ترسانة إسرائيل العسكرية.. 75 عاما من الدعم الأمريكي المطلق
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
سلط موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الضوء على الدور الأمريكي في تكوين قدرات الجيش الإسرائيلي منذ تأسيس الدولة العبرية عام 1948 وحتى اليوم، مشيرا إلى أن إمدادات الأسلحة الأمريكية يتم تقديمها لجيش الاحتلال مجانًا في الغالب، عبر التمويل العسكري الأجنبي الأمريكي (FMF)، وبرنامج المساعدة العسكرية (MAP)، والمواد الدفاعية الزائدة (EDA).
وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن خدمة أبحاث الكونجرس (CRS) أوردت أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات خارجية لإسرائيل منذ الحرب العالمية الثانية أكثر من أي دولة أخرى، كما وثق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بـ 79% من جميع الأسلحة المنقولة في الفترة من 2018 إلى 2022.
وتوفر صحيفة الوقائع التي أصدرها مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تفصيلاً رسميًا للمساعدة الأمنية الأمريكية غير المقيدة لإسرائيل، ما يوثق أن الدعم الثابت لأمن إسرائيل ظل بمثابة حجر الزاوية في السياسة الخارجية لكل إدارة أمريكية منذ رئاسة هاري ترومان.
وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل، منذ تأسيسها في عام 1948، أكثر من 130 مليار دولار من المساعدات التي ركزت على معالجة التهديدات الأمنية الجديدة والمعقدة، وسد الفجوات في قدرات إسرائيل من خلال المساعدة والتعاون الأمنيين، وزيادة قابلية التشغيل البيني من خلال التدريبات المشتركة، وتعزيز التعاون الدولي، ومساعدة إسرائيل في الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي.
وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن هذه المساعدة ساعدت في تحويل الجيش الإسرائيلي إلى "واحد من أكثر الجيوش قدرة وفعالية في العالم، وحولت قطاع الصناعة والتكنولوجيا الإسرائيلي إلى أحد أكبر مصدري القدرات العسكرية في جميع أنحاء العالم".
غير أن هذه القدرات أدت، في حرب غزة، إلى مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في غزة وتدمير مدن بأكملها، أغلبها بأسلحة زودتها الولايات المتحدة لإسرائيل.
عشوائية متعمدة
وقالت ناتالي جولدرينج، الأستاذة الزائرة في كلية سانفورد للسياسة العامة بجامعة ديوك، "ردود الفعل الإسرائيلية على هجمات حماس (عملية طوفان الأقصى) كانت عشوائية بشكل متعمد".
وبعد يومين من هجمات حماس، أعلن وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن إسرائيل ستفرض "حصاراً كاملاً" على غزة، بما في ذلك منع إمدادات المياه والغذاء والوقود، وستوقف أيضاً إمدادات الكهرباء، وهو ما فعلته القوات الإسرائيلية.
ولذا ترى ناتالي أن "الإدارة الأمريكية تتحمل مسؤولية خاصة عن الهجمات الإسرائيلية المستمرة"، مشيرة إلى أن واشنطن زودت إسرائيل بكميات هائلة من المساعدات العسكرية والأسلحة، بينما تجاهلت إسرائيل القيود الأمريكية على استخدام تلك الأسلحة.
وأضافت أن "هذا الإمداد من الأسلحة والذخائر يسمح للجيش الإسرائيلي بمواصلة هجماته العشوائية في غزة".
واعتبرت ناتالي أن "الخطوة الأولى الرئيسية في خفض التكلفة البشرية لهذه الحرب هي أن تدعو حكومة الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار".
اقرأ أيضاً
بخلاف أوكرانيا.. شحنات نقل الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل "يومية ومحاطة بالسرية"
ودعت الأستاذة بجامعة ديوك الإدارة الأمريكية إلى أن توقف إمدادات الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، سواء من الولايات المتحدة نفسها أو من مخازنها في بلدان أخرى.
ومنذ عام 1983، تجتمع الولايات المتحدة وإسرائيل بانتظام عبر المجموعة السياسية العسكرية المشتركة (JPMG) لتعزيز السياسات المشتركة ومعالجة التهديدات والمخاوف المشتركة وتحديد مجالات جديدة للتعاون الأمني.
ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن إسرائيل هي المتلقي العالمي الرائد للمساعدات الأمنية الأمريكية بموجب الباب 22 من برنامج التمويل العسكري الأجنبي (FMF). وقد تم إضفاء الطابع الرسمي على ذلك من خلال مذكرة تفاهم مدتها 10 سنوات (2019-2028).
ووفقاً لمذكرة التفاهم، فإن الولايات المتحدة تمول إسرائيل سنوياً بـ 3.3 مليار دولار للمساعدات العسكرية و500 مليون دولار لبرامج الدفاع الصاروخي التعاونية.
ومنذ السنة المالية 2009، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل 3.4 مليار دولار لتمويل الدفاع الصاروخي، بما في ذلك 1.3 مليار دولار لدعم القبة الحديدية بدءاً من السنة المالية 2011.
ومن خلال التمويل العسكري الخارجي، توفر الولايات المتحدة لإسرائيل إمكانية الوصول إلى بعض المعدات العسكرية الأكثر تقدمًا في العالم، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من طراز F-35.
وإسرائيل مصرح لها أمريكيا باستخدام مخصصاتها السنوية من التمويل العسكري الأمريكي لشراء المواد الدفاعية والخدمات والتدريب من خلال نظام المبيعات العسكرية الأجنبية (FMS)، واتفاقيات العقود التجارية المباشرة، وهي مشتريات المبيعات التجارية المباشرة الممولة من التمويل العسكري الأجنبي ومن خلال المشتريات الخارجية (OSP).
ومن خلال برنامج الدعم الخارجي، تسمح مذكرة التفاهم الحالية لإسرائيل بإنفاق جزء من التمويل العسكري الأمريكي على مواد دفاعية ذات منشأ إسرائيلي بدلاً من المواد الدفاعية ذات المنشأ الأمريكي.
غزة واليمن
وفي السياق، قالت الأستاذة بجامعة ديوك: "للأسف، فإن الوضع في غزة يحمل أوجه تشابه مع الاستخدام الموثق للأسلحة الأمريكية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في الهجمات على المدنيين في اليمن".
وأضافت: "ردنا يجب أن يكون واحدا في كلتا الحالتين. لقد فشلت هذه الدول في احترام شروط نقل الأسلحة الأمريكية، ويجب أن تكون غير مؤهلة لمزيد من عمليات نقل الأسلحة حتى تمتثل لها".
وتابعت: "إن عملية صنع القرار بشأن نقل الأسلحة في الولايات المتحدة تعطي وزناً كبيراً لحكم المسؤولين الحكوميين والسياسيين الذين كثيراً ما يفشلون في النظر إلى التكاليف البشرية الكاملة لعمليات النقل هذه".
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أصدرت، في وقت سابق من العام الجاري، سياسة جديدة لنقل الأسلحة التقليدية، وزعمت أن النقل لن تتم الموافقة عليها إذا خلص التحليل الأمريكي إلى ترجيح استخدامها لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي أو حقوق الإنسان.
ووصفت ناتالي سلوك الجيشين الإسرائيلي والسعودي بأنه مثال على الطرق التي لا يتم بها استيفاء هذا المعيار.
ومنذ عام 2018 إلى عام 2022، سمحت الولايات المتحدة بصادرات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 5.7 مليار دولار من خلال عملية المبيعات التجارية المباشرة (DCS)، التي شملت أهم فئاتها أسلحة كيميائية وبيولوجية، إضافة إلى الصواريخ الموجهة، والصواريخ الباليستية، والطوربيدات، والقنابل، والألغام، والطائرات.
ومنذ عام 1992، زودت الولايات المتحدة إسرائيل بمعدات عسكرية بقيمة 6.6 مليار دولار في إطار برنامج المواد الدفاعية الزائدة، بما في ذلك الأسلحة وقطع الغيار والأسلحة وأجهزة المحاكاة.
وتحتفظ القيادة الأمريكية الأوروبية أيضًا في إسرائيل بمخزون احتياطي الحرب الأمريكي، والذي يمكن استخدامه لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية في حالة الطوارئ العسكرية الكبيرة.
وبالإضافة إلى المساعدات الأمنية ومبيعات الأسلحة، تشارك الولايات المتحدة في مجموعة متنوعة من التبادلات مع إسرائيل، بما في ذلك التدريبات العسكرية والأبحاث المشتركة وتطوير الأسلحة.
ووقعت الولايات المتحدة وإسرائيل العديد من اتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائي، بما في ذلك: اتفاقية المساعدة الدفاعية المتبادلة عام (1952)، واتفاقية الأمن العام للمعلومات (1982)، واتفاقية الدعم اللوجستي المتبادل (1991)، واتفاقية وضع القوات (1994)، بحسب وثائق وزارة الخارجية الأمريكية.
كما تم تصنيف إسرائيل كحليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي "الناتو" بموجب القانون الأمريكي.
اقرأ أيضاً
119 مؤسسة أمريكية ودولية تطالب بوقف تسليم أسلحة لإسرائيل
المصدر | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلي أمريكا إسرائيل غزة السعودية جو بايدن واشنطن الناتو الخارجیة الأمریکیة الولایات المتحدة التمویل العسکری ملیار دولار نقل الأسلحة بما فی ذلک من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل استخدم جيش السودان الأسلحة الكيميائية ضد الدعم السريع؟
أثار الإعلان الأميركي عن استخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في العام 2024 موجة من الغضب الرسمي والشعبي في السودان، ليس بسبب نيّة واشنطن فرض عقوبات على السودان -فقد تعوّدنا على عقوباتهم ودعايتهم السوداء- ولكن لعدم وجود أدلة أو منطق يدعم تلك المزاعم، واستسهال إطلاق الاتهامات والأكاذيب، وبناء إستراتيجية حولها تقوم على قهر الشعوب، وسلبها الحقّ في الحياة والاستقرار.
سلق الاتهامات وتسويقها
الجيش السوداني ليس بحاجة لاستخدام أسلحة كيميائية في حربه ضد مليشيا الدعم السريع، التي انهارت مؤخرًا، وفقدت الحماس والقدرة على القتال، ولم يعد بمقدورها تعويض خساراتها أو استعادة المناطق التي فقدتها.
أما واشنطن فهي لا تمتلك دليلًا واحدًا على استخدام الجيش السوداني تلك الأسلحة المحرمة، ولا نعرف عنها سوى رواية غير مسنودة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز منتصف يناير/ كانون الثاني 2025، عن مسؤولين أميركيين، لم تسمِّهم الصحيفة، زعموا أن الجيش السوداني استخدم الأسلحة الكيميائية في مناسبتين على الأقل، ضد قوات الدعم السريع.
وفيما تم سلق تلك الاتهامات بمنطق الفتوة والخباثة، لا توجد روايات متطابقة تعزز ذلك، ما دفع المسؤولين الأميركيين للتهرب بالقول إن استخدام الأسلحة الكيميائية كان محدود النطاق، ووقع في مناطق نائية، ولم يُحقق أي فاعلية تُذكر، لتجنّب الأسئلة المحرجة، على شاكلة أين وكيف حدث ذلك، وما هي البيّنة المادية على ذلك الادّعاء الأجوف؟
إعلان
فلا يعقل أن يستخدم الجيش السوداني موادّ سامة بلا فاعلية، ثم لماذا لم تظهر آثار تلك الأسلحة على أجساد قوّات التمرّد، إذ إنّه يصعب بالمَرّة التخلّص من تبعات تلك الأسلحة على الطبيعة.
والمثير للدهشة أن الرواية اليتيمة مصدرها صحيفة غربية ليس لها مراسل على الأرض، ولم تسعَ للقيام بعمل استقصائي يسند ظهر اتهامات على ذلك النحو الخطير، والتي للغرابة أيضًا لم تتفوّه بها منصات مليشيا الدعم السريع، وهي تنفث كل ماهو مدسوس ومُختلق في حق الجيش السوداني!
موت منبر جدة
بهذا الموقف العدائي الأميركي تجاه السودان، تكون واشنطن قد تخلّت عن حياديتها المفترضة كوسيط، حين لوّحت بسيف العقوبات، ووضعت نفسها عمليًا في موضع الخصم. وقد كشف هذا الانحياز الواضح للمليشيا عن فقدانها للمصداقية، وجعلها طرفًا غير مؤهّل لدعم أي مسار تفاوضي، وغير جدير بالثقة من جانب الأطراف السودانية.
فقد تعثّرت تلك المفاوضات أكثر من مرّة، وعجزت الوساطة عن حمل قوات الدعم السريع على الالتزام بإعلان جدة في مايو/ أيار 2023 والذي قضى بخروج الدعم السريع من بيوت المواطنين والمرافق الحكومية، والدخول في هدنة مؤقتة، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، ما دفع الجيش السوداني إلى مواصلة القتال، وإخراج قوات التمرد من القرى والمدن بالقوة.
وعلى ما يبدو، ثمة قرائن كثيرة تشير إلى أن مليشيا الدعم السريع مجرد بندقية مؤجرة، وأن أميركا ليست بعيدة عن توجيه نيران الحرب، واستئناف حلقات المشروع الاستعماري القديم بتدمير السودان، وخنقه بالعقوبات، حتى يخضع لها، ودعم حركات التمرّد وحفز الهويات القاتلة، واستباحة كل ما هو موروث ووطني، عبر شعارات خادعة تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن النزعة الكولونيالية هي الغالبة على سياساتهم تجاه كل بلد حباه الله بالموارد، أو كما عبّر عن ذلك ليوناردو دي كابريو في فيلم الألماس الدموي: “نحنُ لا نتبنى الحروب، ولكن نخلق الظروف التي تجعلها تستمرّ”.
إعلان
وهنا قد تعهّدوا بذلك لوكيلهم في الشرق الأوسط، إسرائيل، ومن يقوم بخدمة مصالحهم، ومن بين ذلك دولة معروفة تناصب السودان العداء، هي التي تقف حاليًا وراء استعداء حكومة دونالد ترامب ضد السودان، وتريد أن تستنصر بها لإنقاذ فصيلها العسكري -الدعم السريع-المهزوم على الأرض.
خيبة أمل هائلة
بالعودة للعقوبات الأميركية- التي سوف تدخل حيز التنفيذ بعد فترة إخطار مدتها 15 يومًا للكونغرس، على أن تشمل قيودًا على الصادرات الأميركية إلى السودان، وحرمان المصارف الحكومية السودانية من الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية- هي بالمناسبة ليست جديدة.
فقد ظلت العقوبات الأميركية على السودان باقية بالرغم من قيام السودان بتسديد مبلغ 335 مليون دولار؛ تعويضًا لعائلات أميركية من ضحايا هجمات شنها تنظيم “القاعدة” على سفارتَي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998، مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودمج مصارف السودان في النظام المالي العالمي، وهو ما لم يحدث عمليًا.
وقد حصدت الخرطوم خيبة أمل هائلة، وظلت إلى اليوم تحت رحمة العقوبات الأميركية، وهي في الحقيقة إستراتيجية كولونيالية ثابتة تقوم على سياسة الجزرة والعصا، بينما في الحقيقة لا توجد جزرة، والبيت الأبيض -أيًا كان قاطنه- ظلّ يتعامل بنفس الأسلوب مع السودان، ما يعزز فرضية أن الحملة ضد السودان تنشط فيها مراكز نفوذ أميركية لا تتأثر بطبيعة النظام الحاكم.
الخارجية السودانية في تفنيدها تلك المزاعم أبدت استغرابها كيف أن الإدارة الأميركية تجنّبت تمامًا طرح اتهاماتها عبر الآلية الدولية المختصة والمفوضة بهذا الأمر؛ المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية بلاهاي، والتي تضم كلا البلدين في عضويتها، لا سيما أن السودان يتمتع بعضوية مجلسها التنفيذي، ورفضت تلك الإجراءات الأحادية، التي تخالف اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، خاصة من طرف “لديه تاريخ في توظيف المزاعم الباطلة لتهديد سيادة الدول وأمنها وسلامة أراضيها”، على حد تعبير بيان الخارجية السودانية التي تجاهلت كذلك حقيقة خطيرة وهي وجود أسلحة أميركية عثر عليها الجيش السوداني بطرف قوات الدعم السريع، دون أن تعرضها على أروقة الأمم المتحدة، أو تتقدم بشكوى بها في مجلس الأمن والمنظمات الدولية.
من قام بتزويد الجنجويد بأسلحة أميركية؟
القوات المسلحة السودانية ضبطت مؤخرًا صواريخ جافلين في مخازن الدعم السريع بمنطقة صالحة غرب أم درمان، يبلغ سعر الصاروخ ومنصة الإطلاق، اللذين تصنعهما مجموعتا “رايثيون” و”لوكهيد مارتن” الأميركيتان، 178 ألف دولار بحسب ميزانية البنتاغون لعام 2021، علاوة على تسليح جنود المليشيا ببنادق آلية أميركية الصنع من طراز (إيه آر- 15) استخدمتها في استهداف مواقع مدنية بالعاصمة الخرطوم ومدينة الفاشر المحاصرة.
فمن هي الجهة التي زودت الدعم السريع بتلك الأسلحة الأميركية، دون أن تأبه بقرار مجلس الأمن بحظر الأسلحة في دارفور، ولماذا صمتت الولايات المتحدة عن انتهاكات قوات الجنجويد وجرائمها الموثقة في السودان؟
على شاكلة تغطية فضيحة كلينتون
سيناريو وجود أسلحة كيميائية في السودان ليس جديدًا، وقد انطلت الكذبة على الرأي العام الأميركي إبان فترة حكم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، في أعقاب فضيحة المتدربة مونيكا لوينسكي، ساعتها قام كلينتون بقصف مصنع الشفاء شمال الخرطوم في 20 أغسطس/ آب 1998؛ بسبب مزاعم ارتباطه بإنتاج أسلحة كيميائية، ليتضح لاحقًا أن المصنع يعمل في إنتاج الأدوية والعقاقير الطبية.
لكن الولايات المتحدة لم تُقدِم على الاعتراف بخطأها أو تقديم اعتذار رسمي للسودان بشأن قصف مصنع الشفاء، رغم أن التحقيقات اللاحقة أثبتت أن المنشأة كانت مخصصة للأدوية وليس لها صلة بإنتاج الأسلحة الكيميائية. كما لم تُظهر إدارة الرئيس بيل كلينتون في حينها اهتمامًا يُذكر بالآثار الإنسانية والصحية المترتبة على هذا القصف، والذي اعتبره كثيرون محاولة لصرف الأنظار عن أزمات داخلية، في سياق سياسي دقيق وملتبس.
لا شك أن اتهام الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية يمهّد لسيناريو التدخل العسكري الدولي في السودان، ومن غير المستبعد أن تغزو أميركا الأراضي السودانية بهذه الفرية المضحكة، كما فعلت مع العراق من قبل، والهدف من وراء ذلك إيقاف انتصارات الجيش السوداني، والسيطرة على الموارد الطبيعية والمعدنية وساحل البحر الأحمر، فأميركا لديها مطامع قديمة في هذه المنطقة، أو بالأحرى لدى إسرائيل أحلام توسعية في النيل والبحر الأحمر.
وهو عين ما أشار إليه السفير التركي لدى السودان فاتح يلدز في تدوينة على منصة “إكس” عندما سخر من الادعاءات الأميركية باستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية، وقال: “إنهم فقدوا مصداقيتهم منذ سنوات عندما شنوا حربًا بناءً على ادعاءات كاذبة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق”.
وهذا بالضرورة يتطلب الحذر واليقظة، وتكوين فريق سوداني مُتمرّس من الشخصيات الدبلوماسية والعسكرية للتعامل مع هذه المزاعم الأميركية الخطيرة، وما يمكن أن تفضي إليه.
عزمي عبد الرازق
كاتب وصحفي سوداني
الجزيرة.
إنضم لقناة النيلين على واتساب