لا تيأس إن تأخر الفرج.. علي جمعة يكشف مناقب الصبر وأنواعه
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن الصبر ليس هو صبر على البلية فقط ، بل هو أيضاً صبر على الاستمرار فى العمل لله، فلا تيأس إن تأخرت النتيجة، ولا تيأس إن تأخرت الاستجابة، ولا تيأس إن تأخر النصر، ولا تيأس إن تأخر الفرج، اعبدوا الله على كل حال.
علي جمعة يكشف مناقب الصبر وأنواعهيقول سيدنا رسول الله ﷺ : « عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له» فالمؤمن يعبد رباً هو الحقيقة المطلقة وهو الوجود الحق وهو سبحانه وتعالى مالك السماوات والأرض والدنيا والآخرة ، فإنه ثابت فى موقفه، ثابت فى عبادته لربه، ثابت فى امتثاله لأمره، ثابت فى انتهاءه عن نهيه، صابر قد حبس نفسه -والصبر حقيقته الحبس لله-، لا يتغير ولا يتبدل.
يقول ربنا سبحانه وتعالى ﴿وَأَيُّوبَ﴾ وأنتم تعلمون أن أيوب قد ابتلى فى جسده فصبر، لم يتبرم ولم يعترض ولم يستأخر الدعاء ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ نادى ربه مرة بعد مرة وسنة بعد سنة، وقلبه لا يتحول عن الثقة بالله وقلبه لا يستعجل وكأنه يأمر ربه، بل هو يتوسل إليه ويستنجد به ويعرف أنه مهما كان أنه عبد لله، وأن الله يجرى عليه ما يشاء ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ فيصبر أيوب (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فاعلم فى دعائك كيف تخاطب ربك، يخاطب ربه ويستنجد به ويتخلق بأخلاقه، فيصبر فإنه الصبور ، ويطلب منه الرحمة فإنه الرحيم، وما علمنا ربنا الأسماء الحسنى إلا لندعوه بها﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ (ادْعُوهُ) أى سموه ونادوه و﴿ادْعُوهُ﴾ أى التجأوا إليه.
﴿فاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ وكأن الاستجابة جاءت عقب الدعاء، نعم (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً) فافهم عن ربك، فإن الله سبحانه وتعالى إذا وقفت على بابه سيفتح لك، ومن فتح الله له بابه فيا هناه ويا مناه، ولكن لا بد عليك أن تتأدب تأدب العبد مع ربه، وأن ترضى وتسلم بقدر الله فيك ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ﴾ هو يطلب رفع الضر عنه ولكن الله فتح عليه ﴿وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا﴾ من غير طلب ﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ حتى تتنبهوا أيها المسلمون.
﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ ظن أن لن يضيق الله عليه، لم يظن أن الله يعجز عن أن يأتى به ؛ إنما ظن أن الله سوف يفسح له الطريق على عادته معه من الإكرام ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ نقدر أى نضيق عليه، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ ﴾ وهو فى أحلك المواقف وعلى قرب الهلاك ولا أمل ولم يحدث من قبل أن نجا مثل ما كان فى حالته، شخص التقمه الحوت وهو الآن فى بطنه لكنه لم ينس ربه، لا مع قرب الهلاك ولا مع بعد الهلاك ،لا وهو يدعو الناس ، ولا وهو يفر فى السفينة، لا وهو فى الظلمات ولا هو فى ضوء الشمس والأنوار ﴿أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ نبى مقرب يصف نفسه بالظلم فى قبل ربه، فما بالك أيها العبد تتكبر على ربك وتعتقد أنك لم تعصه قط، ارجع إلى ربك وحاسب نفسك قبل أن تحاسب.
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ و َكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ليس وحده الذى سوف يستجيب الله له، بل هو برنامج عمل لكل مؤمن منا.
وشدد عضو كبار العلماء: اصبر فى دعائك فلا تقطعه أبداً ولا تستعجل الإجابة، اصبر على البلاء الذى حل بنا وبالمسلمين فى العالم كله ولا تتزحزح عن عقيدتك ودينك، فإن الله سبحانه وتعالى يحشر الأنبياء يوم القيامة، فيحشر منهم نبياً ليس معه أحد، وهو الذى على الحق والناس كانت على الباطل, اصبر فإنك على الحق لا تتزحزح، ولا يغرنك الذين كفروا تقلبهم فى البلاد، ولا يغرنك هذا الشتات التى عليه أمة الإسلام ، ولا يغرنك هذا الحال الذى لا يرضى الله ورسوله، اصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ، فإن الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده.
أنواع الصبروقد سيق الصبر في القرآن في عدة أنواع ذكرها ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين):
- أحدها : الأمر به، كقوله : " وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ " [النحل: 127] وقال : " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ " [الطور: 48] .
- الثاني : النهي عما يضاده، كقوله تعالى : " وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ " [الأحقاف: 35] وقوله : " وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ " [القلم: 48] .
- الثالث : تعليق الفلاح به، كقوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [آل عمران: 200] فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور .
- الرابع : الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره، كقوله : " أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا " [القصص: 54] وقوله : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ " [الزمر:10] .
- الخامس : تعليق الإمامة في الدين، به وباليقين، قال الله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " [السجدة:24] [عدة الصابرين،بتصرف يسير] .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صبر الصبر الدكتور علي جمعة هيئة كبار العلماء سبحانه وتعالى علی جمعة ثابت فى
إقرأ أيضاً:
موقف الرئيس بري يُعَّول عليه
بين ما حمله الموفد الأميركي الجديد إلى لبنان توماس برّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، الذين أجمعوا على أن إدخال لبنان في حرب جديدة سيكون كارثيًا هذه المرّة، وبين موقف الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي أعلن عدم وقوفه على الحياد في الصراع الدائر بين مَن مدّ المقاومة الإسلامية بالمال والسلاح وبين عدّو لم يترك شيئًا إلا ودمرّه في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من بيروت، يقف اللبنانيون محتارين أمام سيناريوهات تُرسم هنا وهناك عن إمكانية دخول "حزب الله" في "حرب الكبار"، وهي حرب قد تعني هذه المرّة إذا ما قرّرت القيادتان السياسية والعسكرية في "الحزب" الانجرار إليها أن قيامة لبنان ستصبح مستحيلة بعدما بدأت تلوح في الأفق بوادر الخروج من الحلقة الجهنمية. فهذا السؤال عمّا إذا كان "حزب الله" سيُدخل لبنان من جديد في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل يطرحه كل لبناني على نفسه، حتى ولو كانت إسرائيل طرفًا فيها، وهي العدو الذي عانى منه اللبنانيون ما عانوه على مدى عقود طويلة. وهذا السؤال الباقي من دون جواب حتى الساعة بفعل الموقف الملتبس للشيخ نعيم قاسم، يقلق الجميع، مسؤولين ومواطنين، حتى "الأخ الأكبر"، الذي بدا موقفه الواضح والجلي برفض الدخول في هذه الحرب الكبرى متناقضًا مع موقف الأمين العام. وعلى رغم أن لا أحد لديه الجواب الشافي عن هذا السؤال المقلق فإن لبنان والمنطقة والعالم بأسره لا يزالون ينتظرون نتائج هذه المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية، بعد الضربة الاميركية القاسية ليل امس لايران، وسط خشية من أن تتحّول هذه الحرب إلى حرب كونية قد تكون أسوأ أنواع الحروب، التي شهدتا الكرة الأرضية على الاطلاق. وأمام هذه المشهدية الرهيبة تبدو مشاكل لبنان الداخلية، على أهميتها، صغيرة قياسًا إلى ما هو آتٍ في حال فّرضت عليه حرب لا يزال ينظر خلفه لما أسفرت عنه الحرب التي شنّتها عليه إسرائيل، التي اتخذت من "حرب مساندة غزة" ذريعة لصبّ جام حقدها على هذا البلد، الذي يناقضها في كل شيء وبالأخص في ميزة عيش أبنائه بين بعضهم البعض في تعددية دينية وثقافية هي مصدر غنىً.فالملفات الأساسية التي كانت مطروحة على بساط البحث قبل بدء إسرائيل بحربها على إيران قد وُضعت على رفّ الانتظار في الوقت الراهن، من سلاح "حزب الله" الى السلاح الفلسطيني وقضايا داخلية أخرى، وذلك حتى انقشاع صورة المشهد الإيراني – الإسرائيلي.
من الطبيعي أن يكون موقف كل من الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام معارضًا لزجّ لبنان في حرب لا هوادة فيها، ولكن ما هو فوق الطبيعي أن يأتي موقف الرئيس نبيه بري متناقضًا، أقله في العلن، مع موقف الشيخ نعيم قاسم. وهذا التناقض أطلق العنان للكثير من التفسيرات على رغم أن الطرفين حاولا التقليل مما أعطي لموقفهما من تفسيرات وتأويلات.
إلاّ أن هذا الموقف المتقدّم للرئيس بري اعتبرته أوساط سياسية مراقبة أكثر واقعية من أي موقف آخر على رغم أهمية موقف رئيس الجمهورية، الذي أوحى بكلامه الأخير بأن قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية، وليس في يد أي طرف آخر، حتى ولو كان قرار هذا الطرف مغايرًا للتوجّه العام. واللافت أن موقف الرئيس بري تزامن مع زيارة الموفد الأميركي، الذي يُقال إنه تمنّى على رئيس مجلس النواب بصفته أقرب المقربين إلى "حزب الله" أن يقدّم النصح إلى "حزب الله" بأن يفكّر ألف مرّة هذه المرّة قبل أن يقدم على أي عمل لا يعود ينفع معه الندم.
المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة أسامة سعد للمتطوعين في الانتخابات البلدية: أنتم أمل نعول عليه لاستكمال مسيرة النضال Lebanon 24 أسامة سعد للمتطوعين في الانتخابات البلدية: أنتم أمل نعول عليه لاستكمال مسيرة النضال