حرب الطوفان: التحديات الراهنة.. ورؤية استشرافية للحل النهائي
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
بقلم: اللواء د. شوقي صلاح
لعلنا نتفق على أن أهم ما أسفرت عنه نتائج حرب طوفان الأقصى بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أشهر من بدايتها، أن كل الأطراف خاسرة.. فإسرائيل تكبدت خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة منذ نشأتها عام 1948 وحتى الآن، ولم تحقق أي هدف من أهداف الحرب، فلم تقض على قدرات المقاومة، ولم تحرر أسراها ورهائنها بالقوة، وخسرت معركتها الإعلامية على المستويين الدولي والداخلي بامتياز؛ فقد انتفضت شعوب الغرب احتجاجًا على جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، كما انتفض جانب كبير من الداخل الإسرائيلي ضد سياسات الحكومة خاصة بالنسبة لملف الرهائن والأسرى، هذا ومن ناحية أخرى، فإن قطاع غزة قد تضرر على المستوى البشري، حيث تجاوز عدد الشهداء -حتى تاريخ كتابة هذه السطور- ما يزيد على الواحد والعشرين ألفًا، ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى، كما تهدمت عشرات الآلاف من المساكن والمستشفيات والمرافق الأساسية الأخرى في القطاع، لذا فإن أطراف الصراع خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنه من الضروري إنهاء هذه الحرب قبل اتساع نطاقها.
– هذا، وساهمت مصر وقطر في التوصل لهدنة مع تبادل للرهائن بالمعتقلين في السجون الإسرائيلية، ثم عادت الحرب مرة أخرى، وتقدمت مصر الآن بمبادرة من ثلاثة مراحل.. تنتهي بإنهاء الحرب وتبادل كامل للمعتقلين والأسرى لدى طرفي الصراع، ومع هذا فإن حل الدولتين الذي بات هدفًا استراتيجيًّا لمنع تجدد هذا الصراع مستقبلًا.. يواجه تعنتا إسرائيليًّا، خاصة في ظل وجود حكومة هي الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، لذا فلا تتعجب من القول بأن: اتساع دائرة الصراع هو العامل الجوهري المؤثر إيجابًا على خضوع إسرائيل لخطوة حل الدولتين.. .
* رؤية استشرافية لمسار إنهاء الاحتلال وحل الدولتين
– على غرار الاتحاد الأوروبي – الذي تأسس بناء على معاهدة “ماسترخت” التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر 1993- ويضم في عضويته 27 دولة، نطرح في هذا المقام فكرة تأسيس اتحاد دولي جديد، نقترح تسميته بـ: “الاتحاد الإبراهيمي- The “Abrahamic Union نواته الأولى دولتا: إسرائيل وفلسطين، وهو اتحاد سياسي له بعد ديني.
– وجدير بالذكر أن هذا الاتحاد الذي يتأسس بعضوية الدولتين المشار إليهما، يمكن أن يضم في عضويته دولاً أخرى.. ونؤكد في هذا السياق على أن هذا الطرح يختلف عن فكرة سبق تقديمها وتم رفضها من دول في مقدمتها مصر، ألا وهي فكرة استحداث “الديانة الإبراهيمية” التي تجمع الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، ففكرة دول الاتحاد الإبراهيمي المشار إليها هو اتحاد سياسي، اقتصادي، عسكري، ثقافي… والبعد الديني يمنحه قوة روحية لا أكثر، ولعل هذا يحقق لإسرائيل هدفًا استراتيجيًّا تسعى جاهدة لتحقيقه، ألا وهو أن تنتهي روح العداء لكل الدول المحيطة بها، فإسرائيل رغم عقدها اتفاقيات للسلام مع دول عربية في محيطها الإقليمي وأهمها مصر، إلا أنه؛ على المستوى الشعبي فإن العداء مازال قائمًا.. لذا فمن مصلحة إسرائيل والعرب تغيير هذا الواقع المرير.
رسالة بايدن للحكومة الإسرائيلية: لن نسمح لكم بتهديد أمننا القومي
– لقد وصل الحال بالرئيس بايدن؛ أن طلب من نتنياهو وحكومته الخروج من سدة الحكم في إسرائيل، حيث يُصر الأخير على ارتكاب المزيد من أعمال الإبادة الجماعية لسكان غزة المدنيين وإطالة أمد الحرب، مما يهدد باتساع نطاقها.. وهو ما يضر باعتبارات الأمن القومي الأمريكي، حيث ستصبح القوات الأمريكية المتمركزة في منطقة الشرق الأوسط ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية في بؤرة الاستهداف، كما أن مخازن أسلحتها الاستراتيجية الموجودة في إسرائيل ستصبح غير آمنة بالقدر الكافي.. ناهيك عن الاستنزاف الحاد الذي سيصيب قدرات الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل بشأن الأسلحة والذخائر، خاصة وأن اتساع نطلق الصراع سيطول أمده كثيرًا.. ويبدو من تحليل المشهد العسكري الراهن أن دول المنطقة التي يمكن أن تدخل دائرة الصراع قد أعدت العدة تمامًا لمثل هذه المواجهة الكبرى، ولنا في هذا المقام أن نوجه تساؤلين للحكومة الإسرائيلية:
* حال اتساع نطاق الصراع، هل تضمنون فاعلية القبة الحديدية في منع عشرات الألاف من الصواريخ التي ستستهدف في توقيت زمني محدود، أهم وأخطر الأهداف الاستراتيجية في إسرائيل؟؟؟ هذا، وفي توقيت الاستهداف الصاروخي المشار إليه، ماذا تتوقعون من الملايين من سكان غزة والجنوب اللبناني أن يفعلوا ؟؟؟
– وطالما أن التساؤلين المذكورين موجهان للحكومة الإسرائيلية، فأرجو ألا يندفع أحد بالقول: “إسرائيل تمتلك أسلحة ردع نووية وهي قادرة على استخدامها حال تهديد أمنها القومي”.. فهذا الادعاء فيه تسرع من زاويتين: الأولى: أن بالمنطقة من يمتلك أيضًا ما يكفي من أسلحة الردع، وإن كانت غير نووية.. والثانية: ما يدريك؛ فربما طورت دولة ما قدراتها النووية لمستوى التصنيع العسكري؛ خاصة بعد ما تم من تعاون عسكري واسع النطاق صاحب الحرب الروسية الأوكرانية…
– تدعي إسرائيل بأنها تتفاوض من منطلق الطرف الأقوى، القادر على فرض شروطه التفاوضية، بينما نتائج العمليات البرية – حتى الآن- تؤكد تكبدها خسائر فادحة، ولعل أهم أسباب هذه الخسائر، إنما يرجع لعدم احترافية المقاتل الإسرائيلي، فالمَشَاهد التي عرضتها فصائل المقاومة، أقوى دليل على تدني قدراتهم المقاتل الإسرائيلي في مواجهة فصائل مقاومة محدودة الإمكانات من حيث التسليح والتجهيز.. فالمقاتلون الإسرائيليون الذين تم استدعاؤهم لساحات القتال، مدنيون تعلموا فقط الحد الأدنى من مهارات القتال، لمواجهة عناصر مقاومة عقيدتهم: “النصر أو الشهادة”؛ وهذه العقيدة القتالية استطاعت دحر أكثر العناصر احترافية في لواء جولاني الإسرائيلي، وهذا ما يبرر قيام حكومة الحرب بتسريح عشرات الألاف من جنود الاحتياط.. ليعودوا لأعمالهم، فوجودهم في ساحات القتال بلا فائدة تذكر، بينما الاقتصاد الإسرائيلي ينهار…
– وبهذا، فإن إسرائيل مخيرة بين أمرين – كلاهما مــر-؛ الأول: أن تعاند بالاستمرار في الحرب، ومن المؤكد في هذه الحالة أن نطاق الصراع سيتسع، وعليها أن تتحمل تبعات هذا الأمر، خاصة ما يتعلق بهجرة ملايين المواطنين الإسرائيليين.. ويحضرني في هذا المقام الآية القرآنية الكريمة التي توضح موقف بني إسرائيل من سيدنا موسى عليه السلام عندما طالبهم بالقتال كأمر ألا وهي: “ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ” 24 المائدة.
الثاني: البداية الحقيقية لحل الأزمة الراهنة هو تغيير الحكومة الإسرائيلية، لتأتي أخرى أكثر برجماتية، ولا تحمل على عاتقها أوزار الماضي، لتبدأ في أعمال تفاوض تشتمل على حل عادل للقضية الفلسطينية، بما يضمن أمن إسرائيل. وهناك قادة للمقاومة في السجون الإسرائيلية تستطيع إدارة المرحلة، بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، ولا شك أن الإدارة القادمة لعمليات التفاوض تحتاج لإبداع سياسي، وقادة أقوياء وحكماء...
اللواء د. شوقي صلاح
الخبير الأمني وأستاذ القانون بأكاديمية الشرطة المصرية
Tags: أنور الساداتإسرائيلطوفان الأقصىمصر
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أنور السادات إسرائيل طوفان الأقصى مصر فی هذا
إقرأ أيضاً:
عبدالرازق الدليمي لـ "الفجر": الصراع الإيراني–الإسرائيلي خطر على أمن المنطقة.. واستهداف إعلام طهران رسالة استراتيجية (حوار)
◄الصراع الإسرائيلي–الإيراني يؤثر بشكل مباشر على بنية الأمن الإقليمي◄ احتمالية اندلاع حروب متزامنة وتصعيد في لبنان أو سوريا قد يتزامن مع ضربات في اليمن أو الخليج◄العراق يُعد أحد الميادين غير المعلنة للحرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل منذ سنوات◄موقع العراق اليوم هو الأقرب إلى أن يكون ساحة خلفية وليس طرفًا مباشرًا في الحرب◄الولايات المتحدة متورطة جزئيًا بالفعل كونها تقدم دعمًا استخباريًا وتقنيًا كبيرًا لإسرائيل ◄ المؤشرات تشير إلى أن الطرفين – إيران وإسرائيل – يسيران على حافة الحرب الشاملة◄ الحرب بين إيران وإسرائيل أقرب من أي وقت مضى إلى التحول من صراع خفي عبر الوكلاء إلى مواجهة مباشرة ومفتوحة◄ضرب التلفزيون الإيراني ليس مجرد استهداف إعلامي، بل رسالة استراتيجية أزمة اقتصادية خانقة تظلل عيد الأضحى في اليمن: الأضاحي والملابس خارج قدرة المواطنين أهداف استراتيجية ورسائل سياسية متعددة.. ما مصير "غزة واليمن" من زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط؟بناءً على التطورات الجارية والتصعيد المتواصل في المنطقة، تبدو الحرب بين إيران وإسرائيل أقرب من أي وقت مضى إلى التحول من صراع خفي عبر الوكلاء إلى مواجهة مباشرة ومفتوحة.
فخلال الأشهر الماضية، شهدت الساحة الإقليمية سلسلة من الضربات الجوية، والردود المتبادلة، والتوترات المتصاعدة على عدة جبهات، لا سيما في لبنان، سوريا، العراق، واليمن، حيث تنشط الميليشيات المدعومة من إيران.
السيناريوهات المتوقعة تتراوح بين تصعيد محدود عبر الوكلاء، يتخلله قصف متبادل وهجمات موضعية، وانتهاء بوساطات دبلوماسية، وبين انزلاق نحو حرب شاملة متعددة الجبهات، قد تشمل ضربات داخل إيران نفسها، وتدخلًا أمريكيًا جزئيًا إذا ما تعرضت المصالح الأمريكية للخطر.
هذا المشهد المعقد يُنذر بأن المرحلة القادمة ستكون شديدة الحساسية، إذ تتحكم فيها عوامل داخلية وخارجية، وقد تُعيد رسم خريطة التوازنات في الشرق الأوسط.
وحول الأحداث الجارية خاصة الحرب بين إيران وإسرائيل، حذر الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة بغداد، من خطورة تصاعد الصراع الإيراني–الإسرائيلي، مشيرًا إلى تداعياته الخطيرة على الأمن الإقليمي والاحتمالات المستقبلية المتوقعة على المستويين العسكري والسياسي.
حيث يرى الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة بغداد، أن التوتر المتصاعد بين إيران وإسرائيل يساهم في تفكك منظومات الأمن الهش في عدة دول عربية، من بينها العراق، سوريا، لبنان، واليمن، والتي تحوّلت إلى ساحات مواجهة غير مباشرة. هذا الواقع يؤدي إلى مزيد من الهشاشة السياسية والأمنية في تلك الدول.
وأوضح الدليمي في حوار خاص لموقع "الفجر"، أن ضربات الكيان الصهيوني تستهدف العمق الاستراتيجي الإيراني، خصوصًا القيادات العسكرية والرموز النووية، ما يُضعف شبكات السيطرة والقرار الإيراني في مناطق النفوذ مثل العراق وسوريا ولبنان ويهدف هذا التصعيد إلى تقويض قدرة إيران على فرض توازن رعب، وإيصال رسالة واضحة بأن أي تهديد وجودي لإسرائيل سيقابل بتفكيك كامل للمنظومة الإيرانية، وعلى رأسها برنامجها النووي. وتعتبر هذه الضربات جزءًا من سياسة إسرائيلية محسوبة تهدف إلى تأخير امتلاك إيران لسلاح نووي محتمل.
وإليكم نص الحوار:-◄كيف يؤثر الصراع الحالي على الاستقرار الإقليمي؟الصراع الإسرائيلي–الإيراني يؤثر بشكل مباشر على بنية الأمن الإقليمي في عدة مسارات:
تفكك منظومات الأمن الهشّ في الدول الضعيفة فالعراق، سوريا، لبنان، واليمن باتت ساحات مواجهة غير مباشرة، ما يزيد من هشاشة بنيتها الأمنية والسياسية كذلك دفع دول الخليج نحو عسكرة الموقف وتعززت النزعة الأمنية في الخليج، وزادت ميزانيات التسلّح، وظهر ميل أوضح نحو الاصطفاف مع إسرائيل ضد إيران كذلك تراجع أفق التطبيع والتسويات فكلما تصاعدت وتيرة التصعيد، تعطل مسار “التطبيع الآمن”، وتعمقت الانقسامات داخل الشارع العربي، يضاف إلى ذلكً احتمالية اندلاع حروب متزامنة وتصعيد في لبنان أو سوريا قد يتزامن مع ضربات في اليمن أو الخليج، ما يرفع مخاطر الانفجار الإقليمي الشامل.
◄ ماذا يعني استهداف قيادات الحرس الثوري والبرامج النووية الإيرانية؟
واضح أن أهداف الكيان الصهيوني من ضرب العمق الاستراتيجي الإيراني استهداف القيادات يهدف لإضعاف شبكات السيطرة والقرار الإيراني في العراق وسوريا ولبنان ومحاولة لكسر هيبة الردع الإيراني من خلال التركيز على الرموز العسكرية والنووية يعني تقويض قدرة إيران على فرض “توازن رعب” أو تهديد مضاد وهي رسالة لإيران وحلفائها بان الضربات تعني ان أي تهديد وجودي لإسرائيل سيُقابل بتفكيك منظومتكم بالكامل، خاصة برنامجكم النووي وهو تصعيد محسوب قبل القنبلة وان كل عملية ضد البرنامج النووي تهدف لتأخير أي تحول استراتيجي في موازين القوى (مثل امتلاك إيران للسلاح النووي).
هناك عدد من السيناريوهات المتوقعة السيناريوهات الأول قيام حرب محدودة عبر الوكلاء وتصعيد في لبنان، ضربات في سوريا والعراق، وردود إسرائيلية دقيقة.يعقبها تهدئة لاحقة بوساطة قطرية أو أوروبية.
السيناريو الثاني قيام حرب شاملة تمتد لجبهات متعددة وانخراط حزب الله والحوثيين، وضربات إسرائيلية مكثفة داخل إيران.مع احتمال تدخل أميركي محدود، وتحرك عربي لاحتواء الكارثة.
السيناريو الثالث احتمال انفجار داخلي يعيد الحسابات احتجاجات داخل إيران أو إسرائيل تدفع باتجاه التهدئة. أو طرح تسويات سرية أو تغيّر في سلوك أحد النظامين.
السيناريو الرابع: يتركز حول استمرار سياسة الضربات المدروسة والعودة إلى “حرب الظل”: اغتيالات، هجمات إلكترونية، واستهدافات نوعية بلا إعلان حرب.
◄ ما هي الأبعاد الاستخباراتية للعمليات الإسرائيلية والرد الإيراني؟
يمكن القول ان هذا الجانب يعتمد بالأساس على تفوق استخباري إسرائيلي نوعي ونجاحات إسرائيلية لافتة في اختراق إيران أمنيًا (اغتيالات داخل طهران، تفجيرات في منشآت نووية، تسريب وثائق سرية) واحتمال ان يكون الرد الإيراني عبر الشبكات الإقليمية وان تستخدم الحشد الشعبي، حزب الله، والحوثيين كأدوات رد أمني غير مباشر.والتركيز على ضرب أهداف رمزية (مثل السفارات، القواعد الأميركية، الملاحة الدولية).
كذلك نشوب حرب إلكترونية متقدمة وتبادل اختراقات سيبرانية بين الطرفين أثّر على البنية التحتية المدنية (الطاقة، الاتصالات، المرافئ).
واحتمال استخدام صراع “العقول والخلايا”، فتل أبيب تسعى لإبادة كوادر البرنامج النووي أما طهران فتعمل على بناء خلايا طويلة الأمد في الداخل الإسرائيلي والخليجي.
في ضوء استقراؤنا للأوضاع السائدة على الارض نعتقد ان الوضع سيكون على المدى القريب (0–6 أشهر) حيث استمرار الضربات المتبادلة، تصعيد مؤقت، ثم تهدئة محكومة بحسابات الردع وتدخل القوى الكبرى، أما على المدى المتوسط (6 أشهر – 3 سنوات) مع احتمالية اقتراب إيران من إنتاج قنبلة نووية، فالأرجح ستكون هناك ضربة استباقية إسرائيلية موسعة وبديل ذلك فهو اتفاق نووي جديد محدود، مقابل انسحاب جزئي لإيران من الجبهات وإذا ذهبنا ابعد من ذلك فيمكن ان تتحقق أحد السيناريوهات التالية:
1.توازن رعب نووي (مثل باكستان والهند).
2.تفكك داخلي يغيّر أحد النظامين.
3.نظام أمني إقليمي جديد بقيادة عربية – تركية – غربية يحد من طموحات الطرفين.
◄أبعاد الصراع الإيراني الإسرائيلي من عدة زوايا استراتيجية وسياسية وجغرافية
◄أين يقع موقع العراق من الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل؟
العراق يُعد أحد الميادين غير المعلنة للحرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل منذ سنوات، نظرًا لهيمنة النفوذ الإيراني العميق داخل العراق، خاصة عبر ميليشيات “الحشد الشعبي” المرتبطة بالحرس الثوري.
الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة (غير المُعلنة رسميًا دائمًا) لمواقع تابعة للميليشيات الموالية لإيران داخل العراق. أو استخدام الأراضي العراقية كممر لتهريب السلاح الإيراني إلى سوريا ولبنان.
موقع العراق اليوم هو الأقرب إلى أن يكون ساحة خلفية وليس طرفًا مباشرًا في الحرب.
كانت الحكومة العراقية تحاول النأي بالنفس رسميًا، لكنها عاجزة عن ضبط الميليشيات التي قد تنخرط بأي تصعيد إيراني إسرائيلي.وهناك مخاوف شعبية متزايدة من أن يتحول العراق إلى ساحة صراع جديدة.
◄تطورات الحرب بين الكيان الصهيوني وإيران… هل ستمتد إلى العراق؟
نعم، احتمال الامتداد إلى العراق وارد بدرجة كبيرة، خصوصًا في السيناريوهات التالية إذا قررت إيران استخدام الميليشيات العراقية لشن هجمات على المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية، أو في حال استهدفت إسرائيل قواعد أو شحنات سلاح داخل العراق، وإذا تصاعدت الحرب لتأخذ طابعًا إقليميًا مفتوحًا.لكن من غير المرجح لحد كتابة هذه الاجابات أن يتحول العراق إلى جبهة رئيسية، ما لم تفشل إيران في استخدام أراضٍ أخرى كاليمن أو سوريا أو لبنان.
التأثير يختلف حسب موقع الدولة ونفوذ إيران فيها:
الدول المتأثرة مباشرة:
لبنان: بسبب وجود حزب الله، سيكون على رأس أولويات الرد الإسرائيلي.
سوريا: لم تعد ساحة لتبادل الضربات بين إسرائيل وإيران.
العراق: كما ذُكرنا العراق بسبب هيمنة الحشد والمليشيات الأخرى التابعة للنظام الفارسي، ميدان محتمل لتصعيد غير مباشر.لا سيما بعد ان نشر اسلحة مضادة للجو خلال اليومين الأخيرين وهذا ربما سيدفع كل من أمريكا وإسرائيل لاستهداف هذه المضادات للجو
اليمن: الحوثيون قد يشاركون بهجمات رمزية على إسرائيل.الدول الخليجية تتخوف من اضطراب الأمن الإقليمي وتهديد الملاحة في الخليج وبعض الدول (مثل السعودية والإمارات) قد تتعرض لضغوط أو تهديدات من أذرع إيران.دول المغرب العربي:التأثير سيكون محدودًا، وغالبًا عبر تبعات اقتصادية مثل ارتفاع أسعار النفط أو تراجع الاستقرار الإقليمي.◄ هل تتدخل أمريكا على خط النار من الحرب بين إيران وإسرائيل؟
الولايات المتحدة متورطة جزئيًا بالفعل كونها تقدم دعمًا استخباريًا وتقنيًا كبيرًا لإسرائيل وقواتها في العراق وسوريا والخليج على أهبة الاستعداد، وقد تعرضت لهجمات من وكلاء إيران بالفعل، لكن التدخل المباشر (أي الدخول في حرب شاملة ضد إيران) غير مرجح، لحد الان إلا في الحالات التالية إذا هاجمت إيران أو وكلاؤها قواعد أمريكية أو مصالح مباشر لها أو إذا لجأت إيران إلى تطوير سلاح نووي أو هددت أمن إسرائيل وجوديًا.وإذا خرجت الحرب عن السيطرة وتحولت إلى مواجهة إقليمية كبرى والإدارة الأمريكية تسعى حاليًا إلى احتواء التصعيد، لا توسيعه، لكن الخطوط الحمراء هشّة وقد تنهار في أية لحظة.
◄هل تصل المواجهة بين إيران وإسرائيل إلى حرب شاملة؟
حتى الآن، كل المؤشرات تشير إلى أن الطرفين – إيران وإسرائيل – يسيران على حافة الحرب الشاملة دون الرغبة الفعلية في الانزلاق إليها. لكن تبقى احتمالات التصعيد الخطير واردة في ظل ثلاثة عوامل:
أسباب قد تدفع نحو حرب شاملة:
الضربات المتبادلة المباشرة (مثل استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، ورد طهران بضربة جوية على إسرائيل).
تزايد الضغط الداخلي على القيادة الإسرائيلية بعد فشل في غزة، يدفعها للتصعيد مع إيران لكسب أوراق سياسية.
سوء تقدير أو خطأ في الحسابات من أحد الطرفين (مثل استهداف شخصية قيادية أو منشأة نووية).أسباب تمنع الحرب الشاملة حاليًا:
الردع المتبادل: كلا الطرفين يعلم أن الحرب الشاملة ستكلفه ثمنًا باهظًا.
كما ان الولايات المتحدة تضغط بقوة لاحتواء التصعيد، ولا تريد حربًا إقليمية مفتوحة.وإيران تفضل العمل عبر الوكلاء وتجنب الحرب المباشرة التي قد تعرض نظامها الداخلي للخطر.النتيجة المرجحة الآن هو تصعيد واسع محدود النطاق دون التحول إلى حرب شاملة تقليدية.
استمرار المواجهة ضمن معادلة “الردع والرسائل المتبادلة”، وليس في إطار “كسر العظم”.
◄ماذا يعني ضرب الكيان الصهيوني للتلفزيون الإيراني؟
استهداف إسرائيل للتلفزيون الإيراني (أو منشأة إعلامية تابعة للدولة الإيرانية) يحمل أبعادًا رمزية واستراتيجية:
المعاني السياسية والإعلامية
هي رسالة مباشرة للقيادة الإيرانية:
•بأن “المعركة وصلت إلى داخل مؤسساتكم السيادية”، وليس فقط المواقع العسكرية.
•نوع من الحرب النفسية ضد الدولة الإيرانية.
2.ضرب للآلة الإعلامية التي تُستخدم للدعاية والتجييش:
•التلفزيون الإيراني جزء أساسي من منظومة الحرس الثوري في التأثير الإعلامي الداخلي والخارجي.
•يروج رواية النظام، ويحشد عبر القنوات الخارجية مثل Press TV و”العالم”.
3.تشويش على القدرة الإيرانية على التعبئة الجماهيرية:
•ضرب وسائل الإعلام خلال أي مواجهة يهدف إلى شلّ رواية الطرف الآخر.المعاني العسكرية/الاستخباراتية:
من المحتمل أن المنشأة الإعلامية المستهدفة تُستخدم كمقر سري للاتصالات أو السيطرة الإلكترونية، وهو ما يجعلها هدفًا “مشروعًا” من وجهة نظر إسرائيل، أو قد يشير إلى نقلة نوعية في بنك الأهداف الإسرائيلي، حيث يتم استهداف بنى الدولة الإيرانية بشكل مباشر ونستنتج مما ذكرناه ان ضرب التلفزيون الإيراني ليس مجرد استهداف إعلامي، بل رسالة استراتيجية تقول: “لسنا فقط نحارب الميليشيات، بل نصل إلى أعماق الدولة”، وهو تصعيد غير تقليدي يهدف لتوسيع ساحة الحرب النفسية والضغط السياسي على النظام الإيراني.