نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) مقالا تحليليا للكاتب الصحفي توماس فريدمان تناول العلاقة المتوترة بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية.

وسلط فريدمان الضوء على التوتر بين تل أبيب وواشنطن من خلال الإجابة عن 3 أسئلة مترابطة تلخص أسباب الأزمة وأبرز تجلياتها.

والأسئلة الثلاثة هي: لماذا تحاول الحكومة الإسرائيلية سحق المحكمة العليا في البلاد؟ لماذا قال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN) إن حكومة نتنياهو هي أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا على الإطلاق؟ ولماذا صرح السفير الأميركي في إسرائيل بأن أميركا تعمل على منع إسرائيل من "الخروج عن السكة"؟

والجواب المختصر للأسئلة الثلاثة السابقة كما يرى فريدمان هو أن إدارة بايدن ترى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، منخرطة في سلوك متطرف غير مسبوق -تحت عباءة إصلاح القضاء- يقوِّض المصالح والقيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كما يغير تصور الطرفين المشترك ذي الأهمية البالغة حول وضع الضفة الغربية الذي كان عاملا للحفاظ على بقية رمق في الآمال المتعلقة بالسلام.


لماذا يسعى نتنياهو لتحجيم دور القضاء؟

هناك مواقف كثيرة تعكس التوتر بين الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية التي يقودها متطرفون يهود، من أمثلتها رد أحد أعضاء حكومة نتنياهو على تصريح بايدن حول تطرف الحكومة الإسرائيلية المذكور آنفا، حيث قال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إن على بايدن أن يدرك أن "إسرائيل لم تعد نجمة أخرى في العَلم الأميركي".

ووفق المقال فإن الدبلوماسيين الأميركيين الذين يتعاملون مع نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مدة في هذا المنصب، الذي يتمتع بموهبة سياسية وذكاء كبير، يشعرون بالصدمة ويصعب عليهم تصديق كونه يرضى أن يقوده أشخاص مثل بن غفير، وأن يُعرِّض علاقات إسرائيل مع أميركا والمستثمرين العالميين للخطر، كما يُعرض إسرائيل لاحتمال اندلاع حرب أهلية، فقط لكي يبقى في السلطة مع مجموعة من المتطرفين القوميين.

ويوضح فريدمان أن انهيار القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بدأ عندما تحرك الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو لتغيير توازن القوى المترسخ منذ أمد طويل بين الحكومة والمحكمة العليا، التي تمثل الجهة الرقابية المستقلة الوحيدة على السلطة السياسية.

فالمستوطنون اليهود يريدون تحييد دور المحكمة العليا لكي يتمكنوا من إنشاء مستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية ومصادرة الأراضي الفلسطينية بسهولة. في حين يريد المتطرفون اليهود تحييد دور المحكمة العليا حتى لا تكون هناك جهة تجبر أبناءهم على الخدمة في الجيش الإسرائيلي وتفرض على مدارسهم تدريس اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والقيم الديمقراطية. أما نتنياهو فيسعى إلى تحييد دور القضاء لكي يتسنى له تعيين من يشاء من السياسيين في مناصب مهمة، وفق فريدمان.

وقال الكاتب إن حكومة نتنياهو بدأت هذا الأسبوع عرض مشروع قانون في الكنيست يمنع القضاء الإسرائيلي من استخدام مبدأ المعقولية الراسخ في القانون الإسرائيلي والذي يمنح المحكمة العليا الحق في مراجعة وعكس القرارات التي تُعدّ متهورة أو غير أخلاقية من قبل مجلس الوزراء ووزراء الحكومة وبعض المسؤولين المنتخبين الآخرين.


ضم الضفة وتهديد أمن الأردن

يرى فريدمان أن التصور المشترك بأن احتلال إسرائيل للضفة الغربية أمر مؤقت، وأن حل الدولتين أمر سيتحقق يوما ما، كان من أهم التصورات الإسرائيلية-الأميركية المشتركة، مما وفر على واشنطن القلق بشأن وجود أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية التي يبلغ عدد سكانها الفلسطينيين نحو 2.9 مليون نسمة. فعندما يتوصل الطرفان لاتفاق تكون بموجبه دولتان؛ سيغادر بعضهم ويبقى البعض الآخر.

ومن هذا المنطلق انحازت الولايات المتحدة دائما لإسرائيل ودافعت عنها في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي وتصدت لقرارات وأحكام مختلفة تنطلق من كون احتلالها للضفة الغربية دائما وليس مؤقتا.

والآن يقول فريدمان إن الحكومة الإسرائيلية تبذل قصارى جهدها لتدمير هذا التصور الذي كان عاملا مكّن إسرائيل من كسب الوقت. وقد وافق نتنياهو، منذ توليه المنصب في ديسمبر/كانون الأول 2022، على أكثر من 7 آلاف وحدة سكنية جديدة، معظمها في عمق الضفة الغربية.

كما عدلت حكومته قانونا لتمكين المستوطنين المتوحشين من العودة إلى 4 مستوطنات طردهم منها الجيش الإسرائيلي؛ منتهكة بذلك تعهدا سبق أن قطعته إسرائيل للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بعدم القيام بذلك.

ويرى الكاتب أن تقويض نتنياهو المستمر لهذا التصور المشترك بشأن الضفة الغربية وحل الدولتين، يثير الآن مشكلة حقيقية للمصالح الأميركية والإسرائيلية المشتركة الأخرى، حيث يهدد استقرار الأردن، كما يدفع الدول العربية التي وقّعت اتفاقيات مع إسرائيل في ما يعرف بـ"اتفاقيات أبراهام" للتراجع خطوة إلى الوراء.

وقال فريدمان إن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، سيزور واشنطن الأسبوع المقبل ويلتقي الرئيس الأميركي، وتلك طريقة بايدن للإشارة إلى أن مشكلته ليست مع الشعب الإسرائيلي وإنما مع حكومة نتنياهو المتطرفة.

وخلص إلى أنه لا يساوره شك في أن بايدن سيُحمِّل الرئيس الإسرائيلي رسالة مفادها أنه عندما تكبر الهوة بين مصالح وقيم حكومة أميركية وحكومة إسرائيلية، فإن إعادة تقييم العلاقة بين البلدين تصبح أمرا لا مفر منه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة الولایات المتحدة المحکمة العلیا حکومة نتنیاهو الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

في ظل حصار خانق.. غزة تسجل عشرات القتلى وحملة اعتقالات واسعة بالضفة الغربية

ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة، اليوم الخميس، إلى 43 شخصًا منذ فجر اليوم، جرّاء غارات جوية إسرائيلية استهدفت عدة مناطق في القطاع، بحسب ما أفادت به مصادر طبية فلسطينية.

وأوضحت المصادر أن مدينة خان يونس جنوب القطاع كانت الأكثر تضررًا، حيث أسفر القصف عن مقتل 26 شخصًا، عقب استهداف ما لا يقل عن ثمانية منازل. كما قُتل عدد من الفلسطينيين وأُصيب آخرون في قصف طال منزلًا في بلدة بني سهيلا شرقي المدينة.

وفي شمال القطاع، قُتل سبعة أشخاص على الأقل في قصف استهدف منزلًا في بلدة جباليا، فيما أودى قصف آخر على شقة سكنية في حي النصر بمدينة غزة بحياة أربعة فلسطينيين.

وتتزامن هذه التطورات مع استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن نية مؤسسة إغاثية مدعومة من الولايات المتحدة بدء عملياتها في غزة قبل نهاية شهر مايو الجاري، ضمن خطة لتوزيع المساعدات أثارت جدلًا واسعًا وانتقادات من أطراف دولية.

وكانت كل من كندا وإيطاليا وبريطانيا، إضافة إلى منظمة “أطباء بلا حدود”، قد وجّهت انتقادات لاذعة لإسرائيل، متهمةً إياها باستخدام الغذاء كأداة ضغط في الحرب، ومنع دخول الإمدادات الأساسية منذ أسابيع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن فرض القيود على دخول الغذاء والوقود يهدف إلى الضغط على حركة “حماس”، مشيرين إلى أن الجيش يدرس حاليًا السماح بدخول المساعدات في ظل تدهور الوضع الإنساني داخل القطاع.

هذا وارتفعت حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 52 ألفا و928 قتيلا و119 ألفا و846 مصابا بين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023، وحصيلة القتلى والإصابات منذ استئناف إسرائيل الحرب في 18 مارس 2025 بلغت ألفين و799 قتيلا و7 آلاف و805 مصابين.

الجيش الإسرائيلي ينفذ حملة دهم واعتقالات واسعة في الضفة الغربية
شنّت القوات الإسرائيلية، فجر اليوم الخميس، حملة دهم واعتقالات واسعة طالت عدداً من مدن وبلدات الضفة الغربية، تخللتها اشتباكات، ومداهمات عنيفة، وتخريب لممتلكات، ما أسفر عن اعتقال عشرات المواطنين وإصابة عدد من السكان.

وقالت مصادر محلية إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مخيم الفوار جنوب مدينة الخليل، واحتجزت أكثر من 70 مواطناً، بعد أن داهمت منازل السكان وعبثت بمحتوياتها. وخلال المداهمات، اعتدت القوات على مدير العلاقات العامة في نادي الأسير، أمجد النجار، وعلى زوجته وأطفاله، ما أدى إلى إصابة زوجته بكسور في يدها، وتحطيم أثاث المنزل.

وامتدت الحملة إلى بلدات أخرى في محافظة الخليل، شملت بيت كاحل شمالاً، وقرية دير العسل جنوب غرب، حيث فتشت القوات عدة منازل واحتجزت عدداً من المواطنين، قبل الإفراج عن بعضهم لاحقاً.

وفي مدينة نابلس، داهمت القوات منازل في بلاطة البلد واعتقلت أربعة شبان بعد تفتيش منازل ذويهم، كما اقتحمت منزلًا في بلدة طمون جنوب طوباس، وقصفته بعد محاصرته، مستخدمة الأسلحة الرشاشة وقذائف “الإنيرجا”، وقالت مصادر محلية إن العملية بدأت بتسلل وحدة خاصة إلى البلدة، تبعتها تعزيزات عسكرية مصحوبة بجرافة مجنزرة.

وخلال الحملة، صدمت دورية عسكرية إسرائيلية حافلة تقل أطفالاً من روضة في طمون، ما أدى إلى إصابة الأطفال بحالة من الهلع، بحسب مدير التربية والتعليم في طوباس عزمي بلاونة.

كما اقتحمت القوات الإسرائيلية مقر جامعة القدس المفتوحة في طوباس، وفجّرت مقهى مجاوراً للجامعة، ما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان من الموقع، وأعلن محافظ طوباس تأخير الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية بسبب الوضع الأمني المتدهور في المحافظة.

وفي الوقت ذاته، أغلقت القوات الإسرائيلية الطرق شمال محافظة رام الله والبيرة، واقتحمت مخيم قلنديا شمال شرقي القدس، وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات.

وتأتي هذه الحملة في ظل تصاعد التوترات في الضفة الغربية، وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدن الضفة، وازدياد وتيرة الاعتقالات والاشتباكات مع السكان المحليين.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى إنهاء عمليات القتل العبثية في الضفة الغربية
  • استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلًا شمال الضفة الغربية
  • "الأوقاف" تعلن مواعيد سفر حجاج الضفة الغربية المغادرين براً
  • في ظل حصار خانق.. غزة تسجل عشرات القتلى وحملة اعتقالات واسعة بالضفة الغربية
  • تقدير إسرائيلي: الطريق إلى الهدوء الأمني في الضفة الغربية لا زال طويلا
  • استنفار أمني واسع في إسرائيل عقب عملية إطلاق نار في الضفة الغربية
  • خبير عسكري: إجراءات الاحتلال في الضفة الغربية فشلت في وقف عمليات المقاومة
  • استهداف نيراني لمستوطنين في الضفة الغربية.. وأبو عبيدة يُعلق
  • استهداف مستوطنين في الضفة الغربية.. وأبو عبيدة يصف العملية بـالبطولية
  • أبو عبيدة يبارك عملية إطلاق النار البطولية في الضفة الغربية