تركيا تعود إلى غزة من بوابة واشنطن.. وأردوغان يقلب الطاولة على إسرائيل. صحيفة عبرية تكشف لماذا تخاف تل أبيب من الدور التركي؟
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" -اليوم السبت- عن باحثين في معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي عن تحذيرهما من الدور التركي القادم في غزة , وقال الصحيفة نقلا عن الباحثين "أن دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة "قد يتحول إلى كابوس لإسرائيل".
وأشارت الصحيفة -في تقريرها- إلى أن إسرائيل رفضت بشدة منذ بداية الحرب، على غزة إشراك تركيا في أي مفاوضات أو ترتيبات تخص غزة، خصوصا بعد أن أطلق أردوغان على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف "هتلر العصر" واتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية.
ويرى التقرير أن المشهد تغير خلال الأسابيع الأخيرة وأن تركيا أصبحت جزءا مركزيا من المحادثات التي أفضت إلى اتفاق وقف النار.
ويرى الباحثان الخبيران في الشأن التركي اللذان تحدثت معهما الصحيفة، وهما رامي دانيال وغاليا ليندنشتراوس، أن مشاركة تركيا جاءت تحت مظلة أميركية، ولكن الخطاب التركي تجاه إسرائيل لم يتغير، بل ازداد حدة.
وتقول ليندنشتراوس إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى في أردوغان "الزعيم القادر على إعادة النظام إلى الشرق الأوسط"، وهو ما جعله يراهن عليه في تنفيذ خطة "اليوم التالي" في غزة، مستفيدا من العلاقة الجيدة بين أنقرة وواشنطن في هذه المرحلة.
وتضيف أن هذا الرهان يثير قلقا واسعا في إسرائيل، إذ إن "إشراك تركيا في ترتيبات ما بعد الحرب هو تطور مقلق للغاية بالنسبة لإسرائيل، لأنها لاعب معاد علنا وسلوكيا لها، ولأن وجودها في غزة يتناقض مع المصالح الإسرائيلية الأساسية".
وتضيف ليندنشتراوس أن "تركيا تمتلك قدرات عسكرية وتنظيمية تجعلها فاعلا مؤثرا في أي قوة مراقبة أو حفظ سلام، لكن هذا بالضبط ما يجعلها خطرا محتملا، فمجرد وجود جنود أتراك قرب قوات إسرائيلية يفتح الباب أمام حوادث قد تفجر أزمة دبلوماسية أو عسكرية"، مشيرة إلى احتكاكات إسرائيلية حصلت مع قوة حفظ السلام "اليونيفيل" في لبنان.
وترى الباحثة أن ترامب، الذي يفضّل "إدارة الشرق الأوسط عبر علاقات الزعماء الأقوياء"، منح أردوغان ما يريده منذ زمن: شرعية العودة إلى غزة بوصفه لاعبا أساسيا، بعدما ظلّ ممنوعا من ذلك منذ عام 2010 عقب أزمة سفينة "مافي مرمرة".
وحسب ليندنشتراوس، فإن أنقرة تنظر إلى تدخلها في غزة بوصفه "فرصة تاريخية" لاستعادة مكانتها في المنطقة بعد سنوات من العزلة، وإظهار قدرتها على التأثير في القضايا العربية المركزية، لا سيما القضية الفلسطينية التي تستثمر فيها سياسيا منذ عقدين.
أما الباحث رامي دانيال، فيصف دخول تركيا على خط التفاوض بأنه "تحول حاسم"، موضحا أن أنقرة لم تكن جزءا من الوساطة في البداية، لكنها سعت بإصرار إلى أن تكون لاعبا رئيسيا في نهاية المطاف.
ويشير دانيال إلى أن "تركيا ضخت خلال السنوات الماضية كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة، وحاولت عبر خطاب أردوغان المناهض لإسرائيل أن تقود محورا إسلاميا داعما للفلسطينيين، لكنها لم تنجح في تحويل ذلك إلى نفوذ فعلي، حتى جاءت هذه اللحظة".
ويرى الباحث الإسرائيلي أن الرئيس التركي "وجد في خطة ترامب فرصة ذهبية لإثبات دوره الإقليمي"، مشيرا إلى "تغير في قواعد اللعبة يضع ثمنا على إسرائيل، لأن أردوغان لم يغيّر موقفه السياسي من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل سيعمل على الحفاظ على شرعيتها السياسية، الأمر الذي سيجعل التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق أكثر صعوبة.
كابوس إستراتيجي
ووفق ما يقول دانيال، منذ اليوم الأول للحرب، حلم أردوغان بدور في غزة، واليوم يحصل عليه، وسيسعى لأن يكون كبيرا ومؤثرا قدر الإمكان. وفي المقابل، ترى إسرائيل أن الحلم التركي هو "كابوس إستراتيجي".
ويضيف أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى أن الحضور التركي في أي صيغة للرقابة أو المراقبة قد يؤدي إلى تقييد حرية عمل الجيش، وربما إلى صدام مباشر في حال وقوع حادث ميداني".
وإضافة إلى المخاطر الأمنية، هناك بعد السياسي: فأنقرة -حسب دانيال- تميل إلى منح حماس مكانة في أي تسوية مستقبلية، وتعارض فكرة نزع سلاحها الكامل أو إقصائها عن إدارة غزة، بينما تدفع إسرائيل ومصر والإمارات باتجاه عكس ذلك تماما.
ويزعم دانيال أن "معظم دول المنطقة اليوم أقرب إلى الموقف الإسرائيلي منها إلى الموقف التركي ولا ترغب في بقاء حماس قوية"، مشيرا إلى أن تركيا هي الاستثناء، لكنها قوية الآن، ولكن الوضع قد ينقلب عليها لاحقا إذا تغيّرت موازين القوى.
في حين تسلّط ليندنشتراوس الضوء على الجدل داخل إسرائيل حول حجم الدور الذي يمكن السماح به لتركيا في غزة، وتقول إن فكرة وجود قوات تركية في غزة "مقلقة جدا، ومن الأفضل لإسرائيل الحد من أي تدخل عسكري تركي قدر الإمكان".
جبهتان للنفوذ
ولا يقتصر القلق الإسرائيلي على غزة وحدها. فوفقا للباحثة الإسرائيلية، فإن صعود الدور التركي في سوريا خلال السنوات الأخيرة، وتراجع النفوذ الإيراني النسبي هناك، يجعلان أنقرة "اللاعب الإقليمي الصاعد" الذي قد يتقاطع مع إسرائيل في أكثر من ساحة.
وتوضح ليندنشتراوس أن تركيا كانت في السابق مهتمة أساسا بشمال سوريا، بينما ركزت إسرائيل على الجنوب، لكن تغير المعادلة الميدانية بعد سقوط الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد جعل من تركيا قوة ذات مصالح أوسع، حتى باتت تنظر إلى إسرائيل بوصفها عائقا محتملا أمام نفوذها الجديد.
ولهذا السبب، تقول الباحثة، تم تفعيل خط ساخن بين الجيشين التركي والإسرائيلي لتفادي الحوادث الجوية في الأجواء السورية، في إشارة إلى هشاشة العلاقة بين الطرفين رغم المصالح الأمنية المتشابكة.
وتشير ليندنشتراوس في هذا السياق إلى أن الإعلام التركي المقرب من الحكومة يشير إلى ما يسميه "الانتصار الدبلوماسي"، إذ تمكن أردوغان من فرض نفسه مجددا بوصفه مدافعا عن القضية الفلسطينية وشريكا في ترتيبات وقف النار، بعد سنوات من التهميش.
ولكنها تنقل عن مراقبين إسرائيليين أن الحكومة التركية تستخدم ملف غزة لترميم صورتها لدى الشارع العربي والإسلامي، ولتحسين موقعها في التنافس مع إيران على النفوذ في المنطقة. كما ترى فيه فرصة لإثبات جدارتها أمام واشنطن بوصفها لاعبا "منضبطا" يمكنه أن يوازن بين المصالح الأميركية والعربية.
وتؤكد الباحثة أن إسرائيل ترى في هذه الإستراتيجية "وجها مزدوجا"، فبينما تقدم تركيا نفسها شريكا للولايات المتحدة في إحلال السلام، فإنها في الوقت نفسه تهاجم إسرائيل بعنف في خطابها الداخلي، وتواصل احتضان حماس سياسيا وإعلاميا.
وتركيا -حسبما يقول الباحثان الإسرائيليان- ستسعى إلى تثبيت وجودها في القطاع من خلال فرق المراقبة أو المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، مما سيمنحها نفوذا طويل الأمد لا يمكن لإسرائيل قبوله بسهولة. وتحذر ليندنشتراوس من أن "أي حادث بسيط بين الجيشين في غزة قد يتحول إلى أزمة دبلوماسية كبيرة".
المصدر: يديعوت أحرونوت - الجزيرة نت
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
لماذا تدخل ستارمر ضد قرار منع مشجعي نادي مكابي تل أبيب من دخول بريطانيا؟
تدخل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في قرار اتخذ بشأن مباراة بين فريق أستون فيلا والنادي الإسرائيلي مكابي تل أبيب، حيث شجب "القرار الخطأ" الذي يقضي بمنع مشجعي الفريق الإسرائيلي من حضور المباراة التي تقام ضمن بطولة الدوري الأوروبي على ملعب النادي الإنجليزي الشهر المقبل.
وجاء في تقرير لصحيفة "التايمز" أن شرطة ويست ميدلاندز نصحت مجموعة مجموعة استشارات السلامة القانونية في برمنغهام (ساغ) بإقامة المباراة في فيلا بارك يوم 6 تشرين الثاني/ نوفمبر بدون مشجعي الفريق الضيف بسبب مخاوف أمنية حول الملعب، وهو قرار أدانه القادة السياسيون اليهود وستارمر.
وقال التقرير إن الحكومة، كما يفهم تستكشف الآن كيفية إلغاء القرار وضمان حضور مشجعي النادي الإسرائيلي للمباراة، وهي خطوة ستكون لها آثار أمنية كبيرة.
وكشف أنه من المقرر منع المشجعين المسافرين بعد توصية الشرطة، والتي جاءت بعد عدد من "التهديدات" حول المباراة، مما أثار مخاوف من وقوع هجمات معادية للسامية. وأكد فريق فيلا لاحقا قرار مجموعة استشارات السلامة، الذي قال في بيان: "يؤكد أستون فيلا أن النادي قد أُبلغ بأنه لا يجوز لأي مشجعي الفريق الضيف حضور مباراة الدوري الأوروبي مع مكابي تل أبيب يوم الخميس 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، بناء على تعليمات من مجموعة استشارات السلامة".
وأبلغت شرطة ويست ميدلاندز مكتب ممثل نقابة المحامين (ساغ) بوجود مخاوف تتعلق بالسلامة العامة خارج منطقة استراحة الملعب، وبقدرتها على التعامل مع أي احتجاجات محتملة في تلك الليلة.
ويجري النادي حوارا متواصلا مع مكابي تل أبيب والسلطات المحلية طوال هذه العملية الجارية، مع وضع سلامة المشجعين الحاضرين للمباراة وسلامة السكان المحليين في مقدمة أي قرار. وكتب رئيس الوزراء على وسائل التواصل الاجتماعي: "هذا قرار خاطئ، لن نتسامح مع معاداة السامية في شوارعنا ودور الشرطة هو ضمان استمتاع جميع مشجعي كرة القدم بالمباراة، دون خوف من العنف أو الترهيب". وقال وزير الدولة في وزارة الثقافة ووزارة الداخلية، إيان موراي، لشبكة "سكاي نيوز"، بأن وزير الدولة للثقافة ووزيرة الداخلية سيجتمعان اليوم مع جهات معنية أخرى "لبحث إمكانية إيجاد حل لهذا الأمر".
وقال أندرو فوكس الرئيس الفخري لمجموعة مشجعي نادي فيلا اليهود، لبرنامج "توداي" على إذاعة بي بي سي 4 بأن القرار "رسالة سياسية وليست أمنية" إذ "لا يوجد دليل على عنف جماهير مكابي بشكل خاص"، وأضاف أن هناك "أساليب قائمة" للفصل بين مجموعات المشجعين المنفصلة.
ودعا جيريمي كوربن وزميله النائب المستقل أيوب خان الحكومة والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إلى إلغاء المباراة أو فرض قيود على مشجعي مكابي تل أبيب. وأشارت العريضة التي قدماها إلى "الإبادة الجماعية المستمرة في غزة" و"سجل عنف" مشجعي مكابي تل أبيب". ورحب خان بقرار منع الجماهير، قائلاً في بيان إنه "مع كل هذا العداء وعدم اليقين المحيط بالمباراة، كان من الصواب اتخاذ إجراءات صارمة". وفي تصريحات لبرنامج "نيوزنايت" على قناة بي بي سي قال خان: "نحن نتحدث عن جماهير عنيفة، وأعتقد أن على رئيس الوزراء أن ينأى بنفسه عن الأمور التشغيلية".
ودعت زارا سلطانة، وهي نائبة مستقلة أخرى شاركت في تأسيس حزب "حزبكم" الجديد مع كوربن، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إلى "حظر جميع الفرق الإسرائيلية". وفي منشور لها على منصة إكس، قالت: "لا يمكننا التطبيع مع الإبادة الجماعية والفصل العنصري". وأكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) على ضرورة تمكين الجماهير من السفر لدعم فرقهم في "بيئة آمنة". وأضاف في بيان: "يريد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن يتمكن المشجعون من السفر ودعم فرقهم في بيئة آمنة ومأمونة ومرحبة، ويشجع كلا الفريقين والسلطات المختصة على الاتفاق على تطبيق التدابير المناسبة اللازمة لتحقيق ذلك".
ووصف جاك أنغيليدس، الرئيس التنفيذي لنادي مكابي تل أبيب في تصريحات لبرنامج "توداي" على إذاعة بي بي سي 4، القرار بأنه "جائر" وقوبل بـ"استياء". وأقر بوجود "عناصر في جميع الأندية تسيء التصرف"، لكنه قال إن "تعميم سلوك القلة على الجميع أمر غير عادل". وأضاف أن القول بأن جماهير الفريق "محرضون وليسوا ضحايا" للأحداث التي أعقبت مباراة أياكس في هولندا "خاطئ". وقال إن الفريق سافر إلى مناطق مثل تركيا بدون أي حوادث حيث كانت الشرطة حاضرة. وتقول مصادر إن جماعات الضغط "غيم أوفر إسرائيل" ومؤسسة "هند رجب" حثتا يويفا غعلى منع مشجعي مكابي من حضور المباراة.