لجريدة عمان:
2025-06-21@02:40:34 GMT

حاملو جين «هنتنجتون» أكثر ذكاءً من غيرهم!

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

حاملو جين «هنتنجتون» أكثر ذكاءً من غيرهم!

ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني

المرض يتسبب بزيادة في حجم «القشرة» الخارجية للدماغ المرتبطة بالقدرات المعرفية والذهنية

يبدو أن تحديد الطفرة الجينية التي تتسبب في مرض «هنتنجتون» -وهو مرض يصيب الدماغ فيدمّره ويعد من الأمراض الوراثية المتعلقة بأعصاب الدماغ- سيسهم في اكتشافات علمية مهمة؛ لأن تطوير هذا الجين يمكنه أن يؤدي إلى زيادة مستويات الذكاء خاصة لمَن هم في مرحلة الطفولة امتدادا إلى مَن هم في العشرينيات من العمر.

ما توصل إليه العلماء لن يكون مفيدا في إعادة استراتيجيات علاج مرض «هنتنجتون» فقط، بل سيسهم كذلك في تغيير وجهات النظر حول ما يُعرف بـ «وراثة الذكاء». ويقول الباحث «جوردان شولتز»، وهو أحد العلماء المكتشفين للطفرة الجينية من جامعة «آيوا» الأمريكية: «هناك الكثير من الآثار المترتبة على فهمنا لبيولوجيا الدماغ».

ويُعرف مرض «هنتنجتون» أنه واحد من الأمراض النادرة، وتظهر عادة في منتصف الأعمار، وغالبا ما يسبقها بعض الأعراض منها الحركات الارتعاشية غير العادية، وصعوبات في مستوى الإدراك، وغالبا ما تنتهي الأعراض بالوفاة.

ويعد المرض قاسيا على المصابين به؛ إذ غالبا ما يُشاهد الأبناء هذه الأعراض على أحد الوالدين، الذين يصبحون معوقين بشكل تدريجي، وهم يدركون أنهم من المحتمل وبنسبة 50% أن يلاقوا المصير نفسه؛ لأنه مرض وراثي.

إن الطفرة المسؤولة عن مرض «هنتنجتون» تؤثر على جين يحمل نفس اسم المرض «هنتنجتون»، حيث يتم تشفير البروتين الذي يُصنع في الدماغ، الشكل المتحور والأطول للجين قد يحتوي على تكرارات تتراوح بين 40 وأكثر من 100 تكرار لنفس ثلاثة «حروف» من حمض «الديوكسيريبونوكليك». ومع ذلك، حتى في النسخة العادية للجين، يكون هناك عادة ما بين تسعة إلى 35 من هذه التكرارات الثلاثية للحمض النووي.

لم يتوصل العلماء بعد إلى كيفية وأسباب تحوّل الجين إلى الشكل الأطول؛ ليتسبب بعد ذلك في حدوث أعراض مرض «هنتنجتون»، ولكن ما يحدث فعلا أن البروتين المتحور في الدماغ يعد بروتينا ساما يؤثر على الخلايا العصبية، وقد أُثبت ذلك من خلال الدراسات التي أُقيمت على أدمغة المتوفين جراء المرض.

معدلات ذكاء مرتفعة

ولكن توصل العلماء في الآونة الأخيرة إلى معلومات مهمة فيما يتعلق بالبروتين المتحور «هنتنجتون»، والذي قد يوجد في أدمغة الأطفال وهم أجنّة في رحم أمهاتهم، ويمكن أن يتعرّض الأطفال المصابون بهذا الجين المحوَّر إلى الشيخوخة الطبيعية بوقت مبكر، ولكنهم في بداية حياتهم يكونون أصحاب معدلات ذكاء مرتفعة.

وما توصّل إليه العلماء مقترن بالكثير من الأدلة الناتجة عن دراسات معمقة تولتها الباحثة «بيجي نوبولوس» من جامعة «آيوا» الأمريكية، وهي زميلة الباحث «شولتز» ومشاركة كذلك في الدراسة الجديدة، وقد تابعت «نوبولوس» بشكل مكثف عددا من الأطفال من الأسر المصابة بمرض «هنتنجتون» وذلك منذ عام 2006.

وتوصلت إلى بعض النتائج، منها أن الأطفال المصابين بـ «هنتنجتون» تكون مناطق معيّنة من أدمغتهم أكبر بقليل من المعدل الطبيعي، ولكنها فيما بعد ترجع إلى الحجم الطبيعي في العشرينيات من العمر تقريبا؛ وذلك بسبب موت الخلايا بشكل طبيعي.

وفي عام 2019 نشر الفريق البحثي للدراسة نتيجة توصل إليها وهي أن المنطقة الواقعة في وسط الدماغ، المسؤولة عن التحكم في حركات الأعضاء والمسؤولة عن الوظائف المعرفية الأخرى، هي أكثر المناطق المعرَّضة لموت الخلايا بالنسبة للمصابين بمرض «هنتنجتون».

قدرات إدراكية متفوقة

وتوصّل الفريق كذلك إلى أن المرض يتسبب في زيادة في حجم «القشرة» الخارجية للدماغ، وهي طبقة من الدماغ ترتبط بشكل مباشر بالقدرات المعرفية والذهنية، ولكن تلك المعلومة لم تُنشر بعد في دراسة بحثية كما تقول «نوبولوس».

ومجموعة الأطفال التي قامت بمتابعتهم «نوبولوس» خضعوا لمجموعة من الاختبارات المعرفية، ووجدت أن هناك ارتباطا بين الطفرة «هنتنغتون» ومؤشر القدرة العامة، وتمتع الأطفال الحاملين للطفرة الجينية بقدرة أعلى من الذكاء بشكل قياسي. وقد أجريت الدراسة على 316 طفلا، ولم يقم الفريق فقط بتصنيف المصابين من الأسوياء، بل قام الفريق بقياس مدى التكرارات الثلاثية للجين في كل طفل مصاب، وتوصل الفريق البحثي إلى أن أعلى مستوى من القدرة الإدراكية -الذكاء- كان عند 113 نقطة -وهو أعلى بكثير من المعدل الطبيعي والذي يصل إلى 100 نقطة.

وقد رصد على الأطفال الذين لديهم 40 و41 تكرارا ثلاثيا للجين، أي أنهم سيصابون بمرض «هنتنجتون» مستقبلا، وقد حقق الأطفال المصابون ولديهم ما بين 15 و19 تكرارا ثلاثيا للجين 105 نقاط في مستوى الإدراك.

ويعد من المستحيل أن تكون طفرة «هنتنجتون» نتيجة لتطور الجين، إنما هو نتيجة وراثية في غالب الأحيان، ونتيجة لأن الأعراض لا تظهر إلا بعد الثلاثينيات من العمر، فقد يكون الأذكياء قد تزوجوا وأنجبوا أطفالا بعد هذا العمر أو قبله بقليل.

بشكل مثير للاهتمام، اكتشف عدد من الباحثين الدارسين لمجال آخر، وقاموا برصد أشخاص لا يعانون من مرض «هنتنجتون» ولكنهم يمتلكون 35 أو أقل من التكرارات الثلاثيات، ويبدو أن هناك أشخاصا يملكون أكثر من هذه التكرارات، وربما بشكل كبير جدا يفوق توقعاتنا، ولكنهم لا يعانون من المرض، وهذه ميزة لبعض هؤلاء الأشخاص.

وإذا كانت هذه الفكرة صحيحة، فإنها ستغير طريقة التفكير في الأشخاص الذين يحققون مستويات كبيرة من القدرة الإدراكية -الذكاء-، فإلى الآن لم يتم اكتشاف أي جين له تأثير كبيرة في معدل الذكاء، وهذا الأمر يولد الحاجة إلى القيام بالمزيد من الأبحاث وجمع عدد أكبر من الأدلة لإقناع العلماء المتخصصين في مجال «وراثة الدماغ»، ويقول روبرت بلومين الباحث من جامعة كينجز كوليدج في لندن: «سيكون هذا الأمر مثيرا بشكل كبير لو كان صحيحا».

ولكي يتأكد «بلومين» من صحة هذه الفكرة فعلية أن يقوم بمزيد من الدراسات وجمع الأدلة، لأن جميع الأبحاث الحالية المتعلقة بجين الذكاء تؤكد على أن الموضوع وراثي، ولو لم يكن وراثيا فإن تأثيرات الجينات الأخرى وعددها بالمئات لن تؤثر على الذكاء، أو ربما لها تأثير ضئيل جدا أقل من 0.1 نقطة في مستوى الإدراك.

بناء الأدمغة النامية

ومن جانب آخر، فإن الدراسات الأخرى لم تربط عدد التكرارات في جين «هنتنجتون» بدراساتها، كما تقول «نوبولوس»، ولكنهم يركزون بشكل أساسي على التنوع الجيني، الأمر أشبه باستبدال جزء من الحمض النووي بجزء آخر، وتقول «نوبولوس»: «هذه طريقة تختلف كليا عن النظر في الشفرات الوراثية».

وبغض النظر عن فكرة أن طفرة «هنتنجتون» تعزز معدل الذكاء من عدمه، إلا أن هناك أدلة أخرى تؤكد أن بروتين «هنتنجتون» له القدرة على بناء الأدمغة النامية، ومن أمثلة ذلك ما وجدته دراسة نشرت في أغسطس الماضي، حيث تناولت الدراسة أشخاصا لديهم الطفرة الجينية «هنتنجتون» والذين توفوا في سن الشباب، وقد وجدوا أن خلايا أدمغتهم التي ماتت أولا لديها مستويات أعلى من النشاط.

وفي ظل تباين الآراء، من المحتمل أن تكون أعراض مرض «هنتنجتون» هي نتيجة لوجود تغيير في نمو الدماغ، وإن كان هذا صحيحا فيسكون خبرا سيئا جدا في وجه الجهود المبذولة لتطوير العلاج، لأن الكثير من العلاجات تعتمد على فكرة خفض مستوى بروتين «هنتنجتون».

هناك فعلا الكثير من النتائج المترتبة على فهم العلماء لبيولوجيا الدماغ، ولكن فكرة تسمم الدماغ -أو سُميَّة الدماغ- تحظى بدعم علمي كبير، وتتفق معها دراسات كثيرة أجريت على الخلايا العصبية للحيوانات، ويقول الباحث «كارلوس إستيفيز» من جامعة كوليدج في لندن -الذي قام بدراسة على مجموعة شباب بالغين- يقول إنه من الممكن أن يكون لطفرة جين «هنتنغتون» تأثير مزدوج، الأول تغير في نمو الدماغ في وقت مبكر، والتأثير الثاني حدوث سُميَّة في وقت متقدم من الحياة، «إنه من المعقول أن خفض تأثير بروتين (هنتنجتون) في أدمغة البالغين له القدرة على تحقيق الفوائد».

وعليه فإن هناك مساعي من العلماء لخفض البروتين «هنتنجتون»، ولكن إلى الآن فشلت ثلاث استراتيجيات في التجارب السريرية لتحقيق ذلك، بما في ذلك عقار طبي يعرف بـ«تومينرسن» الذي لم يشكل أي تأثير على المصابين بمرض «هنتنجتون»، رغم أن العقار أسهم في انخفاض مستوى البروتين في السائل النخاعي.

من المبكر جدا أن نعرف ما إذا كانت تلك الاستراتيجيات الثلاثة فاشلة، ولكن الأهم هو أن علينا معرفة الكثير عن وظائف الجين غير المتحور من «هنتنجتون»، ويقول «شولتز»: «إن فهمنا لذلك سيكون جزءا مهما من فهمنا لهذا اللغز».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکثیر من من جامعة

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات الاصطدام المحتمل لكويكب YR4 مع القمر عام 2032

الولايات المتحدة – بعد وقت قصير من اكتشاف الكويكب YR4 في 27 ديسمبر 2024، استنتج علماء الفلك أنه لا يشكل تهديدا للأرض. لكن هناك احتمالا يقارب 4% بأن يصطدم بالقمر عام 2032.

وفي حال حدوث الاصطدام ستتشكل حفرة قمرية قطرها نحو كيلومتر، سيندفع حوالي 100 مليون طن من الحطام إلى الفضاء، الأمر الذي سيشكل خطرا على الأقمار الصناعية في المدار الأرضي، وقد يُحدث زخّات شهب بشكل غير مألوف يمكن رؤيتها من الأرض.

وقدّر العلماء خطر الحطام الفضائي الناتج عن كويكب YR4 على البشرية في دراسة نُشرت مجلة AAS، حيث أكدوا أن ليس كل الحطام سيصل للأرض، ويتوقف الأمر على موقع الاصطدام الفعلي على القمر، وقد يصل حتى 10% من هذه المادة إلى الأرض خلال أيام.

وحذّر العلماء من أن “الجسيمات الأكثر خطورة هي التي يزيد قطرها عن 0.1 مم، حيث ستصل إلى المدار الأرضي المنخفض خلال أيام أو أشهر، مهددة الأقمار الصناعية”.

وركزت الدراسة على حجم فوهة الاصطدام القمرية، وكمية المادة المقذوفة في الفضاء، وتوزيع أحجام الحطام، والمواقع المحتملة للاصطدام على القمر، كفاءة وصول الحطام إلى الفضاء القريب من الأرض.

وأجرى العلماء النمذجة الحاسوبية لاصطدام الكويكب 2024 YR4 مع القمر.

وبعد نمذجة 10,000 سيناريو، تبين أن 410 منها تؤدي لاصطدام بالقمر (غالبا في نصفه الجنوبي المواجه للأرض). والحطام الذي يصل للسرعة الكونية الثانية (11.2 كم/ث) سيتشتت بشكل غير منتظم، وتعتمد كمية الحطام الواصل للأرض على موقع الاصطدام.

ولوصول الحطام السريع للأرض، يجب أن يصيب الكويكب الحافة الخلفية للقمر (المبتعدة عن اتجاه حركته) بحيث تعوّض سرعة الحطام السرعة المدارية للقمر (1 كم/ث)”.

بينما في أسوأ الحالات (10% من الحطام) سيرتفع تدفق الجسيمات الخطرة 10–1000 ضعف المستوى الطبيعي، وسيتسارع تآكل الأقمار الصناعية خاصة في المدار الأرضي المنخفض حيث يوجد 90% منها، وسينخفض عمرها الافتراضي بشكل حاد خلال أيام ذروة تساقط الحطام.

وتوصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن التلوث الفوري الناتج عن سقوط الكويكب على القمر سيتجاوز شدة خلفية الغبار الفضائي، رغم أن الأضرار الكارثية المباشرة للأقمار الصناعية غير مرجحة”.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • سيناريوهات الاصطدام المحتمل لكويكب YR4 مع القمر عام 2032
  • لماذا يخفق القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟
  • منة شلبي تنفي ارتباطها بعد صورة مفبركة: ذكاء اصطناعي
  • الدين المعرفي.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى عكاز يعيق الإبداع الفردي؟
  • ذكاء “ميتا” يُنقذ الأرواح.. إنستغرام يمنع انتحار شابة في اللحظات الأخيرة
  • علماء يكتشفون كيف يتشكل الرعب النفسي في الدماغ
  • أعراض غير واضحة لورم الدماغ
  • نجوع، ثم نُقتل.. لم يعد هناك أمل للفلسطينيين
  • مدبولي: سيكون هناك إجراءات ترشيد أكثر قوة في هذه الحالة
  • “لين” تحصل على شهادة الآيزو 13485 بعد تطويرها برمجيات ذكاء اصطناعي معتمدة كأجهزة طبية وفقًا لأعلى معايير الجودة