رأت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، أمس الجمعة، أنّ سياسة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في الشرق الأوسط تتعثر في واقعٍ فوضوي، مُشيرةً إلى أنّ الأمور في المنطقة “لا تسير على ما يرام بالنسبة للولايات المتحدة”.
وتناولت الوكالة، في تقريرها، الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضدّ اليمن، مؤكّدةً أنّها لم تمنع تصعيد الهجمات على السفن، ولافتةً إلى أنّه طالما احتدمت الحرب في قطاع غزّة، فإنّ اليمنيين سيواصلون حملتهم ضدّ سفن الشحن المتجهة إلى الكيان الصهيوني.


وقالت الوكالة، إنّ كل من تابع مقاومة أنصار الله الشديدة لسنواتٍ من الغارات الجوية السعودية، كان يجب أن يعرف أنّ الهجمات الأمريكية والبريطانية لن يكون لها تأثير يذكر.وذكّرت أنّه عندما صعد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، على المسرح في المنتدى الاقتصادي العالمي.. قائلاً إنّه سمع من جميع البلدان تقريباً “أنهم يريدوننا حاضرين، ويريدوننا على الطاولة”، كان أكثر ما لفت انتباه الكثيرين في الغرفة هو “العجز الواضح للولايات المتحدة”.
إلى ذلك قالت مجلة التايم إن الضربات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية، على اليمن ستأتي بنتائج عكسية.
وأوضح تقرير تحليلي للمجلة الأمريكية أن التاريخ يشير إلى أن الضربات كانت خطأ، و “إنهم يواصلون نمطًا من سوء فهم العالم لليمنيين والتقليل من شأنهم “
وأشار إلى أن اليمنيين استطاعوا التغلب على عقبات الجغرافيا والتكنولوجيا ، في حين ضربوا السعودية والإمارات إلى درجة أنهم كانوا على استعداد للتفاوض.
ولفت إلى أن الضربات تتجاهل أيضًا نمطًا طويلًا من القوى الخارجية التي تحاول، وتفشل، في تحقيق أهداف عسكرية في اليمن ،في إشارة إلى الحرب التي خاضها التحالف السعودي الإماراتي لنحو ثمان سنوات في اليمن .
وتحدث تقرير المجلة الأمريكية أن الغارات الأمريكية ستمنح اليمنيين نصرا سياسيا، يرفع من مكانتهم في العالم العربي بسبب إعرابهم عن تضامنهم مع حماس والفلسطينيين، في حين فشلت معظم الدول العربية في القيام بذلك.
وجاء في التقرير “الآن، واحتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على حماس، نجح اليمنيون في إخضاع الشحن العالمي بفضل إتقانهم لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار”.
وقد وقع الهجوم الأكثر تعقيدًا حتى الآن في 9 يناير/كانون الثاني، عندما أطلقوا 18 طائرة بدون طيار، وصاروخين كروز، وصاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن، اعترضته القوات الأمريكية والبريطانية”.
وبعد يومين، ردت تلك الدول بضربات جوية ضد أهداف في اليمن.
وأضافت ” بينما تسعى السعودية والإمارات ، حليفتا الولايات المتحدة، إلى الانسحاب من اليمن، جعلت الولايات المتحدة هذه المهمة أكثر صعوبة، حيث أصبح “الحوثيون” الآن أكثر جرأة وأكثر شعبية، مما يسمح لهم بإملاء الشروط على القوتين الإقليميتين العربيتين”.
وأشارت المجلة في تحليلها بالقول “من المنطقي أن ترغب القوى الغربية في إبقاء البحر الأحمر مفتوحاً أمام الشحن، فإن التاريخ اليمني يشير إلى أن القيام بعمل عسكري ضد لن يردعها، بل قد يخلق مشاكل جديدة في المستقبل”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

خطى لا تتعثر

2 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: رياض الفرطوسي

لم يكن الإصلاح في العراق رفاهية تنظيرية أو تجميلًا عابراً لمشهد اقتصادي معطوب، بل ضرورة وجودية تفرضها الجغرافيا الجريحة والتاريخ المثقل بالمحن والهدر والتردد. وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات، بدأت ملامح هذا التحول الجذري تتشكل رغم العواصف، لا بفعل أرقام تتراقص على شاشات المحللين، بل عبر إرادة تمضي بثبات وسط حقل ألغام معقد، صنعته عقود من التراجع، وأشباح التدخلات، وتقلبات الأسواق، وميراث الإنهاك الهيكلي.

ما يميز التجربة العراقية اليوم ليس ذلك الحماس المرتجل الذي يسرف في الوعود، بل صمتٌ منهجيٌّ يشتغل في العُمق، بعيداً عن ضجيج الآمال المتسرعة، مركزاً على البنية لا على السطح، وعلى الاقتصاد الكليّ لا على ترقيع قطاع هنا أو هناك. كأن الدولة قررت أن تنظر إلى جسدها كاملًا لا إلى جرحٍ منفرد في خاصرة معزولة. لم يعد الأمر يتعلق بخدمةٍ أو أزمة، بل بتحويل بنية الاقتصاد من حقلِ خيباتٍ موسمية إلى نظامٍ متناغم، يشبه في تكامله حركة أوانٍ مستطرقة: الصناعة لا تسبق الزراعة، والخدمة لا تلغي الإنتاج، والبيئة لا تنفصل عن التنمية، والدخل لا يتحرك من فراغ.

في مثل هذا التوقيت الذي تنهشه الأزمات الإقليمية والدولية، كانت التجربة العراقية تمضي رغم الرياح، لا بوصفها مغامرة فردية بل مشروعاً متكاملًا تتحرك فيه الوزارات كأعضاء جسد واحد، لا كجزر مبللة بالتقاطع والارتباك. واللافت أن هذه الخطة لا تكتفي بالتنظير، بل تبدأ من حيث ينتهي الآخرون: من الأرض، من الشارع، من الحاجات الأساسية. فالخدمات التي كثيرًا ما تحولت إلى أداة نقد سياسي مجاني، شهدت –رغم التحديات– خطوات ملموسة: مشاريع لمعالجة شبكات المياه الثقيلة في بغداد بقيمة تجاوزت 200 مليون دولار، وخطط لترميم شبكة الكهرباء وتحسين توزيعها، وحملات على الأرض لمعالجة الطفوحات المزمنة التي طالما لوثت وجه المدن وأحلام ساكنيها.

في لحظة ما، حين يتأمل المرء ما جرى ويجري، يوقن أن المأزق العراقي ليس سياسياً كما يبدو، بل فكري في الجوهر. السياسة ليست سوى القشرة الظاهرة لأزمةٍ أعمق، تتعلق بطريقة فهمنا للزمن، للتاريخ، للذات، للمصلحة. وبلا قطيعة معرفية مع الماضي لن نتحرك نحو المستقبل. والقطيعة هنا لا تعني الانفصال عن الذاكرة، بل التصفية: أن نأخذ ما نحتاجه ونترك ما يثقلنا ويمنعنا من التقدم. فما زال في وعينا الكثير من الأصنام الفكرية، التي تحرسها شعارات عاطفية وتقاليد جامدة، تعرقل الإصلاح وتعيق كل محاولة جدية للتغيير.

لا أحد ينكر أن الطريق ما زال طويلًا، وأن في زوايا الوطن ما زالت تتنفس بؤساً قديماً عمره من عمر الإهمال والتسييس. لكن ليس من الإنصاف تحويل هذا الألم إلى ذريعة لنفي ما تحقق، ولا جعله مطية لتقويض الثقة أو هدم ما يُبنى لبنةً لبنة. الإصلاح لا يولد في ليلة، ولا يحصد ثماره من دون صبرٍ ومتابعة وإصرار. وما تشهده البلاد من تفعيل لدور القطاع الخاص، ومن تحولات في الرؤية التنموية، ومن إعادة تموضع تدريجي للاقتصاد العراقي في خارطة المنطقة، ليس تفصيلًا عابراً، بل لحظة تأسيسية قد لا تتكرر.

الغريب أن من يشككون في هذه التحولات هم أول من يردد آهات المعاناة، كأنهم لا يريدون للأمل أن يمر من أمامهم دون أن يصفعوه. يطالبون بالحلول السريعة في وطن أنهكته المعاول قبل أن يمسك بزمام الإعمار، ويستنكرون التأخير في إصلاح أعطاب عمرها خمسون عاماً، كأنهم اكتشفوا اليوم فقط معنى الزمن. لكن الإصلاح لا يخص الحكومة وحدها، بل المواطن أيضاً حين يفهم أن التغيير لا تصنعه النوايا الغاضبة بل الشراكة الواعية.

إن ما تشهده البلاد اليوم ليس تجميلًا للمشهد، بل عملية نهوض شاقة، يشارك فيها من قرر أن يزرع بدل أن يلعن، وأن يعمل بدل أن يتفرج. قد تكون الخطى بطيئة أحياناً، لكنها لا تتعثر، وقد لا يشعر الجميع بما يجري في العمق، لكن هذا لا يعني أن الجذور لا تنمو. في العراق، تُكتب اليوم قصة مختلفة، تكتبها لغة الاقتصاد، وتحرسها عيون المتخصصين، ويصيغها من أيقنوا أن إعادة بناء وطن لا تبدأ من الحلم فقط، بل من الجرأة على تنفيذه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • خطى لا تتعثر
  • لماذا فشل الكيان بتحييد جبهة اليمن
  • السلطات الأمريكية تكشف عن جنسية منفذ الهجوم على مسيرة دعم إسرائيل
  • وحدت اليمنيين وسلطت الضوء على الأوضاع الراهنة.. ثورة النساء في اليمن الدلالات والرسائل (تحليل)
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • مجزرة مروعة برفح.. الاحتلال يقتل أكثر من 20 فلسطينيا قرب موقع للشركة الأمريكية
  • الصين تحذّر الولايات المتحدة من «اللعب بالنار» بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي
  • صحيفة بريطانية: الضربات اليمنية أجبرت واشنطن ولندن على الانسحاب وترك “إسرائيل” تواجه مصيرها منفردة
  • تأثير الفريسة.. لماذا بعض العناكب أكثر سمّية من غيرها؟