سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

كل عمل إنساني ناقص، مهما حاولنا تحرّي الدقة؛ بل مهما خَطتْه تجارب العارفين، ونحن نعلم يقينًا أن منظومة الحماية الاجتماعية لم تكن لتظهر لولا نضج الفكرة وتبلور الأهداف لتتحقق عبر فروض أو أسئلة صيغت بدقة لخدمة الأفراد المنتفعين بها، والمجتمع كمنظومة متكاملة، وأيضًا عبر مروره على لجان متخصصة وعلى مجلس الوزراء ومجلس عُمان، وهو أمر مهني وقانوني مطلوب.

ظهر قانون الحماية الاجتماعية الذي هو أساس منظومة الحماية المقصودة لرسم الطريق لانخراط الأفراد المستحقين للتمتع بمزاياه الكثيرة، وعايشنا جميعًا فترة الترقب والتنفيذ، عايشنا الأقلام التي كتبت عن الموضوع، وأيضًا آراء مجلسي الشورى والدولة في مسألة ضرورة تخصيص منفعة للأم باعتبارها المُربيّة والقائمة على النشء.

تغلّبت الآراء النافذة بدعوى الكلفة الإجمالية ومن ثم مناقشة الأمر لاحقًا؛ لأنَّ الكل أجمع على حق المرأة العُمانية ربة المنزل في الحصول على منفعة، مثل منفعة كبار السن والتي جادل البعض حولها، وهي من وجهة نظري مُستحقة أيضًا، هذه الآراء وغيرها خلقت نقاشًا مُستمرًا حتى خرجت بعض الأصوات المؤيدة لشكلها الحالي مع النظر في استحقاق المرأة المربية فقط، وبعضها أقرَّ إعطاء المرأة العاملة المتزوجة ولها أطفال، وآخرون ارتأوا إقرار منفعة المرأة المتزوجة عمومًا حتى لو لم تكن قد أنجبت، ولهذا كله أسباب وآراء تُحترم.

الحقيقة أنا في صدد مناقشة موضوع المرأة ربة المنزل عمومًا، وبيان مدى استحقاقها، وانعكاس الأمر على المرأة أولاً ككيان أنثوي وعلى المُجتمع عامّةً كمنظومة تحتاج إلى إعادة غربلة، كما نحتاج ذلك من خلال تأثيره على الباحثين عن عمل، وهنا طريقة سوف أذكرها ربما ستكون جزءًا يسيرًا من حل هذه القضية المُؤرقة لصناع القرار في بلادنا العزيزة.

تطرقتُ في مقال سابق إلى كثرة حالات الطلاق، وكان من ضمن أسبابه استحقاق المُطلّقة إعانة مالية من الدولة وحذّرتُ منها، رغم أنها تهدف إلى إعطاء المرأة حماية مالية تُعينها على الحياة، لكن استغلال البعض لها جعل أُسَرًا تتفكك، ولو أنها ليست سببًا مباشرًا، لكنها أضرمت جذوة الانفصال؛ فالمبلغ الذي تتحصل عليه المرأة من الزوج ضئيل مُقارنة بالإعانة (المنفعة حاليًا).

سبب هذه السردية يأتي في صلب المطالبة بأهمية إعطاء المرأة ربة المنزل مبلغًا ماليًا يُساهم- ولو قليلًا- في دخل الأسرة؛ فهي وإنْ كانت (عند بعض الأسر) في غير حاجته، إلّا أنَّ هذه المنفعة تعكس تقديرًا تشعر به المرأة في بيتها، وكي تشعر بكينونتها، وتشتري احتياجاتها الخاصة الصغيرة، وتقدِّر مسؤولي البلاد في كل جمعٍ ومحفل. هذا التقدير الأنثوي جديرٌ بحل مشاكل كثيرة في المجتمع، كثيرة لا نتصور بعضها، خصوصًا عند الأسر التي تعتبره دخلًا مُهمًا، أما بعضها الذي يظهر عيانًا لا تخفى على الجميع؛ حيث تستطيع المنفعة المقصودة حل مشكلات المجتمع المُستعصية كالباحثين عن عمل، وأيضًا ترتيب أولويات المجتمع وضبطه بشكل أساسي، وتحريك الراكد الاقتصادي، وتمعن في ارتقاء أبناء المجتمع سلوكيًا تجاه منجزات البلاد.

من ناحية الباحثين عن عمل؛ فطبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل الفسيولوجية، هي تحب الاستقرار أكثر من الرجل، وقانون التقاعد الجديد لا يخدمها (أتحدث عن الكثرة)؛ حيث يجب أن تكمل 30 عامًا لتستحق التقاعد، وهذا الأمر خلق بلبلة كبيرة بين أوساط عدة من أبناء المجتمع من الجنسين، وبالتوازي أصبحت المرأة متوترة أكثر، خائفة من المستقبل وأنها ربما تنهار في هذا الجو المأزوم.

والأمر لا شك سيؤثر على تربية الأبناء، وستزداد مشاكل الأسر التي تمتلك مثل هذه الحالة، أما ما علاقة ذلك بالباحثين عن عمل؟ فالعلاقة كبيرة، لكن لنُلقي الضوء أولاً على شعور ربة المنزل فيما لو كانت تتمتع بالمنفعة وهي في بيت زوجها تُؤدي أعمالها اليومية بحب وتراقب أبناءها (لمن لها أبناء) وتشعرهم بوجودها في كل تفاصيل حياتهم، ألن ترجو المرأة العاملة للعب نفس الدور؟ ألن تُقدِم على الاستقالة وتترك شاغرًا لشاب يحتاج لبناء منزل وزواج وتكوين أسرة؟ ألن تتغير نظرة المجتمع للهدف من عمل المرأة؟ ألن يغلب الجميع مصلحة الأبناء؟

وفي نفس السياق، فلن يكون مبرر الطلاق من الناحية المادية موجودا لدى الكثير من الرجال والنساء في حال تمتعت ربة المنزل بمنفعة اجتماعية كهذه، فضلًا عن تعديل وضع المرأة المطلقة إلى العكس لأنه حينها سوف تُقبِل ربما على الزواج من جديد فالاستقرار المالي متوفر وكذلك الأسري.

وما يُوفره هذا الأمر على مستوى الدولة فكثير، منه تعزيز مساهمة المرأة في المجتمع وتعظيم دورها وإلقاء مسؤولية أكبر عليها بتنشئة الأبناء، وزيادة الأُلفة الاجتماعية، وكلما كانت المرأة متعلمة، كانت الأجيال قادرة على الوقوف أمام التحديات المختلفة، وقادرة على المساهمة التطوعية في برامج وفعاليات المجتمع، أما على مستوى الأسرة فيخلق الأمر استقرارًا أسريًا؛ بل من المؤمل انخفاض نسبة الطلاق التي هي لأسباب مادية، بما يُساهم في إنعاش السوق وتنوعه خصوصًا بعد حصول الباحثين عن عمل على الأعمال المتنوعة، وربما يدخل في الأمر عوامل اقتصادية أخرى.

ورغم ذلك.. فللمجتمع حاجة ملحة لعمل المرأة في بعض الأعمال كالتعليم والصحة وغيرها من المهن الضرورية، الفارق أن المرأة ستكون مطمئنة؛ فالدولة توفر لها الراحة والحماية وتقدمها لها على طبق من ذهب، وتكافؤها على كل شيء أينما كان موقعها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: ربة المنزل عن عمل

إقرأ أيضاً:

نقص الكالسيوم يسبب أضرار جسيمة لصحتك

يُشكل الكالسيوم مادة بالغة الأهمية لجسم الإنسان، ويعاني الكثير من الناس من النقص في الكالسيوم دون أن يشعروا بذلك إلى حين أن يتسبب نقص هذه المادة بالعديد من المشاكل الصحية لديهم.

 

وقال تقرير نشره موقع "بور أوف بوزيتيفيتي" الأميركي، واطلعت عليه "العربية.نت"، إن نقص الكالسيوم يؤدي إلى عشرة مشاكل صحية في جسم الإنسان، وهذه المشاكل هي ما يلي:

 

1- مخاطر ضعف العظام، حيث إن هذا المعدن هو حجر الزاوية لعظام قوية وصحية. إنه مثل الأسمنت الذي يبقي هيكلنا العظمي ثابتاً ومتيناً. ولكن عندما تنخفض مستويات الكالسيوم، يبدو الأمر كما لو أن هذا الأسمنت يبدأ في الانهيار، ويؤدي نقص الكالسيوم في نهاية المطاف الى هشاشة العظام.

 

2- معضلات الأسنان، حيث إن أسنانك ليست مجرد أدوات لابتسامة رابحة، وإنما هي تعكس كمية العناصر الغذائية التي تتناولها، والكالسيوم يعتبر الدرع الواقي لأسنانك، ويحميها من التسوس، وعندما تنخفض مستوياته تتحمل أسنانك العبء الأكبر، وتصبح أكثر عرضة للمشاكل التي قد تدفعك لزيارة طبيب الأسنان بشكل متكرر.

3- مشاكل العضلات، حيث إن الكالسيوم يعمل خلف الكواليس في كل مرة تخطو فيها، أو ترفع حقيبة، أو حتى تقف ساكناً، فهذا المعدن ضروري لتمكين عضلاتنا من الانقباض. ويمكن أن تفشل هذه العملية دون الحصول على كمية كافية من الكالسيوم، مما يؤدي إلى آلام في العضلات وتشنجات. إن الأمر يشبه محاولة تشغيل الآلات بدون كمية كافية من الزيت، فالأشياء لا تسير بسلاسة.

 

4- اضطراب في الجهاز العصبي، حيث لا يقتصر دور الكالسيوم على العظام والعضلات، لكنه يلعبُ دوراً رئيسياً في نظامنا العصبي، وهو المرسال الذي يساعد على نقل الإشارات العصبية بين الدماغ وكل جزء من جسمك. وعندما يكون الكالسيوم نادراً، يمكن أن يتعطل هذا الاتصال. ونتيجة ذلك، قد تشعر بوخز أو تنميل في يديك وقدميك أو حتى تواجه ارتباكاً عقلياً ومشاكل في الذاكرة. يبدو الأمر كما لو أن الأسلاك الداخلية للجسم تعاني من ماس كهربائي.

 

5- مشاكل القلب والأوعية الدموية تزداد عند نقص الكالسيوم، حيث يمتد تأثير الكالسيوم إلى صحة القلب والأوعية الدموية أيضاً. ويساعد هذا المعدن في الأداء السلس لعضلات القلب وتنظيم إيقاعات القلب، وعندما تنخفض مستويات الكالسيوم يمكن أن يسبب ذلك مشكلة لقلبك، مما يؤدي إلى اضطرابات محتملة في ضربات القلب وحتى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. ويبدو الأمر كما لو أن إيقاع القلب الطبيعي غير متناغم بسبب نقص هذه العناصر الغذائية الحيوية.

 

6- التناغم الهرموني، فقد تتفاجأ عندما تعلم أن الكالسيوم يلعبُ دوراً مهماً في التوازن الهرموني. ويشارك بشكل خاص في تنظيم الهرمونات المتعلقة بصحة العظام، مثل هرمون الغدة الدرقية. ويمكن أن يؤدي نقص الكالسيوم إلى خلل في توازن هذه الهرمونات، مما يؤدي إلى مشاكل صحية مختلفة مثل فقدان العظام، وفي الحالات الشديدة، حالات مثل فرط نشاط جارات الدرق.

7- مشاكل الدورة الشهرية، حيث قليل من النساء يدركن العلاقة المحتملة بين مستويات الكالسيوم وشدة أعراض الدورة الشهرية. وتشير بعض الدراسات إلى أن عدم تناول كمية كافية من الكالسيوم يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تقلبات المزاج والانتفاخ والتعب، حيث أن نقص الكالسيوم يزيد من حجم هذه المضايقات.

8- النمو والتطور عند الأطفال، حيث إن أهمية الكالسيوم تتجاوز الفئات العمرية، ولكنها ضرورية بشكل خاص للأطفال. وخلال هذه السنوات التكوينية، يعتبر الكالسيوم حجر الأساس لعظام وأسنان قوية. ويمكن أن يؤدي النقص في هذه العناصر الغذائية الرئيسية إلى تباطؤ النمو وتأخر مراحل النمو الأخرى. إن الأمر أشبه بمحاولة بناء منزل بدون ما يكفي من الطوب، لن يكون الهيكل قوياً أو متطوراً كما ينبغي.

 

9- مكافحة التعب، حيث إن نقص الكالسيوم يزيد الشعور بالتعب المستمر ونقص الطاقة. ويلعب الكالسيوم دوراً في إنتاج الطاقة، ونقصه يمكن أن يؤدي إلى شعور عام بالخمول والتعب، حيث يبدو الأمر كما لو أن بطارية جسمك على وشك النفاد لأنها لا تمتلك الوقود المناسب لإبقائها مشحونة.

 

10- إدارة الوزن، فهناك علاقة مثيرة للاهتمام بين الكالسيوم وإدارة الوزن. والأبحاث مستمرة، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم قد يساعد في الحفاظ على وزن صحي. ومن المفترض أن الكالسيوم يمكن أن يؤثر على كيفية معالجة الدهون وتخزينها. ومع ذلك، من المهم أن تتذكر أن الوزن الصحي ينتج عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك النظام الغذائي وممارسة الرياضة والوراثة.

 

مقالات مشابهة

  • إسرائيل أرجأت حرب لبنان.. هل انتهت المعركة؟
  • جاسم المطوع: المرأة صعب تحب ٤ رجال بنفس الوقت لكن الرجال يفعل .. فيديو
  • أكلات عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل الرقاق باللحمة المفرومة في المنزل
  • نقص الكالسيوم يسبب أضرار جسيمة لصحتك
  • لسبب لا يصدق.. امرأة بهذه المحافظة تقتل زوجها ولجأت إلى جبل
  • المساواة بين الجنسين.. لماذا تتذيل الدول العربية المؤشرات العالمية؟
  • قومي المرأة: 42 وحدة مناهضة للعنف ضد المرأة بالجامعات و15 بالمستشفيات الجامعية
  • ورشتا عمل بصنعاء حول دليل إجراءات قضايا وتصميم برامج حماية المرأة
  • الاحتلال يطلق نحو 6 صواريخ على المنزل المحاصر في بلدة قباطية جنوب جنين
  • بعد زواجه بثانية.. امرأة تنهي حياة زوجها بوابل من الرصاص