موقع 24:
2025-07-08@06:36:13 GMT

قبل أن تسلموا اليمن بما حمل

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

قبل أن تسلموا اليمن بما حمل

منذ أن استعرضت جماعة الحوثي بقواتها العسكرية في ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء، بعد يوم واحد من عودة وفدها المفاوض من الرياض، وضعت نفسها في أعلى موقف يمكن أن تبلغه منذ ظهورها. الفكرة لا تتطلب استنتاجاً صعباً بمقدار الاستنتاج الموضوعي لمآلات ما بلغته الجماعة من قوة عسكرية تراكمت عبر سنوات تبدو قصيرة، غير أنها سنوات حافلة بالأخطاء التي وظفتها في مصلحة مشروعها الوجودي.

مدى ما يجب استيعابه أن لهذه الجماعة فهماً مختلفاً عن حتى ما تريده إيران لها، فالطموح الحوثي له أبعاد طائفية وقبلية، ينظر إلى شبه جنوب الجزيرة العربية كجغرافيا سياسية واحدة بما فيها الأراضي الجنوبية ذات العقيدة الطائفية الشافعية.

استفادت الجماعة الحوثية من التقييمات الخاطئة فيما يتعلق بأهدافها السياسية والعسكرية، السعوديين تحديداً كانوا عند لحظة صحيحة للتقييم الموضوعي للخطر على حدودهم، كان ذلك في العام 2009 عندما تسللت عناصر حوثية في مركز الخوبة الحدودي وأعقبتها اشتباكات مسلحة. لقد رأت الرياض أنه من غير المقبول استنساخ حزب الله اللبناني على حدودها الجنوبية. كانت تلك أحد أهم التقييمات الدقيقة للخطر الذي تشكله الجماعة على الأمن الوطني السعودي، ورغم ذلك فإن ما خلقته الظروف السياسية في مرحلة الربيع العربي وأفضت إليه في المشهد اليمني، تطلب من الإدارة السعودية اعتماد نهج الاحتواء، وهي السياسة التقليدية التي لطالما انتهجتها منذ اتفاقية الطائف بين الملك عبدالعزيز وإمام اليمن يحيى حميد الدين عام 1934.

كان يفترض أن تكون حرب تحرير عدن في أكتوبر (تشرين الأول 2015 هي النقطة الحاسمة لولا ذات التقييمات الخاطئة التي استفادت منها جماعة الحوثي. وكان يفترض أن يتخذ بعد تلك الحرب القرار الإستراتيجي الذي يضمن واقعية الأمن القومي العربي، باعتبار أن عدن تمثل النقطة الحساسة للممرات الملاحية الدولية، كما أنها تشكل عمقاً إستراتيجيّاً للأمن المصري باعتبار واحدية قناة السويس مع باب المندب. أخضع القرار السياسي بعد تحرير عدن للخطاب الترهيبي الضاغط الذي شكلته جماعة الإخوان المسلمين التي كانت بالفعل تسيطر على القرار السياسي في الشرعية اليمنية التي كان يرأسها عبدربه منصور هادي.
التزمت دولة الإمارات بما تحملته من مهام ضمن التحالف العربي، واعتمدت على تصنيفات واضحة للأطراف اليمنية. لم تتعامل مع جماعة الإخوان كونها مصنفة إرهابية واعتمدت على المقاومة الشعبية الجنوبية ذات التوجه الوطني الرامي إلى استعادة اليمن الجنوبي إلى ما قبل 1990. القوات الإماراتية أهلت قوات محلية وأعدتها لخوض مرحلة اجتثاث العناصر التكفيرية التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، وتحقق الهدف الأكبر بتحرير المكلا في 2016 بعد عام من سيطرة تنظيم القاعدة على الساحل الحضرمي، ما كان يحدث في الميدان حتم تشكل قوات النخبة الحضرمية والحزام الأمني لتقوم بمهام الأمن في كل مساحة يتم تطهيرها من الجماعات الإرهابية.
بنهاية 2018 كانت القوات الإماراتية مع قوات العمالقة الجنوبية قد وصلت إلى عمق مدينة الحديدة أهم موانئ اليمن الشمالي. تكبدت جماعة الحوثي الهزيمة الثانية لها في تاريخها بعد هزيمتها الأولى في عدن، وأوقفت العملية العسكرية بتفاهمات دولية وبرغبة من حكومة الرئيس هادي وحلفائه من جماعة الإخوان. المجتمع الدولي كان يتصور أن الحرب في الحديدة ستؤدي إلى تفاقم الحالة الإنسانية في البلاد، بينما كان الرئيس هادي وحلفاؤه يخشون من أن تمكن القوات الجنوبية من السيطرة على الحديدة سيمنحهم ورقة تفاوضية تمكنهم من فك الارتباط مع الوحدة اليمنية.
المكايدات الداخلية فوتت فرصاً حقيقية كان يجب استثمارها، غير أن سياسة الاحتواء التي أصرت عليها قائدة التحالف السعودية كانت إحدى أهم نقاط الضعف التي أفشلت عاصفة الحزم، ولم تحقق هدفها الأساسي بإعادة الشرعية إلى صنعاء. الهدنة التي فرضت بين جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي وشركائه الوطنيين اليمنيين من المجتمع الدولي لم تحقق خرقاً سياسياً إلا في أبريل (نيسان) 2023، عندما كسر السفير السعودي الجمود بزيارة صنعاء في خطوة غيرت قواعد الاشتباك السياسي وشجعت الحوثيين ليذهبوا إلى الرياض، لكنهم في المقابل لم يقدموا تنازلات وظلّوا متشبثين بمُطالبَتِهم بحوار ندّي مع السعودية، وهو ذات المطلب الذي كانوا قد وضعوه مع انقلابهم في سبتمبر 2014.

التقديرات الخاطئة لا بد أن تصل إلى نتائج خاطئة، وهذا ما حدث ويحدث في اليمن فلطالما كانت التقديرات غير دقيقة ومنها حقيقة أن جماعة الحوثي وحدها، دونا عن غيرها من وكلاء إيران، هي التي اندفعت في مواجهة إسرائيل بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023. الحوثيون رغم أنهم والقوى اليمنية يستعدون لتوقيع اتفاقية لترتيبات اقتصادية وإنسانية تهدف إلى إنهاء الحرب الطويلة وبدء مفاوضات سياسية، إلا أنهم بادروا بقصف إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى وخطفوا سفنا تجارية في باب المندب، التصعيد الحوثي أهم مستهدفاته يبقى في فرض نفسه كقوة أمر واقع ليس في حدود اليمن الشمالي بل في عموم الجمهورية اليمنية.
الارتباك الأمريكي في التعامل مع جماعة الحوثي لا يتعلق في مضمونه بالصراع الحزبي الجمهوري والديمقراطي، بل هو يعود في الأصل إلى منهجية الحليف الإستراتيجي السعودي الذي له سياساته في التعامل مع القوى اليمنية.

واقعية المشهد تقتضي قراءة مختلفة تتجنب فكرة الاحتواء والذهاب إلى القراءة الموضوعية، فالحوثيون لا يرضخون إلا بعد أن ينهزموا، وهذا ما حدث في عدن والحديدة، وعليه فإن الواقعية تفرض نهجاً موازياً بفرض تمكين الجنوبيين من دولتهم ومنحهم قوة الردع العسكرية لتأمين الملاحة الدولية وليقوموا بدعم الجبهة الوطنية اليمنية لتشكل بدورها توازناً سياسياً في شمال اليمن.
لا مفرّ من هذه الخطوة فلن تستطيع القوى الدولية وإن تعاملت عسكرياً مع جماعة الحوثي إخضاعها للاندماج في المجتمع الدولي، خطة إنشاء تحالف عسكري واسع يؤمن الملاحة البحرية سيعيد إنتاج القراصنة الصوماليين في اليمن وستتطلب سنوات طويلة لإتمامها، بدون استدعاء المنطقية والخروج من دائرة الحسابات المبنية على فرضيات لا تمت بصلة لعقلية اليمنيين التي تجيد المتاجرة بالحروب لن يتمكن أحد من الوصول إلى نتيجة حقيقية تضمن سلامة أمن واستقرار الملاحة وكذلك اجتثاث التنظيمات الإرهابية، لا مجال آخر يمكن أن يحقق المستهدفات الصحيحة الضامنة لاستقرار المنطقة غير العودة إلى ما قبل 1990 في اليمن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة اليمن جماعة الحوثی

إقرأ أيضاً:

اليمن: انتهاكات الحوثي سياسة ممنهجة لإرهاب المجتمع

أحمد مراد (عدن، القاهرة)

أفادت الحكومة اليمنية بأن مداهمة واقتحام منازل المدنيين، واختطاف عشرات اليمنيين بشكل تعسفي،  تأتي ضمن سياسة ممنهجة تنتهجها مليشيات الحوثي لإرهاب المجتمع اليمني وإخضاعه بالقوة.
وأوضح وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، في تصريح صحفي، أن هذه الاعتقالات امتداد لمسلسل مليشيات الحوثي في استهداف الكفاءات الأكاديمية والمهنية التي تشكل عصب المجتمع؛ بهدف فرض الجهل والقمع كأدوات حكم، وإفراغ المؤسسات التعليمية والصحية من كوادرها، مؤكداً أن هذه الممارسات تكشف مجدداً حالة الرعب التي تعيشها المليشيات وسعيها المحموم لإسكات كل الأصوات الحرة في مناطق سيطرتها.
ولفت الإرياني، إلى أن هذه الانتهاكات تأتي ضمن سياسة ممنهجة تنتهجها مليشيات الحوثي لإرهاب المجتمع اليمني وإخضاعه بالقوة، عبر اقتحام البيوت، واختطاف الأبرياء، وترويع النساء والأطفال، وابتزاز الأسر بملفات المعتقلين، ومصادرة أي مساحة للتعبير عن الرأي أو ممارسة العمل المهني بحرية وأمان، في إطار مخطط واسع لتدمير بنية المجتمع، وتكريس سياسة الصوت الواحد والحكم الحديدي القائم على الخوف والقهر، وتحويل حياة اليمنيين في مناطق سيطرتها إلى جحيم يومي.
وأوضح المحلل والناشط اليمني، عيضة بن لعسم، أن ميليشيات الحوثي تعمل على تكريس سياسات النهب والتجويع في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرتها، عبر ممارسات تعسفية وغير قانونية دأبت على انتهاجها منذ انقلابها على الشرعية عام 2014.
 وذكر بن لعسم، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الجماعة رسخت، على مدى 10 سنوات، نظام جبايات قسري، وغيرها من الإتاوات التي تسعى من خلالها إلى نهب ممتلكات المواطنين، والاستيلاء على المساعدات الإنسانية والعقارات، من دون أي مرجعية قانونية.
ولفت إلى أنه في ظل السياسات المشبوهة التي يمارسها الحوثيون، ضاعفت مؤسسات الجماعة الانقلابية الرسوم الجمركية على السلع الأساسية، مما تسبب في ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، وزيادة الضغط المعيشي على السكان.
وقال الناشط والمحلل اليمني، إن الحوثيين يواصلون، منذ نحو 10 سنوات، عمليات مصادرة رواتب ومستحقات الموظفين الحكوميين، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، بالتزامن مع مداهمة واقتحام منازل المدنيين، واختطاف عشرات الأشخاص بشكل تعسفي. 
 من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، في تصريحات لـ «الاتحاد» أن ميليشيات الحوثي تُعد المستفيد الأكبر من حالة الانهيار الاقتصادي والخدمي التي يشهدها اليمن حالياً، لا سيما في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، مؤكداً أن الجماعة الانقلابية تبنت سياسات ممنهجة أدت إلى تفكيك الاقتصاد الوطني.
وشدد الداعري على خطورة تلك الممارسات المشبوهة التي تمارسها جماعة الحوثي بشكل متعمد، مما أدى إلى تعميق أزمة الرواتب، وانهيار الخدمات الأساسية، وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، مؤكداً أن السياسات الحوثية تُعد أحد أبرز أسباب الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تعصف باليمن.

أخبار ذات صلة سفينة تجارية تتعرض لهجوم قبالة سواحل اليمن حملة «قمع» حوثية تستهدف 5 محافظات يمنية

مقالات مشابهة

  • جماعة الحوثي تحاكم 48 ذماريا بتهم التخابر مع دول أجنبية وتلفق لهم جرائم من العيار الثقيل
  • بعد هجوم ماجيك سيز.. الحكومة اليمنية تطالب العالم تصنيف الحوثي منظمة إرهابية
  • إسرائيل تعلن استهداف الحديدة وتتهم الحوثي بإستغلال المواني لنقل وسائل قتالية من إيران
  • اليمن: انتهاكات الحوثي سياسة ممنهجة لإرهاب المجتمع
  • بعد تصفيته.. جماعة الحوثي تختطف أقارب الشيخ صالح حنتوس وتخضعهم للتعذيب
  • ما هي الصلاة التي تحرم جسد المسلم على النار؟.. 8 ركعات اعرف توقيتها
  • مواجهات ضارية بين القوات الحكومية ومليشيا الحوثي بمحافظة صعدة .. تفاصيل
  • الحوثي تضرب مطار بن غوريون بصاروخ فلسطين 2.. والاحتلال يزعم اعتراضه
  • باحث سياسي: جماعة الإخوان كانت تحمل بذور فنائها من داخلها
  • جماعة الحوثي تؤكد استمرار هجماتها تجاه إسرائيل