ابتسم وهو يقول لى بنبرات مسالمة تصالح الزمن:
- الحمد لله يا صديقى... بيتنا لا يعرف لعنة الخرس الزوجى.
كنا نتناول الشاى فى أحد كافيهات المعادى. الليل يقرع المكان بتياراته الباردة، لكن دفء الصداقة الممتدة بيننا من قرن إلى آخر يحمينا من لسعاته الموترة. بدا لى صديقى القديم أكثر شبابًا وحيوية، فقلت له مازحًا:
- لا يحسد العشاق إلا قلوبهم الملتاعة.
لم يكن ما أباح به هذا الصديق النبيل يمثل لى أية مفاجأة، فقد تابعت بالتفصيل حكاية غرامه بحبيبته التى تكللت بالزواج الميمون، ذلك الزواج السعيد الذى مازال يتوج كل يوم بمزيد من العشق والهوى بعد أن أهداهما الله طفلين رائعين.
ظللت أرصد عن قرب حياتهما الثرية بامتداد 19 عامًا. لم يتوقفا فيها يومًا عن السباحة فى نهر الحب. كان يعمل أستاذًا للتاريخ الحديث بجامعة القاهرة ويكبرها بنحو عشرين سنة، بينما كانت تعمل طبيبة عيون حديثة التخرج. رقيقة كانت... عاشقة للشعر والروايات والأفلام القديمة، فلما التقيا فى إحدى الأمسيات الشعرية، وبعد حديث قصير معها سأل عن أسرتها، فعلم أن أبويها متحابان، فاطمأن قلبه، وقال لنفسه: (هذه الفتاة الجميلة الذكية الطموح هى الزوجة التى يصبو إليها قلبي)، أما هى، فقد تعلقت بحنانه وطيبته وآرائه ودماثة خلقه، وفى أقل من أربعة أشهر تجاوزت اعتراضات الأهل على فرق السن، وأصرت على الاقتران به.
حكى لى صديقى هذا كيف أن التواصل العميق بينهما لم ينقطع لحظة لا قبل الزواج ولا بعده، فنحن (نتكئ على الوسادة الناعمة نفسها. تلك الوسادة التى تيسر لنا أن نرى الحياة نعمة وليست نقمة، وأن الفرح والطرب والسرور حقوق واجبة ينبغى أن نعمل على تكثيفها داخل عقولنا ووجداننا).
سألته مرة: كيف؟ فأجاب بهدوء: (إن التجانس الفكرى والروحى بيننا يتجاوزان كل ما هو متوقع بين الأزواج، لأننا لا نتوقف عن القراءة والحديث فى الآداب والفنون والتاريخ والسياسة والموسيقى والغناء واهتمامات النساء... كل هذا أثرى روحينا وأغنى نفسينا. هذا التجانس هو الذى يورق فى بساتين حياتنا الزوجية الورود الملونة البهيجة باستمرار).
فقلت سريعًا: (ومنغصات الحياة اليومية فى العمل؟ والغلاء الفاحش، ومشكلات الأطفال... وسخافات بعض المحيطين... كل ذلك ألا يعكر صفو أيامكما؟).
فابتسم فأشرق وجهه بالرضا وقال: (ومن يستطيع تجنب منغصات الحياة؟ لكن الأذكياء فقط هم من يواجهونها بالحكمة والصبر، وأقسم لك يا صاحبى إن الحب المثمر بيننا يلعب الدور الأكبر فى تجاوز تلك المنغضات، فكل منا لا ينام ليله وفى قلبه همسة عتاب، إلا وأباح بها لشريك حياته... أى أننا نمتلك نعمة «الفضفضة» باستمرار والإنصات للآخر باهتمام، فالاهتمام المتبادل عسل الحياة الزوجية، فبيتنا لا يعرف لعنة الخرس الزوجى المعهودة.).
فقلت: أعرف يا صديقى أنك وهبتها الأمان والحنان وغمرتها بالحب والاحترام، فلا كلمة جارحة، ولا لوم سخيف أو توبيخ موجع. فتلقيت منها أعذب الأنغام الأنثوية، فالله يبارك زواجكما إلى الأبد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تؤكد بقاء 24 من الأسرى على قيد الحياة
قال مسؤول إسرائيلي اليوم الأربعاء إن عدد الأسرى الذين لا يزالون على قيد الحياة في قطاع غزة هو 24 بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن العدد هو 21، مما أثار قلق ذويهم.
وقال منسق إسرائيل لشؤون الأسرى والمفقودين جال هيرش في منشور على موقع إكس إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحتجز 59 أسيرا حاليا، 24 منهم على قيد الحياة و35 لقوا حتفهم، وهي أعداد لم تتغير منذ الفترة التي سبقت تصريح ترامب.
وأضاف "تتلقى كل أسر المخطوفين باستمرار أحدث معلومات لدينا عن أحبائها".
وأمس الثلاثاء، أعلن الرئيس الأميركي ترامب أن 3 من الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في قطاع قضوا، في حين الـ21 الآخرون هم على قيد الحياة.
وأمس، قال الرئيس الجمهوري على هامش فعالية في البيت الأبيض إنه من بين الـ59 هؤلاء هناك 21 لا يزالون على قيد الحياة و3 أموات.
وأضاف ترامب "نريد أن نحاول إنقاذ أكبر عدد ممكن من الرهائن، هذا وضع مروع".
وردا على ذلك طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة حكومة بنيامين نتنياهو بتوضيح بشأن عدد الأحياء منهم.
وقالت العائلات في منشور على منصة إكس في أعقاب تصريحات لرئيس الولايات المتحدة بشأن عدد الأسرى الأحياء الذين لا يزالون محتجزين (في غزة) إن عدد المختطفين الأحياء المعروفين لدى الأهالي -حسبما أبلغتهم المصادر الرسمية- يبلغ 24 أسيرا.
إعلانوأضافت "نطالب مرة أخرى الحكومة الإسرائيلية إذا كانت هناك معلومات جديدة تم إخفاؤها عنا بأن تمررها إلينا فورا".
وجددت العائلات مطالبتها نتنياهو بوقف الحرب حتى عودة آخر أسير، قائلة إن هذه هي المهمة الوطنية الأكثر إلحاحا وأهمية.
وتطالب العائلات منذ أشهر الحكومة بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى مقابل وقف الحرب.
وأبدت حركة حماس استعدادها لاتفاق شامل تطلق بموجبه جميع الأسرى مقابل وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي الشامل من غزة وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، لكن إسرائيل عارضت ذلك.
ومطلع مارس/آذار الماضي انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الأول 2025 بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة بغزة في 18 مارس/آذار الماضي استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية لتحقيق مصالحه السياسية، وفق الإعلام الإسرائيلي.