجيال مدركة لخطر إسرائيل وأن معركتنا معها مؤجلة لكنها حتمية وأكيدة، أجيال تؤمن بالسلام خيار الأقوياء وعقيدة المنتصرين، أجيال تعتنق المقاومة كركيزة أساسية لتحقيق النصر، وتعلم أن الذكاء الحقيقى فى هذا الصراع الأبدى بين الغرب وإسرائيل، هو ما قاله الفيلسوف العسكرى الصينى فى كتابه «فن الحرب» قبل أكثر من 2300 عام: «إن إحراز مائة انتصار فى مائة معركة ليس هو الأفضل بل إن إخضاع العدو من دون قتال هو أفضل ما يكون».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دعم الأشقاء الفلسطينيين مقاطعة البضائع فلسطين
إقرأ أيضاً:
الصين تعتزم مضاعفة قدرتها لتوليد طاقة الرياح بحلول 2030
تضغط كبرى شركات تصنيع توربينات الرياح في الصين على الحكومة لتركيب ما لا يقل عن 120 غيغاواط من طاقة الرياح في كل سنة من السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يُسرّع عملية التحول في قطاع الطاقة في البلاد، ما من شأنه أن يزيد الإنتاج بأكثر من الضعف بحلول نهاية العقد.
وحسب بلومبيرغ، كانت شركة غولدويند للعلوم والتكنولوجيا ومجموعة مينغ يانغ للطاقة الذكية من بين عشرات الشركات التي طرحت الهدف الجديد يوم الاثنين في المؤتمر السنوي لطاقة الرياح في الصين ببكين، ويدعم اقتراحهما مساعي أكبر مُلوث في العالم للحد من اعتماده على الوقود الأحفوري.
حددت الصين هدفًا رئيسيًا يتمثل في خفض صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 7% إلى 10% بحلول عام 2035، وبحلول ذلك الوقت، تهدف البلاد إلى تركيب 3600 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية مجتمعة، وفقًا لما ذكره الرئيس شي جين بينغ في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
وتجاوزت الصين الأهداف السابقة في مجال الطاقة المتجددة، ووضعت معدلات قياسية لتركيب طاقة الرياح والطاقة الشمسية البلاد قبل الموعد المحدد ـ 6 سنوات لتحقيق هدفها لعام 2030.
وبموجب المقترح الجديد للقطاع، ستصل القدرة الوطنية لطاقة الرياح إلى 1300 غيغاواط بحلول عام 2030، وما لا يقل عن ألفي غيغاواط بحلول عام 2035، مقارنةً بـ520 غيغاواط نهاية العام الماضي.
وحققت الصين رقمًا قياسيًا العام الماضي بإضافة ما يقرب من 80 غيغاواط من قدرة طاقة الرياح، ومن المتوقع أن تتجاوز ذلك عام 2025 بمشاريع جديدة تبلغ 94 غيغاواط، حسب بلومبيرغ.