ثمن العقلانية: شرق أوسط بلا أنفاق أو مخيمات
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
حماس اليوم ليست هي الحل، لكن الأكيد أن الكيان الإسرائيلي بالأمس واليوم هو المشكلة.
هذه خلاصة ما يتشكّل اليوم بعد شهر ونصف من الموقف للعقلاء دولاً ومجتمعات بحثية وأفراداً يحاولون رغم كل الألم والتعاطف البحث عن تصور صلب ومتماسك ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي لا يمكن قياس ما قبله عليه أو الوقوف عنده، وتحديداً نزوة حماس ومغامرتها التي لا يمكن تبريرها من زاوية أخلاقية، لكن يمكن فهمها ضمن سياق الانسداد السياسي لعقود، ومن هنا يمكن تلمس الموقف الذي تدفع ثمنه غالياً دول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية لخلق توازن كبير على مستوى المقاربة الدقيقة التي هي أشبه بالسير في حقل ألغام من الشعارات والضغط والاستهداف، فهي بدبلوماسية متفوقة وتقاليد عريقة في التعامل مع الأزمات الكبرى لم تذهب إلى النتائج وتدينها، وإنما أشارت بأصبعها ولا تزال على المسببات، وهنا يجب أن نأخذ الموقف السعودي الرسمي بعيداً عن كل الهوامش الأخرى التي تمثل قائليها وانفعالاتهم العاطفية في خانة الـ"مع" أو "ضد"، لأنها في النهاية مبنية على التعبير وليست "الفعل" والقدرة على التأثير الذي هو مناط بمنطق الدولة حصراً، مهما بدا لكثير من المزايدين لا يعبر عن مساحتهم في الخطابات الشعبوية العاطفية والتي هي مزيج من التأثر الصادق والمؤدلج وسياسات ترحيل الأزمات واستغلالها.
من أول مقاربة سعودية ومعها بقية دول الاعتدال ومنها مصر والأردن إلى آخر تفاعل مهم جداً رحلة اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، وهناك نص صريح محدد بلغة واضحة وقانونية: "أهمية الوقف الفوري للتصعيد العسكري والتهجير القسري للفلسطينيين، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية لتجنب تفشي الكارثة الإنسانية، وضرورة تجنب المزيد من قتل المدنيين، وتحرك المجتمع الدولي بشكل فاعل للتعامل مع الأزمة والتصدي لجميع الانتهاكات المستمرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي ومخالفاتها المتكررة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، كما عبروا عن رفض تام لحرب ضد مفهوم حل الدولتين، وضد تقرير المصير، وضد الحرية والاستقلال، وضد الوجود الفلسطيني على أرض دولة فلسطي".
هذه العبارات المقتبسة بحروفها غير مسبوقة على مستوى الموقف والفعل، والمطلوب دعمها وتثمينها في مقابل وسائل الضغط الأخرى خارج منطق الدولة، ومنها محتوى الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما الذي يصاغ بطريقة مؤثرة، وكان من أكثرها تأثيراً أيقونات صنعها العدوان وفي مقدمتها الأطفال الخدج التي أثرت مع صور الضحايا والأبرياء في الرأي العالمي، أكثر من أي خطابات ومحتويات يوميات المعركة أو حسابات ثنائية النصر والهزيمة، فمع هذا الكم من سقوط المدنيين الجميع خاسر، لكن المسؤول اليوم عن استمرار المأساة هو العدوان الإسرائيلي بما يرتكبه من جرائم الحرب والمجازر التي لا يمكن قياسها على ما قبلها.
سقف اليوم للسلام مرتفع جداً، وأوراق دول الاعتدال أقوى من غيرها؛ لأنها انحازت بشكل واضح منذ البداية إلى فلسطين وأهلها، ولا يمكن أن يزايد عليها أحد بمن فيهم إسرائيل، لأنها أخذت منذ سنوات قطيعة تاريخية مع الكيانات البديلة من الميليشيات والتنظيمات والجماعات التي لا تمثل الدولة، ومن جهة ثانية فإن كل حديث عن مرحلة ما بعد العدوان-الأزمة والتي يشار لها عادة باليوم التالي، لا يمكن الخوض فيه قبل إيقاف الحرب، وما يقال فيه يجب أن يكون مغايراً عن كل الأطروحات النيئة والهشة والمجتزأة، ولا سيما أن لدينا نماذج فشل لا يمكن أن نغض الطرف عنها، أولها نموذج أفغانستان والولايات المتحدة من الحرب على مدار عشرين سنة، إلى تسليم السلطة لطالبان والرحيل في مشهد كارثي شهدناه، ونموذج ما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد الغزو، وتفشي ظاهرة الميليشيات التي تتجاوز 200 فصيل، وآخرها مما لا يتم الحديث عنه مخيم الهول في روج آفا بشمال سوريا والذي تحتجز فيه قوات قسد الكردية 12 ألف عنصر من داعش من المقاتلين الأجانب وبجوارهم مخيمات لعائلات وأطفال داعش، الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية بعد تخلي الولايات المتحدة عن الملف وتركه للأكراد، وقيام الدول الأوروبية التي تنتمي لها العائلات في جنسياتها بدفع مبالغ قليلة للحد الأدنى لتجنب عودتهم، نُشر قبل يومين وثائقي لـDW الألمانية خطير عن الملف بعنوان: إرث داعش الخطير، هذا فضلاً عن حالات من التخلي والهروب من الأزمات وتركها عبئاً على دول الجوار في إفريقيا، خصوصاً الغرب الذي يعيش حالة انبعاث للإرهاب.
الفارق اليوم كبير بين المخيمات الطارئة وبين المخيمات التي هي من نسيج المكان، فأنفاق غزة ومخيمات الفلسطينيين ليست كتلك التي خلفتها الحرب على الإرهاب، كما أن مجرد تشبيه حماس بداعش لن يحل المشكلة، لأنه استهتار بالفوارق الكبيرة على مستوى الولادة والتسلسل الزمني، ومع ذلك فكل التنظيمات والمخيمات الواقع البديل لحياة كريمة أنشأت أنفاقاً فكرية وآيديولوجية أكثر تعقيداً من أنفاق الأرض، ومخيمات تعاطف أكثر إنتاجاً وإعادة لتدوير الأفكار المتطرفة، بعد سأم ورحيل القوات الأجنبية متى زال خطرها أو شعرت بأن خسائرها أكبر من قدرتها على البقاء، وتوريثها لدول المنطقة تحت اسم الحل أو إدارة الأزمة أو إعادة الإعمار. لا يؤدي إلى شرق أوسط ينعم بالاستقرار، فضلاً عن السلام.
لم يكن القضاء على حماس إلا مجرد ردة فعل أولوية تجاه مغامرتها، واليوم يدرك الكيان والولايات المتحدة بأنه غير واقعي، ولا ممكن دون تكلفة بشرية ضخمة ووقت طويل وعدم ضمانة لانبعاث جديد لـ"حماسات" من نوع مختلف، كما أن تأجيل الحل للقضية الفلسطينية وبناء منطقة عازلة لا يمكن أن ينتج مخيمات مؤقتة مدفوعة التكلفة كمخيم الهول وباقي مخيمات القاعدة وداعش، وإنما سينتج بسبب مفهوم "النسيج" دولة داخل دولة على غرار حزب الله، وميليشيات العراق، والحوثي، بأوجه متعددة وولاء لإيران ومشروعها في المنطقة على طريقة لهم الغنم وعلى الدول العاقلة الغرم.
خلاصة القول: شرق أوسط بلا أنفاق ومخيمات طموح العقلاء، لكنه يحتاج إلى أثمان لا يبدو أن الشمال المتعالي قادر عليها حتى الآن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل لا یمکن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" تقريرا بعد مزاعم الاحتلال حول اغتيال القيادي في القسام رائد سعد عن قادة حماس الذين ما زالوا في غزة.
وقالت الصحيفة إنه بعد اغتيال رعد سعد، "الرجل الثاني" في "الجناح العسكري" لحماس، بقي عدد من قادة الحركة وعلى رأسهم:
1. عز الدين الحداد: القائد الحالي للجناح العسكري، الذي وصل إلى السلطة بعد اغتيال محمد ضيف ونائبه مروان عيسى ومحمد السنوار بحسب الصحيفة.
وكان الحداد قائداً للواء مدينة غزة، ووفقاً لتقارير عربية، كان من بين القلائل الذين علموا بتوقيت هجوم 7 أكتوبر. حيث كان شريكا رئيسيا في التخطيط للعملية.
وأوضحت أنه مع كل عملية تصفية، ارتقى في التسلسل القيادي، حتى أصبح مسؤولا عن قضية الأسرى الذي ذكروا أن الحداد كان يتحدث العبرية ويتواصل معهم.
وخلال الحرب، قُتل اثنان من أبنائه، اللذين كانا يعملان في صفوف نخبة القسام النخبة.
محمد عودة: رئيس مقر استخبارات حماس في غزة. لا يُعرف الكثير عن عودة، لكن بحكم طبيعته، كان متورطًا بشكل كبير في التخطيط لعملية ٧ أكتوبر.
وفي وثائق نُشرت قبل الحرب، يظهر اسمه إلى جانب محمد ضيف والمتحدث باسم القسام أبو عبيدة.
ووفقًا لتقارير ، أُجبر عودة على تولي قيادة لواء شمال غزة، بعد اغتيال القائد السابق أحمد غندور كما زعمت الصحيفة العبرية.
وبينت "إسرائيل اليوم" أنه إلى جانب كبار قادة الجناح العسكري، بقي اثنان من الشخصيات البارزة في حماس على قيد الحياة، واللذان كانا في السابق ضمن أعلى مستويات نظامها في غزة.
الأول هو توفيق أبو نعيم، الذي ترأس جهاز الشرطة وكان يُعتبر من المقربين من السنوار. أما الثاني فهو محمود الزهار، عضو المكتب السياسي في غزة وأحد أعضاء الفصائل المؤسسة لحماس.
وأشارت إلى أن هناك أيضاً قادة كتائب مخضرمون في حماس لم يُقتلوا بعد أولهم حسين فياض ("أبو حمزة")، قائد كتيبة بيت حانون، الذي نجا من محاولتي اغتيال على الأقل حيث أسفرت المحاولة الأخيرة عن مقتل أفراد من عائلته.
وفي وقت سابق من الحرب، أعلن جيش الاحتلال أنه قُتل، لكن فياض ظهر بعد فترة من وقف إطلاق النار.
ولفتت الصحيفة إلى قائد كتيبة آخر هو هيثم الحواجري، المسؤول عن كتيبة مخيم الشاطئ.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله، لكنه ظهر خلال وقف إطلاق النار في إحدى المراسم الدعائية لإطلاق سراح الأسرى.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، برز اسم قائد بارز آخر في حماس وهو مهند رجب. وبحسب تقارير عربية، عُيّن رجب قائداً للواء مدينة غزة خلفاً للحداد، الذي أصبح قائداً للجناح. كما ورد أنه، على غرار رجب، عُيّن قادة ميدانيون آخرون ليحلوا محل من قُتلوا خلال الحرب.