عربي21:
2025-05-13@14:16:37 GMT

بوريل على موعد مع حصار إعلامي جديد

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

"إسرائيل هي التي أنشأت وموّلت حماس بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية".. بهذا التصريح منح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فرصة ذهبية للمتربصين بالحركة الذين يتحيّنون الفرصة تلو الأخرى للهجوم عليها، فنصّبوا ألسنتهم وأقلامهم ومنابرهم على أعلى المستويات، بعدما عثروا على صيدٍ ثمينٍ بهذا الحجم السياسي الكبير، نقلهم من مرحلة الفُتات حينما طالبوا بمحاسبة حماس، إلى مرحلة التخمة والشبع، وذلك حينما لبّى بوريل جزءا من أمنياتهم وتطلعاتهم، إذ أضناهم مؤخرا تصاعد شعبية كتائب القسام فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، مقابل تراجع ملحوظ جدا لحركة فتح ومحمود عباس حسب استطلاعات رأي رسمية، بالإضافة إلى المظاهرات الحاشدة التي خرجت في الدول العربية والإسلامية للتعبير عن تضامنها المطلق مع المقاومة الفلسطينية في مواجهة غزاة الاحتلال الإسرائيلي الذين لم يفلحوا في تحقيق أهدافهم العسكرية في غزة، سوى بتحويلها إلى أكثر مكان منكوب في العالم جراء حملة الإبادة الجماعية التي يشرف الاحتلال على هندستها، بالتعاون مع القريب والبعيد.

.

تصريح بوريل الذي شارف على الثمانين من عمره، والذي احتفل به خصوم حماس وأقاموا له الأفراح والليالي الملاح، يُذكّرُني حقيقة بما ابتُلينا به نحن الفلسطينيين، من قيادات هرمة أكل الدهر عليها وشرب، وأصبحت غير صالحة للاستعمال السياسي بعدما انتهت مدة صلاحياتها منذ أمدٍ بعيد، لكنها باقية ما بقي الزعتر والزيتون، لنصبح مسخرة الأمم في المحافل الدولية، بسبب التصريحات التي تفتقد إلى أدنى مقومات السياسة، وتتسم برمّتها بطابع السخرية والتهكم والتذلل بقصد الحماية الدولية، فتصبح تلك التصريحات الصبيانية مادة دسمة للسخرية والتداول على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت الذي يتمتع فيه شعبُنا الفلسطيني بطاقات فتيّة شابة متجددة، إلّا أنّ قدرَنا السياسي أن يكون رئيسُنا هو ذاته رئيس السلطة، وهو ذاته رئيس حركة فتح، وهو ذاته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكأن الساحة خلت من أي قدرات سياسية أخرى، لدرجة عدم وجود منافس واحد فقط، أو انتخابات رئاسية تلبّي آمال الداخل والخارج على حدٍّ سواء..

يبدو جوزيب بوريل الذي شارف على الثمانين من عمره في طريقه إلى ذات المصير، لا سيما أن تصريحه حول حماس ليس الأول من حيث غرابة المبنى والمعنى، فقد سبق وأوقعه مذيع الجزيرة عثمان آي فرح في فخ إعلامي لا يقع فيه أمين سر روضة أطفال، وبدا الحزين بوريل آنذاك مُتخبّطا يلتفت يمنة ويسرة، وينظر إلى الزوايا في مشهدٍ مُحْبَك، ووقيعةٍ عظيمة، حينما اتهم حماس بالإرهاب جراء هندستها لمعركة طوفان الأقصى، في حين بَرّأ نفسه من القدرة على اتخاذ القرار لمّا سُئل بذات المنطق عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

وهنا أسأل بدوري: كيف تكون حماس إرهابية في نظر المسؤول الأوروبي جوزيب بوريل، في حين أنّ الداعم لها (بحسب بوريل) وهي تل أبيب ليس بإرهابي؟ من أيّةِ خفايا صِيْغَ هذا المنطق تَاللهِ عليكم؟ لماذا لا تُدرجون بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت؟

ليس هذا فحسب، بل التناقض يمتد في تصريحات بوريل ليشمل الأفعال الأوروبية على المستوى الرسمي، وليس الأقوال فقط، ففي 26 أيار/ مايو 2023، اعتقلت السلطات الهولندية الناشط الفلسطيني البارز أمين أبوراشد مع ابنته، وما يزال الاعتقال مستمرا حتى تاريخ كتابة هذا المقال، بتهمة دعم وتمويل حماس. وأوردت وكالة الأنباء الهولندية الخبر آنذاك بصيغة النبأ المُفخّخ، حينما امتنعت عن ذكر الاسم الصريح للرجل وابنته، بل أرفقته بصورة لكتائب القسام المُلثّمين، كتبت أسفلها اعتقال رجل وابنته في هولندا للاشتباه بدعم وتمويل حماس، من أجل الالتفاف على القارئ من حيث لا يعلم، لإقناعه بصدق الرواية، وتَرْكِ الباب موارَبا بين الوكالة الهولندية ومُتابعيها.

ورغم أن المحامي الهولندي الخاص بالقضية قال إن تلك المزاعم هي مجرد أكاذيب وتدليسات ما أنزل الله بها من سلطان، وإن القضية تستند بمجملها إلى تقارير كيدية خارجية ومخابرات إسرائيلية، إلّا أن القضاء الهولندي مدد اعتقال الرجل مرتين على التوالي فيما أطلق سراح ابنته.

وهذا ما يقودنا إلى أن نسأل جوزيب بوريل الذي عزا وجود حماس في هذا الكوكب إلى الاحتلال الإسرائيلي باعتباره مموّلا: كيف يُعتقل الناشط في بلادكم بتهمة دعم وتمويل منظمة إرهابية، فيما تدعمون "الممول" لتلك المنظمة وهو الاحتلال؟ وكيف يُلاحق الفلسطينيون في بلادكم لمجرد تغريدة أو منشور أو مقطع مصور بتهمة مناصرة حماس، ويُفصل الموظفون من أعمالهم ويفقدون وظائفهم بسبب تلك الفوبيا التي أصابتكم، في حين يُسمح لخمسة آلاف جندي فرنسي أن يقاتلوا علنا إلى جانب تل أبيب التي هي بنظركم الآن داعمة لحماس؟ وكيف يُسمَح أيضا لألمانيا أن تدعم الاحتلال بكل هذا الثقل السياسي والعسكري، لدرجة أنها أعلنت عزمها الدخول كطرف ثالث داعم لتل أبيب، في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في لاهاي؟

وكيف استقبلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التصريح الأوروبي الوازن الذي صدر عن أعلى مرجع للسياسة الخارجية في الاتحاد، وهي التي تدعم الاحتلال من خلال صفقات أسلحة مستمرة حتى اليوم تزامنا مع زيارة وفد أمني إسرائيلي لواشنطن من أجل صفقات أسلحة فورية لمواصلة قتال حماس؟ هذا باعتقادي هو واحدٌ من أمرين لا ثالث لهما: إمّا كذبٌ مفضوح وهو الأرجح، أو سقطة جديدة لرجلٍ فقد توازنه بالتصريحات مؤخرا، لا سيما حينما وصف أوروبا بالحديقة، وباقي العالم غابة، وأن الغابة سوف تغزو هذه الحديقة، خلال كلمة ألقاها في افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، ما أدى وقتئذ إلى حدوث ردود فعل غاضبة في الشرق الأوسط وروسيا، وصلت إلى اعتباره عنصريا لا يراعي أبسط قواعد الدبلوماسية في الحديث، وفقد توازنه السياسي، كما وصلت إلى درجة إصدار بيانات رسمية واستدعاء سفراء أوروبيين، كما في قطر والإمارات..

ختاما.. أعتقد أن جوزيب بوريل سيكون على موعد مع حصار إعلامي جديد ومُضْنٍ للغاية، إذا ما ظهر على وسائل إعلام عربية "متوازنة"، وسيكون على موعد محتوم مع سقطة جديدة، وتحديدا حول التصريح المتعلق بحركة حماس.. تُرَى كيف سوف يجيب بوريل، وكيف ستكون ملامح وجهه إذا ما سُئِل: فيمَ تدعمون الصانع وتذبحون الصنيع؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل حماس إسرائيل حماس الاتحاد الأوروبي الإرهاب تمويل مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی جوزیب بوریل

إقرأ أيضاً:

هذا ما نعرفه عن الأسرى الأمريكيين في غزة بعد الإفراج عن ألكسندر

أفرجت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الاثنين، عن آخر أسير إسرائيلي حي يحمل الجنسية الأمريكية في قطاع غزة، وذلك بعد اتصالات مع واشنطن ضمن جهود الوسطاء لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للقطاع.

وقال ترامب إن "عيدان ألكسندر هو آخر رهينة أمريكي على قيد الحياة، ونحن نهنئ والديه وعائلته وأصدقاءه على هذه اللحظة المهمة"، معربا عن أمله أن يتم الإفراج عن المزيد من الأسرى.

وشددت حركة حماس في بيان، على أن "عودة" ألكسندر ثمرة الاتصالات الجادة مع الإدارة الأمريكية وجهود الوسطاء، "وليس نتيجة للعدوان الصهيوني أو وهم الضغط العسكري"، مضيفة أن "نتنياهو يضلل شعبه، وفشل في استعادة أسراه بالعدوان، وعودة ألكسندر تؤكد أن المفاوضات الجادة وصفقة التبادل هي السبيل لإعادة الأسرى ووقف الحرب".

وبحسب تقديرات الاحتلال الإسرائيلي، فإنه لا يزال 59 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 21 أحياء، وبالإفراج عن "ألكسندر" متبقي عشرون أسيرا حيا، فيما يوجد ضمن الأموات 4 رفات لأسرى يحملون الجنسية الأمريكية.



وتستعرض "عربي21" المعلومات المتوفرة بشأن الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية، والذين تم الإفراج عن ثلاثة أحياء منهم، وهم عيدان ألكسندر، وساغي ديكل تشين، وكيث سيجل، بينما لم يتم إعادة رفات أربعة آخرين تم تأكيد مقتلهم.

عيدان ألكسندر



⬛ جندي إسرائيلي ولد في تل أبيب عام 2003 ويحمل الجنسية الأمريكية، وانتقل طفلا مع عائلته إلى الولايات المتحدة وترعرع في ولاية نيوجيرسي، وبعد حصوله على الثانوية العامة عام 2022 قرر العودة إلى الأراضي الفلسطيني المحتلة.

⬛ التحق بالجيش الإسرائيلي في مهمة على الحدود مع قطاع غزة، وهناك وقع أسيرا لدى المقاومة الفلسطينية خلال عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

⬛ ينتمي ألكسندر إلى عائلة مكونة من 5 أفراد، وله أخ اسمه ميكا وأخت اسمها روي، ويقول والده: "كان شابا أمريكيا بامتياز، ورياضيا رائعا".



⬛ مباشرة بعد حصوله على الثانوية العامة عام 2022 فاجأ عيدان ألكسندر عائلته بقرار عودته إلى "إسرائيل"، وهناك تطوع في صفوف الجيش الإسرائيلي، وقال والده إن ابنه لم يكن ملزما بأداء الخدمة العسكرية "لكنه أراد مساعدة إسرائيل".

ساغي ديكل تشين


⬛ يحمل الجنسية الأمريكية وكان يبلغ من العمر 35 عامًا عندما تم اختطافه أثناء حراسته "كيبوتس نير عوز"، خلال هجوم السابع من أكتوبر، وولدت ابنته أثناء وجوده في الأسر.

⬛ أطلقت حركة حماس سراحه في منتصف شهر شباط/ فبراير 2025، ضمن صفقة التبادل مع الاحتلال الإسرائيلي.

⬛ قالت وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك، إن الرئيس ترامب يواصل الوفاء بوعد بإعادة الأمريكيين إلى الوطن، وذلك بعد إطلاق سراح تشين.

كيث سيجل


⬛ يعمل كيث سيجل والذي يحمل الجنسية الأمريكية معالجا في مجال علم النفس، ولديه 4 أطفال، ويعاني من أمراض متعددة بحسب ما أكدته حركة حماس، وذكرت أنها قدمت الرعاية الصحية اللازمة له أثناء أسره.

⬛ تعرض للأسرى في هجوم السابع من أكتوبر رفقة زوجته، وتم إطلاق سراح زوجته ضمن صفقة تبادل الأسرى التي وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.

⬛ أفرجت حركة حماس عن الأسير الإسرائيلي كيث سيجل (65 عاما) والذي يحمل الجنسية الأمريكية في الأول من شباط/ فبراير 2025، ضمن صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وسلمته إلى الصليب الأحمر وسط مراسم احتفالية كبيرة جرت في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.

وبعد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الثلاثة الأحياء الذين يحملون الجنسية الأمريكية، لا يزال في قبضة المقاومة 4 أمريكيين قتلى، وهم:


⬛ إيتاي تشين: يبلغ عمره 19 عامًا، وهو أصغر رهينة تحمل جنسية الولايات المتحدة الأمريكية لدى حركة حماس، وكانت ولادته في الولايات المتحدة في حين نشأ في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

⬛ غادي هاجاي: عند احتجازه من قبل حركة حماس كان عمره 73 عامًا، وكان أحد العازفين في جيش الاحتلال الإسرائيلي في أثناء الخدمة العسكرية الإلزامية، وتم احتجازه من كيبوتس "نير عوز".

⬛ جودي وينشتاين هاجاي: تبلغ من العمر 70 عامًا، وهي مواطنة أمريكية ولدت في مدينة نيويورك، وهاجرت إلى فلسطين المحتلة عام 1976 قبل احتجازها من قبل المقاومة بقرابة 47 عامًا.

⬛ عمر نيوترا: ولد في مدينة مانهاتن الأمريكية عام 2001، ما يعني أن عمره عند "طوفان الأقصى" كان يبلغ 22 عامًا تقريبًا، وكان ممن اختار الخدمة في لواء الدبابات التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي قبل احتجازه.

مقالات مشابهة

  • رفح.. المدينة التي تحولت إلى أثرٍ بعد عين
  • حينما تُثمر الجهود.. الشرطة بين الميدان والإعلام…
  • هذا ما نعرفه عن الأسرى الأمريكيين في غزة بعد الإفراج عن ألكسندر
  • عربات غدعون.. مستوى دموي آخر من الإبادة الجماعية في غزة
  • «القسام» تُعلن موعد الإفراج عن المحتجز مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر
  • جيش الاحتلال يوقف طلعاته فوق أجواء غزة.. تحديد موعد وقف إطلاق النار
  • حماس تؤكد عقد مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة في الدوحة
  • جستنيه: حينما تحضر العدالة يحضر الاتحاد
  • بوريل: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة بقنابل أوروبية
  • بوريل: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل أوروبية