حسين عبد البصير: روح الفراعنة ما زالت تسكن المصريين.. الحضارة لم تنته بل تجددت في كل عصر
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
تظل الحضارة المصرية القديمة، رغم مرور آلاف السنين، حية في وجدان المصريين، لا كصفحات من التاريخ فحسب، بل كروح متجددة تنبض في تفاصيل حياتهم اليومية، ولغتهم، وفنونهم، وحتى في نظرتهم للعالم.
فالمصري الحديث، كما يقول علماء الآثار، ما زال يحمل في داخله ملامح أجداده الفراعنة، الذين شيدوا أولى الحضارات وأرسوا أسس الهوية المصرية التي صمدت أمام كل التغيرات.
                
      
				
قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية والمشرف العام الأسبق على المتحف المصري الكبير، إن الحضارة المصرية القديمة تعد واحدة من أعظم حضارات الإنسانية، التي لم تترك بصمتها في التاريخ فحسب، بل في وجدان المصريين وعقولهم وثقافتهم حتى يومنا هذا.
وأوضح أن مصر ليست فقط بلد الأهرامات والمعابد، بل هي أيضًا أرض الروح المتصلة بجذور تمتد لسبعة آلاف عام من الإبداع والاستمرارية، حيث يعيش الماضي في الحاضر بكل تفاصيله الدقيقة والعميقة.
وأضاف عبد البصير أن من يتأمل سلوك المصريين اليوم، في حياتهم اليومية وأمثالهم الشعبية وأغانيهم واحتفالاتهم، سيكتشف أن المصري القديم لم يرحل قط، بل تحول عبر العصور إلى روح حاضرة في كل بيت وشارع وطقس شعبي، مشيرًا إلى أن الحضارة الفرعونية تركت إرثًا ثقافيًا غير مادي لا يقل أهمية عن آثارها المادية الخالدة.
وأكد أن اللهجة المصرية المعاصرة ما زالت تحتفظ بعدد كبير من المفردات والجذور الموروثة من اللغة المصرية القديمة والقبطية، مثل كلمة “توت” التي ما زالت تستخدم اسمًا لأحد الشهور القبطية المرتبطة بالتقويم الزراعي المصري القديم.
وأضاف أن العبارات اليومية مثل “إلهي ينصرك” و”عيش وملح” تعكس فلسفة ماعت إلهة الحق والعدالة والنظام التي قامت عليها فكرة التوازن في حياة المصريين القدماء، موضحًا أن اللغة المصرية لم تكن أبدًا مجرد وسيلة تواصل، بل وعاء حضاري يحمل ذاكرة طويلة من التجارب الإنسانية والفكرية.
وأشار عبد البصير إلى أن روح الفن الفرعوني لا تزال حاضرة في التكوين الجمالي للمصريين حتى اليوم، فـ”الزخارف المتناظرة، والميل إلى التنسيق والتوازن، والاهتمام بالمقدس في التصميم” هي عناصر انتقلت من المعابد والمقابر المصرية القديمة إلى العمارة القبطية ثم الإسلامية، ولا يزال مبدأ “القداسة في التناسق” يوجه الذوق المصري في العمارة حتى اليوم، سواء في بناء البيت الشعبي أو تصميم الجسور والميادين العامة.
وقال إن المصري في لا وعيه يبحث دوماً عن الخلود الجمالي، تلك الفكرة التي زرعها الأجداد منذ آلاف السنين.
وتابع أن الأغاني الشعبية في الريف والصعيد والواحات لا تزال تحتفظ بإيقاعات مشابهة لتلك التي تغنى بها المصري القديم للنيل والشمس والخصب، مؤكدًا أن المصري القديم قدس الحياة واحتفى بالخصوبة، وهي الروح نفسها التي نراها في أهازيج الفلاحين وأغاني المولد والاحتفال اليوم، موضحًا أن فكرة الخلود ظلت حاضرة في الشخصية المصرية من خلال حب الأرض والعائلة والرغبة في البقاء بالذكر والإنجاز.
وأضاف عبد البصير أن ما يميز الحضارة المصرية القديمة هو أنها لم تنته بانتهاء عصورها، بل أعادت تشكيل نفسها في كل مرحلة تاريخية لاحقة، فالمصري الذي بنى الأهرامات هو نفسه الذي شيّد الكنائس ورفع المآذن، محتفظًا بروح البناء والإيمان بالخلود، وهو ما جعل من مصر نموذجًا فريدًا لحضارة حية تتجدد وتستمر عبر الزمن.
وشدد على أن مصر أثبتت عبر تاريخها الطويل أن الحضارة ليست حجرًا ولا تمثالًا، بل روح تعيش في الناس وتنعكس في سلوكهم اليومي، موضحًا أن المصري المعاصر ما زال يحمل في داخله صوت الجد الفرعوني، يردده دون أن يدري حين يقول “الدنيا دوارة ”، أو حين يرفع يديه إلى السماء شاكرًا الإله كما فعل أجداده قبل آلاف السنين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المصريين القدماء الفراعنة الشخصية المصرية المصري القديم البيت الشعبي المصریة القدیمة المصری القدیم عبد البصیر
إقرأ أيضاً:
معلومات عن شيرين طارق التي خطفت قلوب المصريين في افتتاح المتحف المصري الكبير
خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي أُقيم مساء الجمعة بحضور عدد كبير من قادة ورؤساء دول العالم، لفتت الأنظار شابة المصرية شيرين طارق
وأبهرت شيرين  الحضور بصوتها القوي وأدائها المميز، إنها شيرين أحمد طارق، التي تحول اسمها إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات قليلة بعد الحفل.
ولدت شيرين في مدينة الإسكندرية عام 1993، وانتقلت في طفولتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع أسرتها، حيث واصلت دراستها هناك حتى حصلت على بكالوريوس في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا من جامعة "تاوسون" بولاية ماريلاند. رغم تخصصها البعيد عن الفن، إلا أن شغفها بالموسيقى والغناء دفعها لتغيير مسارها، لتبدأ رحلتها الفنية على متن السفن السياحية، قبل أن تنتقل إلى مسارح نيويورك، وتصبح أول مصرية تؤدي دور البطولة في عرض “My Fair Lady” على برودواي.
وفي حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، ظهرت شيرين طارق بإطلالة ملكية مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، وقدّمت فقرة غنائية أوبرالية جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وسط تفاعل كبير من الحضور، وتصفيق حار من الجماهير الذين وصفوها بأنها “صوت مصر في قلب العالم”.
وأنهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي أشادت بصوتها وحضورها اللافت، معتبرين أنها “واجهة مشرفة للفن المصري”، وأن مشاركتها في حدث بهذا الحجم تؤكد أن مصر لا تزال منبعاً للمواهب الاستثنائية التي تجمع بين الثقافة والتعليم والفن.