عربي21:
2025-06-30@11:26:59 GMT

بوريل على موعد مع حصار إعلامي جديد

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

"إسرائيل هي التي أنشأت وموّلت حماس بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية".. بهذا التصريح منح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فرصة ذهبية للمتربصين بالحركة الذين يتحيّنون الفرصة تلو الأخرى للهجوم عليها، فنصّبوا ألسنتهم وأقلامهم ومنابرهم على أعلى المستويات، بعدما عثروا على صيدٍ ثمينٍ بهذا الحجم السياسي الكبير، نقلهم من مرحلة الفُتات حينما طالبوا بمحاسبة حماس، إلى مرحلة التخمة والشبع، وذلك حينما لبّى بوريل جزءا من أمنياتهم وتطلعاتهم، إذ أضناهم مؤخرا تصاعد شعبية كتائب القسام فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، مقابل تراجع ملحوظ جدا لحركة فتح ومحمود عباس حسب استطلاعات رأي رسمية، بالإضافة إلى المظاهرات الحاشدة التي خرجت في الدول العربية والإسلامية للتعبير عن تضامنها المطلق مع المقاومة الفلسطينية في مواجهة غزاة الاحتلال الإسرائيلي الذين لم يفلحوا في تحقيق أهدافهم العسكرية في غزة، سوى بتحويلها إلى أكثر مكان منكوب في العالم جراء حملة الإبادة الجماعية التي يشرف الاحتلال على هندستها، بالتعاون مع القريب والبعيد.

.

تصريح بوريل الذي شارف على الثمانين من عمره، والذي احتفل به خصوم حماس وأقاموا له الأفراح والليالي الملاح، يُذكّرُني حقيقة بما ابتُلينا به نحن الفلسطينيين، من قيادات هرمة أكل الدهر عليها وشرب، وأصبحت غير صالحة للاستعمال السياسي بعدما انتهت مدة صلاحياتها منذ أمدٍ بعيد، لكنها باقية ما بقي الزعتر والزيتون، لنصبح مسخرة الأمم في المحافل الدولية، بسبب التصريحات التي تفتقد إلى أدنى مقومات السياسة، وتتسم برمّتها بطابع السخرية والتهكم والتذلل بقصد الحماية الدولية، فتصبح تلك التصريحات الصبيانية مادة دسمة للسخرية والتداول على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت الذي يتمتع فيه شعبُنا الفلسطيني بطاقات فتيّة شابة متجددة، إلّا أنّ قدرَنا السياسي أن يكون رئيسُنا هو ذاته رئيس السلطة، وهو ذاته رئيس حركة فتح، وهو ذاته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكأن الساحة خلت من أي قدرات سياسية أخرى، لدرجة عدم وجود منافس واحد فقط، أو انتخابات رئاسية تلبّي آمال الداخل والخارج على حدٍّ سواء..

يبدو جوزيب بوريل الذي شارف على الثمانين من عمره في طريقه إلى ذات المصير، لا سيما أن تصريحه حول حماس ليس الأول من حيث غرابة المبنى والمعنى، فقد سبق وأوقعه مذيع الجزيرة عثمان آي فرح في فخ إعلامي لا يقع فيه أمين سر روضة أطفال، وبدا الحزين بوريل آنذاك مُتخبّطا يلتفت يمنة ويسرة، وينظر إلى الزوايا في مشهدٍ مُحْبَك، ووقيعةٍ عظيمة، حينما اتهم حماس بالإرهاب جراء هندستها لمعركة طوفان الأقصى، في حين بَرّأ نفسه من القدرة على اتخاذ القرار لمّا سُئل بذات المنطق عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

وهنا أسأل بدوري: كيف تكون حماس إرهابية في نظر المسؤول الأوروبي جوزيب بوريل، في حين أنّ الداعم لها (بحسب بوريل) وهي تل أبيب ليس بإرهابي؟ من أيّةِ خفايا صِيْغَ هذا المنطق تَاللهِ عليكم؟ لماذا لا تُدرجون بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت؟

ليس هذا فحسب، بل التناقض يمتد في تصريحات بوريل ليشمل الأفعال الأوروبية على المستوى الرسمي، وليس الأقوال فقط، ففي 26 أيار/ مايو 2023، اعتقلت السلطات الهولندية الناشط الفلسطيني البارز أمين أبوراشد مع ابنته، وما يزال الاعتقال مستمرا حتى تاريخ كتابة هذا المقال، بتهمة دعم وتمويل حماس. وأوردت وكالة الأنباء الهولندية الخبر آنذاك بصيغة النبأ المُفخّخ، حينما امتنعت عن ذكر الاسم الصريح للرجل وابنته، بل أرفقته بصورة لكتائب القسام المُلثّمين، كتبت أسفلها اعتقال رجل وابنته في هولندا للاشتباه بدعم وتمويل حماس، من أجل الالتفاف على القارئ من حيث لا يعلم، لإقناعه بصدق الرواية، وتَرْكِ الباب موارَبا بين الوكالة الهولندية ومُتابعيها.

ورغم أن المحامي الهولندي الخاص بالقضية قال إن تلك المزاعم هي مجرد أكاذيب وتدليسات ما أنزل الله بها من سلطان، وإن القضية تستند بمجملها إلى تقارير كيدية خارجية ومخابرات إسرائيلية، إلّا أن القضاء الهولندي مدد اعتقال الرجل مرتين على التوالي فيما أطلق سراح ابنته.

وهذا ما يقودنا إلى أن نسأل جوزيب بوريل الذي عزا وجود حماس في هذا الكوكب إلى الاحتلال الإسرائيلي باعتباره مموّلا: كيف يُعتقل الناشط في بلادكم بتهمة دعم وتمويل منظمة إرهابية، فيما تدعمون "الممول" لتلك المنظمة وهو الاحتلال؟ وكيف يُلاحق الفلسطينيون في بلادكم لمجرد تغريدة أو منشور أو مقطع مصور بتهمة مناصرة حماس، ويُفصل الموظفون من أعمالهم ويفقدون وظائفهم بسبب تلك الفوبيا التي أصابتكم، في حين يُسمح لخمسة آلاف جندي فرنسي أن يقاتلوا علنا إلى جانب تل أبيب التي هي بنظركم الآن داعمة لحماس؟ وكيف يُسمَح أيضا لألمانيا أن تدعم الاحتلال بكل هذا الثقل السياسي والعسكري، لدرجة أنها أعلنت عزمها الدخول كطرف ثالث داعم لتل أبيب، في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في لاهاي؟

وكيف استقبلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التصريح الأوروبي الوازن الذي صدر عن أعلى مرجع للسياسة الخارجية في الاتحاد، وهي التي تدعم الاحتلال من خلال صفقات أسلحة مستمرة حتى اليوم تزامنا مع زيارة وفد أمني إسرائيلي لواشنطن من أجل صفقات أسلحة فورية لمواصلة قتال حماس؟ هذا باعتقادي هو واحدٌ من أمرين لا ثالث لهما: إمّا كذبٌ مفضوح وهو الأرجح، أو سقطة جديدة لرجلٍ فقد توازنه بالتصريحات مؤخرا، لا سيما حينما وصف أوروبا بالحديقة، وباقي العالم غابة، وأن الغابة سوف تغزو هذه الحديقة، خلال كلمة ألقاها في افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، ما أدى وقتئذ إلى حدوث ردود فعل غاضبة في الشرق الأوسط وروسيا، وصلت إلى اعتباره عنصريا لا يراعي أبسط قواعد الدبلوماسية في الحديث، وفقد توازنه السياسي، كما وصلت إلى درجة إصدار بيانات رسمية واستدعاء سفراء أوروبيين، كما في قطر والإمارات..

ختاما.. أعتقد أن جوزيب بوريل سيكون على موعد مع حصار إعلامي جديد ومُضْنٍ للغاية، إذا ما ظهر على وسائل إعلام عربية "متوازنة"، وسيكون على موعد محتوم مع سقطة جديدة، وتحديدا حول التصريح المتعلق بحركة حماس.. تُرَى كيف سوف يجيب بوريل، وكيف ستكون ملامح وجهه إذا ما سُئِل: فيمَ تدعمون الصانع وتذبحون الصنيع؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل حماس إسرائيل حماس الاتحاد الأوروبي الإرهاب تمويل مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی جوزیب بوریل

إقرأ أيضاً:

حماس: الاحتلال يرتكب جريمة بشعة بحق الباحثين عن الطعام في غزة

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء الأحد، أن المشاهد التي بثتها قناة الجزيرة لاستهداف مسيرة إسرائيلية لفلسطيني يحمل كيس طحين على ظهره في حي الشجاعية بمدينة غزة، هي توثيق لمشهد من جريمة بشعة يرتكبها جيش الاحتلال الفاشي بشكل يومي، باستهداف المجوّعين الباحثين عن الطعام.

وأشارت حركة حماس في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أنّ الاحتلال يطبق حصاره على قطاع غزة، ويفرض سياسة التجويع الممنهجة منذ قرابة أربعة أشهر.

وتابعت: "ما أظهرته المشاهد هو ممارسة ساديّة وحشية، لجيش مجرم متحلِّل من أية أخلاق أو إنسانية، ولا يقيم وزناً لِقِيَمٍ أو قوانين، وقد دَأَبَ منذ فرض هذه الدولة المارقة على أرضنا الفلسطينية، على قتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، وارتكاب أبشع الانتهاكات بحقّ الإنسانية".

وأضافت أن "هذه الجرائم المستمرة وغير المسبوقة، وعمليات الاستهداف الممنهج للمجوّعين الأبرياء، والمجازر المتواصلة بحق المدنيين في كافة مناطق قطاع غزة، تُحتّم على المجتمع الدولي ومؤسساته، والضمير الإنساني تحرّكاً جاداً لوقفها، ومحاسبة مرتكبيها الفاشيين أمام المحاكم الدولية".

وفي وقت سابق، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، عن العثور على أقراص مخدرة من نوع "أوكسيكودون" داخل أكياس الطحين، التي توزعها الشركة الأمريكية التابعة للاحتلال.



وحذر المكتب من خطورة، ما تقوم به الشركة الأمريكية والاحتلال، واحتمالية طحن هذه المواد المخدرة بالطحين أو إذابتها، ما يتسبب باعتداء خطير على صحة الفلسطينيين، بشكل مباشر.

وحمل المكتب الإعلامي الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة، لنشر الإدمان وتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل، ضمن سياسة ممنهجة تشكل امتدادا لجريمة الإبادة الجماعية.

وأشار إلى أن استخدام الاحتلال المخدرات كوسيلة ناعمة في حرب قذرة ضد المدنيين، واستغلال الحصار لإدخال هذه المواد ضمن "مساعدات ومعونات"، يعد جريمة حرب وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني.

وتابع: "نحذر أبناء شعبنا الفلسطيني من هذه الجريمة، ونكرر تحذيرنا من الذهاب لهذه المراكز الخطيرة التي هي عبارة عن مصائد للموت وللاستدراج الجماعي، وندعو المواطنين إلى الحذر وتفتيش المواد الغذائية القادمة من هذه المراكز المشبوهة، والتبليغ الفوري عن أي مواد غريبة".

وحث العائلات على "توعية أبنائها بخطورة الذهاب لهذه المراكز والمواد المخدرة"، مؤكدا أن "اليقظة المجتمعية هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذه المحاولات الخبيثة".

مقالات مشابهة

  • حماس: الاحتلال يرتكب جريمة بشعة بحق الباحثين عن الطعام في غزة
  • الإغاثة الطبية: جهود البحث عن المفقودين في غزة تصطدم بالتحديات التي فرضها الاحتلال
  • عن موعد إجراء الانتخابات البلدية والتحديات التي تواجهها... ماذا كشف وزير الداخلية؟
  • الاحتلال يُعلن اغتيال «حكم العيسى» أحد مؤسسي حركة حماس
  • بوريل: لم يعد بإمكان الاتحاد الأوروبي البقاء على هامش الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  • داعيًا للتحرك.. بوريل: أوروبا تُهمَش لأنها لم تعد تجرؤ على التحرك في ملف غزة
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف المتواصل ضد المدنيين في غزة والاعتداءات التي شنها مستوطنون على قرية كَفَر مالك
  • لا أخفيكم سرا أنا جائع.. أزمة طاحنة تمر بها غزة في ظل حصار إسرائيلي وصمت دولي
  • «لا أخفيكم سرا أنا جائع».. أزمة طاحنة تمر بها غزة في ظل حصار إسرائيلي وصمت دولي
  • حينما يجفُّ الحبر.. كتاب يدعو لإعادة تنظيم الحياة وتحقيق التوازن