مصطفى بكري: مصر بقيادة السيسي ستظل تدافع عن الأمة العربية
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
قال الإعلامي مصطفى بكري، إن الدولة المصرية هي ظهير المنطقة، وستظل تدافع عن الأمة العربية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف مصطفى بكري، خلال تقديم برنامج “حقائق وأسرار” المذاع عبر قناة “صدى البلد" أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أن كل عربي مرحب به في أي دولة عربية، طالما يحترم إرادة الآخرين.
مصر دولة محوريةوأكد بكري أن مصر هي الدولة المحورية في الدفاع عن قضية فلسطين، والتعامل بكل شفافية مع هذه الأزمة.
ولفت مصطفى بكرى إلى أن الحرب على غزة تستهدف الأمن الإقليمي بأسره.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإعلامي مصطفى بكري الامة العربية الأمن الإقليمي الدولة المصرية مصطفى بكري
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري.. القصيدة الأخيرة في ديوان اليَعارِبة
في زمانٍ يختلط فيه الصمت بالخيانة، وتُختطف فيه العروبة من بين أضلاعها لتُباع على أرصفة التسويات، يظل صوتٌ واحدٌ يُشبه القصيدة الأخيرة التي رفضت أن تُكتب بحبرٍ بارد… صوتٌ لا يُهادن، لا يتلعثم، ولا يُغيّر جلده كلما تغيّرت الخريطة.
إنه مصطفى بكري، آخر ما تبقى من ديوان اليَعارِبة، وأحد القلائل الذين لم ينسوا أن الكرامة موقف، وأن العروبة عهد، وأن الصمت خيانةٌ حين يُذبح الشقيق في وضح النهار.
لم يكن مصطفى بكري إعلامياً عابراً، ولا نائباً عادياً، بل ضميراً ناطقاً حين نامت الضمائر، ورايةً مرفوعة حين انكسرت الرايات.
لا يشبه صوته ضجيج المنصات ولا صخب المزايدين… بل يشبه هدير الحقيقة حين تنهض في وجه الظالمين، وصرخة الضمير حين يعترض طريق الخيانة، ويقف في وجه مشروع يُراد به تمزيق قلب الأمة وتفتيت روحها.
صوته لا يُطرب… بل يُوقظ. لا يُجامل… بل يُواجه.
صوتٌ حين يتكلّم، تشعر أن للعروبة قلباً ينبض، وللحق لساناً لا يخاف.
من اليمن الموجوع إلى فلسطين المقاوِمة، من سوريا التي تقف على الرماد إلى ليبيا التي تُقاتل وحدها، ظل مصطفى بكري بوصلةً ثابتةً في زمن التيه، وحارساً للعروبة حين غاب حراسها.
إنه ليس “القصيدة الأخيرة” فقط… بل الصوت الأصيل الذي يُذكّرنا بأن هذا الديوان لم يُغلق بعد، ما دام فيه حرفٌ يقول:
لن نُساوم، ولن نخون، ولن نصمت.
في زمنٍ تتكسّر فيه الثوابت تحت أقدام المصالح، وتذوب فيه القضايا الكبرى في بحور التنازلات، يبقى بعض الرجال بمثابة جسورٍ من ضميرٍ حيٍّ يربط الماضي المجيد بالحاضر الجريح، ويمنح الأمة شرف البقاء في معركة الوعي.
وفي طليعة هؤلاء، يسطع اسم مصطفى بكري، النائب والإعلامي الذي لم ينكسر أمام زلازل السياسة، ولم يُبدّل بوصلته العروبية مهما اشتدت العواصف.
هو ليس مجرد صوت عابر في ضجيج المنصات، بل ضميرٌ حيّ يحمل قضايا الأمة العربية كما يحمل القلب دقاته.
لم يهادن، لم يساوم، ولم يختبئ خلف الحياد الزائف، بل خاض معارك الكلمة والموقف بشجاعة النادرين.
من اليمن الجريح إلى فلسطين الجبّارة، من العراق وسوريا إلى ليبيا والسودان، ظل مصطفى بكري سنداً للمظلوم، وخصماً للخذلان، وصوتاً لا يخفت حين تخفت الأبواق.
في عالمٍ تراجعت فيه المبادئ وارتبكت فيه البوصلات، يمثل مصطفى بكري استثناءً أخلاقياً واستراتيجياً فريداً، رجلاً لم يبع العروبة في أسواق المصالح، بل ظل وفياً لنبضها، صادقاً في حملها، مؤمناً بأن الهزيمة ليست قدراً، وأن من يملك الموقف لا يُهزم وإن سقط العالم من حوله.
مقاتل في ساحة الإعلام والبرلمان.منذ عقود، ومصطفى بكري يحفر اسمه في ذاكرة العمل القومي، كصحفي جسور، ونائب لا يهادن، وشاهدٍ لا يصمت.
لم تكن قضايا الأمة بالنسبة له ملفات سياسية مؤقتة، بل هي قضية وجود وهوية وكرامة.
وفي حين اختار الكثير الصمت أو التلون أو الارتهان، وقف بكري يواجه التيار، يصرخ من على المنصات، ويكتب من عمق الألم العربي، ويقاتل من على مقاعد البرلمان دفاعاً عن فلسطين وسوريا واليمن والعراق وليبيا، وعموم العرب، ممن سقطوا ضحية حروب الوكالة والخذلان الدولي.
اليمن… جرحه الأصدق وحنينه إلى الأصلفي خارطة الجراح العربية، كان اليمن بالنسبة لمصطفى بكري ليس مجرد ملف سياسي، بل جرحاً حياً في قلبه لا يندمل.
كان يرى فيه تجسيداً للمأساة العربية في أنقاها وأكثرها ظلماً… بلدٌ ضُرب من كل الجهات، وتركه الأشقاء وحده في العراء، لكنه ظلّ حاضراً بكل ثقله في وجدان رجلٍ آمن أن الوقوف إلى جانب اليمنيين ليس تضامناً بل واجباً قومياً لا يقبل التأجيل.
منذ اللحظة الأولى لانفجار الحرب، رفع مصطفى بكري صوته عالياً في البرلمان المصري، مدافعاً عن حق اليمنيين في الإقامة الكريمة، والتعليم، والرعاية، والتنقّل دون إذلال أو تعقيد.
لم تكن مواقفه من باب الاستعراض، بل من منطلق أصالة العروبة ومسؤولية الأخوة.
راسل الوزارات، تابع الملفات، استقبل الوفود، وفتح أبوابه للطلاب اليمنيين كما لو كانوا أبناءه، وظل يذكّر بأن “ الكرامة لا تُمنَح… بل تُصان ”، وأن الشعب اليمني لم يأتِ مهاجراً بل جُرِف من وطنه بفعل العاصفة.
لم يكتفِ بالحديث، بل مارس الضغط النبيل، والتحرّك الصادق، والدور السياسي القادر على التغيير، مدفوعاً بيقينٍ عبّر عنه ذات مرة بقوله:
“ إن لم نكن مع اليمن اليوم، فمتى نكون؟ وكيف نقبل أن نخذل من كانوا ذات يومٍ عمقاً روحياً واستراتيجياً لأمتنا؟
لأجل اليمن، لم يكن مصطفى بكري مجرّد صوتٍ في أروقة البرلمان، بل كان صدىً للعروبة حين خفتت، وضميراً يقظاً يرفض أن يُخدَّر بالصمت أو يُساير البيروقراطية العمياء.
وقف شامخاً أمام التجاهل، وواجه قسوة الإدارات بجدارٍ من الوفاء لا تشوبه مصلحة، ولا تضعفه حسابات.
كان اليمن بالنسبة إليه أكثر من قضية… كان مرآةً لاختبار القيم، وامتحاناً يومياً للعروبة في أنبل صورها.
وفي هذا الامتحان، أجتاز مصطفى بكري حيث تعثّر كثيرون، وثبت حيث تهاوى الذين بدّلوا مواقفهم كلما تغيّر اتجاه الريح.
ظلّ اليمن في ضميره ليس مجرد وطن جريح، بل عنواناً لكبرياء لا يُشترى، وعلامة فارقة بين من ينتمي حقاً، ومن يكتفي بالشعارات.
سوريا… جرحٌ لا يندمللم تكن سوريا عند مصطفى بكري مجرد عنوان في نشرة أخبار، ولا “ أزمة” تُتناول بحيادٍ بارد، بل كانت جرحاً نازفاً في قلب الأمة، لا يندمل ولا يُنسى.
وقف مبكراً في وجه ماكينة التشويه الإعلامي، ورفض شيطنة الشعب السوري، وواجه بكل وضوح حملات التزييف التي أرادت أن تسلب سوريا دولتها، وهويتها، وعمقها العربي.
في ذروة العاصفة، كان من القلائل الذين لم يسايروا موجة الخراب باسم التغيير، بل قالها بوضوح: “ إن ما يجري في سوريا ليس ثورةً بل مؤامرة مدروسة، تهدف إلى إسقاط القلب العربي، وتفتيت حجر الزاوية في توازن المشرق”.
ورأى في سقوط دمشق نكسة لا تقل خطراً عن نكسة 1967، بل وصفها بأنها:
“ المعركة الأخطر التي تُدار بأدوات عربية لخدمة مشروع أمريكي - صهيوني يعيد صياغة الجغرافيا والهوية من جديد ”.
وفي مصر، لم يتردد مصطفى بكري في الدفاع عن النازحين السوريين، واعتبرهم أبناء بيت واحد، لا لاجئين غرباء.
طالب بتسهيل إجراءات إقامتهم، ومعاملتهم بكرامة تليق بتاريخهم وعروبتهم، ورفض الخطاب العنصري أو التحريضي ضدهم في كل منصة ومناسبة.
لقد أدرك بكري أن سوريا ليست مجرد وطن جريح، بل درع العروبة الأمامي، وأن انهيارها يعني فتح أبواب الجحيم على الجميع.
فوقف مدافعاً لا عن نظام أو جهة، بل عن هوية عربية كادت أن تُبتلع وسط دخان الحرب.
وفي ذلك، كما في غيره، لم يُهادن، لم يُداور، ولم يصمت… لأنه يعرف أن الخيانة تبدأ حين نسكت عن جراح الشقيق.
فلسطين… الجذر الثابتفي زمنٍ تتبدّل فيه المواقف كما تتبدّل العناوين، ظلّت فلسطين عند مصطفى بكري الجذر الذي لا يُقلَع، والبوصلة التي لا تنحرف، والقضية التي لا يساوم عليها مهما اشتدّ العَرض وارتفع الثمن.
لم تكن في قاموسه “ ملفاً دبلوماسياً ” أو “ نزاعاً حدودياً ”، بل كانت أصل الحكاية ومفتاح المصير العربي كله.
منذ بداياته، اختار مصطفى بكري أن يكون في خندق المقاومة لا التفاوض، في جبهة العروبة لا التطبيع.
رفض علناً كل محاولات التسوية المسمومة، وكان من أشرس المعارضين لاتفاقيات التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بل طالب من تحت قبة البرلمان بطرد السفير الإسرائيلي، وتجميد اتفاقية كامب ديفيد، احتجاجاً على المجازر المتكررة بحق أبناء غزة والضفة والقدس.
لم تأسره شعارات الواقعية السياسية، ولم تُخدِعه لغة المصالح الجديدة، بل ظلّ يُعلن بصلابة:
“ القدس ليست للبيع، وفلسطين ليست بنداً في صفقة، بل قضية الأمة التي تُقاوِم ولو خذلتها الأنظمة ”.
وفي وجه خطة ترامب ومشاريع تصفية القضية، كان مصطفى بكري من أوائل من دقّوا ناقوس الخطر، مُذكّرًا بأن “من يتنازل عن فلسطين اليوم، سيتنازل عن نفسه غداً ”.
لم تكن مواقفه ارتجالية، بل نابعة من عقيدة راسخة بأن الكيان الصهيوني هو العدو المركزي، وأن الدفاع عن فلسطين ليس تضامناً بل دفاعٌ عن الذات، وحراسةٌ لهوية أمة بأكملها.
وحتى حين خفتت الأصوات، وباتت بعض المنصات تُطبع في السرّ والعلن، ظلّ صوته عالياً، كأنه آخر نداءٍ عربيّ يصرّ على أن لا يُرفع علمٌ فوق القدس سوى علم فلسطين.
ليبيا والعراق… الحضور الكاملفي زمن الفوضى الممنهجة التي ضربت الجغرافيا العربية، لم يكن مصطفى بكري غائباً أو متردداً، بل كان في قلب المشهد، وفي صدارة الصفوف، يقرأ ما وراء العناوين، ويفضح ما يُحاك خلف الستار.
من ليبيا إلى العراق، كان موقفه واحداً:
لا للتدخل الأجنبي، لا للتقسيم، لا لحرق الهوية تحت وهم “ الثورات المُصنّعة ”.
عن ليبيا قالها مبكراً وبكل وضوح: “ ما يحدث ليس ثورة، بل حرب شاملة على الدولة، تستهدف إسقاطها وتحويلها إلى ساحة نفوذ إقليمي ودولي ”.
هاجم الناتو بشراسة، وفضح الدور القطري والتركي في تمويل الفوضى، ورفض تبرئة أيدي من حوّلوا ليبيا من دولة مستقرة إلى ساحة صراع دموي مفتوح على كل الاحتمالات القاتلة.
أما في العراق، فقد رأى في غزوه عام 2003 بداية الانهيار الكبير للمشرق العربي، وحذّر من اليوم الأول بأن “ سقوط بغداد هو إعلان رسمي عن دخول المنطقة عصر التقسيم الناعم والطوائف المحروقة ”.
تابع باهتمام ملف الاحتلال الأميركي، وتبعاته على النسيج الاجتماعي والسياسي، ودأب على فضح دور المليشيات المدعومة خارجياً في إضعاف الدولة وتفتيت الولاء الوطني.
وكان صوته واضحاً في كل مناسبة: “ حين تضعف الدولة المركزية، تتكاثر الوحوش… وحين يغيب المشروع العربي، تتكالب المشاريع الأخرى على ما تبقى من جسد هذه الأمة ”.
لهذا دعا دوماً إلى موقف عربي موحد يعيد الاعتبار للسيادة، ويكسر منطق التبعية، ويغلق الأبواب أمام الطامعين في الجسد العربي المريض.
لم يكن ينتقد من مقعد المتفرج، بل كان يقاتل بالكلمة والوعي ليبقي على جذوة العروبة حيّة وسط الركام.
العروبة ليست تهمة.. بل شرفبالنسبة لمصطفى بكري، لم تكن العروبة شعاراً للمرحلة أو بطاقة انتماء موسمية، بل كانت عقيدة حياة، وهوية وجدانية، وبوصلة لا تتبدّل مهما تبدّلت العواصم والاتجاهات.
ظلّ يرددها في البرلمان، في الإعلام، وفي كل محفل:“ العروبة ليست تهمة نعتذر عنها… بل شرف نُحمل على أكتافنا، ووصية لا تسقط بالتقادم. ”
يؤمن أن من يخجل من عروبته أو يفرّ من واجبها، كمن يخون أهله في لحظة حصار، ويكسر السلاح في يد الجندي الأخير.
ويرى أن العروبة ليست إرثاً يُعلّق على الجدران، ولا شعاراً قديماً تهابه اللحظة المعاصرة، بل هي رسالة حيّة متجددة، تسكن الوجدان وتخترق الزمن، وتمتلك مفاتيح المستقبل إن صدق أبناؤها، واستفاقت ضمائرهم من سُبات الشتات والتخاذل.
العروبة ليست بقايا حلمٍ قديم، ولا هوية تائهة بين الركام، بل هي رسالة حيّة تتجدد مع كل طلعة نهار، وتحمل في جوهرها بذور المستقبل… إذا نهض بها أبناؤها، وأيقظوا ما نام من ضمائرهم، وآمنوا أن النور يبدأ من الداخل، لا من عواصم الوصاية والتبعية.
فالعروبة في عينيه ليست ورقة في كتب التاريخ، بل نبضٌ حي، ومشروع يقظة لأمةٍ لا تموت، بل تنتظر من يوقظها.
والعروبة، في نظره، ليست فكرةً ولا حنيناً رومانسياً… بل هوية مقاومة، وقوة ناعمة، ومشروع نهضة إذا حمله المؤمنون به على أكتافهم، لا على أطلالهم.
في خطابه، لا يتحدث عن أزمة موارد، بل عن أزمة نخبة، وأزمة وعي، وأزمة إرادة.
يقولها بمرارة العارف: “ النفط وحده لا يصنع نهضة، ولا الغاز يحمي الكرامة… وحدها العقول الحرة والقلوب المؤمنة بوحدة المصير قادرة على الانتصار ”.
فهو لا يفتّش عن الحلول في دهاليز واشنطن، ولا ينتظر النور من نوافذ باريس … بل يرى أن الخلاص يبدأ من مدن القلب، من القاهرة حين تستعيد زخمها، وبغداد حين تلمّ شتاتها، وصنعاء حين تنهض من الرماد، ودمشق حين تمسح عنها غبار الحرب والتطرف، وبغداد حين تغتسل من رماد الطائفية، والقدس حين تُعيد للعروبة قبلتها.
من هناك يبدأ الطريق… من وجوه البسطاء الذين لم يُغريهم البيع، ولم تغيرهم الهزائم، من نبض الشارع إذا أستيقظ، وكسر صمت العُمر، وقال كلمته التي لا تُشترى.
مصطفى بكري لم يحمل العروبة كشعارٍ يعلّقه في المناسبات، بل حملها كأمانة في القلب، وكمعركة لا تنتهي، وكهوية لا تقبل التأويل.
في زمن الانحناءات، بقي واقفاً…
وفي زمن التنازلات، ظلّ يقاتل لأجل أمة تستحق أن تحيا مرفوعة الرأس لا منحنية تحت أقدام المشاريع الغريبة.
شهادة للتاريخ
قد تختلف مع مصطفى بكري في بعض التفاصيل، وقد تعارضه في زوايا الرؤية، لكنك لا تستطيع أن تُنكر صلابته حين انحنى كثيرون، ووضوحه حين ساد الالتباس، ووفاءه حين عمّ الجحود.
فهو من أولئك الذين لم يبيعوا ضمائرهم عند أول منعطف، ولم يستبدلوا المبادئ بالامتيازات، ولم يرفعوا الرايات البيضاء في وجه العاصفة.
أختار المعركة الأخلاقية في عالمٍ بلا أخلاق، ووقف إلى جوار المظلوم في زمنٍ بات فيه الاصطفاف مع القوي هو القاعدة.
لم تكن مواقفه استعراضاً إعلامياً، بل التزاماً داخلياً تربّى عليه، وعهداً تاريخياً قطعه على نفسه:
أن يبقى صوت العروبة في زمن الهمس، وصدى الضمير في زمن الصمت.
وإن كانت العروبة قد خذلتها أنظمة، وأسكتتها فضائيات، وأنهكتها مشاريع التغريب والتفكيك، فإنها وجدت في مصطفى بكري من يحرسها بالكلمة، ويقاتل من أجلها بالحقيقة، ويقف باسمها في ساحاتٍ قلّ فيها الرجال وكثُر فيها المتفرجون.
إنه صوت لا يُشترى… وقلم لا يُستأجر… وموقف لا يُقايض.
لهذا، فهذه ليست مجرد تحية…
بل شهادة للتاريخ:
أن رجلاً من مصر العروبة والاباء، اسمه مصطفى بكري، ظل وفيّاً لعروبته حتى الرمق، وأبقى الباب مفتوحاً للأمل، حين أوشكت الذاكرة أن تنطفئ.
كلمة أخيرةإلى مصطفى بكري، بكل فخر وامتنان:
لم تخذل اليمنيين حين خذلهم الجميع، ولم تترك السوريين وسط العاصفة، ولم تهنَ عن فلسطين رغم كل العواصف، ولم تغب عن العرب حين غابوا.
كنت، وما زلت، شاهداً حياً للحق لا يملُّ، وصوتاً لا يُشترى، وبوصلة لا تعرف التبديل أو الانحراف.
في زمن امتلأ بالسكوت والخذلان، صدح صوتك عالياً كأنه رعد في سماء العروبة، وأحتفظ ضميرك بنبضه الحي حين جفّت قلوب الساسة والمنافقين.
لم تكن مجرد كلمة تقال، بل كانت شعلة أمل تشق ظلام اليأس، ونبراساً يهدي الذين تاهوا في متاهات السياسة والخيبات.
وإن تأخّر التاريخ في تسجيل الأبطال، فإنه لن ينسى أبداً أولئك الذين وقفوا ثابتين، عندما سقط الجميع.
والصوت الذي ظلّ واقفاً على حدود الحلم، يردّد: “ العروبة لا تُباع… ولا تموت ".
فأنت، مصطفى بكري، واحدٌ من هؤلاء الذين كتبوا اسم العروبة بحروف من نور، في صفحات لا تمحى من ذاكرة الأمة.