أكمل وكلاء وقف وسور حارة العقر بولاية نزوى المرحلة الأولى من ترميم وإعادة تأهيل سور وميدان العقر ليمثل المَعلمان فرصة فريدة لزائري الحارة للاطلاع على المآثر التاريخية والشواهد الحضارية التي تتفرد بها الحارة في مشهد بانورامي جميل يضيف بعدًا جديدًا للسياحة الأثرية التي تشهدها الولاية وقد جاء مشروع الترميم بشراكة ناجحة بين وكلاء الوقف وشركة بوارق نزوى الدولية للاستثمار التي تدير وتشغّل عددًا من النزل التراثية والأماكن الأثرية التي تستقطب الزائرين وتمنحهم فرصة فريدة للتعرّف على تفاصيل الحياة القديمة ومكونات الحارات العمانية بما تتميز به من أبواب " صباحات" وأبراج حماية وغرف مراقبة؛ ويعد سور العقر معلمًا أثريا في قرية العقر بولاية نزوى حيث يحيط بالحارة القديمة على امتداد قلعة نزوى ويظهر في الصور القديمة السور ملاصقًا للقلعة وتحيط بحارة العقر بذراعيها.

قال إسحاق بن هلال الشرياني رئيس مجلس إدارة شركة بوارق نزوى الدولية للاستثمار: إن إعادة إحياء البيوت الأثرية التي هُجرت منذ عشرات السنين وأصبحت اليوم وجهة ضمن الخرائط المحلية والعالمية والدولية والوجهة المفضلة الأولى في السياحة الداخلية كان الهدف الرئيس للشركة، فمن 18غرفة قبل سبع سنوات عند ميلاد الفكرة وبدء المشروع أصبحت الحارة تضم ما يزيد على 200 غرفة والعدد في تزايد مع مرافق نوعية عديدة فهناك أكثر من 15 مقهىً ومتحفين ومكتبة عامة ومجلسين بالإضافة إلى مركز للتعريف بالإسلام ومدرسة للقرآن وقريبًا عيادة شعبية على اعتبار أن أول مستشفى في نزوى كان في حارة العقر كما أسهمت هذه المشروعات في خلق مئات الوظائف للشباب بين كاملة وجزئية ووطنت الأموال وأصّلت ثقافة العمل الحر وألهمت الكثير على الحذو حذوها.

استعادة التاريخ

من جانبه قال سليمان بن محمد السليماني وكيل سور العقر: أن هذا السور وعبر سنين طويلة بقي صامدا شاهدا إلى اليوم، وتذكر الكتب أن السور شيده الإمام الصلت بن مالك الخروصي في القرن الثالث الهجري وبقي فترة من الزمن وفي أواخر القرن التاسع الهجري حدثت جرفة عظيمة في نزوى فكانت من بين مآسيها أن هدم الوادي الجزء الشرقي من سور العقر؛ واستمر السور على حاله حتى الانتهاء من بناء قلعة نزوى عام 1668م إذ شرع الإمام سلطان بن سيف اليعربي في إعادة بناء سور العقر حيث استغرق ذلك سبع سنوات؛ ومنذ حوالي سبعين عامًا عانى السور الإهمال الشديد حتى انهارت كثير من أركانه وشواهده وتداخلت مواقعه مع المنازل والمزارع حيث لم يبقى من أثره إلا القواعد؛ ومن هنا انبثقت الفكرة حيث استلمنا وقف حارة العقر عام 2016 وبدأنا في تنفيذ الفكرة وطرحها كتعاون مع شركة بوارق ليشمّر الجميع عن سواعدهم من أجل استعادة تاريخ السور فبدأنا في إعادة ترميمه إذ يبلغ طوله قرابة 2000 متر وقد بدأنا في ترميم البوابة الرئيسة بوابة وبرج الصبخة ومنها انطلق العمل في ترميم السور وخلال هذه المرحلة التي اكتملت تم ترميم حوالي 415 متر طولي بالإضافة إلى ترميم الأبراج الموجود بالسور وكذلك غرف المراقبة لتكون مساحة ما أعيد بناؤه وترميمه قرابة 9000 متر مربع حيث تضمّن السور عدة أبراج على ارتفاعات متنوّعة وبلغ أعلى ارتفاع ١٣ متر وأعلى ارتفاع في الصباحات ١٠ أمتار فيما بلغ أعلى ارتفاع للسور ٩ متر تقريبا وأقلها أربعة أمتار ونصف.

واختتم السليماني حديثه قائلًا: لا يحسب أي زائرٍ لهذه الحارة أن ما تم فيها كان سهلًا يسيرًا بسيطًا بل استدعى ذلك تضحياتٍ جليلة في الوقت والمالِ والجانب المعنوي والنفسي مما لاقيناه لتحويل الحارة لما هي عليه حيث رافق العمل في هذا المشروع والذي لم ننته منه إلى الآن تضحياتٍ ما كنا نقدر عليها لولا عون الله لنا والغيورين على مجد أمتهم ووطنهم والمخلصين من المعنيين.

ويشارك الحديث ناصر بن عبدالله العبادي وكيل وقف الحارة والسور: إذ يقول الأفكار الشبابية مُلهمة للجميع ومن هنا كانت فكرة إحياء الحارة بعد أن اندثرت وكادت تتحوّل إلى أطلال فبدأنا في التواصل مع ملاك المنازل وكان لنا عدة مقترحات لهم كالبيع أو التأجير أو الاستثمار أو أن يقوم هو بعملية الترميم وفق المخطط العام ووجدنا تجاوبًا وصدىً كبيرًا ثم نبعت فكرة ترميم السور للاستفادة منه في رفد صندوق الوقف من أجل مزيد من الأعمال القادمة؛ وقال هذا هو الترميم الثالث للسور منذ إنشاؤه إذ أصبح السور به الكثير من المفردات التي تجتذب السائح سواءً من داخل أو خارج سلطنة عمان خلال الفترة الحالية فهناك المقاهي المنتشرة والأكشاك الصغيرة لبيع المشروبات والعصائر والوجبات الخفيفة بالإضافة إلى جلسات تتيح للزائر الاستمتاع بالمنظر وهناك مطاعم للوجبات العمانية التقليدية ومعرض للفنون وأستوديو لتصوير المقاطع المرئية وصالة الملابس العمانية؛ وقال إن ما تم ترميمه يعادل ثلث طول السور تقريبًا ومعه بوابة وستة عشر برجًا تتنوّع في شكلها بين الدائري والمربع بتكلفة قدّرت بـ 400 ألف ريال عماني ولضمان استدامته تم استحداث مصادر دخل للسور من خلال تأجير أبراجه والمواقع المحاذية له لصرف الدخل في مصاريفه المختلفة كما أضفنا له ما يجذب ويثقف الزائر ويعرفه على عمان سلطنة عمان من خلال بعض اللمسات الجمالية التي كتزويده بأنوار ملوّنة وصور تمثل جانبًا من الحياة الاجتماعية بالولاية وبعض الأدوات القديمة؛ وقال مختتمًا حديثه إن المشروع وُلد ليطوّر، وهناك خطط مستقبلية كإنشاء مكتبة وتنفيذ لوحة علماء نزوى في الميدان الرئيسي واستضافة بعض الفعاليات الثقافية والترفيهية والاحتفالات المتنوّعة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مستوطنون يقحمون أنفسهم في أعمال ترميم بالأقصى

لم يكتفِ المستوطنون المقتحمون للأقصى في الأول والثاني من يونيو/حزيران الجاري بتدنيس المسجد الأقصى بطقوسهم وصلواتهم التي أدوها بمناسبة "عيد الأسابيع" اليهودي، بل تعمدوا إثارة الجدل بتصويرهم مقطع فيديو تظهر خلاله أرضية تخضع لعملية ترميم أمام باب القطّانين.

وأرسل هؤلاء المقطع للصحفي الإسرائيلي أرنون سيغال الذي يعدُّ أحد أبرز نشطاء جماعات الهيكل، والذي يقتحم الأقصى بشكل مستمر وينظم جولات إرشادية في ساحاته، ويتغنى بإنجازات المتطرفين فيها.

سيغال نشر صورة للموقع الذي يخضع للترميم، وكتب خبرا على موقع "المصدر الأول" الإخباري الإسرائيلي وجاء فيه أن "اليهود الذين صعدوا إلى جبل الهيكل (المسمى التوراتي للمسجد الأقصى) دُهشوا لرؤية جصّ جديد يغطي أرضيات قديمة في الجانب الغربي، وهي الأرضية التي ينسبها لين ريتماير إلى عهد هيرودوس".

سلطات الاحتلال تعرقل منذ سنوات أعمال الترميم لدائرة الأوقاف الإسلامية داخل المسجد بحجج مختلفة (الجزيرة-أرشيف) تدخل سافر

وتابع سيغال أنه توجّه لسلطة الآثار الإسرائيلية وسألها عما إذا كان الترميم الذي يتم في هذا الموقع قانونيا، "لأن أعمال الترميم التي تُجرى في موقع أثري يستخدم لأغراض دينية يحتاج إلى موافقة لجنة وزارية، وإشراف دقيق من سلطة الآثار الإسرائيلية".

وجاء رد سلطة الآثار كالآتي "كان الجزء الذي تم ترميمه يُشكل خطرًا على السلامة، حيث نشأ انخفاض نتيجة لعدم وجود رصف حجري، وقد رُدم الانخفاض منذ زمن بعيد بالخرسانة الحديثة، مما تسبب في إتلاف الرصف الحجري القديم".

وتابعت هذه الهيئة الإسرائيلية أن أعمال الترميم أُجريت بتنسيق كامل معها ومع الشرطة الإسرائيلية، اللتين زارتا الموقع عدة مرات وفحصتا الوضع بدقة وشمولية، وقررت سلطة الآثار وضع مادة ردم معينة لمنع المزيد من الضرر الذي قد تُلحقه الخرسانة العادية بالأحجار المجاورة، وأضافت أنه "في الأيام المقبلة، سيتم صنفرة هذه المواد، ووضع ألواح حجرية فوقها، بحيث يمتزج الترميم بشكل مثالي مع الرصف الموجود في الموقع".

إعلان

الجزيرة نت توجهت للباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد وسألته في البداية عن أسباب هبوط الأرضية في هذا الموقع من الأقصى تحديدا، وقال إن هذه المنطقة قريبة جدا من الحائط الغربي للمسجد والتي يمر أسفلها النفق الغربي، وبالتالي فإن الحفريات كانت وما زالت دائما موجودة، وبالإضافة إلى تلك الحفريات التقليدية في منطقة الحائط الغربي التي نفذت في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي توجد حفريات أخرى أسفلها.

وتتمثل هذه الحفريات وفقا للباحث المقدسي بالنفق السفلي، ويضاف إليها حفريات أسفل ساحة البراق ويريدون من خلالها رفع الساحة ليكون أسفلها قاعة، وهذا جلّه يؤثر بالتأكيد على الجهة الغربية بشكل عام.

الجلاد: عدم توقف الحفريات بالتزامن مع منع عمليات الترميم هما أهم العوامل التي أدت إلى هبوط هذه الأرضية (الجزيرة) الأرضية إسلامية بحتة

وبالنسبة للأرضية الحجرية الضخمة التي هبطت قرب باب القطّانين يؤكد الجلاد أنها من زمن الناصر محمد بن قلاوون في الفترة المملوكية وعمرها حوالي 700 عام، وبنيت عام 1321 للميلاد تقريبا.

ويقول الجلاد إن "الزلازل والحفريات والضغط المتمثل بسير الناس على هذه الأرضيات لقرون طويلة، والمباني المحيطة بها وعدم وجود ترميمات مستمرة، كل ذلك يؤدي إلى إضعاف هذه الحجارة وتخلخل الطبقات الأرضية أسفلها".

وأضاف أن عدم توقف الحفريات بالتزامن مع منع عمليات الترميم هما أهم العوامل التي أدت إلى هبوط هذه الأرضية.

وأشار إلى الخبر السابق ذكره من موقع "المصدر الأول" يقر فيه الكاتب بصب الإسمنت في السابق وأنه كان سيئاً، مما أحدث عدم توازن في البلاط الكبير، ودفع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى تزويد الأوقاف الإسلامية بمادة خاصة تم سكبها ليوضع البلاط فوقها.

وعند سؤاله عن المعلومة التي نسبها سيغال لعالم الآثار الإسرائيلي لين ريتماير ويدّعي فيها أن هذه الأرضية الحجرية هي من عهد هيرودوس، وأشار إليها الصحفي في عنوان الخبر بسؤال "كيف استُبدلت الحجارة التي وضعها عمال هيرودوس في جبل الهيكل قبل ألفي عام بصب الخرسانة؟"، أجاب الجلاد بوصف ريتماير بـ "مُدّعٍ وصولي" يسعى لكسب الأضواء والشهرة والقبول عند التيار المتنامي من الصهيونية الدينية، وبالتالي فإنه "يختلق ويُزوّر".

جانب من أعمال ترميم وصيانة في المصلى المرواني تشرف عليها لجنة إعمار المسجد الأقصى، التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية.

يذكر أن المصلى المرواني كان مهجورا ومغلقا لمئات السنين، وتم إعادة ترميمه وفتحه أمام المصلين عام 1996، وهو أكبر مساحة مسقوفة داخل المسجد الأقصى. pic.twitter.com/hL6b1zNTDV

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) July 13, 2024

ليس أول تزوير

وهذه ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها الباحث وعالم الآثار هذا نسب معالم داخل الأقصى لفترة الهيكل، فقال عن أقواس البوابات الصغيرة المغلقة منذ فترة طويلة في الجهة الشرقية الواقعة بين الدرج الشرقي والزاوية الجنوبية الشرقية، إنها بوابات كان يخرج منها أصحاب المعازف الذين كانوا ينفخون البوق في عصر الهيكل.

بينما ذكر هذه الأقواس -وفقا للجلاد- مجير الدين الحنبلي في أواخر القرن الـ15 الميلادي وقال إنها الزاوية "الصمادية" و"البسطامية"، وهي زوايا إسلامية شُيّدت أسفل الصخرة المشرفة.

واخترع عالم الآثار ذاته قصة أخرى مدّعيا أن الحائط الشمالي الشرقي لصحن قبة الصخرة يضم حجارة تعود لزمن "هيرودوس" وهذا كله لا أصل له، وإنما هي حجارة من الفترة الإسلامية المبكّرة (الأموية) عند بناء دكّة قبة الصخرة.

أما عن إقحام الشرطة وسلطة الآثار الإسرائيليتين نفسيهما بعمليات الترميم بالمسجد الأقصى، فأشار الجلاد إلى أنه لا يمكن للأوقاف أن تعمل حاليا على ترميم أي شيء في المسجد سوى بوجود هاتين الجهتين، وبالتالي إما أن تتعامل معهما أو لا يمكن للترميم أن يتم.

إعلان

هذه السياسة اتُّبعت بعد ترميم المصلى المرواني وفتح بواباته العملاقة عام 1999، مما دفع اليهود الأرثوذكس المتشددين إلى سنّ قانون بالكنيست (البرلمان الإسرائيلي) آنذاك أطلق عليه "منع تدمير آثار الهيكل"، وادّعوا في طرحهم أن الأتربة التي أُخرجت من المصلى المرواني وألقيت في الخارج تم من خلالها تدمير الآثار القديمة.

هذا الادعاء تدحضه حقيقة أن التراب الذي أخرج من المصلى المرواني ليس ترابا أصليا وإنما أُحضر من الخارج قديما لتغطية وطمر هذا المصلى، وفق الجلاد.

أتربة في ساحات المسجد الأقصى أخرجت من المصلى المرواني عند ترميمه (الجزيرة) "الأوقاف مطالبة بدورها"

وبالتالي بدأ التدخل الفعلي لسلطات الاحتلال في عمليات الترميم بالأقصى عام 2003 مع سيطرة إسرائيل على الدخول والخروج من المسجد، وتم التشديد الفعلي على عمليات الإعمار والترميم منذ عام 2015 مع حظر الرباط فيه، وفقا للجلاد.

وختم الباحث المقدسي حديثه للجزيرة نت بالتطرق إلى تداعيات إعاقة أعمال الترميم بوصفها بالخطيرة، لأن أي بناء تاريخي -خاصة الأقصى الذي يقع بين أودية ومنطقة غير مستقرة بسبب بنائه على تسويات من الطبيعي أن تتحرك مع حدوث الزلازل-لا بد من ترميمه بشكل مستمر.

وأضاف أنه يجب على دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس أن تطالب الجهات الدولية للضغط من أجل الترميم، وأن يكون لديها خطة لذلك بعد إجراء مسح شامل للمواقع وإصدار تقرير بجوانب الضعف والأماكن التي تحتاج إلى صيانة وترميم، حسب تدرج معين من الأخطر إلى الأقل خطورة حتى يعرف الناس وضع الأقصى الحقيقي ولا يتفاجؤوا عند وقوع أي شيء.

مقالات مشابهة

  • الموجة الحارة مكملة.. "الأرصاد" تحذّر من حالة الطقس اليوم الجمعة 27 يونيو 2025
  • ترميم برج للكهرباء في مدينة السويداء بعد تعرضه للسرقة
  • النقل تحذّر: مُخالفات رادعة لمتجاوزي حارة الأتوبيس التردّدي على الدائري
  • أغسطس موعدا لإجراء انتخابات البلديات للمجموعة الثانية
  • المغاربة على موعد مع موجة الشركي الحارة.. خبير : الذروة نهاية الأسبوع والحرارة ستبلغ 48 درجة
  • بتمويل أوروبي.. اليونسكو ترميم مئات المنازل التاريخية في اليمن
  • سيلفي والخطر خلفي.. سائح يُتلف لوحة فنية من القرن ال18 بعد سقوطه عليها في فلورنسا
  • فريدة سيف النصر تنتقد فناني التيك توك
  • بمواصفات فريدة من نوعها.. سعر هواتف HONOR 400
  • مستوطنون يقحمون أنفسهم في أعمال ترميم بالأقصى