يمثل إنتاج الأسمدة الكيميائية نحو 1.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، ويأمل الكيميائيون في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا المساعدة في تقليل البصمة الكربونية عن طريق استبدال بعض الأسمدة الكيميائية بمصدر أكثر استدامة.

والبصمة الكربونية هي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الدفيئة، وتطوير أدوات قياسها يمكن أن يساعد في الحد من الآثار السلبية للانبعاثات.

وفي هذا الاتجاه يعمل الباحثون، مستعينين بالبكتيريا التي يمكن أن تلعب دورًا هامًا، في التخفيف من الانبعاثات الكربونية من التربة والمساعدة في تقليل حاجتنا إلى الأسمدة الكيميائية.

إنتاج الأسمدة الكيميائية يمثل نحو 1.5 % من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم (شترستوك) الخلايا البكتيرية

تعتبر البكتيريا الموجودة في التربة مسؤولة عن عملية تثبيت النيتروجين في التربة، وذلك عن طريق قيامها بتحويل النيتروجين في الغلاف الجوي إلى مركبات النيتروجين (مثل الأمونيا) التي يمكن الاستفادة منها من قبل النباتات وحمايتها من الآفات، بالإضافة إلى أنها توفر العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات، وكذا العمل على تجديد التربة.

ومن جانب آخر فإن البكتيريا مخلوقات ذاتية التغذية تستمد طاقتها عن طريق صنع طعامها من خلال عملية الأكسدة بدلاً من التغذية على النباتات أو المخلوقات الحية.

ومع كل ذلك، فإن هذه البكتيريا حساسة للحرارة والرطوبة، لذلك من الصعب توسيع نطاق تصنيعها وشحنها إلى المزارع، وهو ما دفع المهندسين الكيميائيين في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا إلى ابتكار طبقة معدنية عضوية تحمي الخلايا البكتيرية من التلف دون إعاقة نموها أو وظيفتها.

وقد توصل الباحثون في هذه الدراسة إلى استنتاج مهم يكمن في كون هذه البكتيريا المغلفة حسّنت معدل إنبات مجموعة متنوعة من البذور، بما في ذلك الخضراوات مثل الذرة والبوك تشوي (الملفوف الصيني).

البكتيريا تثبّت النيتروجين في التربة عبر قيامها بتحويل النيتروجين في الغلاف الجوي إلى مركبات نيتروجين مثل الأمونيا (شترستوك) حماية الخلايا البكتيرية

وبحسب البيان الصادر من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، تُصنّع الأسمدة الكيميائية باستخدام عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة تُعرف باسم هابر بوش، والتي تَستخدم ضغطا عاليا للغاية لدمج النيتروجين من الهواء مع الهيدروجين لصنع الأمونيا.

لكن هذه العملية ينتج عنها بصمة كربونية كبيرة، إضافة إلى أن هناك عيباً آخر للأسمدة الكيميائية وهو أن الاستخدام طويل المدى يؤدي في النهاية إلى استنفاد العناصر الغذائية الموجودة في التربة.

وللمساعدة في استعادة حيوية التربة، لجأ بعض المزارعين إلى "الزراعة المتجددة" التي تستخدم مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات -بما في ذلك تناوب المحاصيل والسماد- للحفاظ على صحة التربة، حيث يمكن للبكتيريا المثبتة للنيتروجين والتي تحول غاز النيتروجين إلى الأمونيا، أن تساعد في هذا النهج.

وبشأن الغلاف العضوي المعدني الذي طوره الباحثون لحماية البكتيريا، تقول الأستاذ المساعد في التطوير المهني بالهندسة الكيميائية في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا والمؤلف الرئيسي للدراسة أرييل فورست: "يُسهّل الطلاء على المزارعين استخدام الميكروبات كأسمدة، وكذا حمايتها من عملية التجفيف، مما يسمح لنا بتوزيعها بسهولة أكبر وبكلفة أقل لأنها عبارة عن مسحوق مجفف وليس سائلا، وأيضا يمكن للغلاف العضوي المعدني تحمل حرارة تصل إلى 132 درجة فهرنهايتية، مما يعني عدم الحاجة إلى استخدام التخزين البارد لهذه الميكروبات".

ولحماية الميكروبات من الحرارة والتجفيف بالتجميد، قرر الباحثون تطبيق آخر طبقة من التغليف تسمى شبكة الفينول المعدني (MPN)، والذي طُور سابقا لتغليف الميكروبات لاستخدامات أخرى، مثل حماية البكتيريا العلاجية التي تُوصّل إلى الجهاز الهضمي.

الكيميائيون يأملون استبدال بعض الأسمدة الكيميائية بمصدر أكثر استدامة (شترستوك) الغلاف العضوي المعدني

وبحسب البيان الصحفي الصادر من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، فإن الغلاف المعدني الذي طُور لحماية الميكروبات من الحرارة، هو عبارة عن طلاء يحتوي على مكونين (معدن ومركب عضوي يسمى البوليفينول) يمكن أن يتجمعا ذاتيا في غلاف واق لخلايا البكتيريا.

إن المعادن المستخدمة في الطلاء -بما في ذلك الحديد والمنغنيز والألمنيوم والزنك- تعمل كمضافات غذائية، بينما يشتمل البوليفينول الذي يوجد غالبًا في النباتات، على جزيئات مثل العفص ومضادات الأكسدة الأخرى، والتي تصنفها إدارة الغذاء والدواء على أنها آمنة بشكل عام.

تقول فورست: "نحن نستخدم هذه المركبات الطبيعية ذات الجودة الغذائية والتي من المعروف أن لها فوائد في تشكيل الدروع الصغيرة التي تحمي الميكروبات".

البكتيريا حساسة للحرارة والرطوبة لذا قام الكيميائيون بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا بابتكار طبقة معدنية عضوية (شترستوك)

في هذه الدراسة، أنشأ الباحثون 12 نوعا من الطلاء ووجدوا أن جميع الطلاءات تحمي البكتيريا من درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايتية)، وكذلك من الرطوبة النسبية حتى 48%. كما أبقت الطلاءات الميكروبات على قيد الحياة أثناء عملية التجفيف بالتجميد.

ومن ناحية أخرى وضمن فوائد الغلاف العضوي المعدني الجديد في تحسين الإنتاج الزراعي، اختبر الباحثون قدرة الغلاف الجديد على مساعدة البذور على الإنبات في طبق المختبر. وقاموا بتسخين الميكروبات المغلفة إلى 50 درجة مئوية قبل وضعها في الطبق، وقارنوها بالميكروبات الطازجة غير المغلفة والميكروبات غير المغلفة المجففة بالتجميد.

ووجد الباحثون أن الميكروبات المغلفة حسّنت معدل إنبات البذور بنسبة 150% مقارنة بالبذور المعالجة بميكروبات طازجة غير مغلفة، وكانت هذه النتيجة متسقة عبر عدة أنواع مختلفة من البذور، بما في ذلك الشبت والذرة والفجل والبوك تشوي (الملفوف الصيني).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النیتروجین فی بما فی ذلک فی التربة التی ت

إقرأ أيضاً:

معدل الجريمة بين السوريين والأفغان في ألمانيا مثير للقلق

أنقرة (زمان التركية) – كشفت أحدث إحصائيات صادرة عن المكتب الاتحادي الألماني للجنايات لعام 2024 عن نتائج من المتوقع أن تؤجج النقاش العام والسياسي حول قضايا الهجرة في البلاد. وتُظهر البيانات الرسمية تبايناً حاداً في معدلات الجريمة بين المواطنين الألمان وبعض المجموعات المهاجرة.

يبلغ معدل تورط المواطنين الألمان من أصل عرقي في الجرائم المسجلة 163 شخصاً فقط من بين كل 100,000 مواطن. في المقابل، يرتفع هذا المعدل بشكل كبير بين المهاجرين من سوريا وأفغانستان ليصل إلى نحو عشرة أضعاف معدل الألمان.

السوريون: سُجّلت 1,740 حالة ارتكاب جريمة لكل 100,000 مقيم سوري.

الأفغان: سُجّلت 1,722 حالة ارتكاب جريمة لكل 100,000 مواطن أفغاني.

وتشير الإحصائيات إلى أن أبرز أنواع الجرائم المرتكبة في هاتين المجموعتين تشمل أعمال العنف والاعتداء الجنسي والاتجار بالمخدرات. هذا الارتفاع في معدلات الجريمة يزيد الضغط على الحكومة الألمانية لتشديد قوانين الترحيل، خاصة وأن ألمانيا تستضيف نحو مليون لاجئ سوري و500,000 لاجئ أفغاني.

في سياق متصل، علّقت المحامية الكردية روج زيلف، المقيمة في ألمانيا، على هذه البيانات، مشيرة إلى أن “الأجانب يرتكبون جرائم أكثر من الألمان” بحسب الأرقام، رغم محاولات بعض وسائل الإعلام الألمانية إخفاء هويات المجرمين.

كما وجهت زيلف انتقاداً لشريحة من الجالية الكردية في ألمانيا، مشيرة إلى أن بعض الأفراد لا يزالون يتصرفون بـ “عقلية قديمة”، ويسعون لحل المشاكل بوسائلهم الخاصة بدلاً من اللجوء إلى القوانين، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلاتهم القانونية.

وأكدت زيلف أن “صراعات ثقافية خطيرة” تنشأ، خاصة في قضايا الطلاق المتعلقة بالذهب والممتلكات، حيث تتعارض التقاليد مع القوانين الألمانية. ونصحت زيلف الجيل الجديد من الشباب الكردي بـ “تجنب الحلول القبلية والمتهورة، والتكيف مع النظام القانوني والقوانين في البلاد”.

مقالات مشابهة

  • غلاف جوي مفاجئ لكوكب صخري فائق الحرارة
  • بحث دولي يكشف سبيلا لجعل الأرز أكثر فائدة وأقل ضررا بالبيئة
  • معدل الجريمة بين السوريين والأفغان في ألمانيا مثير للقلق
  • مفاجأة لعشاق السلسلة..اكتشاف كوكب حرب النجوم الحقيقي
  • أين تختبئ المواد الكيميائية الأبدية في مشترياتك؟
  • المالية تطلق منصات رقمية جديدة لتسهيل الإجراءات الضريبية وتحسين الإيرادات
  • طريقة جديدة للكشف عن خطر الإصابة بهشاشة العظام
  • "دروب مصر ".. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • دروب مصر.. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • د.حماد عبدالله يكتب: الاستثمار هو الحل !!!