الوطن:
2025-05-23@09:07:55 GMT

د. محمد عبود يكتب: يسألونك عن التهجير!

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

د. محمد عبود يكتب: يسألونك عن التهجير!

الزمان الأربعاء 2 يناير 2019، المكان شاشة القناة 14 الإسرائيلية، جلس وزير الأمن الداخلى الأسبق، «أفيجدور كهلانى»، مرتدياً ثياب الواعظين، وقال: «غزة قنبلة سكانية على وشك الانفجار، وكل ما أتمناه أن تنفجر فى اتجاه مصر»!

عبَّر «كهلانى» فى هذا اللقاء عن اتجاه تتسع رقعته فى أوساط اليمين الإسرائيلى ينادى بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة قسرياً أو طوعياً، والتخلص من «لعنة غزة» واحتلال أراض جديدة تسد احتياجات إسرائيل الديموغرافية والأمنية والاقتصادية!

لم تظهر فكرة التهجير فجأة فى الخطاب الإسرائيلى بعد «طوفان الأقصى»، لكن للفكرة جذور قديمة ينبغى الانتباه إليها، ففى عام 1904 طالب القيادى الصهيونى «يسرائيل زانجويل» بطرد العرب من فلسطين لتكون أرضاً بلا شعب، لشعب بلا أرض! وأيد البارون «دى روتشيلد» الدعوة، وأعلن عن استعداده لدفع الأموال للفلسطينيين لكى يهاجروا.

وعام 1937 كتب المنظر «زئيف جابوتينسكى»: «لو وافق الفلسطينيون على الهجرة الطوعية، فلن نأسى على ذلك»! وفى العام نفسه، أكد «بن جوريون» أنه وافق على تقرير لجنة «بيل» البريطانية للتحقيق فى أحداث الثورة العربية بسبب توصية التقرير بترحيل آلاف الفلسطينيين خارج حدود «الدولة اليهودية» المقترحة»!

وظلت جريمة التهجير القسرى تراود بن جوريون حتى صار أول رئيس وزراء لإسرائيل، وسعى لتنفيذها عبر مجازر شهيرة رافقت حرب 1948 مثل: دير ياسين واللد والرملة والطنطورة. ويرفض الأرشيف الإسرائيلى حتى اليوم الإفراج عن وثائق حكومية وقعها «بن جوريون» تأمر القوات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين عبر عمليات ترويع وإبادة جماعية واغتصاب للنساء، وجرائم يندى لها الجبين.

وما زالت المؤسسات الإسرائيلية تنكل بالمؤرخين الجدد الذين يسعون للحصول على هذه الوثائق، وإعادة كتابة تاريخ النكبة.

بمرور السنين، وضع اليسار الإسرائيلى جرائم التهجير القسرى التى نفذها «بن جوريون» فى خانة المسكوت عنه، وتضاءلت دعوات التهجير فى الخطاب العام، وصارت حلماً يراود أوساط اليمين الاستيطانى على فترات.

ويظهر فى برامج أحزاب متطرفة مثل حزب «كاخ» بقيادة الإرهابى مئير كاهانا فى الـ80، وأحزاب يمينية ظهرت واختفت دون أثر يُذكر، أهمها حزب «الاتحاد القومى» بقيادة وزير السياحة الأسبق «رحبعام زئيفى» الذى دعا علانية لجريمة التهجير. وواجه هجوماً حاداً من اليسار، فكان رده: «إذا كان التهجير عملاً غير أخلاقى، فإن الصهيونية حركة غير أخلاقية لأنها نشأت وأسّست دولتها عبر تهجير قسرى شامل»!

اُغتيل رحبعام زئيفى عام 2001، وواجه اليسار الإسرائيلى دعوات التهجير بخمسة مخاوف رئيسية، هى: التشكك فى نجاح المخطط لتمسك الفلسطينيين بأراضيهم، الخوف من اتهام الرأى العام الغربى لإسرائيل بممارسة التطهير العرقى، تزايد عداء الرأى العام العربى لإسرائيل، اتهام دوائر غربية لإسرائيل بإغراق دولهم بالنازحين العرب، اعتداء النازحين العرب على المصالح الإسرائيلية فى الغرب.

ورغم أهمية هذه المخاوف ومنطقيتها، تسببت عملية «طوفان الأقصى» فى تحريك دعوات التهجير من الهامش إلى المتن فى إسرائيل. وراحت تتردد على ألسنة عسكريين ووزراء، وأعضاء كنيست، ونشطاء ومفكرين.

وهم يطرحون خمسة أسباب لتبنى المخطط: حل أزمة إسرائيل الديموغرافية دون الاضطرار لإقامة دولة فلسطينية، تحويل إسرائيل لدولة يهودية متجانسة، التخلص من فلسطينيى 48 باعتبارهم طابوراً خامساً، توفير الشقق للشباب الإسرائيلى بعد نزوح الفلسطينيين من ديارهم، تخفيض الميزانيات العسكرية والأمنية وإنعاش الاقتصاد الإسرائيلى!

هذه الأفكار العبثية التى كانت تُواجه باعتراضات القوى اليسارية، وسخرية الإعلام، ومسارعة الحكومة بالنفى والاستنكار، صارت بعد السابع من أكتوبر تُعرض على الشاشات، وتنشر فى الصحف، وتُناقش فى الإذاعات بحجة الغضب والانتقام من الزلزال الذى ضرب إسرائيل فى السابع من أكتوبر.

والحقيقة دون مبالغة أن هذه الدعوات الإجرامية والشهوة التوسعية لم يلجمها سوى الموقف الرسمى والشعبى المصرى الرافض لجريمة التهجير بكل أشكالها، والمشِّدد على إقامة دولة فلسطينية فى حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ولن يقف فى وجهها سوى تحركات الدولة المصرية الرامية لخلق اصطفاف دولى وعربى وإقليمى ضد تصفية القضية الفلسطينية، وضد جريمة التهجير سواء قسرياً أو طوعياً.

هذه التحركات المصرية تعزز التماسك الفلسطينى وتشبث الغزاويين بتراب أراضيهم، وتؤثِّر فى الدوائر الإسرائيلية المعتدلة التى ستدرك، بمرور الوقت، أن دعوات التهجير هى أذى يُنذر بفتح جبهات جديدة بخلاف مستنقع غزة.

أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل غزة التهجير دعوات التهجیر بن جوریون

إقرأ أيضاً:

معلومات مفاجئة عن هجمات لم تعلن من قبل يكشفها وزير خارجية إسرائيل بعد مقتل موظفين بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن

(CNN)-- قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إنه "قلق للغاية" من المزيد من الهجمات على البعثات الدبلوماسية حول العالم في أعقاب مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية، واشنطن، الأربعاء.

وقال ساعر، متحدثًا في مؤتمر صحفي بالقدس، الخميس: "كنت قلقًا طوال الأشهر القليلة الماضية من حدوث شيء كهذا، وقد حدث بالفعل، وقد ازدادت بالفعل قائمة أفراد الخدمة الخارجية الذين سقطوا اليوم"، كاشفا أن هناك عددًا من الهجمات ومحاولات الهجوم على البعثات الإسرائيلية حول العالم، والتي يقول إنه لم يتم الإبلاغ عن الكثير منها.

وأوضح ساعر في رد على سؤال من شبكة CNN: "لا يمر أسبوع دون هجوم إرهابي أو محاولة هجوم إرهابي حول العالم، وعادةً ما يكون هناك أكثر من هجوم واحد".

وتابع ساعر أنه تحدث مع والد أحد الضحايا، يارون ليشينسكي، في وقت سابق، الخميس، لافتا بالقول: "أخبرته أن ابنه كان محاربًا على جبهتنا الدبلوماسية، وسقط تمامًا كجندي في ساحة المعركة".

ومضى بالقول إنه كان على تواصل مع السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، وسفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر.

ويذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن، الخميس، أنه أمر بتعزيز الأمن في البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية حول العالم عقب هجوم الأربعاء.

مقالات مشابهة

  • محمد صبيح يكتب: من الحقل إلى السيادة.. القمح الرقمي في مواجهة هيمنة الدولار
  • محمد دياب يكتب: «العدالة المهدورة» بين قضاة ومحامى الفيسبوك
  • الأورومتوسطي .. إسرائيل تهندس التهجير والتجويع لتنفيذ خطة طرد الفلسطينيين جماعيًّا من غزة
  • معلومات مفاجئة عن هجمات لم تعلن من قبل يكشفها وزير خارجية إسرائيل بعد مقتل موظفين بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن
  • بوستيكوجلو يكتب التاريخ ويؤكد نجاح «قاعدة العام الثاني»
  • أوروبا تحذر إسرائيل من تجويع الفلسطينيين بعد 20 شهرا من الحرب
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو كاذب ويقود إسرائيل نحو احتلال طويل لغزة
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة إلى 53 ألفا و655 شهيدا
  • مرصد منظمة التعاون الإسلامي يسجّل تزايد جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الأسبوع الماضي
  • الكشف عن حقيقة زواج وائل كفوري سرًا من شانا عبود