إسطنبول تستقبل أولى تساقطات الثلج “صور”
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
استقبلت إسطنبول أولى زخات الثلج لعام 2024 في مشهد يعكس تحول الطقس بشكل لافت.
بعد هطول الأمطار الغزيرة، شهدت المدينة تساقطاً متزايداً للثلوج التي بدأت تتراكم في بعض المناطق، ما دفع العديد من المواطنين إلى الخروج والاستمتاع بلعب كرات الثلج.
وكانت مؤسسات مثل الأرصاد الجوية، AKOM، ومحافظة إسطنبول، كانت قد أطلقت سلسلة تحذيرات مسبقة، مشيرة إلى انخفاض متوقع في درجات الحرارة وبدء تساقط الثلوج.
هذه التوقعات تحققت، حيث استيقظ سكان المدينة على جو بارد قارس، وشهدوا انخفاضاً في درجات الحرارة بمقدار 8-10 درجات خلال الليل.
تساقط الثلوج لم يقتصر على منطقة واحدة، بل شمل عدة أحياء عبر المدينة، حيث رُصدت الثلوج في مناطق مثل سيليفري وبويوكشكمجه في الجانب الأوروبي، بينما شهد الجانب الآسيوي أمطاراً ممزوجة بالثلوج في مناطق كارتال وعمرانية وغيرها.
كما بدأت ثلوج متقطعة في غابات أيدوس، ما أضفى طابعاً ساحراً على المنظر الطبيعي هناك.
التأثير الملموس لتساقط الثلوج لم يقتصر على المناظر الخلابة فقط، بل امتد إلى حركة المرور في المدينة، حيث تسبب في بعض الازدحام خلال ساعات الصباح.
أما بالنسبة للتوقعات الجوية للأيام القادمة، فتشير التقارير إلى أن إسطنبول ستشهد أجواء متغيرة، تتراوح بين الأمطار والثلوج المختلطة، مع توقعات بتساقط الثلوج مجدداً نهاية الأسبوع.
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: تركيا أخبار تركيا الثلوج الثلوج في اسطنبول الثلوج في تركيا اول تساقط للثلوج
إقرأ أيضاً:
كمين من لهب.. “بوما” تنقل رسائل غزة
في لحظة مشبعة بالدخان والدم والقداسة المنتهكة، تتراكم مشاهد النكبة الفلسطينية مجددًا، فما بين صرخات يخنقها الاحتلال على أبواب الأقصى، وجدران تهدمها جرافات الحقد الصهيوني في نور شمس، وأطفال تحاصرهم آلة الإبادة بالنار في سوسيا، تقف غزة شاهدةً لا تكتفي بالصراخ، بل تبادر بإطلاق رصاصاتها نحو جنودٍ اعتقدوا أن بإمكانهم إخضاع الجغرافيا بالإرهاب. إنها فلسطين، تُكابد وحدها بأسًا مركبًا: احتلال ينهش أرضها، ومستقبل يسعى جنرالات الدم لاجتثاثه من جذوره، وصمت عالمي يبارك المجزرة بالصمت والتواطؤ. لكن في قلب هذا الجحيم، تنبعث إرادة لا تُقهر، تُقاوم بقبضات المؤمنين، وبكمائن لا ترحم، تجسدت أبلغ مشاهدها في تفحم سبعة جنود صهاينة، بينهم ضابط، داخل مدرعة من نوع “بوما”.
صباح الأربعاء، اقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، في سياق سياسة صهيونية ممنهجة تهدف إلى فرض أمر واقع تهويدي داخل الحرم القدسي الشريف. هذه الاقتحامات لم تعد أحداثًا عابرة، بل تحولت إلى مشهد يومي متكرر يتزايد عدده واتساعه مع مرور الوقت. فقد تجاوز عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى منذ اندلاع العدوان الصهيوني في 7 أكتوبر 2023م أكثر من 68 ألفًا، وهو رقم غير مسبوق يُدلل على تصعيد خطير في الهجمة الصهيونية على هوية المدينة المقدسة. وفي ظل هذا الاستباحة المتكررة، تحوّلت أبواب البلدة القديمة إلى نقاط تفتيش عسكرية مشددة، تُعيق دخول الفلسطينيين إلى الأقصى، وتحول دون أداء الصلوات بحرية، في سياسة حصار ديني تمارسها سلطات الاحتلال بلا مواربة.
في المقابل، لا يقتصر المشهد على المسجد الأقصى وحده. في مخيم نور شمس شرقي طولكرم، تتجسد نسخة أخرى من الانتهاك، لكن هذه المرة في صورة هدمٍ وترويع وتهجير قسري. فقد باشرت قوات الاحتلال منذ عدة أشهر حملة عسكرية تعد الأطول من نوعها منذ سنوات، وتهدف إلى تدمير النسيج السكاني والاجتماعي للمخيم. وفق مصادر فلسطينية، فإن المخطط الصهيوني يستهدف هدم 106 بنايات سكنية، 48 منها في نور شمس، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لإفراغ مناطق الضفة الغربية من سكانها الأصليين، وخلق واقع جديد بالقوة.
وفي قرية سوسيا جنوب الخليل، امتدت اليد الاستيطانية لتُحوّل الليل إلى كابوس لعائلة فلسطينية، حيث أقدم مستوطنون متطرفون على إحراق منزل المواطن ناصر شريتح أثناء وجوده بداخله مع زوجته وأطفاله السبعة. الحريق كاد أن يودي بحياتهم جميعًا، لولا “لطف الله”، كما قال شريتح، الذي لم يتمالك نفسه أمام هول الموقف، لكنه رغم ذلك، أعلن بصوتٍ ملؤه التحدي: “باقون هنا رغم كل شيء”. هذه الجريمة تأتي في سياق متصاعد من الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بإشراف ودعم مباشر من “جيش” الاحتلال، في إطار محاولة دفع الأهالي إلى الرحيل طوعًا من أراضيهم، وتهيئة البيئة لزحف استيطاني أكبر.
أما الضفة الغربية، فهي مسرح دائم للاعتقال والبطش. خلال يوم واحد فقط، نفذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة طالت 47 فلسطينيًا في مناطق مختلفة من الضفة. وفي بلدة يعبد جنوب غرب جنين، فُرض حظر تجول شامل، تلاه اقتحام عشرات المنازل، وتحويل عدد منها إلى نقاط احتجاز ميدانية. هذه الممارسات تأتي ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، خاصة في مناطق “ج” التي تخضع لسيطرة صهيونية كاملة من الناحيتين الأمنية والمدنية، حيث أضحى العنف المستوطن فيها “برعاية الدولة”، بحسب وصف الناشط نصر نواجعة، الذي حذّر من أن المخطط التهجيري يسير بوتيرة متسارعة، مستهدفًا وجود الفلسطينيين على أرضهم.
رغم هذا القمع والتنكيل، تواصل المقاومة الفلسطينية إرسال رسائلها النارية إلى الاحتلال، بأن الحرب لم تُحسم، وأن الكلمة الأخيرة لم تُكتب بعد. في خان يونس، نُفذ كمين محكم من قبل كتائب عز الدين القسام ضد ناقلة جنود مدرعة من نوع “بوما”، وهو من أعتى المركبات التي يستخدمها “جيش” الاحتلال. هذا الكمين أدى إلى مقتل سبعة جنود صهاينة، بينهم ضابط، في واحدة من أعنف الضربات التي تلقاها “الجيش” منذ بدء العدوان. المركبة احترقت بمن فيها، وعجزت قوات الإنقاذ عن التدخل، ما اضطر الاحتلال إلى جرها وهي تشتعل إلى داخل الكيان، حيث أُعلن لاحقًا أنه لم يُعثر على أي جندي حي، ولم يتبقَ سوى الأشلاء.
وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولا سيما صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ما جرى بأنه “أحد أصعب الأحداث التي واجهها (الجيش)”، في دلالة على أن المقاومة لا تزال قادرة على توجيه ضربات موجعة، حتى في ظل تفوق العدو الجوي والاستخباراتي. الكمائن التي تنفذها المقاومة لم تعد مجرد ردود فعل آنية، بل تحوّلت إلى استراتيجية قائمة بذاتها. ويؤكد الكاتب الفلسطيني محمد الأيوبي أن هذه الكمائن تمثل “منطقًا بديلًا للحرب”، يهدف إلى استنزاف “الجيش”، وإيقاع الخسائر البشرية المتواصلة، ودفع القيادة الصهيونية إلى تدوير قواتها المنهكة، في ظل تصاعد الضغط الشعبي الداخلي الرافض لاستمرار الحرب.
على جبهة السياسة، تستمر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في حالة جمود. وتتهم حركة “حماس” سلطة المجرم بنيامين نتنياهو بتعطيل جهود الوسطاء، لأهداف انتخابية وشخصية. وفي بيانها الأخير، أكدت الحركة أن “العمليات النوعية للمقاومة أثبتت فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، وكشفت زيف ادعاءاته بالنصر”. حماس شددت على أن أي اتفاق لا بد أن يضمن وقفًا دائمًا للعدوان، وانسحابًا كاملاً من قطاع غزة، معتبرة أن تصريحات نتنياهو بشأن “النصر المطلق” ما هي إلا “أوهام يروجها لخداع الداخل الإسرائيلي”.
الهجوم الذي شهدته خان يونس، والتصعيد في الضفة، والتدنيس المتواصل للأقصى، ليست أحداثًا منفصلة، بل حلقات في سلسلة واحدة: سياسة احتلال قائمة على البطش، تقابلها مقاومة لا تزال تُبدع في الدفاع عن الأرض والهوية. وبين نار الحصار وكمائن المفاجآت، يتواصل الصراع بلا هدنة حقيقية، في مشهد يُختصر بكلمة واحدة: الصمود.
من باحات الأقصى التي تُدنّس تحت أحذية المستوطنين، إلى أطلال البيوت المهدّمة في نور شمس، ومن شظايا الألم في سوسيا، إلى نار الكمائن المشتعلة في غزة، تتجلّى وحدة الأرض والدم والمصير. فالاحتلال لا تتم مجابهته بالنصوص، بل بإرادة تُولد من رماد البيوت، ومن دمعة الأم، ومن شهقة المقاوم تحت الأنقاض. وفي زمنٍ تحوّل فيه العدل إلى تجارة، والإنسانية إلى ديكور فارغ، تبقى المقاومة الفلسطينية هي التعبير الأكثر صدقًا عن الكرامة المهدورة في هذا العالم المنكسر.
إنها فلسطين.. ليست قصة ظلم فقط، بل حكاية نهوض دائم، تُعيد تعريف البطولة في زمن الانبطاح، وتُعلّم البشرية أن الأرض لا تُمنح، بل تُسترد، ولو على شفير الموت. لقد آن للعالم ألا يدير وجهه عن هذه الحقيقة، لأن النار المشتعلة هناك، لن تبقى محصورة في حدود غزة أو جنين، بل هي مرآة لما يمكن أن تؤول إليه البشرية حين تخذل المظلوم وتكافئ الجلاد.
* كاتب جزائري