“أجمل شتاء في العالم”.. السياحة الجيولوجية في الإمارات تروي قصة الأرض وتاريخها
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
تشكل السياحة الجيولوجية في دولة الإمارات عنصراً فريداً يدعم حملة “أجمل شتاء في العالم” التي تهدف إلى تعزيز السياحة الداخلية وجذب الزوار من جميع أنحاء العالم لما تحتويه الدولة من كنوز جيولوجية وتتميز به من تنوع جيولوجي يشمل الكثبان الرملية المتحركة والجبال الشاهقة والأودية العميقة والسواحل الخلابة الأمر الذي لا يقدم فقط مناظر طبيعية خلابة للزوار بل يروي أيضاً قصة الأرض وتطورها عبر ملايين السنيين.
ويقول المهندس خالد الحوسني مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية بوزارة الطاقة والبنية التحتية إن دولة الإمارات تضم العديد من المواقع الطبيعية الفريدة من نوعها وذات القيمة الجيولوجية العالية التي تستقطب الجيولوجيين من مختلف أنحاء العالم بهدف دراسة هذه المظاهر الجيولوجية الفريدة فمن الناحية التاريخية تمثل الأفلاج التي تتميز بها المناطق الجبلية الشرقية والسهول الصحراوية نظاماً متميزاً للري حيث تمثل أنهاراً من صنع الإنسان الذي بناها لتعترض منسوب الماء الجوفي عند أقدام الجبال وتنقله للسطح للاستخدام خاصة في الأغراض الزراعية.
و تعد الكثبان الرملية متحفاً طبيعياً وتشتمل معظم أنواع الكثبان الموجودة على سطح الأرض وتغطي ما يقرب عن 74% من المساحة الكلية للدولة ويوجد منها أنواع كثيرة مثل الكثبان الرملية الطولية والمتعرضة والمتوازية والهلالية والنجمية. وترتفع هذه الكثبان في واحة ليوا إلى أكثر من مئة متر فوق سطح الأرض وتحتوي على مزارع فريدة تعرف محلياً باسم “المحاضر” كما أنه يتم استخدام بعض مناطق الكثبان الرملية لبعض الرياضات الخاصة مثل سباق السيارات والدراجات وفي تسلق الكثبان والتزلج على رمال الكثبان.
وتتميز المناطق الجبلية تتميز بخصوصية التتابع الصخري والذي يندر وجوده إلا في مناطق قليلة بالعالم لأن هذه الصخور اندفعت إلى مكانها الحالي خلال النشاط الديناميكي للأرض منذ حوالي 95 مليون سنة ماضية.
وتجذب هذه الجبال العلماء من كل أنحاء العالم لزيارتها ودراستها. وتتميز بتباين وتناغم ألوانها وتكوينها لمنحدرات طبيعية جميلة.
وقال الحوسني إن تلك الجبال هي أكثر المناطق مطراً في الدولة فقد نشأت فيها العديد من المزارع والواحات وتظهر فيها الكثير من الينابيع التي تضاف إلى هذا الجمال الفريد وحالياً تقام بعض الأنشطة التي تنظم من قبل بعض الجهات المعنية بالسياحة وهي رياضة تسلق الجبال.
ويعد جبل حفيت جنوب مدينة العين موقعاً نموذجياً لرياضة تسلق الجبال واستكشاف الكهوف التي يقبل عليها السائحون بالإضافة إلى واحات العين وهيلي والبريمي التاريخية، متحف العين، القلاع، والأفلاج.
وتشكل العديد من جزر الإمارات مثل جزيرة دلما، وصير بني ياس وصير أبو نعير نماذج جيولوجية فريدة حيث تكون جبالا من الملح والمتبخرات . وألباب تلك الجزر التي أخذت طريقها من باطن الأرض إلى سطحها منذ ملايين السنين عبر صخور يطلق عليها معقد هرمز والتي تمتد إلى آلاف الأقدام في العمق. ويحيط باللب الملحي لتلك الجزر سهول منبسطة ومناطق ساحلية تعتبر من المناطق الخلابة التي تنمو بجانب الكثير منها الشعاب المرجانية في المياه الضحلة من الخليج العربي.
وأضاف أن الكثبان الأحفورية مثل متكون غياثي تمثل كنزاً لكونها مهمة من الناحية الجيولوجية في تحديد الجغرافيا القديمة للمنطقة حيث نتجت هذه الصخور من انكشاف الخليج العربي في الأزمة الجليدية وذرو حبيبات سطح الخليج العربي بواسطة رياح الشمال وترسيبها في أبو ظبي ودبي ومن ثم تكون الكثبان وتحولها إلى صخور في الفترات التي تكثر فيها مياه الأمطار.
وتضم الإمارات أكثر من 50 مسار اً جبلياً مثل مسار عين الشرية الذي يظهر على هيئة تشكيلات ملونة مذهلة تتغير من اللون الأخضر إلى الرمادي والأحمر إلى البني الأحمر الموجود في إمارة الفجيرة وخاصة في منطقة دبا التي تحتوي على صخور متطبقة من الصوان ذي الألوان المختلفة مع الحجر الجيري والحجر الطيني، فيما يحتوي مسار عين الشرية حيث يقع المسار الجيولوجي “عين الشرية” ..على أنواع معقدة من الصخور التي تعطي للمنطقة ألوانًا صخرية مختلفة، ويتميز المسار باحتوائه على رواسب المحيط العميقة – الصوان.
و حديقة بحيص الجيولوجية تقع في منطقة مليحة بإمارة الشارقة وهي تتميز بموقعها الأثري الفريد وتهدف إلى تعزيز المحتوى المعرفي للزوار بتاريخ الإمارة الجيولوجي الغني بالبقايا المتحجرة للعديد من الكائنات البحرية القديمة التي استوطنت بحاراً ضحلة كانت تغمر معظم اليابسة في الدولة حتى فترة قريبة من المنظور الجيولوجي. كمان يوجد في الحديقة دلائل تاريخية حول كيفية تشكل الطبيعة المحلية قبل فترة لا تقل عن 93 مليون سنة”. فيما يمثل القرن” الشمالي في جزيرة قرنين – قطعة ضخمة غير ثابتة من صرح بركاني كامل صعد إلى السطح من عمق عدة كيلومترات في قبة ملح.
وأكد الحوسني أن وزارة الطاقة والبنية التحتية أنجزت مشروع المسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية وإعداد الخرائط لجميع مناطق الدولة ومن خلال هذا المشروع تم تحديد المناطق ذات الأهمية الجيولوجية وتسليط الضوء عليها علاوة على ذلك إطلاق مبادرة بالتنسيق مع الجهات المعنية للحفاظ على التراث الجيولوجي للدولة من أجل حماية المناطق الجيولوجية باعتباراتها محميات طبيعية جيولوجية علمية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار.
وأوضح أنه ومنذ أكثر من 600 مليون سنة تقريباً بدأت العوامل الأرضية والعناصر الطبيعية بتشكيل جيولوجية دولة الإمارات بتضاريس متنوعة وطبيعة جميلة وبتنوع جيولوجي فريد وبوجود العديد من المظاهر الجيولوجية المتميزة والنادرة والتي تمثل عامل جذب سياحي لأنها هذه التضاريس تمثل حصيلة العمليات الجيولوجية التي حدثت خلال تاريخ الأرض مشيراً إلى أنه يمكن تقسيم مناطق الدولة إلى عدد من الأقاليم والمناطق مثل المناطق الجبلية والسهول الحصوية الصحراوية والمناطق الساحلية والسبخات والجزر. ولكل منها خصائصها الجيولوجية التي تجذب العلماء والدارسين والسائحين.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الکثبان الرملیة العدید من
إقرأ أيضاً:
المناطق العازلة أسلوب الاحتلال في مصادرة أراضي الضفة الغربية
رام الله- قبل نحو 25 عاما، تلقّى فتحي حمدان (62 عاما) من قرية دير جرير شرق رام الله في الضفة الغربية بلاغا عسكريا يمنعه من الوصول إلى أرضه الواقعة بمحاذاة مستوطنة "كوخاف هشاحر"، بذريعة أنها "منطقة مغلقة لأسباب أمنية"، ومنذ ذلك اليوم، لم تطأ قدماه ترابها، في حين أخذ المستوطنون يزرعونها ويجنون خيراتها.
كانت الزراعة المصدر الأساسي للدخل في دير جرير بنسبة تفوق 60%، لا سيما قبل الانتفاضة الأولى عام 1987، إذ كانت الأرض تُستغل في زراعة محاصيل متنوعة، إلا أن هذا الواقع تغيّر بعد أن صادرت سلطات الاحتلال مساحات واسعة من أراضي البلدة والبلدات المجاورة.
واليوم، بعد ربع قرن من القرار الأول بالمصادرة، يعود الاحتلال ليُضفي على تلك السيطرة "طابعا قانونيا جديدا"، تحت مسمى "المنطقة العازلة"، في خطوة تعد امتدادا عمليا لسياسة المصادرة القديمة، لكنها تأتي هذه المرة ضمن خطة أشمل تهدف إلى ترسيم حدود نفوذ المستوطنات وتوسيعها على حساب القرى الفلسطينية المحيطة.
يمتلك فتحي وعمه 4 دونمات من أصل 29.68 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع)، أُعلنت مصادرتها من قرى كفر مالك ودير جرير، في إطار قرار احتلالي نصّ على إقامة "منطقة عازلة" حول مستوطنة "كوخاف هشاحر"، صدر بتاريخ 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
كما استهدف الأمر الثاني -بحسب نصوص القرار- مصادرة مساحة تبلغ 12.612 دونماً من أراضي دير جرير، لإنشاء طريق أمني يربط المستوطنة بالطريق رقم 449.
يقول حمدان للجزيرة نت، إن "المنطقة التي ورد فيها الأمر العسكري اليوم تبلغ مساحتها 29 دونماً، لكن المساحة المصادرة الحقيقية أكبر بكثير، وكانت هذه المنطقة بالتحديد، في يوم من الأيام، السلة الغذائية لكل سكان دير جرير".
في هذا السياق، يوضح المختص في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، أن ما يُعرف بـ"المناطق العازلة" هو مصطلح جديد نسبيًا في الشكل، لكنه متجذّر في المضمون ضمن سياسة إسرائيلية قديمة، هدفها توسيع نفوذ المستوطنات تحت غطاء "التحصين الأمني".
إعلانهذه السياسة برزت بوضوح بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين تصاعدت المخاوف الإسرائيلية من إمكانية تكرار سيناريو اقتحام المستوطنات في الضفة الغربية، ما دفع الحكومة إلى اعتماد خطط أمنية جديدة تتضمن إقامة أحزمة عازلة حول المستوطنات، حسب خليلية.
إلا أن جوهر هذه الخطط -كما يقول- يتجاوز البعد الأمني المعلن، "إذ إنها ترسم فعليًا حدودًا مستقبلية للمستوطنات، وتمنحها مساحة نفوذ أوسع بكثير من حدودها العمرانية الحالية، ما يفتح الباب لتوسع استيطاني جديد تحت غطاء الضرورات الأمنية".
من جهته يرى المحلل السياسي سليمان بشارات، أن هذه السياسة تنسجم مع ما يسميه الاحتلال "التمدد الطبيعي" للمستوطنات، وهي إستراتيجية قديمة تهدف إلى ضمان مساحات مفتوحة حولها، تُقدَّم في الظاهر كـ"مناطق أمنية"، لكنها في جوهرها مخصصة لتوسيع نطاق السيطرة وتهيئة الأرض لعمليات التوسع الاستيطاني المستقبلية.
ويضيف بشارات أن الاحتلال استخدم عبر السنوات تسميات متعددة لمصادرة الأراضي، منها "مناطق أثرية" أو "محميات طبيعية" أو "طرق أمنية"، وكلها تصب في هدف واحد هو السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض الفلسطينية.
ويؤكد بشارات أن الهدف الفعلي لهذه السياسة مزدوج "فمن جهة يسعى الاحتلال إلى خلق مسافات جغرافية فاصلة بين القرى الفلسطينية والمستوطنات لتقليل الاحتكاك، ومن جهة أخرى يمنح نفسه مساحة مرنة للضم الزاحف، بحيث تتحول الأراضي المصادرة إلى مناطق نفوذ استيطاني جديدة".
تفكيك الجغرافيا الفلسطينية
ويحذر بشارات من أن هذا النهج يؤدي إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية، وتحويل القرى والمدن إلى جزر معزولة، لا يربط بينها سوى طرق محدودة تخضع لسيطرة الاحتلال، ويضيف أن "آلاف المزارعين فقدوا قدرتهم على الوصول إلى أراضيهم، خصوصًا في مواسم الزيتون، ما أدى إلى تراجع الزراعة كمصدر رئيسي للدخل وازدياد معدلات النزوح الداخلي نحو المدن".
وأوضح مدير قسم الإعلام في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد قباجة، أن سلطات الاحتلال استولت أخيرًا على نحو 73 دونمًا من أراضي المواطنين في محافظة رام الله والبيرة، عبر 5 أوامر عسكرية صدرت تحت مسمى "أوامر وضع اليد".
وأضاف أن مساحة الأراضي التي شملتها الأوامر العسكرية المتعلقة بما يُعرف بـ "المناطق العازلة" وصلت إلى نحو 514 دونمًا، موزعة على 30 أمرًا عسكريًا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى آلاف الدونمات الزراعية المحيطة بالمستوطنات.
وذكر أن الهيئة تتابع يوميا جميع الأوامر العسكرية والمخططات التي يصدرها الاحتلال تحت مسمى "المناطق العازلة"، موضحًا أن العمل لا يقتصر على التوثيق، بل يمتد إلى متابعة قانونية وميدانية متكاملة، تشمل التواصل مع الجهات الحقوقية وتقديم اعتراضات لدى المحاكم الإسرائيلية.
ويضيف قباجة، أن الهيئة تعمل ميدانيًا عبر تنظيم فعاليات دعم ومساندة في القرى المهددة بالمصادرة، إذ يشارك موظفو الهيئة والمتضامنون الأجانب إلى جانب المزارعين في قطف الزيتون ومواجهة اعتداءات المستوطنين.
ويختتم قباجة "إن أخطر ما تحمله سياسة "المناطق العازلة" هو محاولتها شرعنة السيطرة على الأرض، بذرائع أمنية متجددة، مؤكدًا أن الهيئة تتعامل مع هذه الإجراءات بوصفها "استيطانًا مقنّعًا" يراد له أن يمرّ بهدوء دون إعلان رسمي عن الضم.
إعلانويشدد على أن مواجهة هذه السياسات تتطلب تكامل الجهود الرسمية والشعبية والحقوقية محليًا ودوليًا، لأن المعركة "ليست فقط على الأرض، بل على الرواية والوعي أيضًا" كما يقول.