مونيكا ويليام تكتب: الانتخابات الرئاسية والتوجهات الاستراتيجية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
قد أجريت الانتخابات الرئاسية المصرية في سياق تصدرت فيه التهديدات الاستراتيجية والامنية وخاصة الازمة الفلسطينية التي طغت على المشهد الانتخابي في مصر، ولذلك اقتضت العملية الانتخابية مجموعة من الإجراءات الدقيقة والمختلفة نوعا ما، سواء اثناء العملية الانتخابية ذاتها والمكتسبات السياسية المنبثقة منها أو فيما بعدها حتى اصدار "وثيقة استراتيجية للاقتصاد المصري" تتضمن أبرز الملفات المطروحة على طاولة السيد الرئيس والمنُطلقة بالأساس من التحديات الراهنة وخاصة الاقتصادية منها.
لذا سيتناول المقال تحليلا شاملا لـ (4) اتجاهات جديدة غير معهودة في المشهد السياسي الانتخابي في مصر والتي تتمثل في الآتي :-
فيتمثل الاتجاه الأول في التعاون الواضح بين معظم أجهزة ومؤسسات الدولة سواء الرسمية وغير الرسمية، مع الإدراك الملحوظ لدى المواطن، والأهم توافر الإرادة السياسية، وهو ما أدى إلى اتجاه إرادة الناخبين وتوافقهم على أن هذه المرحلة تحتاج إلى رئيس قوي يمكنه التعامل مع المخاطر التي تدور على الحدود المصرية وهو ما يفسر الإقبال الشديد من قبل المواطنين على غير المتوقع.
لعل مع تمحيص المشهد السياسي والانتخابي في مصر، تتبلور في عدة معطيات أهمها نسبة المشاركة السياسية في هذا الاستحقاق، فوفقاً لبيانات الهيئة الوطنية للانتخابات فإن عدد المسجلين فى قاعدة بيانات الناخبين بلغ نحو 67 مليونا و32 ألفا و438 مواطنا، أدلى منهم نحو 44 مليونا و777 ألفا و668 ناخبا بصوته فى صناديق الاقتراع، بنسبة مشاركة بلغت 66.8%، وهو الامر الذي يعكس نجاح كافة مؤسسات الدولة الرسمية، وغير الرسمية عبر دوائر الأحزاب والنقابات فى الاصطفاف والحشد الوطني من أجل المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري.
أما البادرة الثانية ، فتتمثل في الزخم والحراك السياسي الخاص باختلاف وتباين الخلفيات الحزبية والأيدلوجية للمرشحين فيعقب الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدد الأصوات التي حصل عليها، المرشح الرئاسي حازم عمر الذي حصل على مليون و986 ألفا و352 صوتا، أي بنسبة تقترب من 4.5%، ويعد الرئيس الحالي لحزب الشعب الجمهوري، وعضو بمجلس الشيوخ بالتعيين.
يليه المرشح فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي في المرتبة الثالثة، والذي حصل على مليون و776 ألفا و952 صوتا بنسبة 4%، ليأتي بعده المرشح عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد فى المركز الرابع بـ 822 ألفا و606 أصوات، بنسبة بلغت 1.9%.
وبتحليل المعطي المشار إليه بعاليه ، يتبين أن هيكلة الحياة الحزبية التي تمت خلال الأعوام الماضية ساهمت في اصطفاف الأحزاب السياسية إما في السياق السياسي العام، أو في إطار المعارضة على النحو يثري التعددية والتنوع في المشهد السياسي المصري وهو ما وضح جلياً فى الدفع بمرشحيها وتصدير كوادرها السياسية وكان ذلك نتاج قدرة الأحزاب علي توفيق أوضاعها سواء على المستوى الداخلي خلال مجموعة من السياسات الهيكلية والتنظيمية، أو على المستوى الخارجي ، وهو الامر الذي ساهم في تحقيق الانتعاشة السياسية.
اما البادرة الثالثة، وضُحت فى استقبال الرئيس السيسي لمنافسيه الثلاثة الآخرين الذين خاضوا أمامه انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، وذلك بعد يوم واحد من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية.
اما الاتجاه الرابع المتعلق بإصدار "وثيقة استراتيجية للاقتصاد المصري للفترة الرئاسية 2024-2030"، فإذا أردنا تحليل المشهد فيما بعد الانتخابات الرئاسية، فهناك عدد من القضايا والملفات محل الاهتمام وذات الأولوية على طاولة الرئيس السيسي، والمنطلقة بالأساس من التحديات الراهنة وخاصة الاقتصادية وعلي سبيل المثال لا حصر ازمة النقد الأجنبي وتراجع معدلات النمو ومعدلات التشغيل وارتفاع الأسعار والتضخم، وهي ذاتها المصُاغة في الوثيقة المشار إليها والتي تم اطلاقها حديثاً، لبيان مسارات تحرك الدولة خلال الستة سنوات الرئاسية المقبلة.
ومع الرجوع للتجارب الدولية، هناك العديد من الأمثلة الناجحة في إطلاق برامج للتحرك بمستهدفات قياسية واضحة بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية، وفيما يلي بعض الأمثلة:
1. خطة "نيو ديل" - الولايات المتحدة الأمريكية: في عام 1933، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، قام الرئيس فرانكلين روزفلت بتنفيذ خطة "نيو ديل" للخروج من الأزمة الاقتصادية العظمى. تضمنت الخطة إصلاحات قوية للنظام المصرفي والتأمين الاجتماعي وإطلاق برامج لخلق فرص العمل وتعزيز البنية التحتية. نجحت هذه الخطة في إحداث تحسن ملحوظ في الاقتصاد الأمريكي وتقليص معدلات البطالة، وأيضا برنامج "فيجاس" في الولايات المتحدة والذي تم إطلاقه عام 2009، وذلك بعد فوز الرئيس باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية، حيث يهدف البرنامج إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي من خلال استثمارات في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة والرعاية الصحية، وقد حقق البرنامج نجاحًا في تعزيز التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة.
2. خطة "مانهاتن" - ألمانيا: في عام 2005، بعد الفوز في الانتخابات العامة، قامت المستشار الألماني أنجيلا ميركل بتنفيذ خطة "مانهاتن" لتحقيق الاستدامة البيئية والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة. تضمنت الخطة إجراءات لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة وتنمية صناعة الطاقة الشمسية والرياح، نجحت هذه الخطة في تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق تقدم كبير في مجال الطاقة المتجددة.
3. خطة "نيوزيلندا عام 2011"، والتي تم إطلاقها بعد الانتخابات الرئاسية حيث قامت حكومة نيوزيلندا بتنفيذ خطة شاملة لتعزيز الاقتصاد وتحسين الرفاهية. فقد تضمنت الخطة تخفيض الضرائب وتعزيز الاستثمار وتحسين البنية التحتية وتعزيز فرص العمل وتعزيز الابتكار. نجحت هذه الخطة في تحقيق نمو اقتصادي قوي وتحسين مستوى المعيشة في نيوزيلندا.
4. برنامج "سينغابور 2030" في سنغافورة: حيث أعلنت سنغافورة عن هذا البرنامج بعد الانتخابات الرئاسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الابتكار والتنافسية، يركز البرنامج على قطاعات مثل التكنولوجيا والتعليم والصحة والسياحة والبيئة، وقد حقق البرنامج نجاحًا في تعزيز اقتصاد سنغافورة ورفاهية مواطنيها، وكذا خطة "سنغافورة 2065" ، قامت حكومة سنغافورة بتنفيذ خطة طموحة تُعرف باسم "سنغافورة 2065" بهدف تطوير سنغافورة وتحقيق استدامة طويلة الأمد. تتضمن الخطة تحويل سنغافورة إلى مدينة ذكية ومستدامة، وتعزيز التنوع الاقتصادي وتعزيز التعليم والابتكار، وهدفت هذه الخطة إلى تأمين مستقبل مزدهر لسنغافورة وتحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية.
هذه الاتجاهات جديدة غير مسبوقة بمصر جميعها عوامل أسهمت فى تخطى مصر المشهد الانتخابي، والخروج بمجموعة من المكتسبات الوطنية والسياسية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة فی الانتخابات بتنفیذ خطة هذه الخطة
إقرأ أيضاً:
آية عبد العزيز تكتب: فيلم " أحمد وأحمد" عودة حميدة للأحمدين
أقيم أمس العرض الخاص لفيلم “ أحمد وأحمد” بأحد المولات بمنطقة أكتوبر بحضور أبطاله تمهيدا لعرضه اليوم في دور العرض السينمائية بعد شهورا من التحضير والتنفيذ تحت قيادة المخرج أحمد نادر جلال
يُعد توقيت طرح فيلم "أحمد وأحمد" أحد أبرز نقاط قوته، إذ جاء في وقت مناسب، بعيدًا عن منافسة مباشرة مع أعمال جماهيرية أخرى عرضت قبل موسم عيد الأضحى بأيام، واستمرت في شباك المنافسة بمفردها وهي "المشروع إكس" و"ريستارت"، مما أتاح له فرصة الظهور والتألق.
وقد أحسن صنّاع العمل استغلال الظروف الفنية لكل من أحمد السقا وأحمد فهمي، فقدموا كيمياء فنية هادئة ومتزنة بين نجمين يمتلك كلٌّ منهما تاريخًا فنيًا وخبرة مختلفة وكل منهما يتمنى العودة لما يحبه.
القصة الرئيسية والعلاقة المحورية
تدور أحداث الفيلم في إطار أكشن كوميدي حول شاب يرتبط بعلاقة قوية مع خاله، الذي يختفي فجأة، ثم يظهر فاقدًا للذاكرة، فينخرطان سويًا في سلسلة من المواقف المعقدة والمفارقات الكوميدية، سبق وقد شاهدنا تيمة "الخال وابن الأخت" في فيلم "البدلة"، إلا أن الاختلاف هنا في التفاصيل، إلى جانب فارق السن بين النجمين، جعل هذة الثيمة ملائمة جدًا ومقنعة في هذا السياق.
الأداء التمثيلي:
أحمد السقا: قدّم أداءً قويًا في مشاهد الأكشن التي تميز بها، وتم تنفيذها بحرفية عالية.
ورغم قلة الجمل الحوارية في دوره، فإن ذلك لم يُعد نقطة ضعف، بل جاء كخيار واعٍ لتجنب التكرار أو الابتذال. ومع ذلك، شعرتُ بأن جرعة الأكشن في الربع الأول من الفيلم كانت مبالغًا فيها، وكادت أن تطغى على الطابع الكوميدي، لكن لا يمكن إنكار جودة تنفيذ هذه المشاهد، خاصة مشهد المطاردة الطويل، الذي أخرجه أحمد نادر جلال ببراعة، وشهد مشاركة فنانة مغمورة أدّت دور "المرأة التي تتعلم القيادة"، وقد كانت لافتة للنظر ومليئة بالحيوية.
أحمد فهمي: ظهر في حالة ارتياح فني وثقة من دوره في هذا الفيلم، وظهر بانسجام واضح مع أحمد السقا، مما أضفى على الأداء طابعًا سلسًا وخفيفًا.
ورغم أن الحوار كان متمركزًا لديه، فإنه قدّمه دون مبالغة، وتمكن من الإضحاك دون افتعال وأظن أن غيابه عن وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية جاء في إطار تركيزه على عمله الفني.
جيهان الشماشرجي: رغم أن الدور لم يتضمن مساحة كبيرة للتمثيل، فإن حضورها كان لطيفًا وملائمًا، ووجهها له جاذبية واضحة أمام الكاميرا.
ضيوف الشرف:
غادة عبد الرازق: كان ظهورها هو الأضعف، إذ لم يُستثمر دورها كما ينبغي، رغم أن شخصية “ زوزو” التي تقدمها في هذا العمل والتي هي جزء أصيل من ماضي البطل الذي كان متزوج منها قبل فقدانه للذاكرة، كان من الممكن أن يخرج منه مساحات تمثيلية قوية وإيفهات عالية تضيف للفيلم وتظهرها بشكل مختلف.
حاتم صلاح وأحمد عبد الوهاب: شكّلا مفاجأة كوميدية حقيقية في الفيلم. ودائما ما يثبتوا أنهم قادرين على إخراج الكوميديا، حيث قدما أداءً تلقائيًا وحيويًا، وأثبتا جدارتهما الكاملة.
طارق لطفي: رغم أهمية دوره في السياق الدرامي، شعرت أن الشخصية لا تتناسب كثيرًا مع طبيعته كممثل، ولم يترك الأثر المتوقع.
أما باقي ضيوف الشرف، فلم يكن لهم تأثير كبير يستحق التوقف عنده في رأيي.
نقطة تساؤل:
الفيلم هو التجربة الأولى في الكتابة لكل من أحمد درويش ومحمد عبد الله، وقد أثار فضولي وجود شخصين تولوا فكرة الإشراف عام الكتابة رغم أنهم كتاب مبتدئين في الأساس، واللذين ظهرا أيضًا كممثلين ضمن الفيلم. لست على يقين هل أكانت هذه نقطة إيجابية أم سلبية في السيناريو لكنه كان لافتًا للإنتباه.
إذا كنت تبحث عن فيلم خفيف وممتع، يجمع بين الأكشن والكوميديا، ويقدّم تناغمًا بين نجمين بحجم أحمد السقا وأحمد فهمي في أول تعاون سينمائي بينهما، فـ "أحمد وأحمد" خيار موفق. الفيلم مسلٍّ، سريع الإيقاع، ويمنح المشاهد جرعة من الضحك والمتعة دون ابتذال أو ملل.