المفتي: احتكار الأقوات حرام ومن أعظم المعاصي
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الفتوى مستقرة على مرّ العصور - وانطلاقًا من مبادئ الشريعة - على دفع وذم وتحريم كل ما يضر الناس كاحتكار الأقوات وغيره، والضرر المذموم هو قليل الضرر وكثيره، وفي كل الأمور، إلا ما دلَّ الشرع على إباحته لمصلحة شرعية.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي اليوم، مضيفًا "من المقرر شرعًا أنَّه: "لا ضرر ولا ضرار"، فهذه قاعدة فقهية من القواعد الكبرى التي يدور عليها غالب أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما ثبت عن رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، فضلًا عن أن الشريعة حرَّمت الضرر على الإنسان، وجرَّمَتْ إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل، وإذا وقع فينبغي رفعه وإزالته انطلاقًا من أحكام الشريعة السمحة التي تقضي بأن الضرر يزال.
وأشارالمفتي إلى إنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات، حيث إن الشرع الشريف قد نهى عن الاحتكار وحرَّمه، ودَلَّت النصوص الشرعية على أَنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، فقد اشتملت الأخبار على لعن المحتكر وتَوعُّدِه بالعذاب الأخروي الشديد، وكذلك تم وصفه بالخاطئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة.
وأضاف أن المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها، وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار، فضلًا عن أن المال المكتسب من الاحتكار بلا شك هو مال مكتسب من حرام وجريمة، لأن الاحتكار جريمة وأكل لأموال الناس بالباطل.
وينبغي أن يعلم هذا المحتكر أنه قبل توبته عليه رد أموال الناس التي أخذها منهم بطرق غير مشروعة.
وشدد مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل بعض التجار الجشعين. فمَنْ يَسْتَغل ظروف الناس ويبيع بأسعار مُبالغ فيها فقد ارتكب مُحرَّمًا، للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس إلى مثل هذه السلع، فهو يضر الناس ويضيِّق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإضرار.
وناشد المفتي التجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة مؤكدًا على أهمية الكسب الحلال وأهميته في تربية الأولاد تربية فيها بركة، مستشهدًا في ذلك ببركة مال والد الإمام البخاري، فقد ساعده هذا المال الحلال الطيب الذي ورثه من والده على نشر علمه في الآفاق بل عبر الأزمان والدهور.
وردًّا على سؤال عن حكم احتكار العملة الأجنبية لبيعها بسعر أعلى، وهل يدخل في الاحتكار المحرم، قال مفتي الجمهورية: «نعم، يدخل ذلك في الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا، ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبٌ لإثمٍ كبير، لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحِّ العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سَلْبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج».
وشدد فضيلته على أنه لا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بـ«تجارة السوق السوداء» كسبٌ غير طيِّبٍ.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام النقد الأجنبي المفتي
إقرأ أيضاً:
حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة.. لا تستهين بها أو تضيعها
لاشك أنه ليس من الحكمة أو العقل تجاهل حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة ، خاصة وأن نعيمها ليس بالأمر اليسير الذي يمكن تعويضه أو حتى التفريط فيه، ففي الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومن ثم تأتي أهمية معرفة حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة والعمل بها واغتنام نفحتها، فالأمر يسير والفضل كثير لذا يسترعي الانتباه.
قال مجمع البحوث الإسلامية، إنه فيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-، إنه أرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح في الدنيا والآخرة، كما أن الله سبحانه وتعالى يُثيب الإنسان خيرًا حتى عن صغائر الأمور.
وأوضح «البحوث الإسلامية» عن حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة ، أنه ينبغي عدم الاستهانة بأي حسنة مهما كانت صغيرة، ولو بإماطة الأذى عن الطريق، منوهًا بأنها تُكتب حسنة تدخله الجنة، فينبغي للإنسان إبعاد كل ما يؤذي الناس من حجر أو شوك أو غير ذلك عن الطريق.
وأضاف أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد حث على إماطة الأذى عن طريق الناس ومواطن عيشهم ، بل وأرشدنا إلى أنه من الصدقات ؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم : «وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».
واستشهد بما ورد في مُسند أحمد، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَحْزَحَ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا يُؤْذِيهِمْ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهِ حَسَنَةً، وَمَنْ كُتِبَ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةٌ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ».
وشدد على الحرص على إماطة الأذى عن الطريق وعدم إلقاء القمامة والمخلفات في الشوارع، مدللة بما روي أنه كان معاذ رضي الله عنه يمشي ورجل معه فرفع حجرًا من الطريق، قال: ما هذا؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رفع حجرًا من الطريق كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة.
وأشار إلى أن إماطة الأذى عن الطريق سُنة مستحبة، واستشهدوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».
وتابع: أن إماطة الأذى عن الطريق سُنة أرشد إليها الشرع الحنيف، بل جعلها النبي "صلى الله عليه وسلم" شُعبة من شُعب الإيمان، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): "الله جميل يحب الجمال".
حق الطريقلخّص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حقّ الطريق في حديثٍ شريفٍ ذكره، فعدّد فيه الآداب التي يجب أن يتحلّى بها من جلس في الطرقات، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (فإذا أبيتم إلّا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّها، قالوا: وما حقُّ الطريقِ؟ قال: غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، وأمرٌ بالمعروفِ، ونهيٌ عن المنكرِ)، ومن حقوق الطريق التي أرشد إليها النبيّ عليه السّلام:
غضّ البصر، وهو أمرٌ إلهيّ في القرآن الكريم كذلك.كفّ الأذى وإزالته عن طريق المسلمين.ردّ السلام على من يسلّم.الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فإنّ أمّة الإسلام ما نالت الخيريّة إلّا بأمرها بالمعروف كما أورد القرطبيّ.حقوقٌ أخرى للطريق من الحقوق الأخرى للطريق غير الواردة في الحديث الشريف السابق ما يأتي:
تقديم المعونة للناس في الطرقات، فمن أعان رجلاً فحمله في مركبته وأوصله، أو رفع متاعه معه، كان ذلك من أداء حقوق الطريق.هداية السائل ودلالته على الطريق؛ فذلك من حقّ الطريق.قيادة السيّارة بوقارٍ وهدوءٍ، فلا يتهوّر فيؤذي الناس، ولا يعوّق بها مرور الناس، ولا يُروّع أحداً أو يكون سبباً في وفاته جرّاء سوء قيادته واستهتاره في الطريق.معان أخرى لكف الأذى- إزالة الأذى من طريق الناس.
- عدم قضاء الحاجة في طريق الناس، أو ظلّهم.
- سلامة الناس من شرّ المسلم؛ وذلك بتقيّده في قواعد السير والمرور.
- عدم إلقاء النفايات أو ما يؤذي الناس من حجارةٍ أو مسامير وما شابه.
- عدم التدخين أمام الناس؛ فهو مصدر أذى لهم، وعدم النوم في طرقاتهم وإغلاقها أمامهم.
- عدم غرس الأشجار في طريق المارّة، أو ربط الدوابّ، ممّا يعيق حركتهم.