مندوب فلسطين بالجامعة العربية: هدف إسرائيل الأساسي هو تهجير شعبنا
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
أكد مندوب دولة فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك، أن اجتماع مجلس جامعة الدولة العربية اليوم على مستوى المندوبين الدائمين يأتي في اليوم الثامن بعد المئة من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، قائلا: نجتمع هنا ونكاد نسمع صراخهم، على مسافة هوائية تبلغ 328 كم فقط من القاعة التي نجلس فيها.
وقال العكلوك خلال كلمته في اعمال الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، إن إسرائيل، لم تعد قوة الاحتلال غير القانوني فقط، ولا نظام الفصل العنصري (أبارتايد) فقط، لكنها أضافت لتاريخها الحافل بالجرائم مرحلة دموية جديدة، وهي جريمة الإبادة الجماعية عن سابق نية وقصد وإصرار، وأنه على مدى 108 أيام، أبادت إسرائيل 25 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 62 ألف، وخلفت تحت أنقاض البيوت التي دمرتها أكثر من 7 آلف مفقود، 70% من ضحايا الإبادة الجماعية في غزة هم من الأطفال والنساء.
وتابع أن إسرائيل ذبحت 11 ألف طفل فلسطيني بريئ، بعد أن أعلن رئيس حكومتها أن المعركة بين أبناء النور وأبناء الظلام، وبين الإنسانية وقانون الغاب، وبين الحضارة والبربرية، واصفاً الفلسطينين مرة بالوحوش، ومرة بالعماليق الذين يجب أن يُقضى على رجالهم ونسائهم وأطفالهم الرضّع ومزارعهم وحيواناتهم، مستجلباً دوافع عقائدية لحربه على الشعب الفلسطيني. وقال الرئيس الإسرائيلي أنه لا يوجد مدنيون في غزة، وأن جيشه سيقاتل حتى يكسر ظهر غزة. وقال وزير العدوان الإسرائيلي أنه يحارب حيوانات بشرية ويتعامل معهم على هذا الأساس، وأعلن منذ أكثر من مئة يوم، قطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء والوقود عن غزة.
واشار الى ان تلك حلقات معدودة من مسلسل خطاب الإبادة الجماعية الذي جاهر به المسؤولون الإسرائيليون معلنين للملأ أنهم يبيدون غزة، وقام جيش الاحتلال بإسقاط أكثر من 65 ألف طن من المتفجرات على غزة، مستهدفاً التدمير المنهجي للأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبينة التحتية، مؤكدا أن جيش العدو الإسرائيلي دمر في غزة كلياً أو جزئياً: أكثر من 360 ألف بيت، و233 مستشفى ومركز صحي، و400 مدرسة، ومثلها من المساجد التي يُذكر فيها اسم الله. في غزة اليوم 60 ألف إمرأة حامل، معرضة لخطر الموت قبل أو بعد أو أثناء الولادة، بسبب تدمير كل أسباب الحياة وانتشار الأمراض المعدية هناك.
وأوضح أن الهدف الإسرائيلي الأول ليس القضاء على المقاومة في غزة، ولكن تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، والحد من تفوقه الديمغرافي في أرض فلسطين التاريخية، وهذا هدف واضح في كل السياسات والجرائم الإسرائيلية التي عملت على نحو ممنهج لتحويل غزة إلى أرض محروقة، ومكان غير قابل للحياة البشرية بالمطلق، ولم يبدأ ذلك في 7 أكتوبر 2023 ولكنه امتد لسنوات طويلة من الحصار منذ عام 2007، وقد حذرت الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة مرات عديدة بأن السياسات والممارسات الإسرائيلية جعلت غزة مكاناً غير قابل للحياة البشرية.
واشار الى أن الهدف الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، يعتبر هدفاً حيوياً لإسرائيل الصهيونية التي وضعت أهدافاً إستراتيجية ثلاثة لوجودها: أن تبقى يهودية القومية، وأن تستحوذ أكبر مساحة ممكنة من الأرض، وأن تكون نظاماً ديمقراطياً. ويقول أحد علماء الدميغرافيا، الإسرائيلي سيرجيو ديلابرجولا، أنه يمكن تحقيق أي اثنين من هذه الأهداف وليس الثلاثة معاً، فإذا كانت إسرائيل ستبقى يهودية وتحتفظ بالمساحة القصوى، فلا يمكنها أن تكون دميقراطية (معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية – ماس). لذلك فإن الحلم الصهيوني الذي مازال يراود إسرائيل هو تهجير الشعب الفلسطيني، حتى يمكن تحقيق الأهداف الثالثة معاً.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
النرويج التي أصبحت غنية أكثر من اللازم.. حين يتحول الازدهار إلى عبء
في عام 1969 كانت النرويج على وشك أن تفوّت فرصة تغيير مصيرها الاقتصادي، حينها قررت شركة "فيليبس بتروليوم" حفر بئر أخيرة في الجرف القاري النرويجي قبل الانسحاب من المشروع، لتكتشف حقلا نفطيا غيّر تاريخ البلاد إلى الأبد.
منذ ذلك اليوم بدأت رحلة النرويج نحو التحول إلى واحدة من أغنى دول العالم، ومن رحم تلك الثروة وُلد الصندوق السيادي النرويجي الذي تديره الدولة، ويعد اليوم الأكبر عالميا، بإجمالي أصول تقارب التريليوني دولار، أي ما يعادل 340 ألف دولار لكل مواطن نرويجي، وفق تقرير أوردته وكالة بلومبيرغ.
ولسنوات طويلة، بدا أن البلاد وجدت معادلتها الذهبية: اقتصاد مزدهر، بطالة شبه معدومة، دين حكومي منخفض، ونظام رفاه اجتماعي من بين الأوسع في العالم.
لكن، في الأعوام الأخيرة بدأت الأسئلة تتصاعد بصوت أعلى: هل يمكن لثراء مفرط أن يُفسد حيوية أمة؟ هل تجعل الموارد الغزيرة الشعوب أقل إنتاجية وأكثر اتكالا وأقل حافزية للتطور؟
هذه الأسئلة لم تبق مجرد همسات اقتصادية، بل وجدت صداها في كتاب مثير للجدل صدر مطلع هذا العام بعنوان "الدولة التي أصبحت غنية أكثر من اللازم" لمارتن بيك هولته الخبير الاقتصادي والمستشار السابق في "ماكينزي".
بيع من الكتاب أكثر من 56 ألف نسخة، وأصبح مادة نقاش رئيسية في الجامعات والمؤتمرات ومصدر جدل واسع في وسائل الإعلام.
يرى هولته أن "النرويج كان ينبغي أن تكون مغناطيسا للفرص والمواهب، لكنها اليوم عكس ذلك تماما"، مضيفا أن انعدام الطموح القومي سببه المباشر هو صندوق النفط.
هولته لا يهاجم الثروة ذاتها، بل طريقة إدارتها، والتي يراها تُنتج اقتصادا كسولا ومجتمعا استهلاكيا ومؤسسات مشبعة بالمال لكنها فاقدة للرؤية.
مشاريع متضخمة ونظام ضريبي طارد
من الأمثلة التي يسوقها هولته في كتابه مشاريع البنية التحتية المتضخمة التي لا تحقق قيمة حقيقية، مثل مشروع مترو يربط شبه جزيرة على أطراف أوسلو تجاوز ميزانيته الأصلية بـ6 أضعاف، أو مشاريع التقاط الكربون التي تكلف مليارات الدولارات دون ضمان جدوى تجارية، مثل مشروع "نورذرن لايتس".
إعلانكما يشير إلى أن السياسات الضريبية تشجع الاقتراض الاستهلاكي بدلا من الادخار، مما أوصل معدل الدين الأسري إلى 220% من الدخل السنوي، وهو الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية.
ورغم كل هذه المؤشرات المقلقة فإن النقد الذي يتعرض له هولته لا يقل حدة عن انتقاداته، فالرئيس السابق للبنك المركزي النرويجي أويستين أولسن اتهمه بالمبالغة وتجاهل العوامل الخارجية التي تؤثر على اقتصاد بلد صغير مثل النرويج.
لكن اقتصاديين آخرين مثل إسبن هنريكسن رأوا أنه رغم بعض الهفوات الرقمية في الكتاب فإنه يلامس قلقا حقيقيا في وجدان النرويجيين "ربما كان العنوان الأنسب للكتاب هو: الدولة التي كان يجب أن تكون أغنى مما هي عليه"، كما كتب هنريكسن في مقال رأي.
ورغم إنفاق النرويج أكثر من 20 ألف دولار سنويا على كل طالب -وهو أعلى معدل في العالم بعد لوكسمبورغ- فإن نتائج اختبارات الطلاب النرويجيين تشهد تراجعا مستمرا، فبين عامي 2015 و2022 تراجعت نتائج طلاب الثانوية في الرياضيات والعلوم والقراءة.
وذهبت زعيمة المعارضة إرنا سولبرغ إلى القول إن البلاد "على شفير كارثة في العلوم الطبيعية".
ولا يتوقف الأمر عند التعليم، النرويجيون يحصلون على إجازات مرضية بمعدل 27.5 يوما في السنة للفرد، وهي النسبة الأعلى في الدول المتقدمة، والدولة تدفع رواتب كاملة خلال الإجازات المرضية حتى 12 شهرا، وهو ما وصفه صندوق النقد الدولي بأنه "نظام مكلف ومشوه"، وهذه السياسات تكلف الدولة نحو 8% من ناتجها المحلي، 4 أضعاف متوسط الإنفاق في الدول المماثلة.
والأخطر -وفق الخبراء- هو التباطؤ المستمر في نمو الإنتاجية، والذي يجعل النرويج تسجل أدنى معدلات نمو في هذا المؤشر بين الدول الغنية خلال العقدين الماضيين، ويبدو أن الابتكار أيضا بدأ يخبو.
فمنذ جائحة "كوفيد-19" انخفضت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير، ووفقا لتقرير صادر عن الجمعية النرويجية لرأس المال الاستثماري فإن عدد المشاريع الناشئة التي حصلت على تمويل أولي عام 2024 هو الأدنى على الإطلاق.
وفي ظل هذه المؤشرات بدأت بعض رؤوس الأموال تهاجر، وقد غادر عدد من أثرياء النرويج البلاد نحو سويسرا هربا من النظام الضريبي الذي يعتبرونه عقابا للنجاح.
وعبّر بال رينغهولم مدير الاستثمار في مؤسسة "فورمو" عن ذلك بقوله "اخترنا نموذجا لا يُلهم الاستثمار رغم أننا نعيش في واحدة من أغنى دول العالم".
ومع أن إنتاج النفط والغاز بلغ ذروته قبل 20 عاما فإن الحرب في أوكرانيا أعادت الروح إلى هذا القطاع، خصوصا مع ارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز.
وحاليا، يشكل قطاع النفط والغاز 21% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه أكثر من 200 ألف نرويجي، لكن هذا الازدهار مهدد على المدى البعيد مع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مما يثير تساؤلات بشأن قدرة الاقتصاد النرويجي على التكيف في عالم ما بعد النفط.
إعلانفي العمق، يشير بعض الاقتصاديين مثل هيلدي بيورنلاند إلى أن النرويج تعاني من "نسخة هادئة من مرض هولندا"، حيث تؤدي الثروة الطبيعية إلى تضخم داخلي يضعف القدرة التنافسية للصناعات الأخرى.
ورغم أن الصندوق السيادي وُضع أصلا لتفادي هذا السيناريو -عبر توجيه الفوائض نحو استثمارات خارجية ومنع تسربها إلى السوق المحلي- فإن النمو الضخم في قيمته منذ عام 2012 سمح للحكومات بسحب ما يصل إلى 20% من الميزانية السنوية من عائدات الصندوق، دون أن تخرق القواعد الرسمية.
وفي أحد تصريحاته شبّه هولته الاقتصاد النرويجي بالوريث المدلل الذي ورث 6 أضعاف راتبه السنوي في حسابه المصرفي، مما دفعه إلى القول خلال مؤتمر صحفي "لقد أصبحنا نأخذ الطريق السهل، ونهدر أكبر فرصة حصلت عليها دولة غربية في العصر الحديث"، مشيرا إلى أن الحلول التي يقترحها تشمل تخفيض الضرائب والإنفاق الحكومي وفرض قيود صارمة على السحب من الصندوق السيادي.
ورغم كل التحديات فإن النرويج تظل دولة ذات مستوى معيشة مرتفع ونظام مالي مستقر، لكنها أيضا -كما يلمّح تقرير "بلومبيرغ"- تمثل تحذيرا للدول الغنية بالموارد: إدارة الثروة قد تكون أصعب من تكوينها، والغنى إذا لم تتم إدارته بعناية قد يتحول من نعمة إلى عبء.