30 ساعة مذهلة في قطار دوغو إكسبرس التركي.. لكن هل حقًا نفذت البطاقات!
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تركيا هي المحطة الأخيرة لواحدة من أشهر رحلات القطارات في العالم، قطار الشرق السريع. لكن ثمة رحلة أخرى، دوغو إكسبريس (Eastern Express)، ترتقي بالبلاد إلى واحدة من وجهات السكك الحديدية الرائدة في العالم.
تاريخيًا، كان دوغو إكسبرس قطارًا يقلّ الركّاب من أنقرة إلى مدينة قارص، وقد لاقى رواجًا كبيرًا بين المؤثرين الأتراك في السنوات الأخيرة، جرّاء مناظره الخلابة في الشرق، الغنية بالكنوز والبعيدة عن الطرقات المطروقة.
وأشارت بيري رومو، إحدى مؤثري السفر الذين يعيشون في تركيا منذ أكثر من عقد، إلى أنّ "القطار كان يتمتع بالفعل بشعبية كبيرة بين السكان المحليين والمسافرين الأتراك، لكنه بالكاد معروف بين السياح الأجانب". وأنه استجابة للطلب المتزايد، تم تحويل خدمة نقل الركاب في عام 2019، إلى مسار سياحي.
يمتد القطار النائم الذي تستغرق رحلته من العاصمة الصاخبة أنقرة إلى أرض العجائب المغطاة بالثلوج في قارص أكثر من 30 ساعة ليقطع مسافة 1310 كيلومترًا (814 ميلًا)، مع محطات توقف على طول الطريق، حيث تنظّم الرحلات الاستكشافية في المدينة.
غير أنه من الصعب الحصول على التذاكر التي تباع في دقائق. وعلّقت على هذه الظاهر رومو "بأن ثمة حيلة تقضي بزيارة الموقع الإلكتروني بحلول منتصف الليل وشراء التذاكر عند تحديث الموقع".
فبالعادة تشتري وكالات السفر التركية كميات كبيرة من التذاكر بغية بيعها مجددًا للجولات التي تنظّمها، ما يضمن لعملائها مكانًا على متن القطار، ولهذا السبب، بحسب السكان المحليين، تختفي التذاكر بسرعة. لا يمكن شراء التذاكر الفردية إلا قبل شهر واحد فقط، ما يجعلها جائزة مرغوبة للقلة التي تحصل عليها.
للوهلة الأولى، قد تبدو أنقرة أقل بريقًا من إسطنبول المعروفة، لكنّ المركز السياسي للبلاد يعد وجهة جديرة بالاهتمام بذاتها.
ومن أبرز معالمها ضريح أتاتورك، المثوى الأخير للأب المؤسس لتركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك.
ورغم أن أنقرة شهدت وتيرة نمو سريعة منذ إعلانها العاصمة الجديدة للبلاد في عام 1923، إلا أنها ما زالت تحتضن بعض السحر التاريخي الذي يمكن العثور عليه في أحيائها القديمة.
يغادر قطار دوغو السريع في وقت مبكر من المساء. وكلما ابتعد عن محطة سكة حديد أنقرة ذات طراز آرت ديكو، يتحول المنظر من النافذة بسرعة من مدينة مترامية الأطراف إلى آفاق واسعة.
تم تجهيز كبائن النوم بسريرين مفردين يمكن تحويلهما مجددًا إلى مقاعد خلال النهار، وثلاجة صغيرة ومغسلة. وغالبًا ما يزيّن المسافرون مقصوراتهم بالأضواء الخيطية، والأوشحة، والشموع.
في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، يصل القطار إلى قرية إيليتش الصغيرة القريبة من كاراناليك أو Dark Canyon. ويعتبر هذا الوادي موطنًا للطريق الحجري المذهل الموازي للوادي حيث مجرى نهر، عندما لا يدخل في أحد أنفاقه البالغ عددها 38، أو يميل مع المنعطفات المرعبة.
ورغم سمعته الخطرة، إلا أنّ الطريق يجذب السياح بانتظام جراء مناظره الخلابة. وهي تضم منحدرات مثيرة ووديان شديدة الانحدار، ويتدفق نهر الفرات أسفلها. ثم ينحدر القطار شرقًا إلى قلب الأناضول.
وقالت نيتا كالبان، مواطنة من مينيسوتا تعيش في منطقة طرابزون الساحلية على البحر الأسود، لـCNN، إنها كانت معتادة على فصول الشتاء الثلجية القاسية، لكنّها "لم تدرك مدى كبر مساحة تركيا، ومسطحاتها، وبرودتها" قبل ركوب القطار.
وتصف المناظر الطبيعية بأنها "مذهلة، خصوصًا لجهة اتساعها". وروت: "حاولت التقاط مقاطع فيديو للمناظر من النوافذ" لكنني شعرت "بأن الصورة لم تعكس ما شعرت به حقًا عند رؤيتها".
المحطة النهائيةبحلول المساء، يتجه القطار إلى أرضروم. قالت رومو إن زيارة المدينة كانت "بلا شك واحدة من أفضل التجارب" التي اختبرتها في تركيا بسبب "تاريخها الغني، وثقافتها، ومطبخها الاستثنائي".
تعد أرضروم موطنًا للعديد من أنواع المأكولات المحلية المختلفة، وأشهرها مطعم كاج كباب. يُنقع لحم الضأن في هذه المدينة لمدة 12 ساعة تقريبًا مع البصل والملح والفلفل، ثم يوضع على سيخ ويُطهى على نار الحطب، قبل لفه في خبز مسطّح ساخن، أو تناوله مباشرة من السيخ.
بعد أرضروم، لم يتبقّ سوى بضع ساعات على قطار دوغو السريع قبل الوصول إلى وجهته النهائية، قارص.
تشتهر هذه المدينة بمناظرها الطبيعية الشتوية، واسمها مشتق من الكلمة التركية التي تعني الثلج. تشتهر المدينة بهندستها المعمارية الفريدة التي تعود إلى الأيام التي كانت فيها جزءًا من الإمبراطورية الروسية.
تشبّه أومو ألتوناس، وهي محامية من إسطنبول، زيارة شرق تركيا بأنها رحلة إلى "بلد مختلف" تمامًا عن الغرب الأوروبي. وتقول إن مرد ذلك جزئيًا إلى أن "الشرق موطن للعديد من الثقافات المختلفة"، مثل الأكراد والأرمن والآشوريين.
وتعد مدينة آني التي تعود للقرون الوسطى، العاصمة السابقة لمملكة أرمينيا القديمة، أحد الأمثلة على ذلك. فعلى بعد مسافة قصيرة بالسيارة من قارص، توجد الآثار المهيبة التي يعود تاريخها إلى 1600 عام، وهي مفتوحة للسياح. وتوفر الجدران الضخمة والكنائس المحفوظة جيدًا، والمطلة جميعها على وادٍ عميق، رحلة عبر الزمن للزوار.
رغم أنّ المناطق الشرقية في تركيا تجذب عددًا أقل من السياح، إلا أن السكان المحليين غالبًا ما يكونون حريصين على الترحيب بالزوار وفق الضيافة التركية التقليدية.
تركياأنقرةرحلاتقطاراتنشر السبت، 09 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أنقرة رحلات قطارات Getty Images
إقرأ أيضاً:
تركيا تعود إلى غزة من بوابة واشنطن.. وأردوغان يقلب الطاولة على إسرائيل. صحيفة عبرية تكشف لماذا تخاف تل أبيب من الدور التركي؟
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" -اليوم السبت- عن باحثين في معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي عن تحذيرهما من الدور التركي القادم في غزة , وقال الصحيفة نقلا عن الباحثين "أن دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة "قد يتحول إلى كابوس لإسرائيل".
وأشارت الصحيفة -في تقريرها- إلى أن إسرائيل رفضت بشدة منذ بداية الحرب، على غزة إشراك تركيا في أي مفاوضات أو ترتيبات تخص غزة، خصوصا بعد أن أطلق أردوغان على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف "هتلر العصر" واتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية.
ويرى التقرير أن المشهد تغير خلال الأسابيع الأخيرة وأن تركيا أصبحت جزءا مركزيا من المحادثات التي أفضت إلى اتفاق وقف النار.
ويرى الباحثان الخبيران في الشأن التركي اللذان تحدثت معهما الصحيفة، وهما رامي دانيال وغاليا ليندنشتراوس، أن مشاركة تركيا جاءت تحت مظلة أميركية، ولكن الخطاب التركي تجاه إسرائيل لم يتغير، بل ازداد حدة.
وتقول ليندنشتراوس إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى في أردوغان "الزعيم القادر على إعادة النظام إلى الشرق الأوسط"، وهو ما جعله يراهن عليه في تنفيذ خطة "اليوم التالي" في غزة، مستفيدا من العلاقة الجيدة بين أنقرة وواشنطن في هذه المرحلة.
وتضيف أن هذا الرهان يثير قلقا واسعا في إسرائيل، إذ إن "إشراك تركيا في ترتيبات ما بعد الحرب هو تطور مقلق للغاية بالنسبة لإسرائيل، لأنها لاعب معاد علنا وسلوكيا لها، ولأن وجودها في غزة يتناقض مع المصالح الإسرائيلية الأساسية".
وتضيف ليندنشتراوس أن "تركيا تمتلك قدرات عسكرية وتنظيمية تجعلها فاعلا مؤثرا في أي قوة مراقبة أو حفظ سلام، لكن هذا بالضبط ما يجعلها خطرا محتملا، فمجرد وجود جنود أتراك قرب قوات إسرائيلية يفتح الباب أمام حوادث قد تفجر أزمة دبلوماسية أو عسكرية"، مشيرة إلى احتكاكات إسرائيلية حصلت مع قوة حفظ السلام "اليونيفيل" في لبنان.
وترى الباحثة أن ترامب، الذي يفضّل "إدارة الشرق الأوسط عبر علاقات الزعماء الأقوياء"، منح أردوغان ما يريده منذ زمن: شرعية العودة إلى غزة بوصفه لاعبا أساسيا، بعدما ظلّ ممنوعا من ذلك منذ عام 2010 عقب أزمة سفينة "مافي مرمرة".
وحسب ليندنشتراوس، فإن أنقرة تنظر إلى تدخلها في غزة بوصفه "فرصة تاريخية" لاستعادة مكانتها في المنطقة بعد سنوات من العزلة، وإظهار قدرتها على التأثير في القضايا العربية المركزية، لا سيما القضية الفلسطينية التي تستثمر فيها سياسيا منذ عقدين.
أما الباحث رامي دانيال، فيصف دخول تركيا على خط التفاوض بأنه "تحول حاسم"، موضحا أن أنقرة لم تكن جزءا من الوساطة في البداية، لكنها سعت بإصرار إلى أن تكون لاعبا رئيسيا في نهاية المطاف.
ويشير دانيال إلى أن "تركيا ضخت خلال السنوات الماضية كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة، وحاولت عبر خطاب أردوغان المناهض لإسرائيل أن تقود محورا إسلاميا داعما للفلسطينيين، لكنها لم تنجح في تحويل ذلك إلى نفوذ فعلي، حتى جاءت هذه اللحظة".
ويرى الباحث الإسرائيلي أن الرئيس التركي "وجد في خطة ترامب فرصة ذهبية لإثبات دوره الإقليمي"، مشيرا إلى "تغير في قواعد اللعبة يضع ثمنا على إسرائيل، لأن أردوغان لم يغيّر موقفه السياسي من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل سيعمل على الحفاظ على شرعيتها السياسية، الأمر الذي سيجعل التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق أكثر صعوبة.
كابوس إستراتيجي
ووفق ما يقول دانيال، منذ اليوم الأول للحرب، حلم أردوغان بدور في غزة، واليوم يحصل عليه، وسيسعى لأن يكون كبيرا ومؤثرا قدر الإمكان. وفي المقابل، ترى إسرائيل أن الحلم التركي هو "كابوس إستراتيجي".
ويضيف أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى أن الحضور التركي في أي صيغة للرقابة أو المراقبة قد يؤدي إلى تقييد حرية عمل الجيش، وربما إلى صدام مباشر في حال وقوع حادث ميداني".
وإضافة إلى المخاطر الأمنية، هناك بعد السياسي: فأنقرة -حسب دانيال- تميل إلى منح حماس مكانة في أي تسوية مستقبلية، وتعارض فكرة نزع سلاحها الكامل أو إقصائها عن إدارة غزة، بينما تدفع إسرائيل ومصر والإمارات باتجاه عكس ذلك تماما.
ويزعم دانيال أن "معظم دول المنطقة اليوم أقرب إلى الموقف الإسرائيلي منها إلى الموقف التركي ولا ترغب في بقاء حماس قوية"، مشيرا إلى أن تركيا هي الاستثناء، لكنها قوية الآن، ولكن الوضع قد ينقلب عليها لاحقا إذا تغيّرت موازين القوى.
في حين تسلّط ليندنشتراوس الضوء على الجدل داخل إسرائيل حول حجم الدور الذي يمكن السماح به لتركيا في غزة، وتقول إن فكرة وجود قوات تركية في غزة "مقلقة جدا، ومن الأفضل لإسرائيل الحد من أي تدخل عسكري تركي قدر الإمكان".
جبهتان للنفوذ
ولا يقتصر القلق الإسرائيلي على غزة وحدها. فوفقا للباحثة الإسرائيلية، فإن صعود الدور التركي في سوريا خلال السنوات الأخيرة، وتراجع النفوذ الإيراني النسبي هناك، يجعلان أنقرة "اللاعب الإقليمي الصاعد" الذي قد يتقاطع مع إسرائيل في أكثر من ساحة.
وتوضح ليندنشتراوس أن تركيا كانت في السابق مهتمة أساسا بشمال سوريا، بينما ركزت إسرائيل على الجنوب، لكن تغير المعادلة الميدانية بعد سقوط الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد جعل من تركيا قوة ذات مصالح أوسع، حتى باتت تنظر إلى إسرائيل بوصفها عائقا محتملا أمام نفوذها الجديد.
ولهذا السبب، تقول الباحثة، تم تفعيل خط ساخن بين الجيشين التركي والإسرائيلي لتفادي الحوادث الجوية في الأجواء السورية، في إشارة إلى هشاشة العلاقة بين الطرفين رغم المصالح الأمنية المتشابكة.
وتشير ليندنشتراوس في هذا السياق إلى أن الإعلام التركي المقرب من الحكومة يشير إلى ما يسميه "الانتصار الدبلوماسي"، إذ تمكن أردوغان من فرض نفسه مجددا بوصفه مدافعا عن القضية الفلسطينية وشريكا في ترتيبات وقف النار، بعد سنوات من التهميش.
ولكنها تنقل عن مراقبين إسرائيليين أن الحكومة التركية تستخدم ملف غزة لترميم صورتها لدى الشارع العربي والإسلامي، ولتحسين موقعها في التنافس مع إيران على النفوذ في المنطقة. كما ترى فيه فرصة لإثبات جدارتها أمام واشنطن بوصفها لاعبا "منضبطا" يمكنه أن يوازن بين المصالح الأميركية والعربية.
وتؤكد الباحثة أن إسرائيل ترى في هذه الإستراتيجية "وجها مزدوجا"، فبينما تقدم تركيا نفسها شريكا للولايات المتحدة في إحلال السلام، فإنها في الوقت نفسه تهاجم إسرائيل بعنف في خطابها الداخلي، وتواصل احتضان حماس سياسيا وإعلاميا.
وتركيا -حسبما يقول الباحثان الإسرائيليان- ستسعى إلى تثبيت وجودها في القطاع من خلال فرق المراقبة أو المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، مما سيمنحها نفوذا طويل الأمد لا يمكن لإسرائيل قبوله بسهولة. وتحذر ليندنشتراوس من أن "أي حادث بسيط بين الجيشين في غزة قد يتحول إلى أزمة دبلوماسية كبيرة".
المصدر: يديعوت أحرونوت - الجزيرة نت