جرائم فى السودان تنتظر العدالة !
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
1
فى أواخر العام المنصرم و تحديدا فى 19 ديسمبر 2023 أيدت محكمة الاستئناف فى العاصمة السويدية استوكهولم حكما على ( حميد نورى ) الذى تم القبض عليه فى مطار استوكهولم فى ابريل 2019 و هو ايرانى الجنسية، بتهمة ارتكابه جرائم حرب و المشاركة فى قتل معتقليين سياسيين فى العام 1988 ، و ذلك بالسجن المؤبد، الغرامة و الترحيل من السويد بعد انتهاء العقوبة.
الوقائع البسيطة تقول، أن المتهم مع آخريين بعض منهم لا زالوا فى قمة هرم السلطة فى ايران، قد شاركوا فيما كان يطلق عليها " لجنة الموت " التى تأسست بناء على فتوى من " الخمينى "، و حكمت سرا على آلالاف من الأيرانيين السياسيين و سجناء الرأى بالقتل، و من ثم تم دفنهم فى مقابر جماعية.
هذا الحكم يعد " سابقة " مهمة امام منصات العدالة فى العالم، فهو يؤسس لأمكانية القيام باجراءات قضائية ضد مرتكبى الجرائم التى جرمها ميثاق روما من جميع الدول الموقعة على ذلك الميثاق أو المعززة قوانينها بالحاق القانون الدولى المتعلق بحقوق الأنسان. كما ان الخبر يرسل رسالة غير مشفرة لمرتكبى جرائم حقوق الأنسان أن العدالة سوف تطالهم مهما طال الزمن.
2
الخبر من جانب آخر يدفع الى الواجهة قضايا العدالة فى السودان،المؤجل منها و التى تنتظر البت فيها،و يسلط الضوء ساطعا على ميثاق روما و ما نص عليه فى مسألة حماية حقوق الأنسان.
يقول التاريخ المعاصر ان الحِرص و اصرار المُهتمين بحقوق الأنسان و سلامة المجتمع الدولى، أدى الى فكرة انشاء محكمة جنائية ذات اختصاص دولى لمحاسبة مرتكبى جرائم الابادة الجماعية،الجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب بهدف وقف نزيف الدم المتكرر عبر التاريخ.
كان من أهم المواضيع التى تسيدت المناقشات التمهيدية لانشاء المحكمة الجنائية الدولية، هو المناداة بأن لا تتأثر المحكمة بالسياسة أو تسمح للسياسة الدولية بالتأثير على قرارتها ، و ذلك بالالتفاف على نصوصها و تسخيرها لخدمة أهداف بعينها، لأن ذلك سوف يؤدى الى قتل فكرة العدالة، كما ان التدخل السياسى سوف يؤدى بالضرورة الى افلات المجرمين من هراوة العدالة و ذلك يؤدى أيضا الى اجهاض ما هدفت اليه المحكمة الجنائية حين إنشاءها
اعادة ذكر أهداف محمكة الجنايات الدولية و تكرارها ،يساعد على تعرية المحاولات الحثيثة التى تجرى الآن للاتفاف حول ميثاقها من قبل بعض الدول، كما يوضح من الجانب الآخر مدى الضرورة و أهمية الالتزام بتلك الاهداف لمجموع دول العالم.
فى اعتقادى ان أهم ما احتواه ميثاق روما هى تعريف الجرائم الدولية الثلاثة المنصوص عليها فى المادة 6 جريمة الابادة الجماعية أو الجنوسايد، المادة 7 الجرائم ضد الأنسانية و من ثم المادة 8 جرائم الحرب كما نص أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.
3
بعد ثورة ديسمبر فى السودان 2018 ، قام المتورطون فى نظام انقلاب الكيزان فى السودان و المُتهمون بارتكاب جرائم ضد الأنسانية و جرائم حرب بهروب جماعى خارج السودان، و ذلك الى دول تركيا ، قطر و الأمارات. كما تواصل ذلك الهروب بعد الحرب الدائرة الآن و ذلك بارسال أسرهم مبكرا الى خارج السودان كما تم الحاق أولادهم بالجامعات الأجنبية. الجديد فى ذلك الهروب انهم اتجهوا الى مناطق بعيدة لم يكن يهربون اليها من قبل و هى القارة الامريكية، كما فعل قادة النازية عند هروبهم بعد الحرب العالمية الثانية الى دول امريكا اللاتينية.
هم لا يقرأون التاريخ فالنازيون لم يسلموا و هم فى تلك البلاد البعيدة من المساءلة و العقاب، فقد عمل الأسرائيلون على مطاردتهم و القبض عليهم و محاكمتهم. كما يقول التاريخ الأسلامى أن العباسيين بعد زوال حكم الأمويين قاموا بنبش مقابرهم و جلد عظامهم، و كأن ديكتاتور شيلى " بنوشيه " قد قرأ تاريخ الدولة العباسية قبل مماته، فقد طلب من ابنه دفنه فى قبر مجهول حتى لا يقوم العامه من الشعب الذى سامه العذاب بتدنيسه !
نحن ليس مثل العباسيين نهدف للانتقام، بل الشعب يطلب فقط المحاسبة،العدالة و جبر الضرر حتى لا تكرر المآسى من جديد، و حتى لا يأخذ البعض ممن ظلم القانون بيده حينما تفشل الدولة فى إنصافه.
أليس من الظلم أن نجد القتله من زبانية بيوت الأشباح و المعتقلات الخفية طلقاء و لم يتخذ ضدهم أى اجراء قانونى، يتجولون فى الخرطوم و يرتادون بيوت الأفراح و المآتم و كأنهم يرتكبوا مئات الجرائم، مارسوا كل الموبقات و تسببوا فى الأحزان التى ألمت بكل منزل فى جميع أرجاء السودان !!
4
ان ما أرتكب من جرائم فى المعارك الدائرة اليوم بين الجيش و الجنجويد و المتمثل فى قصف المدنيين العزل بقنابل الطيران و دانات المدافع و الرشاشات، تعذيب المواطنين و اغتصاب النساء و سكن منازل المواطنيين بعد سرقتها و تجريدها من كل شئ، من قبل الجنجويد و من ثم قتل و تعذيب المواطنيين، كل ذلك يعتبر وفقا للقانون الدولى جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم و تستوجب المحاسبة و المساءلة.
كما ذكرت سابقا ليس الغرض من المحاسبة هو الانتقام من الفاعل، بل القصد منع المجرمين من تكرار فعلهم. ان السودان منذ استقلاله قبل ستين عاما، فشلت الحكومات المتعاقبة عى سدة حكم السودان، فى محاكمة من أرتكب جرما فى مواجهة الشعب السودانى، لذى تتكرر الأفعال الأجرامية من فاقدى الأخلاق و الضمير، سيستمرون بتكرار افعالهم الجائرة طالما لا يحاسبون بما قاموا بارتكابه.
انهم يتبعون بمقولة هتلر عندما قرر القضاء على اليهود تحت سياسة سميت ( الحل النهائى ) و عندما تساءل قادته عن رد الفعل والخوف من المساءلة، فقد ذكر لهم بسخرية و عنجهية ( من تمت مساءلته عبر التاريخ عما أرتكب من جرائم ؟!.... فالأتراك قاموا بتصفية مليونى أرمنى و لم يحاسبوا على ذلك )!!
فى تقديرى ان بعد وقف الحرب اللعينة و العبثية يجب محاسبة من قاموا باشعالها و إرتكابهم جرائم ضد الأنسانية و جرائم الحرب، كما يجب ملاحقتهم فى كل الأماكن التى يلجئون اليها و استبعادهم بالضرورة من المشاركة فى حكم السودان مستقبلا.
عدنان زاهر
التاسع من يناير 2024
elsadati2008@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فى السودان جرائم ضد
إقرأ أيضاً:
هجوم مرتقب .. إسرائيل تنتظر فشل المفاوضات بين واشنطن وطهران | تقرير
أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي أن إسرائيل بدأت في اتخاذ خطوات ميدانية واستعدادات سريعة لتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية، في حال انهيار المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران.
وبحسب مصدرين إسرائيليين مطلعين على فحوى المناقشات، فقد طرأ تحول ملحوظ خلال الأيام الماضية داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث انتقلت التقديرات من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق نووي إلى القناعة المتزايدة بأن المحادثات قد تنهار في أي لحظة.
وقال أحد المصادر لموقع أكسيوس إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرى أن نافذة الفرصة لتنفيذ ضربة ناجحة قد تغلق قريبا، مما يعني أن إسرائيل ستضطر إلى التحرك بسرعة في حال فشل المفاوضات. ورفض المصدر توضيح الأسباب التي تجعل الضربة أقل فاعلية في وقت لاحق.
وأكد المصدران صحة تقرير سابق لشبكة "سي إن إن" تحدث عن تدريبات ومناورات تقوم بها قوات الجيش الإسرائيلي استعدادا لعمل عسكري محتمل ضد إيران. وأضاف أحدهما: "كان هناك الكثير من التدريبات، والجيش الأمريكي يرى كل شيء ويدرك أن إسرائيل تستعد بالفعل".
وبحسب المصدر الإسرائيلي، فإن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ينتظر فشل المحادثات النووية، ولحظة شعور الرئيس ترامب بالإحباط من المفاوضات كي يمنحه الضوء الأخضر للتحرك.
لكن مسؤول أمريكي قال لموقع "أكسيوس" إن إدارة ترامب تشعر بالقلق من احتمال إقدام نتنياهو على تنفيذ ضربة من دون الحصول على موافقة صريحة من الرئيس الأمريكي.
وفي كواليس الأحداث، عقد نتنياهو اجتماعا بالغ الحساسية في وقت سابق هذا الأسبوع، ضم عددا من كبار الوزراء والمسؤولين الأمنيين والاستخباراتيين لمناقشة تطورات الملف النووي الإيراني، بحسب ما ذكره مسؤول إسرائيلي.
وفي الوقت الذي تتهيأ فيه العاصمة الإيطالية روما لاحتضان الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، تشير التقارير إلى أن البيت الأبيض قدم قبل عشرة أيام مقترحا مكتوبا إلى الجانب الإيراني عبر المبعوث ستيف ويتكوف.
ورغم المؤشرات السابقة على اقتراب التوصل إلى اتفاق، إلا أن المفاوضات اصطدمت بعقبة رئيسية تتعلق بحق إيران في الاحتفاظ بقدرات تخصيب محلية لليورانيوم.
وقال ويتكوف في مقابلة مع شبكة "آيه بي سي" الأمريكية: "لدينا خط أحمر واضح جدا، وهو التخصيب. لا يمكننا السماح بأي نسبة من التخصيب، حتى 1 بالمئة". فيما أكد المسؤولون الإيرانيون مرارا أنهم لن يوقعوا أي اتفاق لا يمنحهم هذا الحق.
أما في حال تنفيذ ضربة إسرائيلية، فقد نقل المصدران الإسرائيليان أن العملية لن تكون ضربة واحدة، بل حملة عسكرية تستمر لأسبوع على الأقل، وستكون شديدة التعقيد وتنطوي على مخاطر كبرى لإسرائيل والمنطقة.
وتخشى دول عديدة في المنطقة من أن يؤدي هجوم إسرائيلي إلى تداعيات إشعاعية واسعة النطاق، ناهيك عن احتمال اندلاع حرب شاملة.
وفي مؤتمره الصحفي الأول منذ ستة أشهر، قال نتنياهو إن إسرائيل والولايات المتحدة "متفقتان تماما" بشأن إيران، مشددا على احترام المصالح المتبادلة. وأضاف أنه يحترم أي اتفاق يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم وامتلاك سلاح نووي، لكنه أكد أيضا أن "إسرائيل تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها في مواجهة نظام يهدد بإبادتها".