قطر تشق طريقا جديدا للطاقة بتطوير حقل العد الشرقي النفطي
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
الدوحةـ تشق دولة قطر طريقا جديدا في مجال الطاقة من خلال تطوير حقل العد الشرقي النفطي الواقع شرق العاصمة الدوحة، وذلك بهدف مضاعفة إنتاجه من النفط تزامنا مع تطوير حقل الشمال الخاص بالغاز الطبيعي.
وتعكس خطوة تطوير حقل العد الشرقي النفطي -الذي اكتسبته قطر بالكامل في عام 2019- التزام الدوحة بتعزيز قدرتها على استدامة الإنتاج، وتوفير الطاقة الأحفورية التي تلبي الاحتياجات المتزايدة للسوق العالمي.
وقبل أيام، أرست "قطر للطاقة" عقدا بقيمة 2.21 مليار ريال قطري (607 ملايين دولار) على شركة هندسة النفط البحرية الصينية (سي أو أو إي سي)، لتنفيذ الجزء الثاني من المرحلة الخامسة لتطوير "حقل نفط العد الشرقي- القبة الشمالية".
وقالت قطر للطاقة إن "العقد يتضمن القيام بأعمال التصميم والتوريد والبناء والمقاولات للجزء الثاني من المرحلة الخامسة لتطوير حقل نفط العد الشرقي لمدة 43 شهرا".
وتستهدف "قطر للطاقة" زيادة إنتاج حقل العد الشرقي البحري إلى متوسط 61 ألف برميل نفط يوميا وما يزيد على 37.2 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا.
ويبلغ إنتاج قطر من النفط الخام حاليا قرابة 600 ألف برميل يوميا، وتصدّر نحو 520 ألف برميل يوميا منه إلى الأسواق الآسيوية، في حين تحتفظ بنحو 80 ألف برميل يوميا للاستهلاك المحلي.
وتأتي المرحلة الثانية من تطوير حقل نفط العد الشرقي بعد أقل من 4 أشهر من بدء المرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال للغاز الطبيعي الذي من شأنه أن يرفع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، حيث تسعى الدوحة إلى تعزيز مكانتها على عرش الطاقة العالمي.
#قطر_للطاقة تعلن ترسية عقد بقيمة 2.21 مليار ريال قطري (607 ملايين دولار)، على شركة هندسة النفط البحرية الصينية "COOEC" يتضمن القيام بأعمال التصميم والتوريد والبناء والمقاولات للجزء الثاني من المرحلة الخامسة لتطوير حقل نفط العِد الشرقي لمدة 43 شهراً#نبراس_قطر pic.twitter.com/fBcte70Q7F
— نبراس قطر (@nebrasqanews) January 20, 2024
تعزيز الإنتاج النفطيوتعليقا على الخطوة القطرية لتطوير حقل العد الشرقي، يقول الخبير في شؤون الطاقة شوقي مهدي إن حقل العقد الشرقي يعد أحد أهم الحقول النفطية القطرية، والذي يعود تاريخ اكتشافه إلى ستينيات القرن الماضي (القبة الشمالية)، فيما بدأ إنتاج القبة الجنوبية في 1999.
ويوضح مهدي في حديث للجزيرة نت أن المهم في هذا الإعلان هو فوز شركة هندسة النفط البحرية الصينية بعقد تطوير الحقل، الأمر الذي يعكس التطور الملحوظ في العلاقة مع الشركات الصينية في ظل الشراكة بين قطر والصين في إطارها الواسع، لافتا إلى أن هذا الإعلان يأتي بعد فترة من فوز إحدى الشركات الصينية بالمشاركة في تطوير حقل الشمال.
ويشير إلى أن قطر للطاقة تسير في طريقها لتنفيذ خططها الرامية لتطوير الحقول النفطية في الدولة لرفع الإنتاج وزيادة الكفاءة، وسبق هذه الخطوة إعلان مهم قامت به قطر للطاقة في 2019 بالبدء في إدارة وتشغيل حقلي العد الشرقي القبة الشمالية والعد الشرقي القبة الجنوبية بعد انتهاء اتفاقيات التطوير والمشاركة بالإنتاج بين قطر للطاقة وشركة "أوكسيدنتال" المحدودة التي استمرت لنحو 25 عاما (منذ أكتوبر/تشرين الأول 1994).
كميات كبيرة من الغيوم تغطي الحوض الشرقي للمتوسط تسبب هطولات مطرية متفاوتة الغزارة
وجبهة ممطرة بغزارة قبالة سواحل فلسطين تقترب من فلسطين والاردن لتؤثر بليلة ممطرة بإذن الله تعالى وحتى ظهيرة العد
أجواء باردة بشكل عام صغرى حول 7 درجات مئوية
هذا والله تعالى أعلم pic.twitter.com/zaZ4yZKEkM
— محمد يعقوب (@abulaian286) December 23, 2023
ويضيف الخبير في شؤون الطاقة أنه خلال الفترة الانتقالية في 2019 قامت قطر للطاقة بعمل مراجعة كاملة لسلامة الآبار المنتجة للنفط -بما فيها آبار الحقن- وتم وضع الخطط اللازمة لذلك، وبعدها أعلنت قطر للطاقة عن العطاءات الخاصة بتطوير الحقول النفطية، ومن بينها حقل العد الشرقي.
ويؤكد مهدي أن تطوير حقل العد الشرقي يمثل خطوة في طريق تنفيذ إستراتيجية تعزيز الإنتاج النفطي وتحسين أداء قطاع الطاقة القطري، موضحا أن عملية التطوير تسهم في تعظيم واردات الدولة من قطاع النفط وتزيد الطاقة الإنتاجية لدولة قطر كمنتج رئيسي في سوق الطاقة.
ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من العطاءات الخاصة بتطوير الحقول النفطية -مثل حقل الشاهين- على غرار عقود المرحلة الثالثة لتطوير حقل الشاهين ضمن مشروع يحتوي على 4 حزم رئيسية حصلت عليه شركة "لارسن آند توبرو" لتطوير حقل الشاهين العملاق الذي ينتج حاليا نحو 300 ألف برميل يوميا كأكبر حقل نفطي بحري في قطر وأكثرها تعقيدا، مما يتطلب استخدام تكنولوجيا عالية ودخول شركات لها وزنها في أسواق الطاقة العالمية.
ويرى شوقي أن كل هذه العقود تجسد تنوعا في الشركاء بشكل غير تقليدي، مما يعني أن قطر للطاقة أرادت أن تستفيد من مختلف أشكال التكنولوجيا في العالم بدءا من الولايات المتحدة ودول أوروبا والصين والهند وغيرها لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الهيدروكربونية.
اعتباراً من اليوم: قطر للبترول تتولى إدارة وتشغيل حقلي "العد الشرقي – القبة الشمالية" و "العد الشرقي – القبة الجنوبية" #قطر #قطر_للبترولhttps://t.co/YtVtwVogpV pic.twitter.com/daJ3uarErp
— QatarEnergy (@qatarenergy) October 7, 2019
مكانة عالميةمن جهته، يؤكد الخبير في مجال النفط والغاز طارق الشيخ أن عملية تطوير حقل نفط العد الشرقي البحري تهدف إلى زيادة إنتاجية الحقل المكتشف في عام 1960 وبدأت عملية الإنتاج في 1964، لرفع الإنتاجية بمقدار حوالي 61 ألف برميل نفط يوميا، مشيرا إلى أن الحقل سيساهم بنحو 10% من إنتاج النفط الخام في البلاد.
ويقول الشيخ في حديث للجزيرة نت إن احتياطيات الحقل من النفط الخام تقدر بنحو 1.2 مليار برميل، فيما تبلغ احتياطياته من الغاز المصاحب حوالي 50 تريليون قدم مكعبة.
ويرى أن ترسية العقد الأخير لشركة هندسة النفط البحرية الصينية (سي أو أو إي سي) تعد خطوة جديدة ومختلفة في تعاون قطر الدولي في مجال الطاقة، إذ تعد هذه المرة الأولى التي تدخل فيها شركة صينية في شراكة بهذا الحجم مع قطر في مجال النفط، مما يعكس تطلعات قطر الدائمة نحو التكنولوجيا المتطورة.
ويؤكد الشيخ أن حقل العد الشرقي النفطي يكتسب أهمية متزايدة في إنتاج الطاقة وله قيمة اقتصادية تسهم في الناتج القومي لقطر، وتؤكد هذه الخطوة التزام الدوحة بأن تظل رائدة في إنتاج الطاقة النظيفة ومصدرا للتنمية المستدامة، كما تعزز مكانة قطر كشريك رائد في صناعة النفط والغاز على المستوى العالمي وتعكس إستراتيجية البلاد في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية.
استدرجت قطر للطاقة عروضا سعرية من 4 شركات كبرى لتطوير وتوسعة حقل نفط العد الشرقي – القبة الشمالية خلال شهر مارس الماضي. حيث تباشر «قطر للطاقة» تنفيذ استراتيجية شاملة تركز على تطوير موارد الطاقة المحلية في النفط والغاز بالتزامن مع تعزيز استكشافاتها الخارجية وتوسعة حقل الشمال. pic.twitter.com/wT0JFrwCca
— Amlak Magazine – مجلة أملاك (@Amlak_qatar) April 5, 2023
مورد مستقربدوره، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور إنه في نفس سياق تطوير ركائز الاقتصاد الريعي القطري عملت الدوحة على تعزيز مكانتها كمورد معتمد ومستقر في مجال الطاقة، سواء الغاز المسال أو البترول أو المشتقات النفطية.
ويضيف الهور للجزيرة نت أنه للمحافظة على هذه المكانة توالت المشاريع ذات العلاقة وتعددت الاستثمارات في المجال، سواء بشكلها المباشر أو اللوجستي المرتبط بالقطاع، ويأتي تطوير مشروع العد النفطي في سياق مدروس ممنهج لتطوير القطاع.
كما لفت إلى أن عملية تطوير الحقل تحمل دلالات عدة، أولاها التعاون مع الشركة الصينية من بداية التصاميم إلى التوريد والبناء والتركيب والمقاولات، علما بأن أكثر من 75% من إنتاج الدوحة من الغاز والطاقة يتوجه إلى الأسواق الآسيوية، وبالتالي يأتي التعاون المشترك بين شركاء التجارة في المجال نفسه، والدلالة الأخرى هي العمل ليس فقط على استقرار وثبات الإنتاج وإنما تعزيزه في ظل تقلبات الطلب العالمية وتقلبات الأسعار.
ويؤكد الهور أن كل هذه العمليات تبقي مكانة الدوحة المتقدمة كمنتج موثوق للطاقة، وبالتالي تساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية وتصنيفها الائتماني واستقطابها الاستثمار الدولي كبقعة آمنة وفرصة مجدية للاستثمار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ألف برمیل یومیا الحقول النفطیة حقل الشمال قطر للطاقة لتطویر حقل pic twitter com من الغاز فی مجال إلى أن
إقرأ أيضاً:
اجتماع تمهيدي مع الشرع.. هل تستثمر الشركات الأمريكية في النفط السوري؟
عكس الاجتماع الذي أجراه الرئيس السوري أحمد الشرع، الثلاثاء، مع شركة "شيفرون" الأمريكية، لبحث فرص التعاون في مجال استكشاف النفط والغاز في السواحل السورية، تغيرا جوهريا في توجه الدولة السورية، فبعد أن كان النظام السوري المخلوع قد وقع مع شركات روسية عقودا على التنقيب في السواحل السورية، تتجه دمشق لمنح العقود لشركات أمريكية.
ويبدو أن الشركات الأمريكية قد رفعت من وتيرة اهتمامها بقطاع النفط السوري، وتحديدا بعد اقتراب توقيت الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية (قيصر) بشكل نهائي عن سوريا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الاجتماع "التمهيدي" جرى بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك حضر الاجتماع، ووزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، ووفد من شركة "شيفرون" برئاسة نائب الرئيس التنفيذي لقطاع التطوير رانك ماونت.
مقاربة أمريكية متبدلة
ويشير الأكاديمي والباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر إلى تزامن الاجتماع مع التحولات المتسارعة في ملفات الطاقة والسياسة والدبلوماسية، ويقول: "الحديث عن تعاون محتمل في مجال استكشاف النفط والغاز قبالة السواحل السورية لا يمكن عزله عن السياق الدولي، ولا عن مقاربة واشنطن المتبدلة تجاه الشرق الأوسط، ولا عن حسابات دمشق التي تبحث عن قنوات انفتاح جديدة تخفف من ضغط الأزمة الممتدة منذ سنوات".
ورغم أن الخطوة لا تشكل إعلانا رسميا عن بدء استثمارات أمريكية فعلية، كما يؤكد لـ"عربي21" فإن مجرد الحوار مع واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم يعكس تطورا لافتا، ويوضح أن "واشنطن التي اعتمدت طيلة السنوات الماضية على أدوات الضغط والعقوبات، تبدو اليوم أكثر انفتاحا على مقاربة مرنة تبقي لها حضورا في ملف حساس مثل قطاع الطاقة في شرق المتوسط، وهذا الانفتاح، إن تطور، قد يشير إلى رغبة أمريكية في إعادة تموضع هادئ داخل سوريا عبر البوابة الاقتصادية بدل السياسية أو العسكرية".
ومن جهة ثانية، وفق السيد عمر، يدرك صناع القرار في دمشق أن أي انفتاح على شركات غربية كبرى يمنح إشارات مهمة للأسواق الدولية، ويعزز فكرة أن الاقتصاد السوري قابِل للعودة التدريجية إلى خارطة الاستثمار، حتى لو كانت الطريق طويلة ومعقدة، ويضيف أن "التعاون مع شركة بحجم "شيفرون" يقرأ كخطوة تمنح قطاع الطاقة السوري قيمة إضافية، وتعيد وضعه على رادار الشركات العالمية التي كانت تتجنب الاقتراب من الساحة السورية بسبب المخاطر السياسية والقانونية".
ويختم بقوله: "لا يمكن الجزم بأن الاستثمارات الأمريكية بدأت فعليا بالدخول إلى سوريا، لكن يمكن القول: إن بوابة الحوار قد فتحت، وإن السياق الدولي والإقليمي يدفع الأطراف إلى إعادة حساباتها، بحثا عن ترتيبات أكثر واقعية وفائدة، ومع تعقد مشهد الطاقة عالميا، قد تجد الشركات الأمريكية في الساحل السوري فرصة استراتيجية تستحق المتابعة، وقد تجد دمشق في هذه الخطوة نافذة لإعادة بناء قطاع يعد من أهم ركائز مستقبلها الاقتصادي".
الشركات الأمريكية في الصدارة
في المقابل، يرى المستشار الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة السورية أسامة قاضي، أن اجتماع الشرع بشركات أمريكية يؤكد أن الاستثمارات الأمريكية بدأت تصل سوريا، ويقول لـ"عربي21" "يمكن اعتبار أن الشركات الأمريكية ستكون في صدارة الشركات الأجنبية التي تستثمر في مجال الطاقة السورية".
أما الباحث الاقتصادي يونس الكريم، يرى أن ما سبق يبدو أقرب إلى رسم حدود النفوذ الاستثماري للأمريكيين أكثر من قابليته للتنفيذ في المدى القريب.
ويلفت إلى حقول النفط الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي بقيادة واشنطن في شمال شرقي سوريا، ويقول لـ"عربي21": "يبدو أن "شيفرون" تسعى إلى تثبيت عقود الاستثمار في حقول شمال شرق سوريا بشكل منفصل عن التعقيدات السياسية، لتجنب تكرار تجربة العراق حيث توقفت الاستثمارات بسبب الخلاف بين حكومة بغداد وإدارة إقليم كردستان العراق".