البوتقة الحضارية لصراع الأمة مع الكيان الصهيوني.. قاموس المقاومة (2)
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
الرؤية الحضارية ليست شعارا يطلق أو موقفا عنتريا يضرب، أو حركة حماسية أو انفعالية تشرع، أو قائمة كلام يلقى، أو بلاغة وفصاحة تلفظ، أو تعبئة الصراع برؤية دينية، بل هي رؤية استراتيجية حضارية تعبر عن وعي المكان، وعبرة الزمان، وسعي التدبير وأصالة الالتزام. حضارية الصراع وعي وسعي؛ وعي بالخصم والعدو والتعرف عليه بدقة، لأن ذلك من ضرورات تعيين المواجهة والتحسب للمقاومة والاستجابة للتحدي.
تحديات هذه الأمة مهما كانت جزئية أو متعينة، ممتدة أو متجذرة، هي في مكنونها حضارية الطابع والتكوين، حضارية النظرة والمنظور، وحضارية الاستجابة والتحدي، وحضارية المواجهة شمولا وتكتيلا وتعبئة وتفعيلا. الوعي الحضاري في مكوناته لا يكون إلا بمعرفة الخصوم، ومن الوعي أن تنزل كل خصم منزلته، وأن تعرف أصول منازلته، فمعرفة المنزلة أول خطوة في أصول المنازلة، وأول درجات الوعي والسعي في مواجهة النوازل التي تخص الصراع العربي الإسرائيلي.
الوعي الحضاري في مكوناته لا يكون إلا بمعرفة الخصوم، ومن الوعي أن تنزل كل خصم منزلته، وأن تعرف أصول منازلته، فمعرفة المنزلة أول خطوة في أصول المنازلة، وأول درجات الوعي والسعي في مواجهة النوازل التي تخص الصراع العربي الإسرائيلي
هكذا وجب علينا أن ننظر في مكنون هذه الرؤى فتكون المعادلة ذات أبعاد حضارية متنوعة متكافلة متكاملة:
المكان X الزمان X التدبير X الالتزام= رؤية حضارية استراتيجية عميقة وشاملة
تلك الرؤية هي التي تُشتق منها عناصر مهمة في تصور الصراع؛ تشكل كل واحدة منها مجالا للاهتمام لواحد من هؤلاء المفكرين الأفذاذ. ومن المهم هنا أن نشير إلى أن جمال حمدان لم يكن بعيدا بأي حال من الأحوال عن دراسة الصراع العربي الصهيوني، بل إنه في أخريات حياته ووفقا للمقربين منه وخاصة أخيه؛ فقد تحدث بأنه -حمدان- كان يكتب كتابا عن صراع الأمة مع الكيان الصهيوني، إلا أن هذا الكتاب قد اختفى من بعد موته المفاجئ، والبعض يقول من بعد تدبير مقتله.
وأيا كانت الأمور فإن حمدان المكان، حمدان الموقع لا الموضع، حمدان الاستراتيجية والجغرافيا؛ كان أيضا في قلب تحليل اليهود، فكتب كتابه المهم "اليهود أنثروبولوجيا"، والذي حرص أستاذنا المرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيري على أن يطبعه مرة أخرى بمقدمة إضافية، محتفيا به وبتلك الأفكار التي يحملها.
والحكيم البشري كان في قلب الصراع مع الكيان الصهيوني، فكتب هذا الكتاب الفذ الذي يعتبر علامة من العلامات التي يهتم فيها بأمته: "العرب في مواجهة العدوان"، هذا الكتاب العمدة الذي أطلق فيه صيحته بأن النجاة من الطوفان هي الإبحار في العمق، وأن مواجهة الأزمات هو بالتصدي لها، وأن القيام بواجب التحدي لكل عدوان على الأمة هو الطريق الوحيد في الممانعة والمقاومة. وهو لم يتوقف على ذلك ولكنه تحدث عن قلب القضية وميزانها؛ تحدث عن القدس، فقد جعل من القدس وعاء لفلسطين كلها، ولعل هذا النظر هو الذي تقوم عليه كتائب المقاومة في "طوفان الأقصى" حينما تجعل من القدس وفلسطين القضية المركزية للأمة؛ عربية كانت أم إسلامية.
أما الدكتور المسيري فقد شكل قيمة وقمة الالتزام حينما اهتم بموسوعته عن "اليهود واليهودية والصهيونية" ليثبت الجذور ويؤكد على مصيرية هذا الصراع من الناحية الحضارية والفكرية والمعرفية؛ هذه الموسوعة التي نظمت موادها، والتي ربطت بين النموذج الغربي والكيان الصهيوني باعتباره حالة وظيفية لتلك الحضارة، إنما كان بذلك يقرأ من خلال هذا الوعي المعرفي العميق طبيعة الصراع ومساره ومستقبله.
وستكون لنا محطة نعرّف فيها بجهده الفياض في هذا المقام، بما في ذلك ما كتبه عن الانتفاضة الفلسطينية بتأكيده أنها أهم منعطف في مسيرة وذاكرة الصراع. وانطلاقا من تلك الانتفاضة كان يرى أن الحديث عن نهاية إسرائيل ليس أمرا مبالغا فيه ولكنها الحقيقة الكبرى التي تلوح في الأفق. ومن جميل ما أدركه استاذنا الجليل أن جعل هذا الكتاب ملكية عامة للأمة حينما كتب في صدر طبعته "حقوق الطبع محفوظة للأمة".
أما أستاذنا المرحوم الدكتور حامد ربيع، أستاذ العلوم السياسية والعقل الاستراتيجي النادر، فكنت وأنا تلميذ له أتعجب لماذا يكتب عن الصراع العربي الصهيوني بهذا الكم، ولماذا يهتم بإسرائيل والدراسات الصهيونية بهذه الكيفية، إلى أن تبين لي الأمر بعد موته أو استشهاده، فالأمر هنا يتعلق بأستاذ قدير وضع يده على حقيقة هذا الصراع ومصيريته وحضاريته؛ في سياق أنه من المهم أن تعي وتتعرف على عدوك الذي يمتلك استراتيجية في محاولة استهداف الأمة واستهداف هويتها، فأطلق كتابه المهم ككتاب توعوي وتثقيفي "الثقافة العربية.. بين الغزو الصهيوني وإرادة التكامل القومي"، والذي أفاد فيه وأفاض لماذا يهتم بتلك الدراسات في إطار "اعرف عدوك حتى يمكنك مواجهته"، وجعل من دراساته المتعددة عن المجتمع الإسرائيلي والصهيونية والدعاية الإسرائيلية مجالا لاهتمامه وامتد اهتمامه من بعد ليتحدث عن إدارة الصراع العربي الصهيوني.
منزل الصراع - مكان - جمال حمدان
نوازل الصراع - زمان - طارق البشري
منازلة الصراع - تدبير - حامد ربيع
منزلة الصراع - التزام - عبد الوهاب المسيري
لم نختر هؤلاء الأربعة عبثا، ويمكن أن يضاف إليهم الكثير ممن اهتم بتلك الدراسات لنؤكد على تكامل الرؤية وزوايا النظر مع ذلك التعدد لمجهر الاهتمام لكل واحد من هؤلاء المفكرين العظام؛ حينما شيدوا رؤية متكاملة أردنا أن نرصدها ونبصر بها في إطار من المشترك في النظرة الحضارية للصراع، وذلك بتفحص الأشباه المتقاطعة والنظائر المشتركة. وكيف نؤلف بين التميّز في كل نظرة مع وحدة الفكرة والرؤية، إلا في إطار يسمح بتكافل الرؤى والتخصصات والمرجعيات؟ هذه هي طبيعة الرؤى الحضارية، وعي بالنظر الحضاري الشامل العميق في زمنه ومكانه واتساقه، في ساحته الحضارية، وعناصر تحديات وأصول استجاباته، حتى يتحقق أصول الوعي الحضاري والسعي المرتبط به، وتكامل اللبنات الذي يحركه ملاط (أسمنت) المشترك في عمارة الوعي والسعي بذلك الصراع الحضاري، هكذا تمكن رؤية المشترك.
وفي هذا السياق، يمكن الجمع بين المختلف في ائتلاف يحرك تكافل الرؤى والتخصصات ضمن نظرة واعية بوضع اللبنات في فهم الصراع والوعي بمقتضياته؛ من سياسات وعلاقات واستراتيجيات حضارية كما سبقت الإشارة بين حمدان والبشري وربيع والمسيري؛ هذه النماذج الفكرية التي تخيّرناها تشكل البوتقة التي انصهرت فيها الرؤى لتؤسس عناصر رؤية حضارية وجودية ومصيرية كاملة ومتكاملة، متنوعة ومتكافلة، كلية حضارية شاملة.
من أي نقطة بدأت من حمدان أو البشري أو ربيع أو المسيري، ومن أي مسار شرعت من المكان أو الزمان أو التدبير أو الالتزام، فأنت تسير إلى تلك الرؤية الحضارية لصراع ممتد يستدعي كل هذه العناصر في بوتقة حضارية تؤسس الرؤى وتحقق وعي السعي من خلالها وسعي الوعي بالتعامل معها.
فالمكان لا يعد إلا في زمانه الممتد الذي يشكل ذاكرته وامتداده مكانته وقيمته التاريخ، فينادي بدوره على الجغرافيا والزمان والمكان، والمكان يفرض على أهله التزاما بمقتضياته ومعطياته ويفرض قدرة ومكنة على التدبير، في كل ما يتعلق به من حفظ الكيان وحفظ المكان وحماية الإمكانيات والمكنة والمكانة، وتأسيس التمكين والتأثير والفاعلية في المكان والزمان والإنسان. والزمان ليس فراغا من الوقت، بل هو قيمة في ذاته وفينا يمتلئ به من فعل حضاري حاضر وفعال، وهو يدعو المكان بما يشكله من ساحة حضارية للفعل الإنساني تدبيرا والتزاما.
ومعطيات الزمان وتدبير الالتزام والتزام التدبير؛ حركة فاعلة نحو قضايا الأمة تدبيرا وإلزاما، ها هو التدبير: تدبير المكان وتدبير الزمان وتدبير الالتزام في جامع حضاري يعي للأمة مكانتها وقضاياها الناشئة عن حاجاتها واحتياجاتها عن تحدياتها وابتلاءاتها الحضارية عن خياراتها واستجاباتها الحضارية.
التدبير حركة ماض (لو استقبلت من أمري ما استدبرت) وحركة حاضرة؛ حضور في الزمان والمكان وشهود يحمل الرسالة في المكان والزمان، وحركة استقبال تعني الاعتبار الماضي بالحضور الفعال بالمستقبل المنشود (ولتنظر نفس ما قدمت لغد)، تدبير يتحرك صوب كل ما يحفز الكيان وينفعه.
أما إذا شرعنا في مسار الالتزام فهو التزام جامع بما يلزمه المكان وبما يلزمه الزمان حفاظا على الكيان وبما يتغيا التدبير بالنسبة للمكان والزمان التزاما بأصول التسيير وقواعد التدبير ومكان التأثير التزاما بقضايا الأمة، وهو يؤكد امتدادها في المكان والزمان وتدبير أهلهما والمسئولين عنهما في كل حركة تسيير وكل خطوة تدبير.
المكان= اعتبار الزمان+ التدبير+ الالتزام
الزمان= امتداد المكان+ التدبير + الالتزام
التدبير= الزمان+ المكان+ الالتزام
الالتزام= الزمان+ المكان+ التدبير
مسارات المعادلات تؤدي إلى بعضها البعض، والخلل في واحدة منها يؤدي إلى اختلال الرؤية، بل هذا الاختلال يستطرق في كل العناصر الأخرى. المعادلة تتحرك صوب فعلين مهمين: الإدارة والإرادة، "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة" (التوبة: 46).
twitter.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصراع الإسرائيلي المقاومة إسرائيل المقاومة العالم العربي صراع مفاهيم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی الصراع العربی هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العنصرية والاستعمارية
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، خلال كلمته بمنتدى «اسمع وتكلم»، الذي يعقده مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في نسخته الرابعة، إن أهمية هذا الملتقى تتأكد في ظل عالم مشحون باشتباكات فكرية، واستقطاب حاد، ومحاولات مستميتة لتدمير دول وشعوب باستخدام أساليب متنوعة، تستهدف المادة الصلبة للوطن، وهم الشباب، وتسعى إلى قطع الشباب عن عقيدتهم، وتاريخهم، وهويتهم.
وأضاف الضويني أنه إذا كان لكل أمة ثروة تعتز بها، ورصيد تدخره لمستقبلها، وقوة تبني عليها مجدها ونهضتها، فإن في مقدمة هذه الثروة الشباب الذي يعد الدعامة الأساسية في المجتمع، والثروة الحية الحقيقية فيه، والأمل المرتجى على الدوام
وأكد وكيل الأزهر أن “من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم أن تعنى بالشباب، وأن تهيئ لهم ما يجعلهم رجالا أكفاء أقوياء تقوم الأوطان على سواعدهم، وبعيدا عن محاولات تأطير هذا الملتقى، والمصادرة على نتائجه، التي نرجو أن يعم خيرها شبابنا وبلادنا، فإني أتوقف عند أهداف الملتقى المعلنة، تلك الأهداف التي تتأكد الحاجة إلى بيانها، وتأصيلها في نفوس الناس، خاصة الشباب”.
ووجه عددا من الرسائل المهمة للشباب منها الاهتمام بـ«المبادرات التطوعية»، التي تنطلق من توجيهات ربانية، قال الله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، والتطوع بالخير لا يتوقف عند صلاة النافلة ولا الصدقة الزائدة عن زكاة الفريضة، بل يشمل كل ألوان الخير مما فيه نفع بني الإنسان.
ولفت إلى أن “التطوع له مكانة في القرآن والسنة، وكأنها إشارة واضحة إلى أن التطوع عمل ديني بامتياز، فيه من الأجور العظيمة ما الله به عليم، فإذا أضفنا إلى ذلك الفوائد الأخرى التي ترجع على المتطوعين أنفسهم وعلى المجتمع من حولهم عرفنا أهمية التطوع والعمل الاجتماعي، موضيا الشباب أن يكتشفوا الخير الكامن في نفوسهم، وأن يوجدوا مسارات للحب والمشاعر لا تنتظر الأحداث ولا الطوارئ، ولكن مبادرة إلى الخير بلا مقابل، ودعم للحمة المجتمع، من خلال تعزيز الثقة بالنفس، وتكوين صداقات جديدة، وتحسين التواصل مع الجميع، واكتساب مشاعر الدفء والعطف والرحمة”.
وأوضح الضويني أن الأمة لا تستغني عن الشباب، خاصة إذا كان الشباب على درجة مشرفة من الوعي والالتزام، والحكمة والاتزان، والعقل والفهم، وأن قضية فلسطين بكل أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية والإنسانية يجب أن تحتل من نفوس الشباب موقعا متميزا، بحيث يفهم الشباب أن العدو الصهيوني لا حق له في الأرض، ولا حق له فيما يدعيه، وأن ما يحاول هذا العدو الكاذب أن ينشره محض أكاذيب، وأن ما تعمل عليه الصهيونية من محاولة تقزيم الخلاف والصراع، وتحويله إلى خلاف بين الفلسطينيين وبين عصابة إسرائيل، وإبعادها عن إطارها الإسلامي ليكون الشباب بعيدا عن نصرة فلسطين والقدس، كل ذلك محض وهم.
وذكر أن ما يحرص عليه العدو الصهيوني من تغييب قضية فلسطين من ذاكرة الشباب المسلم، ومحاولة إضفاء صفات زائفة عليها، يؤكد ضرورة الوعي بالقضية وأبعادها، فقضية فلسطين في عمقها لها بعد ديني، ثم تتصل بأبعاد أخرى كالبعد الداخلي، والبعد القومي العربي والبعد الإنساني، ومن يتعامل مع فلسطين من جانب واحد دون بقية الجوانب لا يرى الحقيقة كاملة، ولذا كان من الواجب على الشباب أن يعرفوا طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية، وأن يعملوا بمبادرات تطوعية على فضح مخططات الصهاينة الإرهابية التي تسعى لتدمير الأمة العربية والإسلامية.
وأردف أن العالم المتحضر قد تخلى عن القضية، لولا شعوب واعية تدرك خطر الصهيونية على العالم، وتعبر عن ذلك بطرق سلمية هادئة في كثير من عواصم العالم، فإن ما يقوم به العدو الصهيوني من استمرار التنكيل والاستيطان وعمليات التهجير ومصادرة الأراضي، فإن هذا يوجب على الشباب أن يبادروا ويتطوعوا من أجل فلسطين، ومن خلال مبادرات مجتمعية تعمل على إعادة المكانة الحقيقية للقضية الفلسطينية في عقول الناس وقلوبهم وعواطفهم وحواسهم ووعيهم؛ لتكون دائما على رأس أولويات الأمة العربية والإسلامية، والإنسانية جمعاء، وتبني موقف واضح من تحرير كامل التراب الفلسطيني كواجب وطني وديني وقومي وتاريخي وإنساني.
وبين أن الإسلام عقيدة صافية تنير قلب المؤمن، وشريعة تنبض بما يصلح حال الإنسان في حياته ومعاده، ومنظومة أخلاقية سامية تعطر حياة المجتمع؛ فيفوح منها أريج السلام والطمأنينة، ولقد ظلت الأمة الإسلامية وشعوبها المؤمنة في كل بلد وعصر وجيل متمسكة بإسلامها محافظة على دينها ومقدساتها، معتزة بقيمها وأصالتها عاملة على اجتماع شملها وكلمتها واعية برسالتها مقدرة لمكانتها الحضارية بين الأمم، فلم تنطفئ أنوار الإيمان فيها، بل كانت الأمة الإسلامية تتمتع دائما بعقول مستنيرة تدرك النص وتستوعب الواقع فتربط برباط وثيق بين الأصالة والمعاصرة، فتزداد الأمة إيمانا ويقينا بربها وتمسكا بمبادئ دينها وأخلاقه.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بضرورة إدراك كل مسئول أمين على المسئولية الملقاة على عاتق مؤسسات الدين وعلمائها كبيرة في ضرورة قراءة واقع الناس وما فيه من تحديات في كل مجالات الحياة: سياسة واقتصادا واجتماعا وتربية وغير ذلك، وضرورة تقديم خطاب مواز يقابل الخطاب المنحرف، فيصون عقيدة الناس وإيمانهم بربهم، ويحفظ عليهم مقدرات مجتمعاتهم، ويبقيهم آمنين مطمئنين.