«أشعار كولاجية» لأنس الشيخ.. حيث الشعر الهجين المركب!
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
إنَّ حرصَ الباحث على مسايرة ميوله الخاصة أو ميول مجتمعه، لن يساعد في إنتاج العلم، بل لن يؤدي - على الأرجح - إلى أكثر من «تطييب الخواطر»، أي الوصول إلى نتائج مريحة لنفس الباحث أو «جماعته»؛ لأنَّها - ببساطة - تؤكد ما كانوا يقولونه دائماً وما يرغبون في قوله، في ثوب جديد أو لغة مختلفة.
في ثاني إصداراته، بعد «بطه يا بطه.
إذًا فأشعار الديوان ليست أصيلة البتة، إنها هجينة، مولدة من خلال القص واللصق، إذ يبين أنس «في زمن النسبية، الشكوكية، التشظي، قيلت كل الأشياء وأنهكت، ولم يعد هناك شيء جديد، سواء جمالي أو مفاهيمي، يمكن إنتاجه»، الأمر الذي يستنتج منه أنس بأن «الإصرار على مواصلة الانغماس في أوهام الأصالة، الفرادة، الجوهرانية، وفي تقديس وتجميد العقل، القلب، الوعي، الأنا»، عبث صرف. ولهذا يشخص الواقع كما لو أنه يعاني حالةً حرجة، وكل ما بوسع الإنسان إزاءه «القيام بعملية (استيلاء وإخفاء) لنصوص الشعراء عبر القص، البعثرة، الخلط، التجميع، اللصق... وذلك بغية إنتاج (أشعار هجينة) قائمة على الاختيار والترتيب الاعتباطيين، وعلى التكرار الآلي الرتيب». لكن هل لجأ أنس للاعتباطية بمفهومها العشوائي في ظل تمام المعنى أو مقاربته؟ يقول في إحدى القصائد «في عيون الرفاق/ هي الدموع تكتم الريح/ لستُ أشهدُ على ما يقولون/ وحنينٌ جف كالشعب/ وحبي أكثر علواً من أن يحمله فضاء/ شجرة خضراء/ نحرس أحلامنا/ في هذه الكومة/ (...)/ التي نحولها إلى انطلاقاتٍ في التحول». ربما لن نشهد تناسقاً نغمياً أو قافية في هذا الديوان، لكنا نشهد وحدة في الموضوع أحيانًا، واختيارًا متعمدًا، أو ربما اعتباطي بمحض الصدفة، يؤلف بينه القارئ أنماطًا من المعاني المرادة من هذه القصيدة أو تلك، والعقل بارعٌ في توليف الأنماط، وهو ما يعول عليه أنس كما يبدو، لكن ما الذي أراده أنس من ذلك؟ أهو احتجاج على عصرٍ فاقدٍ للأصالة والمعنى كما يراه في بعض جوانبه؟ أهو تأييدُ أم معارضة لطبيعة النصوص في هذه الأيام؟ أهو تسليطُ للضوء على وهم يستشري في الضن بأنّا بارعون دون براعة؟ أهو اعتراضٌ على كل شيء، كما فعل الفيلسوف الألماني (فريدريك نيتشه) فلسفياً، وكما فعل (مارسيل دوشامب) فنيًا؟ أم إن أنس أراد أن يؤكد على المفاهيم التي يرى بأن العصر يفتقر إليها (الأصالة، الفرادة، الجوهرانية) من خلال نقضها؟ فأشعار الديوان تثير سؤال الحقوق والملكية؛ لمن تنسب القصائد؟ وما دور أنس؟ أهي عائدة له لأنه أعاد توليفها؟ أم للشعراء التي اقتطعت قصائد أنس من أبياتهم؟ كأن أنس يريد من هذا الديوان، أن يثير كل تلك الإشكالات، التي يفرضها الواقع اليوم، خاصة مع الذكاءات الاصطناعية التي انفجرت بشكلٍ كبير خلال العامين الأخيرين، والتي بدورها فجرت معها نقاشات الأصالة، والفرادة، والجوهرانية، وحقوق الملكية الفكرية، والتأليف... فلمن تعود ملكية النصوص التي أعاد الذكاء الاصطناعي توليدها؟ أو الرسومات والصور التي أعاد تشكيلها؟ أهي للذكاء الاصطناعي كونه أعاد صياغة عدد كبير جدًا من الصور والنصوص التي تدرب عليها، فولفها في شكلٍ جديد، أم لمالكيها الأصل الذين كتبوها أو رسموها أو التقطوها بشكلٍ مغايرٍ تمامًا عما أعاده الذكاء الاصطناعي... وما أخلاقية القيام بذلك؟ هكذا إذًا، يثير ديوانُ من الأشعار الهجينة، كل تلك الإشكالات، ليضع المتلقي أمام تساؤلات شتى، سواء تلك المتشكلة من قراءة النصوص المركبة، أو من أساس إصدار ديوانٍ كهذا، والذي جاء في إحدى قصائده المولفة من قصاصات: «وردةٌ في الفجر.../ انتزعوه من حضنها الوثير، وساروا به - حافيًا - في طريق / لكنما البكاء كلب هائل / في مجال انعدام الجاذبية / كلما مسنى الحزن / ترك كلماته تتجول، تحفر في باطن الأرض / لا يوائم الطقس صهيله / توشوش أرواحهم السادرة/ ها هي حدائق روحي مفتوحةٌ لك / كي أفتح شجرًا بسكين رديئة في رئتي».
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
المجلس الأعلى للثقافة يعلن أسماء الفائزين بجائزة الشعر البدوي فى مصر
أعلن المجلس الأعلى للثقافة متمثًلا في لجنتي التراث الثقافي غير المادي «الفنون الشعبية» ومقررها الدكتور محمد شبانة، ولجنة الشعر ومقررها الدكتور يوسف نوفل، عن أسماء الفائزين بمسابقة الشعر البدوي في مصر.
وتأتى هذه المسابقة في ضوء اهتمام وزارة الثقافة بالإبداعات الشعبية القولية، وحرصًا على تشجيع رواة هذا الشعر وحفظته وشعرائه، وتنفيذَا للتوصيات الصادرة عن المائدة المستديرة التي نظمتها لجنة التراث الثقافي غير المادي خلال شهر نوفمبر الماضي بعنوان «الشعر البدوي - النبطي.. وظائفه الاجتماعية وآفاق استدامته».
وتضمنت المسابقة ثلاثة فروع على النحو التالي: «فرع الراوي الهاوي، فرع التأليف في الشعر البدوي لأفضل ديوان شعري بدوي، فرع تشجيع الناشئة من مبدعي الشعر البدوي وحفظته»، لأقل من 17 عاما.
وحصل على المركز الأول عطا الله عيد ذيبان إبراهيم «عطا الله الجداوي» على المركز الأول في فرع الراوي الهاوي بجائزة قيمتها 8000 جنيه، بينما حصل على المركز الثاني أيمن عبد العظيم عبد الفضيل حمد «أيمن عبد العظيم رحيم» بجائزة قيمتها 6000 جنيه، وحصد المركز الثالث كلًا من محمد محمد عثمان عبد الله سعود الطحاوي وياسين ميمون أحمد عبد الهادي «مناصفة» وقيمتها 5000 جنيه.
أما في فرع التأليف في الشعر البدوي لأفضل ديوان شعري بدوي، فحصل على المركز الأول عياد عبد الرازق عياد حميدة «عياد الحجل» عن ديوان «نجع ومراح» بجائزة قيمتها 8000 جنيه، وحصل على المركز الثاني كل من إبراهيم ضيف الله سليمان سليم «إبراهيم أبو فايد السواركة» عن ديوان «قطوف السحاب»، وعلي محمد أحمد سلامة الرشيدي «علي سلامة الرشيدي» عن ديوان «قناص الهوى، مناصفة» بجائزة قيمتها 6000 جنيه.
وحصل على المركز الثالث بجائزة قيمتها 5000 جنيه ومنحت مناصفة بين كل من صالح محمد سالم مسعود «صالح الشراري» عن مجموعة قصائد بدوية، وعبد الله صالح عبيد مصري «عبد الله بو شعيب السمالوسي» عن ديوان «أطرافك لم».
أما في فرع تشجيع الناشئة من مبدعي الشعر البدوي وحفظته (أقل من 17 عاما) فقد حجبت الجائزة.
اقرأ أيضاًوزير الثقافة يعلن فتح المتاحف مجانًا للجمهور احتفاءً باليوم العالمي
وزير الثقافة الفلسطيني: مهرجان العودة السينمائي جزء من دعم القضية الفلسطينية
«تقييم وضع العملية التعليمية».. أبرز ما جاء في لقاء وزير الثقافة بأعضاء أكاديمية الفنون