يتملَّكك العجب أيّما تملُّك عندما ترى قيادات البلد أبوابهم مفتوحة ومكاتبهم مفتوحة وصدورهم مفتوحة ويستطيع المواطن والمراجع مقابلتهم والدخول عليهم والتحدث معهم مباشرة في أي وقت ، بينما مدراء في مستويات إدارية متوسطة وأقل من المتوسطة تجدهم يضعون من الحواجز دون الوصول إليهم ما يجعلك في حيرة ! وقد لا تجد من الكلمات ما تصف به هؤلاء.
إنك أيها القاريء تستطيع لقاء أمير أو وزير والتحدث معهما مباشرة، لكن من سابع المستحيلات أن تقابل مديراً في مستوى إداري متوسط وأقل من المتوسط في منشأة عامة مهمتها الأولى وواجبها الأول خدمة الناس وتقديم الرعاية لهم وتسهيل حياتهم ورفع جودة الخدمة المقدمة للمواطن.
هنا تبرز قاعدة في علم الإدارة وهي حتمية “تدوير القيادات”، وضرورة “تدوير مدراء الإدارات” على الأقل كل عام.
لهذا فإن صوت العميل، ورأي المراجع، وتقييم المُتلقي يفترض أن تكون لهما الأولوية في تقييم مدراء الإدارات ومساعديهم والطاقم المحيط بهم ممّن يعزلونهم عن المراجعين ويضخِّمون أدوارهم، وبالتالي يحولون دون وصول رأي الجمهور الحقيقي بشأن أدائهم.
أوجدت الدولة، أيدها الله وحفظها، أجهزة رقابية، ومراكز حديثة لقياس أداء الأجهزة الحكومية، غير أن هذه المراكز لا يمكن أن تكون موجودة كل يوم في كل المواقع التي يتلقى الناس فيها الخدمة.
من هنا يبرز دور الرقابة الداخلية التي يفترض أن تكون موجودة داخل منشأة وكل جهاز يفدُ إليه الناس كل يوم، وأن تكون هذه الإدارات قريبة من جمهور الناس الذين يراجعون هذه المنشأة، كذلك يكون تقييمها بشكل يومي لكل خدمة يتلقاها المراجع..
كما أن من المهم أن تُمنح من الصلاحيات ما يُمكِّنها من رفع جودة الخدمات المقدمة، وكذا تمّكينها من التواصل المباشر مع الناس الذين يصلون يومياً للمنشأة ويتلقون الخدمة، وتسمع صوتهم مباشرة، وأن يكون هذا الصوت هو الأقوى في التقييم.
وكل ذلك ، ليس معناه إغفال تطبيق الأنظمة بحق التجاوز (اللفظي أو الجسدي من مقدم الخدمة أو متلقيها).
ولدينا في القطاع الخاص نماذج على ذلك، ولنأخذ البنوك على سبيل المثال حيث تطبق ما يسمى Target معين لابد لموظف البنك أن يحقِّقه وإلا تم لفت نظره، ثم يتم تغيير موقعه الوظيفي فإن تحسّن إنتاجه وحقق الـ Target المطلوب منه ، وإلا تم الإعتذار له نهائياً من البقاء في الوظيفة، فما شأن الوظيفة الحكومية التي يكون لبعضها تماس يومي بالمواطن هل يتم تطبيق مثل هذا النظام؟
وبموجب الأنظمة ، ظهرت في الأعوام الأخيرة ، إدارات سُميت “تجربة العميل” و “تجربة المريض” فما دور هذه الإدارات إن لم يكن الاستماع لصوت العميل وأخذ تقييم المُراجِع على محمل الجِد، ومن ثم اتخاذ القرارات بناء على تقييم المراجع وصوت العميل؟
إن الإدارات الوسطى وما دون الوسطى في بعض القطاعات الخدمية تلعب دوراً لا يستهان به في إهدار جهود كبيرة تبذلها قطاعات الدولة، وتكون هذه الإدارات سبباً مباشراً في رسم صورة سلبية لدى الناس الذين يتلقون الخدمة، صورة سلبية قد تنسحبُ على الوزارة كلها، وعلى القطاع بكامله.
ماذا لو كان لصوت العميل ورأي المراجع نقاط أكثر في عملية تدّوير القيادات وتغيير مساعدي القيادات في القطاعات الخدمية؟
“إن من يتلقى الخدمة هو الأقدر على تقييم الخدمة”، بهذه الفلسفة نختصر الزمن ونعمل على تدّوير القيادات بناء على ما يصل من ملاحظات يومية من الناس الذين من المؤكد أنهم لا يجاملون في مسألة تقييم جودة الخدمة.
ogaily_wass@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الناس الذین أن تکون
إقرأ أيضاً:
برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة يناقش تحولات المشهد الإعلامي
ناقشت جلسة حوارية نظّمها برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، الذي ينظمه مركز الشباب العربي، واستضاف فيها سعادة سعيد محمد العطر، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، أبرز التحولات في المشهد الإعلامي الإقليمي والدولي، والدور المتنامي للإعلاميين الشباب في صناعة المستقبل وتشكيل الرأي العام، والتحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة على القطاع والعاملين فيه.
وقال العطر، إن الإمارات قدّمت للعالم نموذجاً إنسانياً فريداً في التسامح والتعايش، بات رسالة يحملها الشباب الإماراتي إلى العالم، مؤكداً أن جيل اليوم قادر على نقل هذه الرسالة بالأدوات والمهارات والقيم، التي يمتلكها، والدفاع عن الحقائق وتعزيز قيم التآخي والاستقرار، في عالم تتسارع فيه التحديات، وتنتشر فيه المعلومات الزائفة والأصوات المضلّلة.
وأضاف أن المشهد الإعلامي يشهد تحولات عميقة وسريعة، وأنه لا مكان فيه لمن لا يطور أدواته وفهمه للواقع المتجدّد من خلال مواكبة توجهات الجمهور، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة في إنتاج المحتوى، ما يفرض على الإعلامي أن يوازن بين السرعة والمصداقية، وإدراك أثر كل معلومة وكل كلمة في البناء أو الهدم.
وشدّد سعادته على أهمية امتلاك الشباب المقبل على التميز في القطاع الإعلامي لرؤية سردية واضحة وهوية فكرية أصيلة تعكس القيم، داعياً الشباب المشاركين في البرنامج إلى الاستثمار في المعرفة، وبناء قصصهم الشخصية والمهنية بوعي واحترافية لأن القصة القوية هي رأس المال الحقيقي في عصر التأثير الرقمي.
أخبار ذات صلةواستعرضت الجلسة أيضاً، أبرز التغيرات في منظومة الإعلام العالمي، مسلّطة الضوء على فرص وتحديات البيئة الرقمية، وطرق التفاعل مع الجمهور سريع التغير.
وحثّ العطر، الشباب على مواكبة التقنيات الحديثة، والتحول من نموذج المؤسسات التقليدية إلى إعلام يصنعه الجمهور، مدعوماً بالخوارزميات الذكية، منوهاً إلى أهمية تطوير مهارات التفكير النقدي لدى صُنّاع المحتوى، وتعزيز الوعي بالتحديات الأخلاقية والمهنية، التي يفرضها الإعلام الرقمي، إضافة إلى العلاقة المتنامية بين الإعلام والاقتصاد، ودور المحتوى في بناء العلامات الشخصية والمؤسسية.
ويُعد برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، أحد أضخم البرامج التدريبية الإعلامية على مستوى المنطقة، ويستمر بدورته الجديدة في ترسيخ مكانته كمبادرة لصقل مهارات الشباب العربي في قطاع الإعلام، وربطهم بالفرص، وذلك بمشاركة 55 شاباً وشابة يمثلون 18 دولة عربية.
المصدر: وام