تقرير/محمد النجار:

تُعتَبر الزراعة واحدة من الركائز الأساسية لنُهوض الدول وتقدّمها، ينطبق الحال أيضاً على بلادنا، فمنذُ الوهلةِ الأُولى لاستقلالنا من الهيمنةِ البريطانية، اتّجهت الأنظار لإقامة السُدود والحواجز المائية في اودية المحافظات الزراعية، ولأن محافظة لحج تَكتَنز مساحات زراعية واسعة واودية تتدفق فيها المياه، جاء الاختيار عليها لإقامة مُنشأة مائية تُساهم في ري تلك الأراضي الزراعية بمياه سيول الأمطار، أطُلق عليها اسم سد سبأ نسبة لوادي سبأ والذي ثم تشييد السد فيه.


 

أول سد في لحج

يقع سد سبأ في محافظة لحج وتحديداً بمنطقة ردفان مديرية الملاح ويبعد حوالي ٣ كيلومترات عن مديرية الحبيلين عاصمة ردفان، ويُعتَبر أول سد ثم إنشاؤه في المحافظة، أما الغرض من إنشائه فهو تنظيم عملية ري أراضي المزارعين بسيول الأمطار الموسمية القادمة من جبال ردفان، والاستفادة منها في ري أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة فدان في ردفان ابتداءً من شعب الديوان وانتهاءً بعبر الخربة والمناطق السهلية القريبة منها.

خمسون عاما من العطاء المتدفق

جاء إنشاء سد سبأ ضمن المشاريع التي موّلها الإتحاد السوفيتي في بلادنا، حيث تم إنشاؤه عام 1973 للميلاد، أي قبل خمسين عاما من الآن، يحتوي السد في جَنَبَاته قناتين رئيسيّتين لتصريف مياه الأمطار إلى الأراضي الزراعية الواقعة عبر الوادي، قناة في الجهة اليمنى للسد، وقناة في الجهة اليسرى للسد وهي الأطول لأنها تمتد من جسم السد إلى أكثر من ١٠ كيلو أمتار، وتقوم بتوزيع مياه السيول عبر بوابات صغيرة منتشرة على طول القناة.

لم يَشفع تاريخ العطاء الطويل لسَد سبأ من إعادة تأهيله وصيانته، فلم تُجرَ له أي أعمال صيانة منذُ سنوات طويلة، وشارف السد على الانهِيار، وعَلَت الأصوات المطالبة بترميمه لتفادي أي كارثة مُحتَملة، قد تتسبب بانجراف الأراضي الزراعية بل قد تُحدث كارثة حقيقية بحياة المواطنين.

جهود تُبذل للحفاظ على السُدود

كانت ملفات إعادة ترميم السُدود والحواجز المائية مطروحة على طاولة وزير الزراعة والري والثروة السمكية اللواء سالم عبدالله السقطري، والذي أَولاها اهتمامه مُنذُ توليه الوزارة، فقد كلّف لجنة هندسية من قطاع الري بالوزارة للنزول إلى السُدود والحواجز المتضررة في عموم المحافظات المحررة، لرفع تقرير عن الإصلاحات المطلوبة لها، لكي يتم البحث عن تمويلات لإصلاح الأضرار التي لحقت بها نتيجة السيول المتلاحقة التي ضَربتها مؤخراً، لحقها زيارات قام بها الوزير السقطري نفسه، كان سَدّ سبأ أحد تلك السُدود التي تفقدها حيث تُعتَبر زيارته لسَدّ سبأ أول زيارة يقوم بها وزير زراعة منذُ أربعين عاما.

بعد مباحثات أجراها الوزير سالم السقطري مع رئاسة الوزراء استطاع الوزير السقطري أن يعتمد تمويلات مالية طارئة من الحكومة لترميم بعض السُدود في محافظات لحج وأبين وحضرموت، كان لسَدّ سبأ النصيب الأكبر من تلك التدخلات، حيث عكف مكتب الزراعة في محافظة لحج بقيادة المهندس عبدالملك ناجي على الاستفادة المثلى من هذه التمويلات عبر المتابعة المستمرة من قبلهم ومن مكتب الزراعة بردفان والملاح على أعمال ترميم وإصلاح السد، حيث بلغت تكلفة أعمال تأهيل السَدّ سبعمائة وأحد عشر مليون ريال يمني.

ارتياح واسع من أهالي المنطقة

أعمال تأهيل السَدّ وإعادته الى سَابق عهده انعكست على المزارعين في ردفان والمناطق القريبة منها، لِما يُشكّله السَدّ لهم من أهمية بالغة، حيث يُعتبر سد سبأ مَفخرة واعتزاز لمحافظة لحج عامة وردفان خاصة كونه يمتلك رصيداً زراعياً يفوح منه عبق التاريخ الزراعي للحج الخضيرة.


 

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

مصر تعلن أنها لن تقف «مكتوفة الأيدي» أمام تهديدات سد النهضة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الأحد أن مصر ترفض الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا على الحوض الشرقي لنهر النيل، مشددًا على أن سد النهضة غير قانوني وغير شرعي، وأن المسار التفاوضي بشأنه وصل إلى طريق مسدود بعد 15 عامًا من النقاشات.

وصرح عبد العاطي أن مصر تدرك أن محاولات إثيوبيا الأحادية تمثل مخالفة صريحة للقانون الدولي، واعتبر أن الأمن المائي المصري يشكل تهديدًا وجوديًا ويجب الدفاع عنه وفق القوانين الدولية، ولفت إلى أن البلاد تعتمد على نهر النيل كمصدر وحيد للمياه العذبة، مع توجهات متنامية لإنشاء محطات تحلية لمواجهة الفجوة بين الاحتياجات المائية والموارد المتاحة.

وأشار الوزير إلى أن مصر تسعى دائمًا للوصول إلى اتفاق عادل لتشغيل السد يلبي مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، واعتبر النيل نهراً دولياً مشتركا لا يمكن لأي طرف اتخاذ قرارات أحادية بشأنه، في حين تصر إثيوبيا على سيادتها الكاملة على السد باعتباره جزءًا من أراضيها.

وجاءت التصريحات في سياق تصاعد التوتر بعد بيان إثيوبي الأسبوع الماضي، وصف فيه القاهرة بأنها تتعامل بعقلية الحقبة الاستعمارية، ورفضت إثيوبيا الاستمرار في المفاوضات، ما أثار ردود فعل قوية في مصر واعتبره خبراء قانونيون لهجة غير مقبولة وتحمل مغالطات.

وتصاعد الخلاف بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة يعكس الصراع على المياه في منطقة حيوية تعتمد فيها مصر على نهر النيل كمصدر رئيسي للحياة والزراعة والصناعة، بينما ترى إثيوبيا في السد مشروعًا استراتيجيًا لتوليد الطاقة وتحسين التنمية الداخلية. وتعتبر القاهرة أي إجراءات أحادية حول النهر تهديدًا مباشرًا للأمن القومي والمائي.

وبدأت أزمة سد النهضة منذ عام 2011، مع إعلان إثيوبيا البدء في بناء السد على النيل الأزرق، وأجرت مصر والسودان عدة جولات تفاوضية على مدى 15 عامًا ضمن مسار ثلاثي دولي، دون التوصل إلى اتفاق نهائي يرضي جميع الأطراف، ما أدى إلى تصاعد التوتر القانوني والسياسي بين الدول الثلاث.

مقالات مشابهة

  • خطة طوارئ متكاملة.. مياه كفرالشيخ تكثف جهودها للتعامل مع الأمطار| صور
  • يضم أحدث الأجهزة الطبية .. المركز الطبي المصري في جامبيا شريان للتعاون المشترك
  • جرحى المرتزقة بتعز يغلقون مكاتب حيوية احتجاجاً على الإهمال والتجاهل
  • هل يعاني ليفربول من أزمة قيادة؟
  • ليبيا تحتل المرتبة الثالثة عربيًا في ترتيب الدول التي يعاني مواطنيها من الاكتئاب
  • معبد أوام (محرم بلقيس) .. جريمة الإهمال والنهب المنظم في قلب حضارة سبأ
  • بعد خسارة شريان النفط.. هل بات الجيش السوداني مجبرا على التفاوض؟
  • بسام راضي: إثيوبيا تتحدث كذبًا عن جريان مياه النيل حتى الآن لمصر والسودان
  • مصر تعلن أنها لن تقف «مكتوفة الأيدي» أمام تهديدات سد النهضة
  • بين الإهمال والمسؤولية الجنائية| هل تطبق مواد القتل الخطأ على مأساة السباح يوسف وفق القانون المصري؟