يمن مونيتور:
2025-11-06@05:08:34 GMT

الارتداد السحيق

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

الارتداد السحيق

المؤسف أننا غارقون في امتداح الماضي، وفينا من يستهويه التنقيب في قمامات ذلك الماضي، امتداح يقزم من احلامنا، واستهواء يعيد انتاج صراعاتنا، مما يجعلنا ماضويين، فاقدين القدرة على أن نكن فاعلين في الحاضر، لنصيغ مسار المستقبل، ونبني دعائم ذلك المستقبل وفق المتغيرات والمشتركات التي تعطي مساحة واسعة للتعاون والبناء المشترك.

حملنا هم التغيير ورفعنا راية الوطن الكبير، واصطدمنا بمعوقات غلبتنا، واستسلمنا للفشل، وتراجعنا للخلف، على امل ان يكون تراجعا حميدا، يعيد ترتيب الانطلاق الأفضل للمستقبل، واذا به تراجعا خبيثا اعادنا لماضي مقيت، وارتداد سحيق عن كل ما انجزناه وحققناه، ارتداد انهارت فيه قيمنا المتجذرة، ومبادئنا الاصيلة، وتصدر مشهد الارتداد كل ما هو وضيع وجاهل ومتهور، فتصدعنا واحدثت تصدعاتنا شروخا، تسللت منها كل سموم العالم المتخلف، وكل فيروسات التعصب، وكل بلاوي وقذارة الماضي الرث، وكل الفاسدين واللصوص والطامعين والمتسللين، واذا بالثقافة تنهار والأخلاق تتدهور، والنظرة المستقبلية تغيب، وعدنا لعصبيات ما قبل الدولة، وما قبل الثورات التحررية الكبرى، فقدنا إنسانيتنا وروحنا الوطنية، وعدنا باحثين في تراكمات الماضي وقماماته ما يبرر كل هذا الارتداد، التي تماهى معه البعض، واليوم يصرخا الما من نتائجه، ارتداد سحيق لتطلعاتنا، لمستوى ادنى مما كنا نتصور، للمناطقية والطائفية، التي ضاقت حلقاتها لمستوى القرية والاسر الأرستقراطية الاقطاعية، وعادوا بنا لنفتش في شهادات الميلاد، والاصل والفصل.

أخطر ما في هذا السقوط هو تغييب ثقافة الاختلاف، الذي أدى لشخصنة الأمور، وافرز أسوأ ما فينا من كره وحقد وتشفي، تفننا في شتم واتهام وتخوين بعضنا بعض، بسقوط أخلاقي غير مسبوق، مخطط لأسقاط امة عريقة، «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت… فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا» .

الاختلاف بحد ذاته وعي وثقافة، بل هو علم في امزجة الأفراد النفسية والعقلية، في الفروق الفردية لتصور الوجود، وقد اثبتت الدراسات (السيكولوجية والاجتماعية) أن القدرات العقلية للفرد لا يمكنها أن تتطور إلا مع الآخر المُختلف، أي في ظل التدافع المعرفي والجدال العلمي، بوصفه الأفضل للتطور الذهني والثقافي.

الاختلاف هو حالة حيوية للمجتمع تدعم الحرك الفكري فيه، ولا يمكن فهمه او وصفه غير انه نتاج للعقل وتفاوت قدراته واختلاف نظرته للحياة، ولهذا يحتاج الخلاف لمستوى وعي عالي، يثري المجتمع، ويبحث عن المشتركات التي تعطي مساحة أكبر للتوافق والاتفاق.

معاركنا العبثية التي نعيشها، هي معارك اختلاف مع جاهل ومتخلف ومتهور، مع الشطط والنطط العبثي، مع لا وعي ولا ادراك ولا منطق، فكان اختلافا عبثيا، تحول لنقمة، تنطع فيه فحش الكلام، وردأة التعامل ، وشخصنة الأمور، وتعزيز الصراعات والفرقة والشتات، وتبرز الاتهامات والتخوين، لتتفوق ثقافة الاستبداد، التي قد تصل لتدمير روح المختلف معنويا وروحيا، ولتشار اليه أصابع الاتهام، ويمكن تحليل دمه وعرضه وكل ما يملك، كما نلاحظ اليوم، سجون تكتظ بالراي المختلف، تكتظ بدعاة التغيير والتجديد والتنوير، والسجان جاهل مثخن بالعصبية بعقل اجوف، وعبد للماضي والصنم .

ولهذا تحكمنا اليوم أصنام صنعها لنا الأوصياء، ارادونا الارتهان بها، لنكن مرتهنون لهم وعبيد لأصنامهم، فلا يغرنك كلام المزايدة باسم وطن وقضية، تموت فيها الإنسانية والحرية والمواطنة، وتعود بنا لعهد العبودية، ولله في خلقه شئون.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: اليمن عدن كتابات مقالات

إقرأ أيضاً:

الزراعة: 92 مليون دولار صادرات مصرية للأردن خلال العام الماضي

أكد الدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية ونائب رئيس مركز البحوث الزراعية لشؤون البحوث بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الصادرات المصرية الزراعية إلى الأردن خلال العام الماضي بلغت نحو 92 مليون دولار، فيما بلغت الواردات من الأردن حوالي 5 ملايين دولار، تشمل تقاوي وأسمدة حيوية ومبيدات زراعية.

وقال موسى - في تصريحات لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان - إن الأردن يستضيف حاليا اجتماعات الدورة الثامنة للجنة الفنية الزراعية المصرية الأردنية المشتركة، برئاسة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق، ونظيره الأردني الدكتور صائب خريسات، وبحضور وفدي البلدين من الخبراء والفنيين ورجال الأعمال العاملين في القطاع الزراعي.

وأضاف أن اللجنة الفنية المشتركة تعد آلية مهمة للتعاون الزراعي بين مصر والأردن، تهدف إلى زيادة التبادل التجاري للمنتجات الزراعية، إزالة المعوقات، تشجيع الاستثمار الزراعي المشترك، وتعزيز التعاون في مجال الأمن الغذائي، وهي منبثقة من أعمال اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين.

وأشار إلى أن الأردن يتميز بإنتاج الأسمدة والمبيدات الحيوية، وتستورد مصر من السوق الأردني أكثر من 100 مبيد حيوي، موضحا أن وزارة الزراعة عرضت خلال اجتماعات اللجنة تعزيز التعاون في هذا المجال لدخول منتجات جديدة أكثر تأثيرا في مكافحة الحشرات والأمراض النباتية داخل مصر.

وكشف عن إمكانية عقد منتدى استثماري زراعي مشترك بين مصر والأردن لإتاحة الفرص أمام المستثمرين في البلدين وإقامة شراكات جديدة في المجال الزراعي، لافتا إلى أن مصر تمتلك أراضي مهيأة وأيدي عاملة مدربة وبنية تحتية قوية من طرق ومواني نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة، بما يشجع على الاستثمار في القطاع الزراعي المصري.

وذكر موسى أن هناك رجال أعمال أردنيين بالفعل توجهوا إلى مصر لشراء أراض والاستثمار في الزراعة، مشددا على أن العلاقات الزراعية بين مصر والأردن "وطيدة ولها طابع من الخصوصية"، وأن اللجنة الفنية المشتركة بين البلدين تعمل على إزالة العوائق التي قد تحد من زيادة تبادل السلع الزراعية.

ونوه إلى أن اللجنة ناقشت سبل زيادة الميزان التجاري الزراعي بين البلدين، الذي ما زال محدودا مقارنة بدول أخرى، مؤكدا أن هناك تكليفات من وزيري الزراعة بالبلدين بالعمل على تعزيزه، حيث تصدر مصر إلى الأردن محاصيل مثل الموالح والخضروات والمانجو والجوافة، فيما تستورد منها منتجات التقاوي وألاسمدة والمبيدات الزراعية.

وأوضح أن اللجنة بحثت أيضا التعاون في تدريب الكوادر الأردنية بمجالات الاستزراع السمكي، البحوث الزراعية، والإرشاد الرقمي، خاصة في التحول الرقمي الزراعي مثل آلية الكارت الذكي لصرف مستلزمات الإنتاج للمزارعين، وحصر الأراضي المنزرعة بمحاصيل استراتيجية والتي تعد أحد أهم دعائم اتخاذ القرار.

ولفت موسى إلى أنه تم الاتفاق على تبادل الخبرات في مجال الزراعة العضوية، مشيرًا إلى أن مصر تعمل حاليا على التوافق مع التشريعات الأوروبية الجديدة لعام 2050 التي تشترط أن تكون جميع المنتجات الزراعية المصدّرة تحت مظلة الزراعة العضوية.

وقال إن مصر تمتلك قانونا خاصًا بالزراعة العضوية صدر عام 2020، ومعامل متخصصة في هذا المجال أبرزها المعمل المركزي للزراعة العضوية التابع لمركز البحوث الزراعية، والذي يعد من أكبر المراكز البحثية في المنطقة، وتم الاتفاق على إعداد مذكرة تفاهم للتوقيع لتدريب الكوادر الأردنية في مجال الزراعة العضوية خلال أعمال اللجنة.

وأضاف أن الجانب الأردني أبدى اهتمامًا كبيرا بنقل تجربة مصر في صناعة السكر من البنجر، موضحا أن مصر كانت تعاني فجوة في إنتاج السكر بلغت 35%، إلا أنها تراجعت حاليًا لأقل 10٪ فقط بفضل المشروعات القومية الكبرى والتوسع في زراعة البنجر بتوجيهات من القيادة السياسية، مشيرا إلى أن هناك تفكيرا أردنيا في إقامة مصنع لإنتاج السكر في مصر وتصدير إنتاجه إلى الأردن.

ولفت إلى أنه تم الاتفاق على أن تزور لجنة أردنية مصر في ديسمبر المقبل لاعتماد المنشآت المصرية الخالية من إنفلونزا الطيور، تمهيدا لفتح تصدير منتجات الدواجن المصرية إلى الأردن، إذ تمتلك مصر حاليا 37 منشأة معترفا بها دوليا من منظمة الصحة العالمية.

وأوضح موسى أنه تم أيضا الاتفاق على أن تكون الأردن بوابة لتصدير الخيول العربية المصرية الأصيلة إلى الدول العربية، وهو ما يمثل مردودا اقتصاديا مهمًا لمصر، فضلا عن أهمية تصدير الأسماك المصرية للأردن وفقًا لاشتراطات الاتحاد الأوروبي، بعد إعادة فتح تصدير الأسماك المصرية مؤخرًا إلى الأسواق الأوروبية.

وأشار إلى أن الاجتماعات شهدت توافقا كبيرا بين الجانبين في مختلف الملفات، ومن المقرر أن يوقع الوزيران محضر اجتماعات اللجنة الفنية الزراعية في ختام أعمالها اليوم في عمان.

وكان وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، قد توجه صباح اليوم الثلاثاء إلى الأردن، للمشاركة في اجتماعات الدورة الجديدة من اللجنة المصرية الأردنية الزراعية المشتركة، ومن المقرر أن يترأس الجانب المصري في هذه الاجتماعات، التي تُعقد بهدف تعزيز وتعميق أوجه التعاون الزراعي بين البلدين الشقيقين، والتي يترأسها وزيرا الزراعة في مصر والأردن.

اقرأ أيضاًوزير الري يبحث مع «الفاو» و«الايكاردا» موقف مشروع «تعزيز إنتاجية المياه في الزراعة»

«الزراعة»: تحصين أكثر من 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية والوادي المتصدع

الزراعة: إزالة 42 حالة تعدي و تطهير 20 مصرف بأنحاء الجمهورية خلال أسبوع

مقالات مشابهة

  • المنتج أحمد جودة: جهزنا لحفل افتتاح المتحف الكبير منذ مايو الماضي
  • أرقام.. أكتوبر الماضي يسجل عدد قتلى قياسي في السودان
  • أبرز الإغلاقات الحكومية الأميركية منذ ثمانينيات القرن الماضي
  • فنّ الحوار.. لغة العقل وأدب الاختلاف
  • 356 عملاً مقاوماً في شهر أكتوبر الماضي
  • الزراعة: 92 مليون دولار صادرات مصرية للأردن خلال العام الماضي
  • الحركات الإسلامية وجيل زد.. فجوة الماضي وإكراهات المستقبل
  • التضخم السنوي في تركيا يتراجع إلى 32.87 بالمئة الشهر الماضي
  • حبس 3 متهمين باختطاف بن إسماعيل مطلع الشهر الماضي
  • السوداني باع العراق إلى تركيا لمستوى شرب الماء ودمار البلاد والعباد