توصلت دراسة بحثية بعنوان "دور الذكاء الثقافي وأساليب التكيف في مستوى المشكلات التي يواجهها الطلبة العُمانيون المبتعثون للدراسة في الخارج"، إلى أن هناك سلسلة من العلاقات المباشرة وغير المباشرة بين الذكاء الثقافي، وأساليب التكيف، وبين مستوى المشكلات بأنواعها، ومنها على سبيل المثال: ارتفاع مستوى الذكاء الثقافي ودوره المباشر في انخفاض مستوى المشكلات الأكاديمية والثقافية، والمشكلات النفسية لدى الطلبة المبتعثين.

وكشفت الدراسة التي أجرتها الباحثة مروة بنت ناصر الراجحية من مركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس عن دور واضح للتفاعل بين جنس الطالب والسنة الدراسية في مستوى المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الطلبة، إذ أن الإناث بشكل عام يواجهن مستوى أعلى من المشكلات الاقتصادية مقارنة بالذكور، إضافة إلى ذلك فإن مستوى المشكلات الاقتصادية لدى الذكور يرتفع بشكل ملحوظ من السنة الأولى حتى السنة الثانية ولكنه يبدأ بالانخفاض تدريجيا حتى السنة الرابعة، أما بالنسبة للإناث، فإن مستوى المشكلات الاقتصادية ثابت تقريبا مع ارتفاع وانخفاض بسيط جدا بين السنوات الأربع، كذلك لم يظهر أثر لهذا التفاعل في المشكلات الأكاديمية والثقافية والمشكلات النفسية، ولكن اتضح أن الإناث بشكل عام لديهن مستوى أعلى من هذه المشكلات مقارنة بالذكور، واتضح أيضا أن الطلبة في السنة الدراسية الأولى يعانون من مستوى أعلى من المشكلات الأكاديمية والثقافية مقارنة بالطلبة الأكبر سنا.

وقالت الباحثة مروة بنت ناصر الراجحية: إن الدراسة تهدف إلى التعرف على مستوى المشكلات التي يعاني منها الطلبة العمانيون المبتعثون للدراسة في الخارج، حيث ركزت على ثلاثة مجالات من المشكلات، وهي المشكلات الأكاديمية والثقافية (كمجال واحد)، والمشكلات النفسية، والمشكلات الاقتصادية، وقد اهتمت الدراسة بالتحقق من دور الذكاء الثقافي للطالب في تذليل هذه المشكلات بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة من خلال وجود أساليب التكيف (الإيجابية والسلبية) كمتغيرات وسيطة في العلاقة بين الذكاء الثقافي ومستوى المشكلات، وتكونت عينة الدراسة من "3331" طالبا وطالبة من الدارسين في مختلف الجامعات خارج سلطنة عُمان، وكانت النسبة الأكبر من العينة هم من الطلبة الدارسين في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وقد تنوعت المراحل الدراسية لهؤلاء الطلبة بين طلبة البكالوريوس، وطلبة الدراسات العليا، وشملت أيضا مختلف السنوات الدراسية، ابتداء من السنة الأولى وحتى السنة السابعة.

وحول أهمية الدراسة، قالت الباحثة: إن الدراسة لها أهمية كبيرة، حيث إنها ركزت على فئة الطلبة المبتعثين المؤمل منهم إكمال دراستهم، والعودة للمساهمة في بناء الوطن ورفعته، وبالتالي فإن الاقتراب من واقعهم وواقع التحديات التي يمرون بها مهم جدا، وبالأخص أن هناك ندرة شديدة في الدراسات التي تناولت هذا الموضوع من قبل الباحثين العمانيين، والتي ركزت على الطلبة العمانيين المبتعثين دون غيرهم .. مؤكدة أن هذه الدراسة تخدم الجهات ذات الصلة في هذا المجال مثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبعض السفارات والملحقيات الثقافية، كتوفير خلفية معرفية حول المشكلات التي يواجها هؤلاء الطلبة، وكذلك تساعدهم على تنفيذ بعض البرامج والحلقات التدريبية والجلسات الحوارية التي تعزز مهارات التغلب على هذه المشكلات، ومنها مهارات الذكاء الثقافي (والذي يقصد به القدرة على التكيف والتصرف الفاعل في البيئات الثقافية المتنوعة)، وأيضا أساليب التكيف المختلفة (مثل: طلب المساعدة، وتكوين الصداقات، والتأمل، والملاحظة، وغيرها).

توصيات الدراسة

وخرجت الدراسة بجملة من التوصيات، أبرزها تنظيم برامج تدريبية للطلبة المبتعثين قبل مغادرتهم إلى بلد الابتعاث من قبل جهات الاختصاص في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للمساهمة في إعداد الطلبة وتهيئتهم للدراسة في بلد الابتعاث، وكذلك تنظيم برنامج تعريفي متكامل للطلبة بعد وصولهم إلى بلد الابتعاث من قبل الملحقيات الثقافية والذي يسهم في إعداد الطلبة نفسيا، وثقافيا، وأكاديميا وبناء جسر من التواصل مع المسؤولين في تلك الدولة.

كما اقترحت الدراسة إنشاء منصة إلكترونية أو جمعية افتراضية خاصة بالطلبة العمانيين المبتعثين في الدول كافة، بحيث تجمع بين هؤلاء الطلبة وتتيح لهم فرصة المناقشة والاستفسار وتقديم الدعم النفسي لبعضهم البعض على أن تكون تحت إشراف المختصين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وتضمين منصة لتقديم جلسات الإرشاد النفسي.

وقد حصدت الورقة البحثية بعنوان "دور الذكاء الثقافي وأساليب التكيف في مستوى المشكلات التي يواجهها الطلبة العمانيون المبتعثون للدراسة في الخارج" جائزة أفضل ورقة علمية منشورة للباحثين الناشئين (حملة الماجستير) بالجائزة الوطنية للبحث العلمي ضمن قطاع التعليم والموارد البشرية لعام 2023م.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المشکلات الاقتصادیة الذکاء الثقافی المشکلات التی للدراسة فی فی الخارج

إقرأ أيضاً:

النووي الإيراني.. دراسة تكشف دوافع الغليان الإسرائيلي ومآلات التصعيد

كشف مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عن دراسة علمية تحليلية معمقة تناولت موقف "إسرائيل" من المفاوضات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، محددة أبرز دوافع "إسرائيل" ومحددات رؤيتها الاستراتيجية تجاه هذا الملف بالغ الحساسية.

الدراسة، التي أعدّها الباحث سامح محمد سنجر بعنوان "موقف إسرائيل من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران: المحددات والأبعاد"، تسلط الضوء على ما تسميه "عقيدة الردع النووي الإسرائيلي"، وتفكك الهواجس الأمنية والسياسية والعسكرية التي تدفع الاحتلال إلى التحرّك على خط المواجهة مع طهران كلما اقتربت ساعة التخصيب الإيراني من لحظة الحسم.

الاحتكار النووي.. جوهر العقيدة الأمنية الإسرائيلية

أوضحت الدراسة أن المحدد الأبرز للموقف الإسرائيلي هو الحفاظ على الاحتكار النووي الكامل في منطقة الشرق الأوسط. فامتلاك "إسرائيل" للسلاح النووي، وإن لم تعلن عنه رسمياً، هو ما يمنحها، وفق منظورها الاستراتيجي، تفوقاً حاسماً على كافة خصومها، ويشكّل حجر الزاوية في سياستها الإقليمية التي تقوم على الردع والهيمنة والعدوانية المدروسة.

وترى الدراسة أن البرنامج النووي الإيراني يُعتبر تهديداً وجودياً من وجهة نظر إسرائيلية، ليس فقط بسبب احتمالية استخدامه في حرب مباشرة، وإنما لما قد يسببه من تغيير جوهري في موازين القوة الإقليمية، مما يقوّض القدرة الإسرائيلية على فرض معادلات الردع أو التدخل العسكري متى شاءت.

الخيار العسكري يعود للواجهة.. "الأسد الصاعد" نموذجاً

مع تصاعد الخلافات حول بنود الاتفاق النووي، خاصة في ظل إصرار الوفد الإيراني على الاحتفاظ بحق التخصيب ضمن سقف محدد، قامت "إسرائيل" بتنفيذ هجوم مباشر داخل الأراضي الإيرانية، أُطلق عليه اسم "الأسد الصاعد"، بعد حملة دبلوماسية مكثفة قادها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإقناع واشنطن برفض أي اتفاق دون "تخصيب صفري" لليورانيوم.

وبحسب الدراسة، فإن الموقف الإسرائيلي جاء مدفوعًا بفلسفة "الوقاية الهجومية"، أي أن الضربة الاستباقية أفضل من انتظار حصول إيران على قدرات نووية. كما تشير الدراسة إلى أن التوافق الأمريكي الإسرائيلي في هذه المرحلة تجسد بمشاركة وفد إسرائيلي رفيع المستوى في المفاوضات، ما انعكس على تصلب الموقف الأمريكي بدفع من "تل أبيب".

إجماع داخلي ودوافع سياسية

تلفت الورقة إلى أن العملية العسكرية الأخيرة حظيت بدعم المعارضة الإسرائيلية، في مشهد نادر يعكس إجماعاً استراتيجياً داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية بشأن "الخطر الإيراني".

كما تشير الدراسة إلى أن نتنياهو قد يوظف نجاح العملية سياسياً لتعزيز موقعه في الداخل، وربما الدعوة إلى انتخابات مبكرة بهدف استثمار الزخم الأمني والسياسي لإعادة فرض سطوته في المشهد الحزبي.

تساؤلات حرجة حول المستقبل

في خاتمة الدراسة، يطرح الباحث مجموعة تساؤلات حول اتجاهات السياسة الإسرائيلية مستقبلاً، ومنها: هل ستستمر "إسرائيل" في التدخل عسكرياً كلما حاولت إيران استعادة جزء من قدراتها النووية أو تطوير منصات إطلاق جديدة؟ وإلى أي مدى ستظل الولايات المتحدة داعمة لحرية "تل أبيب" في ضرب العمق الإيراني، خصوصاً إذا تغيرت الإدارات أو تبدلت الأولويات الدولية؟

الدراسة تُقر بأن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تشتركان حالياً في هدف كبح إيران، إلا أن الاستمرار في هذا التوافق ليس مضموناً، خاصة في ظل السيولة السياسية الأمريكية، وتحوّلات المشهد الدولي، وعودة النقاش الداخلي الأمريكي حول جدوى الانخراط في نزاعات الشرق الأوسط.

ترى الدراسة أن "إسرائيل" لم تعد تكتفي بالتهديد، بل باتت تنفّذ، وهي اليوم في مرحلة فرض الوقائع العسكرية على الأرض، مستندة إلى دعم أمريكي جزئي وتواطؤ إقليمي في بعض الأحيان. لكن في المقابل، فإن تطورات الملف النووي الإيراني ومرونة طهران في التفاوض قد تُحدث مفاجآت، تجعل "الاحتكار النووي الإسرائيلي" موضع اختبار غير مسبوق في السنوات القليلة القادمة.

مقالات مشابهة

  • دراسة: 74% من المقاولات المغربية الصغرى لا يلائمها النظام الضريبي و90% منها تشتكي صعوبات في التمويل
  • جامعة جازان تنمّي قدرات الطلبة الموهوبين في مجال الذكاء الاصطناعي
  • دراسة تكشف تورط الجزائر في تقويض أمن تونس وفي رعاية الارهاب 
  • دراسة: الطقس المتطرف يعزز الوعي المناخي والبيئي
  • الذكاء الاصطناعي والمبرمجون.. دراسة تكشف "نتائج صادمة"
  • دراسة إسرائيلية تحذر من الحضور الخليجي في مصر والأردن
  • حلقة عمل تناقش توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الإعلامي
  • النووي الإيراني.. دراسة تكشف دوافع الغليان الإسرائيلي ومآلات التصعيد
  • إلهام الفضالة تكشف عن موقفها من دراسة بناتها بالخارج.. فيديو
  • دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة