عربي21:
2025-07-12@22:20:10 GMT

“كيف تحولت تونس إلى سجن كبير؟”

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

«منعٌ من السفر دون قرارات قضائية، محاكمات سياسية لمعارضين وأخرى لرجال أعمال، سجن للصحافيين، وتضييق على حرية التعبير والعمل المدني وتطويع للقضاء. هكذا تحولت تونس في سنتين ونيّف إلى ما يشبه سجنا كبيرا بأبواب مفتوحة وسط أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة تصر السلطة الحاكمة على مجابهتها بالهروب إلى الأمام وتبني خطاب التخوين والإنكار».



هذا ما خلص إليه تحقيق نشره موقع «كتيبة» التونسي الاستقصائي معتبرا أنه «يوما بعد يوم، يزداد الفضاء المدني في تونس اختناقا في ظل اختلال التوازن بين السلطة وإحكام الرئيس قيس سعيد قبضته على مقاليد الحكم».

لم يكن هذا التحقيق الذي كتبه رئيس تحرير الموقع محمد اليوسفي كلاما نضاليا مرسلا بل بني على إحصائيات ومقابلات من مصادر حقوقية ومن شخصيات تعرضت مباشرة للكثير من التضييق والأذى حيث وثق «تعرض العديد من الشخصيات ذائعة الصيت خاصة في مجال ريادة الأعمال إلى المنع من السفر دون قرار قضائي في سياق ما يعتبره أنصار الرئيس سعيد حملة مكافحة الفساد» مضيفا وفق «مصادر متقاطعة أن عدد الممنوعين من السفر في تونس اليوم تجاوز 25 ألف حالة، دون اعتبار الذين غادروا البلاد واختاروا المنفى الاختياري في الخارج، وهو رقم رفضت وزارة الداخلية التونسية التعليق عليه» حين راسلها الموقع للتوضيح والرد.

سجلت النقابة 16 قضية رفعت ضد صحافيين على خلفية النشر في الإنترنت من بينها 8 حالات بناء على ذات المرسوم.المشكلة ليست في صمت وتجاهل وزارة الداخلية فقط بل كذلك في صمت المنظمات والجمعيات التي ينضوي تحتها المتضررون كاتحاد رجال الأعمال وعمادة المحامين مثلا، وقد «فسر البعض من أعضاء هذه المنظمات التي تسنى لموقع الكتيبة التواصل معهم هذا الصمت بحالة الخوف التي تسود البلاد واختناق مساحات التعبير، فضلا عن الكلفة الباهظة لأي موقف قد يُتخذ ضد السلطة السياسية الحاكمة في تونس اليوم، وفق تقديرهم» كما جاء في التحقيق المنشور.

وبعد أن استعرضت «الكتيبة» مثالب «المرسوم 54 « الصادر في سبتمبر/ أيلول سنة 2022 والذي تلقى معارضته إجماعا عريضا لتضييقه الشديد على حرية الرأي والتعبير في الفضاء الإعلامي والرقمي، أوردت أنه إلى حدود نهاية سنة 2023 أحصت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان» قرابة 300 حالة ملاحقة قضائية على خلفية هذا المرسوم السيء الصيت، مرجحة أن «يكون الرقم أكبر على اعتبار إمكانية وجود حالات ليس لها علم بها ولم يتسن للمتضررين الوصول إلى الإعلام أو لمنظمات مدنية للإبلاغ عنها».

ووفق مسؤولة وحدة الرصد في نقابة الصحافيين التونسيين خولة شبح، فإن من بين 31 ملاحقة قضائية طالت صحافيين في سنة 2023، تم تسجيل نزوع متنام نحو التضييق على النشر في الفضاء الرقمي حيث سجلت النقابة 16 قضية رفعت ضد صحافيين على خلفية النشر في الإنترنت من بينها 8 حالات بناء على ذات المرسوم. كما سجلت النقابة صدور 8 قرارات وأحكام سنة 2023 سالبة للحرية، فضلا عن سجن 3 صحافيين وهم زياد الهاني وياسين الرمضاني وشذى مبارك، بالإضافة إلى تفعيل بطاقة إيداع في السجن صادرة في وقت سابق في حق الصحافي خليفة القاسمي على خلفية محاكمة وفق قانون الإرهاب حكم عليه فيها بـ 5 سنوات سجنا، واصفة العقوبة التي يقضيها القاسمي بالأقسى في تاريخ الصحافة التونسية.

ومن أخطر ما أورده الموقع وصف رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي للفضاء المدني في البلاد اليوم بـ«المخيف» معتبرا أن جميع التونسيين والتونسيات، من المواطن العادي إلى الزعيم السياسي والناشط المدني والحقوقي، جميعهم معرضون للاعتقال والسجن في أي لحظة».


وتزداد الصورة رعبا حين يضيف الطريفي أن «القضاء اليوم يعمل تحت وطأة الخوف والترهيب، لهذا تجد العديد من الشخصيات (…) نفسها مضطرة لأن تكون مهجرة قسريا وذلك رغم كل ما قدمته للحركة الحقوقية والديمقراطية. هؤلاء يعلمون جيدا أنهم في حال عادوا سيتم إيقافهم والتنكيل بهم فعدد المهجرين قسريا يقدر بالعشرات، ومن بينهم رجال أعمال وسياسيون وحتى صحافيون وحقوقيون».

قيمة هذا التحقيق المطول أنه يتضمن فيديوهات مسجلة مع بعض ضحايا الإجراءات التعسفية مثل المناضلة شيماء عيسى التي تروي كيف أنها باتت تعيش في سجن كبير حتى بعد أن أطلق سراحها مؤقتا في القضية المعروفة إعلاميا بـ «التآمر على أمن الدولة» حيث حرمت، بقرار قضائي، من الظهور في الأماكن العامة ومن السفر ومن الحديث إلى وسائل الإعلام بحيث لم تعد قادرة على العمل وتوقف مورد رزقها وباتت تلقى عناء حتى في أبسط تحركاتها الشخصية بما في ذلك الذهاب إلى الطبيب أو صالون حلاقة حيث أن كليهما بات يتحرج من استقبالها طالما هي محل مراقبة ومتابعة في قضية سياسية لم تعرض بعد على المحكمة، بل ولا أحد مقتنع بحيثياتها.

وحين يعرض تحقيق «الكتيبة» أسماء أو صور المعتقلين، أو الذين هم في المنفى، اختيارا أو إجبارا، خشية الملاحقة الحقيقية أو المتعسفة، لا يمكن إلا أن تتساءل بمرارة: إذن، من بقي يتحرك بحرية في هذه البلاد؟!!

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس قيس سعيد الصحافة تونس الصحافة قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على خلفیة من السفر

إقرأ أيضاً:

من الهواية إلى العالمية.. كيف تحولت الألعاب الإلكترونية إلى صناعة كبرى تتصدر المشهد وتُصنع في السعودية مستقبله؟

من بداية بسيطة على أجهزة بدائية في نهايات السبعينيات، إلى ملاعب رقمية يُشهدها الملايين ويتنافس فيها نخبة المحترفين حول العالم، حيث قطعت الألعاب الإلكترونية رحلة مذهلة تحوّلت فيها من وسيلة ترفيه فردية إلى صناعة عملاقة تُنتج مليارات الدولارات سنويًا، وتحظى باعتراف دولي ورياضي وثقافي، وصولًا إلى تنظيم بطولات عالمية تُقام لها احتفالات رسمية وتُخصّص لها جوائز كبرى، مثل "كأس العالم للرياضات الإلكترونية".

وبدأت الحكاية بشاشات بسيطة وأفكار عبقرية، حين ظهرت الألعاب الإلكترونية تجاريًا لأول مرة في مطلع السبعينيات، وكانت لعبة “Pong” من أوائل التجارب الناجحة، التي مهّدت الطريق لجيل جديد من الترفيه المنزلي، ومع التقدّم السريع في تقنيات الحوسبة، بدأت منصات مثل “Nintendo”، و“Sega”، و“Atari” تطرح مفاهيم جديدة، لتحوّل الألعاب من مجرد تجربة بصرية إلى بيئة تفاعلية قائمة على التحدي، والخيال، والذكاء.

وتنوّعت الألعاب الإلكترونية مع مرور الوقت وبحسب طبيعتها وأسلوب اللعب ووظيفتها، ولم تعد مجرد تسلية، بل أصبحت وسيلة لتفريغ الطاقات وصقل المهارات الذهنية، وظهرت ألعاب القتال مثل “Street Fighter” و”Tekken”، إلى جانب ألعاب التصويب مثل “Call of Duty” و”Valorant”، ثم انتشرت ألعاب الرياضة مثل “FIFA” و”NBA 2K”، ولاحقًا تعمّق اللاعبون في عوالم ألعاب تقمّص الأدوار مثل “Final Fantasy” و”The Witcher”، كما فرضت ألعاب الإستراتيجية مثل “Age of Empires” حضورها، فيما أبهرت ألعاب العالم المفتوح والمحاكاة مثل “Minecraft” و”Grand Theft Auto” اللاعبين بإمكاناتها اللامحدودة، قبل أن تفرض ألعاب الجوال مكانتها كأحد أكثر قطاعات السوق نموًا وانتشارًا على مستوى العالم.

هذا التنوع لم يُثر فقط اهتمام المستخدمين، بل جذب شركات تقنية كبرى، وفتح الباب أمام ابتكار اقتصادي واسع النطاق، شكّل نواة لصناعة رقمية عالمية ضخمة.

وبحلول الألفية الجديدة، ومع انتشار الإنترنت عالي السرعة، بدأت تظهر مسابقات تنافسية بين اللاعبين، وتطورت لاحقًا إلى بطولات احترافية تُبث مباشرة عبر منصات رقمية ويتابعها ملايين المشاهدين.

ومع ظهور منظمات مثل “ESL”، و”MLG”، و”LCS”، أصبح هناك تصنيف عالمي للاعبين، ونشأت بيئة احترافية حقيقية تُمنح فيها عقود ورعاية ورواتب، وتُبرم فيها صفقات انتقال بين الفرق.

وجاء التحول الأهم حين بدأ الاعتراف الرسمي بالرياضات الإلكترونية كمسابقات عالمية تُنظّم لها بطولات قارية، وتُدرج ضمن برامج التظاهرات الرياضية الكبرى، حتى ظهرت في عام 2024 النسخة الأولى من “كأس العالم للرياضات الإلكترونية”, التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-, وذلك خلال"مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة"، الذي استضافته المملكة خلال شهر أكتوبر عام 2023, لتكون البطولة الحدث الأكبر من نوعه على مستوى العالم، وتنظمه المملكة في الرياض سنوياً ابتداءً من صيف العام 2024م, لتشكل منصة مهمة تسهم في الارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، الذي يشهد نمواً متزايداً, وترسخ مكانة المملكة كوجهة رائدة لأبرز المنافسات الرياضية والعالمية, وتُسجّل لحظة فارقة في تاريخ هذا القطاع المتسارع، إذ لم تقف هذه الجهود عند هذا الحد, بل استمرت وصولًا لصياغة حضور إستراتيجي فاعل، انطلاقًا من قناعة بأن صناعة الألعاب لم تعد مجرد ترفيه، بل أصبحت جزءًا من مكونات الثقافة والاقتصاد والتأثير الدولي.

وباتت الرياضات الإلكترونية ركيزة من ركائز الاستثمار الثقافي، الرياضي، والتقني، من خلال الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، وبدعم من برامج رؤية المملكة 2030، لتسعى المملكة من خلالها إلى تنويع اقتصادها، وتمكين شبابها، وبناء مستقبل قائم على الابتكار الرقمي.

وتُجسّد هذه الرؤية اليوم من خلال تنظيم وإقامة المملكة للنسخة الثانية من البطولة العالمية “كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025”، في “بوليفارد رياض سيتي”، في حدث عالمي يضم مشجّعين من مختلف أنحاء العالم، ويجمع قرابة (2000) لاعب محترف، و(200) نادٍ من أكثر من (100) دولة، يتنافسون في أكثر من (24) لعبة إلكترونية، للفوز بجوائز مالية تتجاوز (70) مليون دولار، وهي أعلى قيمة جوائز في تاريخ الرياضات الإلكترونية.

وامتدت المشاركة السعودية إلى تطوير اللاعبين السعوديين، ودعم الشركات الناشئة في مجال تطوير الألعاب، وإنشاء أكاديميات تدريبية ومسارات مهنية في مجالات البث، التحكيم، البرمجة، الإدارة الرقمية، وحتى التصميم البصري.

وتؤكد تقارير شركة Newzoo المتخصصة بتحليلات سوق الألعاب الإلكترونية، أن إيرادات هذه الصناعة قد تجاوزت (180) مليار دولار في عام 2024، متفوقة بذلك على صناعتَي الموسيقى والسينما مجتمعتين، وباتت البطولات تُباع لها التذاكر، وتُبرم فيها شراكات ورعايات كبرى، وتحولت إلى بيئة اقتصادية مكتملة الأركان.

وتشكّل الألعاب الإلكترونية اليوم جزءًا من الثقافة الحديثة، ومنصة للتعبير، ومجالًا وظيفيًا مفتوحًا لجيل المستقبل، بل إن الدول باتت تتنافس على حضورها في هذا السوق العالمي، والمملكة تضع نفسها في طليعة هذه المنافسة، لا كمستضيف فقط، بل كمصنع للفرص، ومحفّز للابتكار، وقائد إقليمي في بناء صناعة متكاملة ترتكز على الشغف والمعرفة.

وتحولت الألعاب الإلكترونية إلى جانب الترفيه لمنظومة اقتصادية، ثقافية، إبداعية متكاملة وبآفاق لا حدود لها، لتبرز المملكة كمركز دولي يحتضن التغيير، ويقود الطموح، ويُعيد تعريف مستقبل الألعاب، والرياضة، والترفيه، بلغة يفهمها العالم، ويلعب بها الجيل القادم.

الألعاب الإلكترونيةأخبار السعوديةأهم الأخبارصناعة الألعاب الإلكترونيةكأس العالم للألعاب الإلكترونيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • تونس.. سجن رجل 6 أشهر لرفضه مشاهدة نشاط رئاسي داخل زنزانته!
  • 17 ولاية سودانية موعودة اليوم بأمطار.. استعدوا
  • مارلين مونرو وجو دي ماجيو.. قصة صورة جواز السفر التي بيعت بـ21 ألف دولار!
  • عقب الهجمات الحوثية الأخيرة.. ارتفاع كبير لتكاليف تأمين السفن التي تمر عبر البحر الأحمر
  • من الهواية إلى العالمية.. كيف تحولت الألعاب الإلكترونية إلى صناعة كبرى تتصدر المشهد وتُصنع في السعودية مستقبله؟
  • الأونروا: غزة تحولت إلى مقبرة للأطفال والجوعى
  • «ريبيرو» يحسم أمر العائدين من الإعارة قبل معسكر تونس
  • ريبيرو يحسم أمر العائدين من الإعارة قبل معسكر تونس
  • كيف تحولت العلاقة بين تبون وبن زايد إلى تبادل اتهامات وإهانات علنية؟
  • تحذير الأرصاد: شبورة كثيفة ورياح نشطة تضرب البلاد اليوم