كتب الان سركيس في" نداء الوطن": وقع الصدام بين بكركي و»التيار الوطني الحرّ» على ملف قيادة الجيش، وإذا كانت العلاقة بين بكركي و»التيار» تحمل الكثير من الصدامات، إلا أنّ هذه المرّة تحصل في إحدى أدقّ المراحل السياسية وأصعبها. مرّت العلاقة بين بكركي و»التيار الوطني الحرّ» بمطبات عدّة، لكن السلبية كانت تتحكّم بمعظم مفاصلها منذ أيام البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير.

أول تلك الصدامات حصل عام 1989، فعلى رغم إعتبار صفير رئيس الحكومة الإنتقالية العماد ميشال عون مُمثّلاً للشرعية، إلا أنّ الصدام وقع بعد موافقة البطريرك صفير على «إتفاق الطائف»، فشنّ عون الهجوم الأعنف على بكركي ووصل إلى حدّ اعتداء بعض أنصاره على البطريرك، واستمرّ التوتر في أثناء إندلاع حرب «الإلغاء» حيث حاول صفير مع الأباتي بولس نعمان لجم تلك الحرب. نُفي عون إلى باريس، ورغم الأذى الشخصي الذي ناله، فقد حمل صفير قضية عون ومناصريه، خصوصاً زمن الإعتقالات، لكن كل هذا لم ينفع. فقد أطلقت بكركي معركة الإستقلال في بيان المطارنة الشهير في أيلول 2000، وتجمّع عدد من الأحزاب والشخصيات المسيحية حولها في نيسان 2001، لكن الجنرال عون رفض الإنضمام إلى «لقاء قرنة شهوان» بحجة أنّ سقفه منخفض. تبدّلت الأوضاع السياسية ووقع إنفجار 14 شباط 2005 وإنتفاضة 14 آذار، وعاد العماد عون من منفاه في 7 أيار 2005 عاقداً صفقة مع السوريين، وسار النواب آنذاك بـ»قانون غازي كنعان» ما أثار غضب البطريرك صفير. إستغل عون هذا الأمر وأحدث تسونامي مسيحياً، فبارك صفير النتائج، معتبراً أنه أصبح لكل طائفة زعيم. كل تلك الأمور لم تشفِ غليل عون، فعاد وهاجم بكركي بعد تكشّف خيوط الصفقة مع السوريين وإبرامه تفاهم «مار مخايل» مع «حزب الله»، واعتبر أنّ البطريرك هو في قوى 14 آذار. لم يرُق لسيد بكركي عشية إنتخابات 2009 سقوط البلد في محور «الممانعة»، فأطلّ ببيانه الشهير عشية الإنتخابات، مؤكداً وجود خطر وجودي على لبنان إذا فازت القوى غير السيادية، وكاد عون أن يسقط في دائرة كسروان الانتخابية بعد تراجعه شعبياً من 70 في المئة إلى 50 في المئة. قدّم صفير إستقالته، وانتخب الراعي وتسلّم رسمياً زمام البطريركية في 25 آذار 2011، وأولى النكسات في العلاقة كانت بعدما نكس عون والنائب السابق سليمان فرنجية في وعدهما للراعي بعدم تعطيل نصاب جلسات إنتخاب الرئيس، فلجأ عون و8 آذار إلى التعطيل كاسرين إرادة سيد بكركي. هاجم الراعي المعطلين طوال الفراغ، وبارك «إتفاق معراب». وكل ما فعله الراعي لم يبدّل توجهات «التيار الوطني الحرّ»، وخلال ولاية عون الرئاسية، إنفجرت ثورة 17 تشرين ووقفت بكركي إلى جانب الشباب الثائر ما أثار غضب العهد ورجالاته، ومنذ ذلك الحين توترت العلاقة بين «التيار» وبكركي. يوم الجمعة الماضي أرسل النائب جبران باسيل وزير الدفاع ليقول لسيد بكركي ما معناه: قل ما تشاء نحن ضدّ التمديد للقائد، وبالتالي مع كسر إرادة بكركي، ما أثار استياء البطريرك، لكن هذا الأمر لن يمنع الراعي من متابعة عمله لحماية قيادة الجيش والكيان، وليتوّج فصلاً جديداً من إستهداف تيار يدّعي الدفاع عن حقوق المسيحيين لأهم موقع مسيحي في الشرق.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الانتخابات تقترب.. و شبح عودة التيار الصدري لا يزال يخيم على المشهد

10 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تقترب الانتخابات النيابية في العراق المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، فيما لا تُبدي الخارطة السياسية بوادر تغيّرات حاسمة، وسط توقعات باستقرار موازين القوى على حالها، ما لم يقرر التيار الصدري خوض المعركة الانتخابية، وهو الاحتمال الذي يربك حسابات الجميع.

وتُراهن أغلب القوى السياسية، لا سيما المنضوية في الإطار التنسيقي، على استمرار الصدر في موقفه الرافض للمشاركة، إذ إن حضوره من شأنه أن يعيد رسم التحالفات ويكشف هشاشة التوازنات القائمة.

وتُواجه هذه القوى تحديًا مضاعفًا، لا يقتصر على التيار الصدري، بل يشمل المزاج الشعبي المتأرجح بين العزوف والانخراط المشروط، في ظل شعور متنامٍ بأن الانتخابات لا تنتج تغييرًا حقيقيًا، بل تعيد تدوير النخب ذاتها، وتكرّس الفجوة بين الطبقة السياسية والمواطنين.

وتسعى الأطراف المشاركة إلى جذب الناخبين بوعود الإصلاح وتعديل البنية الاقتصادية وتقليل الفوارق الطبقية، لكن التجارب السابقة أفقدت الخطاب السياسي مصداقيته لدى قطاعات واسعة، وهو ما يُعزز موقف الصدر الذي يرى في المقاطعة وسيلة ضغط أخلاقية وشعبية.

وتُشير التحركات داخل المحافظات، خصوصًا في الجنوب، إلى أن القوى السياسية تحتاج الى تمثيل فئات اجتماعية حيوية اعتادت على التعبير عن نفسها من خلال المعارضات، لكسب المتارجحين في الخيارات.

وتُدرك قوى الإطار أن فرصها تتضاعف في غياب الصدريين، لذلك لم تُبدِ حتى اللحظة مرونة في إعادة قراءة المشهد بما يتجاوز الحسابات الخاصة، ما يُنذر بتكرار الأزمات ذاتها بعد الانتخابات.

وتُعوّل النخب الإصلاحية والمستقلة على رفع نسب المشاركة لتقويض النفوذ التقليدي للأحزاب المهيمنة، لكن دون خطاب مقنع وتحالفات عابرة للهويات، يبقى هذا الرهان ضعيفًا، فيما الصدر يراقب وينتظر اللحظة المناسبة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • التاريخ يعيد نفسه.. إنجاز يتكرر مرة أخرى بين ريال مدريد وبرشلونة منذ 2009
  • جرفه التيار.. مصرع شاب غرقًا أثناء الاستحمام بترعة الخندق في إيتاي البارود
  • 3 ساعات .. فصل التيار الكهربائي غدًا عن محطة مياه إبشان بكفر الشيخ
  • الراعي يتفقد أنشطة الدورات في عدد من المراكز الصيفية بمديرية التحرير
  • حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب الخلاف على مصروف البيت في العبور
  • الانتخابات تقترب.. و شبح عودة التيار الصدري لا يزال يخيم على المشهد
  • العبيدي: توحيد مجلس الدولة بات قريبًا.. وقرار المحكمة أو إعادة الانتخاب سيحسم الخلاف
  • أخرجت ريحًا فأتممت طوافي فهل يجوز؟.. دار الإفتاء تجيب
  • عمرو أديب عن زواج محمود عبد العزيز وبوسي شلبي: قطعة أرض تقف وراء هذا الخلاف
  • ارباك في التيار