علامات على أنك تُفرط في التحليل.. كيف تتوقف؟
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
هناك توازن بين التقييم النقدي ومخاطر التحليل المفرط في النسيج المعقد لعملية صنع القرار، ويمكن أن يصبح الخط الرفيع بين هذين العالمين ضبابيا في بعض الأحيان، مما يدفع الناس للوقوع في دوامة التحليل المستمر والمتردد.
ومن المهارات الحاسمة للحفاظ على الصحة العقلية والنفسية واتخاذ القرارات الحكيمة؛ معرفة الإشارات التحذيرية للتحليل الزائد وتعليم كيفية إيقاف هذه الحلقة المدمرة.
يقول المختص في الطب النفسي الدكتور وائل المومني: إن الإفراط في التحليل يشير إلى التفكير المفرط في التفاصيل والتحليل الزائد للأمور، ويمكن أن يتسبب بمشاكل نفسية. ويظهر ذلك في التوتر المستمر، والقلق الزائد، وفقدان السيطرة على الأفكار.
يمكن التوقف عن التحليل الزائد من خلال تطوير الوعي الذاتي وتقبل عدم الكمال أحياناً، وذلك وفقا للمومني الذي يضيف أن الإفراط في التحليل يمكن أن يُعرّف بتفكير مفرط في التفاصيل اليومية، وقد ينجم عن اضطرابات القلق أو التوتر أو الوسواس القهري.
ويتابع: يمكن أن تظهر أعراض التحليل الزائد في تجنب اتخاذ القرارات والشك الدائم، وآثاره تتضمن انخراطا زائدا في التفكير السلبي، مما يؤثر سلبا في الصحة العقلية.
ومن بين الأسباب المحتملة للإفراط في التحليل الضغوط الحياتية والخوف من اتخاذ القرارات، ويتجلى ذلك في الانخراط الزائد في تفاصيل الأمور والتفكير المتكرر حتى في الأمور البسيطة.
وللتغلب على هذه المشكلة، من المفيد التركيز على التدريب العقلي مثل التأمل وتقبل عدم الكمال، ويمكن البحث عن دعم من الأصدقاء أو الاستعانة بمحترفين في الصحة النفسية، إذ إن إدارة الضغوط وتقليل التفكير المفرط في التفاصيل يسهم في تحسين الصحة النفسية.
ومن جانبه يقول المستشار الأسري الاجتماعي مفيد سرحان: الأصل أن يفكر الإنسان بكل عمل يريد القيام به ويدرسه من جميع الجوانب، خصوصا إذا أراد أن يتخذ قرارات مهمة. لكن بعض الأشخاص يبالغون في التفكير والتحليل وطرح تساؤلات وإثارة قضايا وتفصيلات وتخوفات مبالغ فيها كثيرا.
ويتابع: غالبا ما يكون مثل هؤلاء الأشخاص لديهم درجة عالية من حساسية الشخصية، ويبحثون عن قرارات مثالية، وقد يكون ذلك عائدا لطبيعة الشخصية، أو لتجارب قرارات سابقة كان الأثر السلبي لها كبيرا على حياته.
ومن أكبر الأخطاء أن يصرف الإنسان وقته في التفكير بأمور بسيطة ليست ذات قيمة أو أهمية، وفق سرحان، أو أن يستغرق جل وقته في التفكير في أمور سابقة لا يفيد التفكير فيها طوال الوقت، بل إن ذلك يسبب القلق وربما الخوف من اتخاذ قرارات.
ويرى المستشار سرحان أن المبالغة أو التهويل أو التضخيم أسلوب معتمد ونمط تفكير عند بعض الناس، وسواء أكان مقصودا أم غير مقصود، فإن الأثر السلبي يقع ليس فقط على الشخص متخذ القرار بل على آخرين أيضا.
ويوضح أن التضخيم يؤدي إلى إبعاد الأمر عن حقيقته والتعامل مع شيء مختلف عما هو على أرض الواقع، وربما أن هذا الأمر الجديد لا يرتبط بالقضية الأساسية إلا من حيث المسمى. وقد يتحول ذلك عند البعض إلى أسلوب وسلوك يغلب على جميع تصرفاته وفي جميع الظروف.
ومن الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى تهويل الأمور وعدم القدرة على التشخيص الصحيح ضعف الخبرة أو لنقص المعلومات أو عدم القدرة على التعامل معها، بحسب سرحان.
ويلفت إلى أن تضخيم الأمور يسبب مشكلات كثيرة للشخص، منها زيادة التفكير وقلة التركيز، كما تؤدي إلى ضعف الإنتاج والإنجاز في العمل. والآثار السلبية لا تتوقف على الشخص نفسه بل إلى الأسرة وزملاء العمل والأصدقاء، حيث إن سلوك الإنسان يؤثر على غيره.
وللتغلب على التحليل المستمر أو الإفراط فيه نشر موقع "بيفو سنسيت" خطوات عديدة تساهم في التوقف عن هذا السلوك السلبي، ومنها:
إدراك أن الوقت الذي تنتهي فيه من التحليل هو الخطوة الأولى نحو تغيير هذا الاتجاه؛ راقب أفكارك وسلوكياتك عن كثب، خاصة إذا وجدت نفسك تقع في حلقة من التفكير التحليلي المفرط، وتعلم كيفية التعرف على الإشارات والمواقف التي تسبب الإفراط في التفكير، فالوعي الذاتي أمر ضروري لبدء التحول. اختر المعرفة الضرورية حقا لفهم موقف ما أو لاتخاذ قرار، ثم ركز على ذلك فقط، وابتعد عن جمع الكثير من المعلومات التي قد لا يكون لها تأثير كبير على اختيارك أو فهمك بهدف تحقيق التوازن بين الحفاط على الوعي والابتعاد عن المعلومات الزائدة. امنح تحليلك وقتا محددا مقدما، فعند النظر في مسألة ما أو التوصل إلى خيار امنح نفسك فترة زمنية معينة، فهذا الحد الزمني يمنعك من التفكير باستمرار ويدفعك إلى أن تكون أكثر إنتاجية، وبعد انتهاء الوقت المخصص اتخذ قرارا والتزم به. قم بإعادة توجيه انتباهك عمدا إلى أي شيء آخر، فإذا رأيت نفسك تتعمق في التحليل المفرط، اتبع نظاما للتمارين الرياضية، أو ركز على تقنيات التنفس العميق، أو خصص لنفسك قضاء وقت ممتع، فقد تمنحك هذه الأنشطة استراحة ذهنية وتعيد تركيز انتباهك مؤقتا في مكان آخر.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اتخاذ القرارات فی التفاصیل الإفراط فی فی التحلیل فی التفکیر المفرط فی
إقرأ أيضاً:
التفكير الموجَّه.. كيف يُعاد تشكيل وعيك دون أن تدري؟ قراءة في كتاب
الكتاب: غسيل الأدمغة، تاريخ التحكم في العقولالمؤلف: دانيال بيك
المترجم: أسعد المعلوف
الناشر: دار الساقي
في العام 1950 صاغ الصحافي الأميركي إدوارد هانتر، الذي عمل في وكالة الاستخبارات المركزية، مصطلح "غسيل الدماغ" الذي استخدمه أولا في مقالة صحفية، ثم في مؤلفات أخرى. رأى هانتر أنها ظاهرة خطيرة من مكونات قاتلة من الأيديولوجيا والتكنولوجيا والطب والعلوم النفسية، تهاجم أفكار الأفراد وتؤثر في المحصلة في الواقع الاجتماعي.
يقول دانيال بيك، المحلل النفسي والمؤرخ البريطاني، إن هانتر وغيره من المعاصرين له من النقاد الغربيين للصين حذروا من أن عملية غسيل الدماغ كانت تمثل تجسيدا جديدا لمفهوم الاستعباد النفسي، وكانت مسؤولة عن الأوهام السياسية والاعتقادات الخاطئة التي تبناها مئات الآلاف من الطلاب وغيرهم من المواطنين، الذين تحولوا إلى جيش هائل من الأتباع ينفذون أوامر الحزب الشيوعي بصورة آلية بدون أي اعتراض أو نقاش. غير أن بيك يعتقد أن هذا المصطلح ربما يصلح لحالات أكثر تطرفا من التلاعب الذي يمارسه أفراد مؤثرون وحكومات ومنظمات لديهم وسائل كبيرة للقمع والسيطرة.
فتهديدات التلاعب بالأفكار ليست مقتصرة على الأيديولوجيات الشمولية، وهي موجودة اليوم بيننا في المجتمع الحديث، حتى في الأماكن التي يتمتع فيها الناس بدرجة من الحرية النسبية. وقد تتجلى في "الإقناع المخفي" داخل الأخبار، والإعلانات، والتعليم، والإغراءات التجارية، والتلاعبات السياسية، والتوجيه الثقافي، والتدفق المستمر للرسائل والإشارات. من هنا يوجه بيك القارئ للنظر بشكل مختلف إلى مفهوم "غسيل الدماغ" والمفاهيم المتصلة بالتحكم العقلي والتأثير والضغط والتلاعب. ويحاول فحص كيفية استخدام هذا المفهوم لتعزيز أو عرقلة القدرة على تحليل المجتمعات والعقول.
العقل الأسير
يقول بيك إن "انتشار نظريات المؤامرة وخطابات البارانويا في السياسة الحالية يجعل من الضرورة النظر إلى تاريخ مفاهيم غسيل الدماغ والسيطرة على الفكر. فالهويات السياسية التي يتبناها الأفراد والمجتمعات غالبا ما تتأثر وتُشكل جزئيا بالخيالات والتصورات التي يحملونها، والمعتقدات التي يعتنقونها حول أنفسهم وحول العالم.. نحن جميعا، بدرجات مختلفة، عرضة للأوهام والانقسامات، وجاذبية التفكير الساذج والبارانويا".
في الخمسينيات من القرن الماضي احتل مفهوم "غسيل الدماغ" مساحة معتبرة من الأوراق البحثية، والنقاشات الأكاديمية، والخطابات السياسية، بعد أن أثارت أخبار تتعلق بالأسرى الأميركيين في كوريا بخصوص انهياراتهم النفسية، واحتمال إجراء "إصلاح فكري" كامل عليهم، اهتمام شخصيات نافذة في واشنطن ومراكز البحوث والجامعات.
إن "انتشار نظريات المؤامرة وخطابات البارانويا في السياسة الحالية يجعل من الضرورة النظر إلى تاريخ مفاهيم غسيل الدماغ والسيطرة على الفكر. فالهويات السياسية التي يتبناها الأفراد والمجتمعات غالبا ما تتأثر وتُشكل جزئيا بالخيالات والتصورات التي يحملونها، والمعتقدات التي يعتنقونها حول أنفسهم وحول العالم.. نحن جميعا، بدرجات مختلفة، عرضة للأوهام والانقسامات، وجاذبية التفكير الساذج والبارانويا".وفي تلك الفترة أجرت وكالة الاستخبارات الأميركية الكثير من البحوث السرية في مجال علم النفس البشري والفسيولوجيا وعلم الأعصاب، لتثبت التحقيقات التي أجريت في ما بعد على هذه البحوث والتجارب الهادفة إلى تعديل حالة الوعي أو الوظائف العقلية، تعرض العديد من الأشخاص لعواقب سلبية، وأنّ كل هذا العمل البحثي كان مشكوكا فيه، فضلا عن أنه غير قانوني وغير أخلاقي.
يرى بيك أنه في أي مجتمع أو طائفة لا توجد جموع من الأفراد الذين يفتقرون إلى الإرادة الشخصية أو التمييز الفردي، فكل فرد منا يمتلك القدرة على التأثير والتأثر "مع وجود حدود لما يمكننا تحمله. ونحن أبعد من أن نكون مجرد منتجات أو أجهزة آلية بغض النظر عن امتثالنا لأوامر الجماعة أحيانا". ويضيف أن الأفراد الذين يتعرضون للاحتجاز أو يكونوا عرضة لغسيل الدماغ لا يتحولون إلى كيانات مختلفة تماما عن أنفسهم، ولا يصبحون روبوتات كما يتم تصويرهم أحيانا في بعض التقارير والمشاهد الدرامية.
ويقول أنه في بعض الأحوال يميل الأشخاص إلى الامتثال والانسجام أو حتى القيام بأشياء محددة نتيجة الخوف من السلطة، وأحيانا قد يدخل الأشخاص في مساومات نفسية تدفعهم لاختيار سلوك مناقض لقيم يؤمنون بها، حتى وإن رافقهم بعض الإحساس بالذنب نتيجة لذلك، على أمل ان تأتي اللحظة التي يستطيعون أن يكون فيها أشخاص جيدين.
ويشير إلى كتاب "العقل الأسير" لتشيسلاف ميلوش، الذي صدر في العام 1953، وفيه يتحدث عن أشكال مختلفة من الأسر، يمكن للأفراد التكيف معها والصمود والتمرد بطرق متنوعة، سواء كانوا ضمن نظام شمولي أو ديمقراطي ليبرالي. وقبل هذا الكتاب ببضع سنوات كانت حنة أرندت قد أصدرت كتابها "أسس التوتاليتارية" الذي بحثت فيه نوع الحكم الذي يقلل من إنسانية الأفراد، وتأثيره المدمر على عمليات التفكير النقدي لديهم.
ويقول بيك إن أرندت القادمة من ألمانيا وتشيسلاف القادم من بولندا تحديا الافتراض السائد بإن النظام التوتاليتاري يهدف إلى غسل أدمغة كل فرد حتى يصل إلى القناعة الكاملة. فكل منهما يرى أن "هدف التوتاليتاريين هو تخويف السكان وإشاعة الارتباك فيهم، واستخدام استراتيجيات تهدف للسيطرة على الحقائق، وتغييرها بصورة مفاجئة ومكثفة" بحيث يفقد الشخص قدرته على إدراك الفارق بين الحقيقة والكذب.
وفي المحصلة قد يصدق بعض الأشخاص حقا الرسائل السياسية، وقد يكون البعض الآخر غير مصدق لها، لكنهم يخفون ذلك ويمتثلون لما يطلبه منهم النظام حفاظا على حياتهم. ويضيف بيك إن أرندت شرحت في كتابها كيف أن الدول الاستعمارية في القرن التاسع عشر، مثل فرنسا وبريطانيا، مهدت بسلوكها الاستعماري للسياسات الشمولية الحديثة، فقد قام حكمها على الاعتقاد بالتفوق العرق، وبأن لدى السلطات الحق في استخدام العنف في أي مكان تريد، بما في ذلك الأماكن البعيدة التي استعمرتها لتسيطر على شعوبها، مشيرة إلى أهمية أن يظل الناس متيقظين تجاه ظهور أي سلوك شمولي حتى في الديمقراطيات التي يتمتع فيها الناس بحريات متنوعة.
التفكير الجماعي
يناقش بيك في فصل من الكتاب بعنوان "التفكير الجماعي" تأثير الضغط الاجتماعي القوي وضغط الدولة على اتخاذ القرارات الشخصية، والدور الذي يلعبه هذا الضغط في تغيير آراء الناس وتكوين شخصياتهم. بحيث أن ذلك قد يمنعهم بالفعل من مساءلة اعتقادات خاطئة، والقبول بها كأنها أمور طبيعية أو حقائق لا يجوز التشكيك بها، متأثرين بالأفكار والافتراضات السائدة، ليدخلوا في حالة من الامتثال دون النظر في الخيارات البديلة.
وهو نموذج أو نمط انتشر في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لم يكن مقتصرا على الدول التي سادت فيها أنظمة شمولية، بل إنه شكل ظاهرة لافتة في دول تمجد الفردية مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وفي المقابل يلاحظ بيك كيف ستظهر شعارات ورموز مضادة للفكر الجماعي من خلال صناعة الإعلان التي شجعت الناس على "التفكير بصورة مختلفة، حيث أصبح الاختلاف عن الآخرين أمرا ضروريا" لتحقيق النجاح والتميز. لكن "التقنيات النفسية" التي استخدمت للترويج لبضائع استهلاكية وأنماط حياة مختلفة، تم توظيفها أيضا في المجالات السياسية.
أحد أشكال التحكم في العقول، الذي يساهم فيه الأشخاص المستهدفون، هو ما يسميه بيك ب"نمط البارانويا"، حيث قد نجد أنفسنا في بعض الأحيان معرضين لحالات نفسية تدفعنا لفهم الأمور بصورة خاطئة. وذلك ليس فقط بسبب جهلنا بحقائق الأمور، بل قد يكون السبب رفضنا الحصول على المعلومات التي تمكننا من تفسير ما يحدث بشكل أفضل.يقول بيك إن الاقتصادي السياسي جوزيف شومبيتر عبّر في العام 1942 عن قلقه من أن الإعلانات تستهدف بصورة استراتيجية العقل الباطني لدى الجمهور في سياق سياسي حقيقي. وأعرب عن شكوكه بشأن الصورة المثلى المرسومة للديمقراطية، فالمقترعون قد لا يكونوا غالبا على دراية تامة بالسياسات التي يؤيدونها بأصواتهم. إنهم على الأرجح ضحايا رسائل صاغتها الجهات الإعلانية، تخاطب عواطفهم، وتقدم لهم شعارات غامضة ورؤى غير واضحة لكنها تستهويهم. ويرى بيك إن الإعلانات ليست فاعلة لأنها تركز فقط على فكرة التأثير أو غسيل الدماغ الخفي واللاواعي، بل بسبب تكرارها وتأثيرها المستمر في عقولنا. ويقول إن المعلنين يعملون على "تشكيل أفكار الأفراد ومشاعرهم، ويمكن أن يتجلى ذلك في الإعلانات التي تروج لفكرة السعادة التي يمكن أن تحصل عليها من خلال شراء منتج معين".
أحد أشكال التحكم في العقول، الذي يساهم فيه الأشخاص المستهدفون، هو ما يسميه بيك ب"نمط البارانويا"، حيث قد نجد أنفسنا في بعض الأحيان معرضين لحالات نفسية تدفعنا لفهم الأمور بصورة خاطئة. وذلك ليس فقط بسبب جهلنا بحقائق الأمور، بل قد يكون السبب رفضنا الحصول على المعلومات التي تمكننا من تفسير ما يحدث بشكل أفضل.
ويقول إن بعض الجهات قد تستغل هذه المشاعر لتحريك غضب الجماهير باتجاه معين، بدلا من تقديم التحليلات العميقة للتهديدات والمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهي حالة تفتح الباب واسعا لانتشار نظريات المؤامرة والشائعات والافتراضات غير الواقعية. يضيف بيك إن العديد من الأطباء النفسيين والمؤرخين، لاحظوا أثناء الحرب الباردة كيف أن نظرية المؤامرة وأسلوب الشك، المبني على القلق، يكونان جاذبين بصورة خاصة عندما يكون الشعب تحت تأثير الصدمات، أو عندما يعاني السكان من الاضطهاد والظلم تحت ضغوط شديدة. وفي هذه الحالة يجذبهم الزعماء الديماغوجيين الخطرين.
يقول بيك في ختام كتابه:" قد نُراقب ونُحكم ويسيطر علينا في بعض الأحيان، نواجه نحن البشر صعوبة في ممارسة أي حرية عقلية أو شخصية في العالم المادي. لكن غالبا ما تكون لدينا الفرصة لاتخاذ القرارات والتحرك.. لا يمكننا أن نسيطر تماما على عقولنا أو بيئتنا، لكننا نستطيع ملاحظة الطرق التي نخدع بها أنفسنا ونندمج فيها.. وبالإضافة إلى مواجهة شبكات الأكاذيب والخداع التي نتعرض لها، يمكننا ملاحظة الشبكات التي ننسجها لأنفسنا والطرق التي نستسلم فيها للأكاذيب والقصص الضارة، حتى في ظروف نتمتع فيها بنسبة من الحرية".