إنجلترا – أثار رد الفعل الناتج عن سماع الصوت المزعج لتمرير الأظافر على السبورة، حيرة العلماء منذ فترة طويلة.

والآن، وجدت دراسة أن هذا الصوت يثير تردد بكاء الطفل وصراخ الإنسان نفسه، ما يشير إلى أنه يرتبط بالبقاء على قيد الحياة ويثير استجابة مماثلة.

وتثير ضوضاء تمرير الأظافر على السبورة استجابة فسيولوجية، مثل زيادة معدل ضربات القلب، ما يسبب تجربة شعورية بدلا من رد الفعل.

ووصف معظم الناس الفعل هذا بأنه “إحساس غير سار”، واستخدموا كلمات مثل “الارتعاش” و”الاشمئزاز”.

ووجدت دراسة أجريت عام 2006 بقيادة الدكتور فرانسيس فيسمير، الحائز على جائزة نوبل، أن الترددات الصوتية في منتصف النطاق الصوتي كانت أكثر إزعاجا ومشابهة لصرخات التحذير التي يطلقها الشمبانزي.

واقترح الباحثون أن ردود أفعالنا تجاه الأصوات غير السارة تنبع من غرائز تجنب الحيوانات المفترسة من ماضينا التطوري.

وتتسبب الأصوات في نطاق التردد هذا، 2000-5000 هرتز، في رنين قناة الأذن، وبالتالي ينتقل الصوت بكفاءة خاصة.

ووجدت دراسة منفصلة أجريت عام 2012 أن اللوزة الدماغية تشارك في تجربة المشاعر، ويمكن أن تكون السبب وراء الألم الناتج عن الصوت.

وقال الدكتور سوخبندر كومار، من جامعة نيوكاسل: “يبدو أن هناك شيئا بدائيا للغاية. إنها إشارة استغاثة محتملة من اللوزة الدماغية إلى القشرة السمعية. وهناك نطاق ترددي تكون فيه آذاننا هي الأكثر حساسية”.

ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص لديهم ردود أفعال أكثر تطرفا تجاه أصوات، مثل المضغ والتنفس بصوت عال.

واكتشف الباحثون في جامعة نيوكاسل زيادة في الاتصال بين القشرة السمعية ومناطق التحكم الحركي المرتبطة بالوجه والفم والحنجرة لدى أولئك الذين يعانون من الميزوفونيا، التي تعني “كراهية الصوت”، ويعاني فيها الأشخاص من ردود فعل شديدة وغير إرادية تجاه أصوات معينة يصدرها الآخرون.

وقال سوخبندر كومار: “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد مثل هذا الارتباط في الدماغ لهذه الحالة”.

المصدر: ديلي ميل

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

صوتك لا صدى غيرك!

 

بلقيس بنت خلفان الشريقية

 

يعيش الإنسان في هذا العصر صراعًا بين ذاته وعالمه الخارجي، حيث إن العالم الخارجي ملوث بأصوات وآراء ومعتقدات قد تختلف عن الوجهة التي اتخذها في بداية الأمر، ربما وجهات تُزاحم فكره وتشعره بالاختناق أو الحيرة أحيانًا، فيصبح غير قادر على الاستماع أو النظر إلى دوافعه أو أفكاره الداخلية؛ فيصبح أسيرًا لضجيج العالم الخارجي؛ ففي كل يوم تولد شعارات أو ما يُعرف بـ "الترند الجديد".
الذي ينجر خلف تجربته الكثير فيُصاب الفرد بالذهول من الأمر والحيرة ولا يستطيع التمييز بين ما يريده حقًّا، وما الشيء الذي يندفع إليه فقط لأن هذا الشيء جربه الكثير وأن الكثير في هذا المجال. بين الكم الهائل من هذه الفوضى الهادئة، كان لا بد عليه من العودة والتفتيش إلى الجانب الداخلي أمرًا ضروريًا؛ لتتذكر أن هناك في جوفك قلبًا يسمع، وعقلًا يبصر ويفكر، وصوتًا داخليًّا أهدأ من الصخب والضجيج المنفجر خارجيًّا لكنه يحمل في طياته عمقًا كبيرًا.
قبل أيام كنت أتصفح في إحدى منصات التواصل الاجتماعي وإذا بمقال أدهشني كثيرًا يتحدث عن قصة رمزية عُرفت بـ "قفزة الخروف الأبيض". الفكرة التي عرضها الكاتب كانت كافية لتحرك أفكاري وتترك عمقًا كبيرًا في داخلي. لم تكن الحكاية فقط عن خرافٍ تعيش عند سفح جبل فحسب، بل كانت مرآة تخبرنا كيف يمكن للإنسان أن يستسلم في اتخاذ قراره للجماعة التي يتعايش معها، وكيف يمكن لخطوة أو قرار فرد واحد أن تصبح مصير مجموعة كاملة حين يغيب التساؤل عن المنطق، ويختفي الفكر، ويُترك الصوت الداخلي في زاوية لصالح الضجيج الخارجي.
كان المقال يروي أن قطيعًا من الخراف اعتاد أن يتحرك كجسد واحد؛ يتقدم أولهم فيتقدم الجميع، ويتوقف فيتوقفون خلفه، دون أن يسأل أحد: لماذا نسير هنا؟ ولماذا نتوقف هناك؟ وفي لحظة فارقة، قفز خروف صغير قرب حافة الجبل، ربما ظن أن الغيم المتكوّن تحت الجرف أرضٌ يمكن الوقوف عليها، وربما خُيّل إليه أنه اكتشف طريقًا جديدًا لا يعرفه الآخرون. قفز بثقة… فاندفع القطيع كله من خلفه، واحدًا تلو الآخر. لم يكن الخطر في قفزة الخروف الأول بقدر ما كان في استجابة الآخرين لها دون تفكير، في تلك الثقة العمياء التي جعلت الفعل الفردي قرارًا جماعيًّا لا رجعة فيه.
هنا رسمتُ خيالًا واسعًا داخليًّا لأحلل الصورة؛ ليس لأنها غريبة، بل لأنها تحمل في طياتها كمًّا مألوفًا من الوجع. فالله تعالى حذّرنا سابقًا من الاندفاع خلف الكثرة حين تغيب البصيرة، فقال عز وجل: "إِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ" (الأنعام: 116). وكأن الآية تضع يدها على جوهر المشكلة: أن الخطأ لا يتوقف عند شخصٍ بدأه، بل عند الذين جعلوا من عدده وكثرته شرعية تغني عن التفكير والسؤال.
وفي السُّنّة النبوية، يختصر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في جملة دقيقة: "لَا تَكُونُوا إِمَّعةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا" رواه الترمذي.
هنا ليس مطلوبًا على الإنسان الانطفاء والعزلة عن الناس ومن حوله، ولكن الخطر أن يذوب فيهم فيفقد ذاته وملامحه، فيصبح صدى لأصواتهم، لا صوتًا نابِعًا من الوعي والقيم التي تُميز بصيرته.
حين ننقل هذه المعاني إلى واقع اليوم، نجد أنفسنا أمام نسخٍ جديدة من القطيع ذاته، لكن بثياب رقمية هذه المرة. "ترند" ينتشر، فيتماشى معه الآلاف وربما الملايين، دون أن يسأل أغلبهم: هل أفهم أصل هذه الفكرة؟ من أي بلد أتت؟ هل تتناسب مع ديني؟ هل أتفق حقًّا مع محتواها؟ ما أثرها عليَّ وعلى من يتابعني؟ أم هي فكرة أتت فقط لتُلوث هذا الصفاء الذي كنت أعيشه؟ قد نرى مقطعًا يُهاجَم فيه شخص، أو يُسخر من قيمة، أو يُعاد تشكيل مفهوم، فينساق الناس بين مؤيدٍ ومهاجم، لا لأنهم درسوا الموضوع، بل لأن الموجة أقوى من سؤال: هل هذا صواب أصلًا؟
في زمن كهذا، يصبح الحفاظ على التوازن داخليًّا ضرورة لا خيارًا. أن تكون متوازنًا، تعرف متى تمضي، ومتى تتوقف، ومتى تعطي، ومتى تلتفت إلى قلبك لتسمع ما يقوله لك بصوت خافت. فالحياة لا تكافئ من يركض بلا اتجاه، ولا من يقف جامدًا خوفًا من الخطأ، لكنها تبارك تلك الخطوة التي سبقتها لحظة وعي، ومساحة تفكير، وهمسة صادقة من الداخل تقول: هذا يشبهني، وهذا لا يشبهني.
دعِ الأيام تمضي دون أن تستنزفك موجات التقليد. لا تجعل "الترند" يُمسك بزمام وقتك، ولا تسمح لضجيج المنصات أن يصادر حقك في الاختيار. لا تنتظر اللحظة المناسبة لتعيش؛ اللحظة المناسبة تُصنع غالبًا حين تُقرر أن تُهدئ سرعتك قليلًا، أن تتراجع خطوة إلى الوراء لتُبصر الصورة كاملة، لا زاوية واحدة منها. خفف خطاك، وامنح ذاتك ما تستحقه من العناية، واسمح لقلبك بأن يستريح قليلًا؛ فالقلب الذي يجد راحته هو القادر على أن يمنح الآخرين أجمل ما فيه.
العمر لا يليق به أن يكون سباقًا بلا نهاية، ولا معركة طويلة تُستهلك فيها الأرواح في إثبات الوجود أمام الآخرين. العمر مساحة للطمأنينة، للابتسامات الصغيرة، وللأحاديث التي تُبنى عليها الألفة، لا على عدد المتابعين ولا على حجم التفاعل. ما جدوى أن نكسب كل المعارك في الخارج ونخسر أنفسنا بهدوء في الداخل؟ ما جدوى أن نتماشى مع كل موجة، ونقفز مع كل قفزة، ثم نكتشف في آخر الطريق أننا لا نعرف من نحن أصلًا؟
حين نتأمل قصة الخروف الأبيض من جديد، نكتشف أن السؤال الأهم ليس: لماذا قفز الأول؟ بل: لماذا قفز الآخرون خلفه؟ هذا السؤال، في جوهره، هو سؤال عن علاقتنا بالجمع، وعن المسافة التي ينبغي أن تبقى بيننا وبين القطيع. فليست المشكلة في أن نكون جزءًا من مجتمع، بل في أن نفقد وعينا ونحن نسير معه. ليست المشكلة في أن نتفاعل مع ما يحدث حولنا، بل في أن نترك ما يحدث حولنا يبتلع ما يحدث في داخلنا.
القرآن يرسم لنا ملامح هذا الطريق حين يقول الله تعالى: "قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف: 108).
البصيرة هنا ليست وصفًا للداعية وحده، بل لكل سائر في طريقه؛ أن يعرف لماذا يسير، وإلى أين، وبأي قلب، وبأي نية. البصيرة أن تسأل قبل أن تتبنّى، أن تفكر قبل أن تشارك، أن تُراجع نفسك قبل أن تنخرط في موجة لا تدري إلى أين تتجه.
وفي نهاية الأمر، لا يبقى مع الإنسان سوى صدى صوته الداخلي، ذلك الصوت الذي يخفت أحيانًا تحت وطأة الضجيج، لكنه لا ينطفئ أبدًا. العالم سيواصل ضجيجه، والترندات ستظهر وتختفي، والجماعات ستظل تركض في كل اتجاه؛ هذا أمر لا نملكه ولا نوقفه. ما نملكه حقًّا هو قرار واحد بسيط… لكنه مصيري: أن نسمح لذلك الصوت الهادئ في داخلنا أن يُسمع، أن نحميه من ذوبانٍ بطيء تحت تصفيق الآخرين أو تحت خوفنا من الاختلاف.
استمع لصوتك الداخلي، لا لأنه معصوم، بل لأنه الأقرب إلى حقيقتك. راجعه بنور القرآن، وبهدي السنة، وبعقلك الذي وهبك الله إيّاه لتُبصر لا لتُغلق عينيك. احفظه من الضياع وسط الجموع؛ فإن نجا هذا الصوت… نجوت أنت، حتى لو كان القطيع كله يتجه في اتجاهٍ آخر.

مقالات مشابهة

  • دراسة جديدة تهز الأفكار التقليدية: الخصوبة لا تعتمد على ملامح الجاذبية الأنثوية
  • استشاري مناعة يوضح أسباب تباين الإحساس بالبرودة بين الأفراد
  • محمد موسى يكشف تفاصيل صفقة دولية لعودة الأسد.. ويشعل ردود فعل عالمية
  • ضبط ذ. بائح مريضة بالمنوفية خارج المجازر الحكومية .. وإحالة الفعل للنيابة
  • نهج ثابت وأهداف خفية.. لماذا تواصل إسرائيل سياستها التصعيدية تجاه الجنوب اللبناني؟
  • انهيار بنايتين بحي المستقبل بفاس يثير ردود فعل حزبية ورسمية واسعة
  • صوتك لا صدى غيرك!
  • الصومال ينفي تمرير أسلحة لدول الجوار ويؤكد: نحارب لمنع تدفقها
  • هيزوّد الإحساس بيها بقوة بكره | تنبيه عاجل من الأرصاد
  • أهمية الحفاظ على الآثار التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي