العلاقات العمانية الألمانية.. إصرار في مواجهة التحديات
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تكشف الزيارة التي يقوم بها فخامة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لسلطنة عُمان وعقده جلسة مباحثات رسمية مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ عن رغبة مشتركة من الجانبين في تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها إلى آفاق أرحب، تكون مواكبة للتطورات والتغيرات والتحديات التي يشهدها العالم في الوقت الحالي.
لكن العالم المتطور بطبعه، يشهد الكثير من التحولات تقودها المتغيرات السياسية والاقتصادية وهي متغيرات متحققة الآن، ليس في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد الآن حربا طاحنة تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة ولكن أيضا في عمق أوروبا التي تشعر بالخطر الأكبر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ إثر الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من الدول الغربية بالسلاح والقوة العسكرية وبالخطاب السياسي في مختلف المنظمات الأممية والدولية. في ظل هذا المشهد المحتدم بالمخاطر المتنامية فإن الدفع بآفاق التعاون الاقتصادي والتكنولوجي وفي قطاع الطاقة بين سلطنة عُمان وألمانيا يعد بالكثير من الفرص لبناء شراكات كبرى بين البلدين الصديقين.
وعبر العقود الطويلة الماضية كانت العلاقات بين البلدين مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، فقد كانت ألمانيا باقتصادها القوي وقدراتها التصنيعية في مختلف المجالات وبشكل خاص قطاع التكنولوجيا شريكا مهما لسلطنة عُمان، الأمر الذي جعل قيمة التبادل التجاري بين البلدين تشهد نقلات نوعية، وبقيت في حالة نمو مطّرد، كما استفادت ألمانيا من الأهمية الاستراتيجية لموقع سلطنة عمان في بناء شراكات اقتصادية في ضوء التطورات الجديدة للمشهد الاقتصادي.
وكان أحد أهم المحركات الرئيسية لهذه العلاقة المتطورة هو التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والاستدامة. فكان أن وجدت ألمانيا الرائدة في مجال التكنولوجيا الخضراء شريكا مهما في الشرق الأوسط تمثل في سلطنة عمان الدولة المستقرة سياسيا والمتطورة على مستوى البنى الاقتصادية والطامحة نحو تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وتتوافق رؤية سلطنة عمان 2040، التي تؤكد على التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، بشكل جيد مع الخبرة الألمانية في مجال الطاقة المتجددة، وتوفر منصة للمشاريع التعاونية والتبادل التكنولوجي.
إضافة إلى الجوانب الاقتصادية، فإن المشهد الجيوسياسي وخاصة في الشرق الأوسط يمثل تحديات وفرصا للعلاقات العمانية الألمانية. إن مكانة سلطنة عمان الفريدة بصفتها وسيطا في حل الصراعات الإقليمية وسياستها الحيادية تجعلها حليفا مهما لأي دولة مهتمة باستقرار المنطقة، ويمكن للبلدين الاستفادة من هذه الميزة لتعزيز الحوار ومبادرات السلام، وتعزيز أدوارهما على الساحة الدولية.
إن مستقبل العلاقات العمانية الألمانية يتوقف على قدرتهما على المضي قدما في ظل كل التحولات الكبرى التي تحدث في العالم، ومن خلال التركيز على المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل الطاقة المتجددة، والاستفادة من موقع سلطنة عُمان الاستراتيجي لمبادرات السلام، وتعزيز الترابط الاقتصادي، يمكن للبلدين بناء شراكة قابلة للاستمرار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بین البلدین سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
منتدى الأعمال العُماني البرازيلي يفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري
نظّمت غرفة تجارة وصناعة عُمان اليوم فعاليات منتدى الأعمال العُماني البرازيلي بمقرها الرئيسي، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين سلطنة عُمان وجمهورية البرازيل، وفتح آفاق أوسع للتكامل والشراكة الاقتصادية بين الجانبين.
ويأتي تنظيم المنتدى في إطار جهود الغرفة الرامية إلى تعزيز انفتاح الاقتصاد العُماني على الأسواق الدولية، وتوسيع رقعة التعاون مع الشركاء التجاريين حول العالم، كما يسعى المنتدى إلى توفير فرص تفاعلية تُمكّن القطاع الخاص من استكشاف فرص جديدة، وتطوير علاقات تجارية مستدامة تدعم مسيرة النمو الاقتصادي في سلطنة عمان.
ركز المنتدى على عدد من القطاعات الحيوية التي تمثّل فرصًا واعدة للتعاون والاستثمار المشترك، وشملت مجالات: الصناعات الغذائية والأثاث والمنتجات الكيميائية والطاقة والصحة والطب البيطري والترفيه والخدمات، وتجارة التجزئة، وقطاع الإنشاءات.
وتُعد هذه القطاعات من المحاور الاستراتيجية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين؛ إذ تتيح فرصا مهمة لنقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة، كما لها دور محوري في دعم سلاسل التوريد، وتعزيز التكامل بين القطاعين الخاصين في سلطنة عُمان والبرازيل.
وأشار صالح بن جمعة البلوشي مساعد المدير العام لشؤون مجلس الإدارة بغرفة تجارة وصناعة عُمان، أن تنظيم منتدى الأعمال العُماني البرازيلي يُجسّد عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سلطنة عُمان وجمهورية البرازيل الاتحادية، ويعكس حرص البلدين على تعزيز التعاون المشترك واستكشاف مجالات جديدة للشراكة والاستثمار.
وأكد البلوشي على أن العلاقات العُمانية البرازيلية تقوم على أسس متينة من التفاهم والتعاون البنّاء، وهو ما أسهم في تسهيل حركة التجارة وتعزيز الثقة المتبادلة بين مجتمعي الأعمال في البلدين.
وأوضح أن البرازيل تُعد من الشركاء الاقتصاديين البارزين على الساحة الدولية؛ بفضل اقتصادها المتنوع وقوتها الصناعية والزراعية، مما يجعلها شريكاً استراتيجيًا يتكامل بشكل مثالي مع التوجهات الاقتصادية لسلطنة عُمان في إطار "رؤية عُمان 2040". وأعرب عن أمله في أن يشكل المنتدى انطلاقة فعلية نحو مرحلة جديدة من التعاون التجاري والاقتصادي، تقوم على شراكات واقعية ومبادرات مستدامة بين الجانبين.
من جانبه أشار مارسيلو لوكاس، رئيس الوفد التجاري البرازيلي أن مشاركة بلاده في منتدى الأعمال العُماني البرازيلي تعكس التوجه الجاد نحو بناء علاقات اقتصادية طويلة الأمد مع سلطنة عُمان، مشيدًا بالموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان وبيئة الأعمال الجاذبة التي توفرها للمستثمرين الدوليين.
وأوضح لوكاس أن هناك اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات البرازيلية بالدخول إلى السوق العُمانية، ليس فقط من خلال التبادل التجاري وإنما أيضًا عبر استثمارات استراتيجية مشتركة في قطاعات واعدة تتمتع بقيمة مضافة، مثل الطاقة المتجددة والصناعات الغذائية، والرعاية الصحية.
وتضمن المنتدى تنظيم لقاءات ثنائية مباشرة (B2B) بين أصحاب وصاحبات الأعمال من كلا الجانبين، بهدف تعزيز التواصل المباشر واستكشاف فرص الشراكة وتبادل الخبرات.
وأتاحت هذه اللقاءات منصة عملية لبحث إمكانيات التعاون وإقامة مشاريع مشتركة تخدم مصالح الطرفين، سواء في السوق العُمانية أو البرازيلية، بما يسهم في توسيع آفاق التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين.