قوافٍ إذا أنشدْنَ يوما بمجلسِ

تفاوَحَ منها العطرُ والنشرُ والنّدُّ

البيت الشعري مقتبس من قصيدة طويلة للشاعر محمد بن عبدالله بن سالم المعولي (من شعراء دولة اليعاربة) في مدح الإمام سلطان بن سيف (القرن السابع عشر الميلادي) ومنشورة في «ديوان المعولي» من قبل وزارة التراث القومي والثقافة (سابقا) عام 1984م، وتبدأ القصيدة بأبيات غزل فائقة الجمال يقول في مطلعها:

بُعادك يا عذب الثنايا ولا الصدُّ.

. وصدُّك يا حلوَ السجايا ولا البعدُ

بَعدتم فزادَ القلبُ شوقا وحسرةً.. قرُبتم فزاد الهمُّ والحزنُ والجدُ

لا شك أن هذا النوع من الشعر الرقيق البديع يُنشد إنشادًا بلحن يناسبه في المجالس العُمانية التقليدية من قبل الشاعر نفسه أو من الحفاظ أصحاب الأصوات الحسنة. من هنا أستطيع القول إن المعلومات التاريخية للموسيقى العُمانية في المرحلة الإسلامية بفضل هذه النصوص الشعرية والروايات التاريخية أكثر انكشافًا ووضوحًا من المرحلة التي سبقتها (عُمان القديمة) ولكنها معلومات متناثرة في مصادر مختلفة وجمعها يحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت علاوة على تصنيفها تاريخيا.

في المقال السابق أشرت إلى نوع المعلومات التي يجب أن نبحث عنها في هذه المرحلة الإسلامية من تاريخ عُمان الموسيقي، وكما ذكرت في ذلك المقال، فإن المصادر التاريخية المكتوبة تحتوي على العديد من البيانات والمعلومات بشأن الموسيقى، وتشير إلى شيوع أنواع من الممارسات الموسيقية الغنائية وهي: النشيد ومنها الموشحات الشعرية، والطرب الآلي، وأنواع أخرى من أنماط الغناء التقليدي حسب المصطلح المعاصر. من هنا فنحن أمام ثلاثة توجهات فنية كبيرة في التراث الموسيقي العُماني، كل منها له مكانته ودوره في النظام الثقافي والاجتماعي. إن هذا التراث الشعري العظيم وطريقة إنشاده تراث قديم في التاريخ العُماني والجزيرة العربية يعود إلى ما قبل الإسلام.

من هنا يصعب في هذه المرحلة الإسلامية الفصل بين الشاعر والشاعر المنشد، ولطالما كان الشعراء هم كذلك منشدون ولا فرق بين الوظيفتين في الثقافة التقليدية. ومن وجهة نظري، لم يحدث الفصل بينهما وبروز المطرب المغني الذي يغني أشعار الآخرين، إلا في المرحلة الثالثة لعُمان الحديثة الإصلاحية مع شيوع استعمال الآلات الموسيقية وآلة العود بصفة خاصة. من هنا تقع أهمية هذا التطور التاريخي إن جاز التعبير والمتمثل في استقلال المطرب عن الشاعر المنشد. ورغم إننا نفرق اليوم بين الموسيقي والشاعر، وبين الشعر والموسيقى كفنين مستقلين، إلا أن الغناء يظل الوجه الآخر لعملة الشعر والعكس صحيح، فالشاعر سيد الكلام والمطرب سيد الأنغام. وقد ذكرت في مقال سابق أن جميع المطربين العُمانيين الأوائل المعروفين لدينا منذ مطلع القرن العشرين الميلادي كانوا أيضا شعراء أغنية، يؤلفون أغانيهم بأنفسهم عكس الوضع الحالي الذي يعتمد فيه المطرب على الشاعر المختص في كتابة الأغاني. ولا أدري إن كان المنشد في القرون الماضية هو أيضا بنفس المفهوم الحالي الذي برز في الثقافة المعاصرة بشكل واسع كاختصاص بالغناء الديني فقط.

وللعُمانيين طريقة فريدة في إنشاد الشعر الفصيح دون مصاحبة آلات موسيقية، وهذا النوع من الغناء كان مقبولا من الجميع ومقدرا من النظام الثقافي الرسمي، يؤديه في المجالس الشعراء المنشدون وأصحاب الصوت الحسن وحفظة الشعر الفصيح.. ولا يزال هذا الفن متداولا ومتوارثا، وهو تحديدا الذي نبهت إلى أهميته في المقال الماضي.

وطالما نعتمد في هذا المقال على مصدر واحد وهو «ديوان المعولي» كمثال على قدم قالب النشيد في التراث الغنائي العُماني وإن قوالب الشعر التي وصلت إلينا من أزمنة مختلفة تؤكد حضور هذا القالب الفني مقرونا بعدة قوالب من الشعر منها قالب الموشح. ورغم أن الديوان ليس به سوى موشح واحد، إلا أن هذا يضعنا في المقابل أمام أسئلة عديدة خاصة إذا كانت العبارة المكتوبة في مقدمة النص من أصل المخطوط». وقال أيضا -رحمه الله- وقد وشحها شاعرٌ من أهل الحساء -وهي من الموشحات- ذلك أن هذا النص قد وشحه شاعر من الحساء بمعنى لحنّه وغناه حسب فهمي المتواضع. وهنا اقتبس «دورين» بمصطلح موشحات اليوم من أصل النص المنشور وهو نص طويل:

يا صاحِ نصحا للنصيحةِ فأقبلا

لا تبغ عن طرقِ الهدايةِ مَعْدَلا

واتبع شريعةَ أحمدٍ أزكى الملَا

إن كنت تبغي أن تُبوأ منزلا.. في جنةٍ وتعلُ من فوّارِهاوتكونَ مسرورا بأنس أكارمٍ

وصفاءَ مشروبٍ وطيب مطاعمِ

ولقاءِ أحبابٍ وحسنِ خواتِمِ

وتريحَ نفسَكَ في نعيمٍ دائمِ.. لا ينطفئ أبدا سنا أنوارِها

**

... وللمقال بقية...

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من هنا

إقرأ أيضاً:

كلام براك: جس نبض الحزب وتهيئة الرأي العام اللبناني لمرحلة مختلفة

كتب ميشال نصر في" الديار": ليست التصريحات التي أطلقها الموفد الأميركي توم براك في الأيام الأخيرة ،مجرد مواقف إعلامية عابرة، ولا يمكن التعامل معها كجزء من الضجيج السياسي. فمنذ إطلالته الأولى، بدا واضحا أن الرجل يتحدث من موقع يتجاوز حدود الموفد التقليدي، وأنّ رسائله تخفي خلفها مقاربة أميركية جديدة يجري اختبارها بهدوء تجاه حزب الله وبيئته ودوره في لبنان وسوريا. فبراك لم يعتمد الخطاب الأميركي التقليدي، الذي اعتاد اللبنانيون سماعه كلما ذُكر اسم الحزب. بل لجأ إلى خطاب محمل بإيحاءات "حضارية" و"جيوسياسية" تربط لبنان وسوريا في إطار واحد، وتضع الدور العسكري والسياسي لحزب الله ضمن سياق إعادة تنظيم المشهد في المنطقة بأكمله، على ما تشير اوساط لبنانية على تواصل مع الادارة الاميركية، معتبرة ان هذه اللغة الجديدة ليست عفوية، بل تحمل في طياتها مقاصد واضحة: جس نبض الحزب وبيئته، وتهيئة الرأي العام اللبناني لمرحلة مختلفة، قد لا تكون صدامية، لكنها لن تكون مريحة بالنسبة إلى الحزب أيضا. في هذا السياق، بدا براك كأنه يختبر حدود المناورة لدى حزب الله، فهو تحدث عن مستقبل الجنوب، وعن ضرورة ضبط الحدود، وعن صياغة ترتيبات جديدة قد يكون الحزب "جزءا منها، أو قد تُفرض عليه"، ما فرض على الاوساط طرح أسئلة أساسية: هل الحزب مستعد لقبول إعادة تعريف لقواعد الاشتباك؟ وهل يمكن أن يدخل في إطار تفاهمات أوسع تشمل سوريا ولبنان ضمن سقف أميركي؟
لكن ما هو لافت أكثر، على ما تقول الاوساط، أن كلام براك يندرج في اطار الضغط الناعم، فهو لا يريد مواجهة مفتوحة مع الحزب، بل يسعى إلى تطويق دوره تدريجيا، عبر خلق بيئة سياسية لبنانية تتقبل فكرة أنّ دور الحزب لا يمكن أن يبقى على حاله، وأنّ المرحلة المقبلة ستفرض عليه "تغييرات طوعية أو قسرية"، لكن من دون إثارة حساسية جمهور المقاومة أو دفعه إلى التصلب.وتضيف الاوساط بان تصريحات براك تشير الى ان مرحلة ما بعد حرب غزة، ستفتح الباب أمام تغييرات كبرى في التوازنات الإقليمية، وأن حزب الله سيكون جزءا من هذه التغييرات، سواء عبر الضغط، أو عبر التفاهمات، فالأميركيون يدركون أنّ أي تسوية جنوبية أو سورية، لن تكون قابلة للحياة إذا بقي الحزب خارجها، أو إذا تم تجاهل دوره العسكري والسياسي. في المحصلة، لا تبدو تصريحات توم براك مجرد قراءة في المشهد الاقليمي، بل محاولة مدروسة لتهيئة الساحة اللبنانية، وربما الإقليمية، لفهم أن دور حزب الله قد تعدل، وأن الولايات المتحدة اختارت طريق "الضغط الهادئ" بدل المواجهة المباشرة. من هنا، فإن السؤال الحقيقي لم يعد: ماذا قال براك؟ بل ماذا تُحضر واشنطن عبر براك؟ وكيف سيتعامل الحزب مع تلك الاشارات؟ والاهم اين السفير ميشال عيسى مما تقدم، في ظل نفيه علمه باي "تغييرات"؟ والاهم من كل ذلك، هل بدأ الانقسام في الرأي الاميركي يظهر الى العلن؟ مواضيع ذات صلة "جس نبض" بريطاني لملء فراغ "اليونيفيل" Lebanon 24 "جس نبض" بريطاني لملء فراغ "اليونيفيل" 11/12/2025 06:06:33 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 مدير المخابرات المصرية الى بيروت: "جس نبض" حول التفاوض وتحذير من المخاطر Lebanon 24 مدير المخابرات المصرية الى بيروت: "جس نبض" حول التفاوض وتحذير من المخاطر 11/12/2025 06:06:33 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بدء كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مهرجان "أجيال السيد" الكشفي Lebanon 24 بدء كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مهرجان "أجيال السيد" الكشفي 11/12/2025 06:06:33 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 نائب "الحزب" يُحذّر: الجيش الإسرائيلي في مرحلة عدوانية جديدة Lebanon 24 نائب "الحزب" يُحذّر: الجيش الإسرائيلي في مرحلة عدوانية جديدة 11/12/2025 06:06:33 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 الولايات المتحدة العام اللبناني ميشال نصر اللبنانية حزب الله المقاومة الاميركي واشنطن قد يعجبك أيضاً مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة Lebanon 24 مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة 22:06 | 2025-12-10 10/12/2025 10:06:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل Lebanon 24 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل 22:08 | 2025-12-10 10/12/2025 10:08:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً Lebanon 24 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً 22:25 | 2025-12-10 10/12/2025 10:25:00 Lebanon 24 Lebanon 24 محاذير سيواجهها لبنان ما لم ينزع سلاح "الحزب"..شكوى ضد بناء الجدار الفاصل Lebanon 24 محاذير سيواجهها لبنان ما لم ينزع سلاح "الحزب"..شكوى ضد بناء الجدار الفاصل 22:55 | 2025-12-10 10/12/2025 10:55:01 Lebanon 24 Lebanon 24 حديث عن الاتجاه لارجاء الانتخابات النيابية.. ولا "فيتو" سعوديا على ترشح بهية الحريري Lebanon 24 حديث عن الاتجاه لارجاء الانتخابات النيابية.. ولا "فيتو" سعوديا على ترشح بهية الحريري 22:49 | 2025-12-10 10/12/2025 10:49:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة Lebanon 24 المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة 07:59 | 2025-12-10 10/12/2025 07:59:48 Lebanon 24 Lebanon 24 رحلة متّجهة إلى تل أبيب غيّرت مسارها... ما الذي جرى فوق بيروت؟ Lebanon 24 رحلة متّجهة إلى تل أبيب غيّرت مسارها... ما الذي جرى فوق بيروت؟ 06:09 | 2025-12-10 10/12/2025 06:09:50 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ 10:30 | 2025-12-10 10/12/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب 10:00 | 2025-12-10 10/12/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تحذير عاجل من الأمن العام للبنانيين: هذا الموقع تابع للعدوّ الإسرائيليّ Lebanon 24 تحذير عاجل من الأمن العام للبنانيين: هذا الموقع تابع للعدوّ الإسرائيليّ 05:27 | 2025-12-10 10/12/2025 05:27:55 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 22:06 | 2025-12-10 مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة 22:08 | 2025-12-10 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل 22:25 | 2025-12-10 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً 22:55 | 2025-12-10 محاذير سيواجهها لبنان ما لم ينزع سلاح "الحزب"..شكوى ضد بناء الجدار الفاصل 22:49 | 2025-12-10 حديث عن الاتجاه لارجاء الانتخابات النيابية.. ولا "فيتو" سعوديا على ترشح بهية الحريري 22:33 | 2025-12-10 لبنان يستكمل تصحيح علاقته مع سوريا بتعيين سفير في دمشق والنازحون ورقة ضغط فيديو محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء 09:14 | 2025-12-01 11/12/2025 06:06:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • ياسمين عبد العزيز: الشهرة تمنعني أخرج مع أي شخص خوفًا من كلام الناس
  • ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
  • نيويورك تايمز: أميركا لا تستطيع صناعة ما يحتاجه جيشها
  • برّي يرفض كلام برّاك.. السفير الاميركي: المفاوضات المباشرة هي مدخلٌ للحلّ
  • موسيقى الحرس السلطاني العماني تشارك في مهرجان الدوحة الدولي للموسيقى والمشاة بقطر
  • مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا
  • روبيو يبحث مع وزير الخارجية الإسرائيلي تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
  • كلام غير دقيق عن السوريين
  • كلام براك: جس نبض الحزب وتهيئة الرأي العام اللبناني لمرحلة مختلفة
  • عيد ميلاده.. قصة طقوس ماجد الكدواني فى هذا اليوم وتعرضه لحادث مؤلم