عربي21:
2025-05-21@17:09:07 GMT

عن الرياضة والسياسة وما بينهما

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

كثيرا ما يُقال "السياسة تفسد والرياضة تصلح"، وقد ينطوي هذا القول المشهور على قدر كبير من رجاحة المنطق وسلامة الظن، بسبب أن السياسة هي "تدبير المصالح، وترشيد تنازعها"، والرياضة " ُتعة تهذيب النفوس، وتهدئة الأعصاب، وتقريب الشعوب، وتيسير الألفة بين المجتمعات".. فمنطق الرياضة مؤسس على التجميع والتوحيد، في حين يميل منطق السياسة بطبيعته إلى التنازع والتفرقة أو في أهون الحالات إلى ترشيد التوتر والصراع.



مناسبة التفكير في علاقة الرياضة بالسياسة هي سياق ما صاحب مباريات كأس أفريقيا، التي لم تنته إقصائياتها بعد، وأساسا ما صاحب المشاركة المغربية والجزائرية من ردود فعل في وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية على وجه التحديد. فقد تم تبادل التهم، والتراشق بالكلمات البذيئة، والتحريض على الضغينة والكراهية بين شعبين شقيقين، تربطهما أواصر الدين واللغة والتاريخ والمستقبل المشترك.. بل وصلت الأمور ببعض الشباب الجزائريين إلى تدنيس العلم المغربي وإحراقه، وهو ما لا يشرف الماضي النضالي المشترك للبلدين المتجاورين.
مناسبة التفكير في علاقة الرياضة بالسياسة هي سياق ما صاحب مباريات كأس أفريقيا، التي لم تنته إقصائياتها بعد، وأساسا ما صاحب المشاركة المغربية والجزائرية من ردود فعل في وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية على وجه التحديد. فقد تم تبادل التهم، والتراشق بالكلمات البذيئة، والتحريض على الضغينة والكراهية بين شعبين شقيقين
من تابع أطوار كأس أفريقيا للأمم، وأطَل على ما يتم ترويجه على مواقع التواصل الاجتماعي، يشعر بقدر كبير من الألم على حجم الضغينة التي عملت على بثها هذه الوسائل دون مراعاة أخلاقيات الإعلام الالكتروني، وما نشرت من سموم، وخلّفت من آثار سلبية على بلدين شقيقين، كان الأجدر بأبنائهما أن يحرصا على الدعم والتأييد والمناصرة، وزرع الفرح في قلوب ملايين المشاهدين، وتقديم صورة مشرفة عن الروح الرياضية لشعبين متجاورين.

قد يقول قائل إن ما يُروّج في مواقع التواصل الاجتماعي ليس مصدرا معبرا عن سياسات الدول ومواقف حكوماتها، وليس دليلا على ما يعتمل بمشاعر المجتمعين المغربي والجزائري، بل غالبا ما ينحصر في فئات محدودة اعتادت على استثمار الإمكانيات التي تتيحها الشبكة العنكبوتية للترويج لهذا الموقف أو ذاك، وغالبا ما تكون هذه الأفعال بعيدة عن واقع التضامن الذي يجمع الشعبين.. لكن لنتذكر التفاعل الإيجابي العام الذي عَمّ ربوع المغرب لحظة فوز الفريق الوطني الجزائري على نظيره السنغالي في كأس الأمم الأفريقية في القاهرة عام 2019، علما أن العلاقات المغربية الجزائرية لم تكن قد وصلت إلى ما وصلت إليه من التوتر كما هي عليه اليوم، وقد اعترفت السلطات العليا الجزائرية بما عبّر الشعب المغربي من تأييد ونُصرة للفوز الجزائري في هذه المنافسة الأفريقية.

يمكن للرياضة أن تكون حقا أداة للإصلاح والتقارب بين الشعوب والمجتمعات، وهي بطبيعتها مؤهلة لأن تكون كذلك، خلافا للسياسة التي بحكم تدبيرها للمصالح المتضاربة، يمكن أن تنزع نحو الاختلاف والفُرقة، خصوصا إذا كان وعي النخبة القائدة لها غير مُحصن بوعاء ثقافي يُساعدنا على تجنب التوتر والسعي إلى المشترك. ومع ذلك، ليست الرياضة دائما طريقا لتهذيب النفوس وإصلاح السلوك، بل يمكن أن تشكل، هي الأخرى، مصدرا للتنازع والتوتر، وقد شهدت التاريخ الكروي نماذج من الصراعات الدولية الناجمة عن الممارسة الرياضية، بسبب ضعف الوعاء الثقافي، الذي يلعب أدوارا رئيسة في ترشيد الخلافات، والوقاية من التوترات؛ لعل من أبرزها ما سمي "حرب كرة القدم" أو "حرب المائة ساعة" بين هندوراس والسلفادور عام 1970، في سياق الاستعداد لكأس العالم في المكسيك.

في مصلحة المغرب ولا الجزائر الاستمرار في نفس الممارسة، لأنها ببساطة طريق غير سالك، ولا مقبول تاريخيا، فثقافة محاربة النجاح، وبث الضغائن، والبحث عن الدسائس، لا تُفيد أحدا، بل تشكل مضرّة كبيرة، ومع مرور السنين قد تتحول إلى شبه عقيدة، فتنقلب، بالضرورة، على صاحبها. ثم إن من مصلحة الأجيال المقبلة أن تعيش في مناخ سليم ومتعافٍ من هذا النمط من الثقافة
لا شك أن توجيه الرياضة، والحالة هنا مناسبة إحصائيات كأس أمم أفريقيا، لشحذ رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومستعملي الشبكة العنكبوتية، وحتى المشتغلين في الحقل الإعلامي، لتبادل التهم وزرع الضغائن بين شعبين شقيقين، سلوك غير مقبول، وممارسة لا يقبلها عاقل، ويزداد الأمر تعقيدا حين تصدر تصريحات من صناع القرار تدعو من حيث تدري أولا تدري إلى تغذية مناخ التوتر، والتشجيع عليه، وهو ما يستطيع المتابع الموضوعي لإقصائيات كأس أمم أفريقيا ملاحظته في ما صاحب هذا الحدث الكروي. فقد وجهت الشقيقة الجزائر أكثر من اتهام للمغرب، وللقيمين على سياسته الكروية، بغير حق دون وسيلة إثبات، بل لاحظنا كيف تم تجييش قطاع واسع من المجتمع الجزائري للخروج إلى شوارع مدنه الكبرى للتعبير عن فرحه بخسارة المغرب أمام جنوب أفريقيا. ومن باب الموضوعية، عبّرت بعض الفئات المغربية من المتابعين لهذا الحدث عن نفس السلوكيات حين خسرت الجزائر أما الشقيقة موريتانيا، وإن بلغة أقل حدة وشراسة مما حصل من جانب الجمهور الجزائري.

ليس في مصلحة المغرب ولا الجزائر الاستمرار في نفس الممارسة، لأنها ببساطة طريق غير سالك، ولا مقبول تاريخيا، فثقافة محاربة النجاح، وبث الضغائن، والبحث عن الدسائس، لا تُفيد أحدا، بل تشكل مضرّة كبيرة، ومع مرور السنين قد تتحول إلى شبه عقيدة، فتنقلب، بالضرورة، على صاحبها. ثم إن من مصلحة الأجيال المقبلة أن تعيش في مناخ سليم ومتعافٍ من هذا النمط من الثقافة الواطئة والبذيئة في الأنى معا، بل من واجب النخب القائدة الراهنة أن تعتمد مفهوم الاستدامة (durabilite) في رؤية المستقبل والاستعداد له، وإلا ستخسر حاضرها، وتمس حقوق القادمين من أبنائها في أن يعيشوا في مناخ سليم وطاهر وغير مشبع بمثبطات الأحقاد والضغائن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الرياضة أفريقيا المغربية الجزائريين كرة القدم المغرب الجزائر أفريقيا كرة القدم الرياضة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التواصل الاجتماعی ما صاحب

إقرأ أيضاً:

بوركينا فاسو: فيديوهات مفبركة تزعم اعتقال جاسوسة فرنسية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

تنتشر المعلومات المضللة المعادية للغرب في بوركينا فاسو ومنطقة الساحل عمومًا، في وقت تشير تحليلات وخلاصات حكومية إلى أن الحملات الموالية لروسيا تسهم في تقويض الاستقرار. اعلان

انتشرت عبر الإنترنت بشكل واسع مقاطع فيديو مُولّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي تزعم كذبًا اعتقال امرأة فرنسية بتهمة التجسس في بوركينا فاسو، ما أثار موجة جديدة من المعلومات المضللة.

وتدّعي مقاطع الفيديو أنه تمّ احتجاز كلير دوبوا، وهي موظفة فرنسية في أوائل الثلاثينيات من عمرها، من قبل إبراهيم تراوري، الضابط العسكري الذي تولّى السلطة في بوركينا فاسو في أيلول/ سبتمبر 2022.

وتفيد مزاعم لا أساس لها من الصحة، اطّلع عليها موقع Euroverify، بأن دوبوا كانت جاسوسة فرنسية جمعت معلومات استخباراتية عسكرية "تحت غطاء العمل الإنساني".

ولا توجد أي أدلة تدعم هذه الادعاءات، كما أن الفيديو الأصلي الذي أُطلقت من خلاله هذه الرواية نُشر أول مرة على موقع يوتيوب مرفقًا بتنويه يُشير إلى أنه "عمل خيالي".

وجاء في التنويه: "المواقف والحوارات الواردة في هذا العمل خيالية بالكامل ولا تعكس أي أحداث حقيقية".

ولكن مقاطع الفيديو التي جرى تداولها على منصات مثل تيك توك وفيسبوك و"إكس" من دون الإشارة إلى أنها تحمل محتوى خياليا، فيما حصد أحد هذه المقاطع على تيك توك، والذي يروّج لهذا الادعاء، أكثر من مليوني مشاهدة.

كما ساهمت وسائل إعلام روسية رسمية، مثل "برافدا"، في تضخيم هذه الأخبار الكاذبة، رغم أنها وُصفت في البداية بأنها خيالية.

Euronews 2025ادعاء مضلل يزعم اعتقال عاملة إغاثة فرنسية بتهمة التجسس في بوركينا فاسو.

ويُذكر أنه تمّ الإفراج عن أربعة من عملاء المخابرات الفرنسية في كانون الأول/ ديسمبر 2024، بعد أن أمضوا عامًا رهن الاحتجاز في العاصمة البوركينية واغادوغو بتهمة التجسس، وذلك إثر جهود وساطة قادها المغرب.

كذلك طُرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين آخرين من البلاد في نيسان/ أبريل من العام الماضي، في حين لم ترد أي تقارير تشير إلى توجيه اتهامات بالتجسس إلى عاملين في المجال الإنساني.

وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل يثبت تورط روسيا مباشرة في نشر هذا الادعاء الكاذب، إلا أن عددًا من المؤثرين الأفارقة على تطبيق تيك توك، الذين رصدتهم "يوروفيريفاي" أثناء ترويجهم لهذه المواد، ينشرون أيضًا محتوى معاديًا للغرب وأوكرانيا، ينسجم مع نمط التضليل الإعلامي الذي يعتمده الكرملين.

"مختبر" التضليل الإعلامي

لطالما اعتُبرت بوركينا فاسو وجارتاها في منطقة الساحل، النيجر ومالي، أرضًا خصبة للحملات الدعائية الموالية لروسيا في القارة الأفريقية.

وقد دعمت موسكو الحكومات التي تولّت السلطة بعد الانقلابات في الدول الثلاث، في ظل فراغ خلّفه الإحباط وخيبة الأمل من القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا.

وتسهم الدعاية المؤيدة للكرملين والمعادية للغرب حاليًا في تعزيز شعبية قادة مثل إبراهيم تراوري في بوركينا فاسو، وهو ضابط عسكري يبلغ من العمر 37 عامًا ويُعد من أبرز حلفاء موسكو في المنطقة.

وخلال زيارته الأخيرة إلى موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر في 9 أيار/ مايو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صرّح إبراهيم تراوري لـ "روسيا اليوم" بالقول: "أكثر ما يؤسفني هو أنني قضيت جزءًا كبيرًا من شبابي وأنا أستمع إلى إذاعات مثل راديو فرنسا إنفو وفرانس 24".

اعلان

وأضاف: "لذلك، يمكن لقناة (روسيا اليوم) أن تلعب دورًا كبيرًا في إيقاظ وعي الشباب، ليُدركوا كيف يسير العالم، وألا يسمحوا للآخرين بالهيمنة عليه".

Relatedبوركينا فاسو تطلق سراح أربعة فرنسيين متهمين بالتجسس بعد احتجازهم لمدة عامارتفاع قياسي في أعداد الأطفال المصابين بالصدمة النفسية في بوركينا فاسومهرجان مسرحي.. بسمة في بحر من دموع النازحين في بوركينا فاسو.. البلد الذي مزقته الصراعات والانقلابات

ورغم محدودية المعلومات المتوفرة حول حجم وتطور عمليات التضليل الإعلامي الموالية لروسيا في هذه الدول، يشير تقرير صادر عام 2024 عن مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية إلى أن الجهات المرتبطة بالكرملين تُعد الداعم الرئيسي لحملات التضليل الإعلامي في بوركينا فاسو.

ويُشير التقرير إلى أن هذه الحملات تموّل مؤثرين أفارقة مقابل الترويج للدعاية، كما تسهم السفارات الروسية في تأسيس ما يُعرف بـ"منظمات الواجهة الشعبية" بهدف إنتاج المعلومات المضللة وتضخيمها داخل المجتمعات المحلية.

اعلان

وفي بوركينا فاسو، تُستخدم مجموعات من بينها "المبادرة الأفريقية" – التي فُرضت عليها عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي – لدفع "أجندة موالية لروسيا" عبر تقديم المساعدات و"الترويج للثقافة الروسية" داخل المجتمعات المحلية، بحسب ما أفادت به منظمة الأبحاث "مرصد الديمقراطية الرقمية الأفريقية".

ويصف تقرير الاتحاد الأوروبي لعام 2024 حول التدخل الأجنبي "المبادرة الأفريقية" بأنها جهة روسية "مرتبطة بالدولة"، تعمل بمثابة "مركز محوري" لـ"تنفيذ عمليات التلاعب بالمعلومات والتدخل الأجنبي الروسي في أفريقيا".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • أدوات تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي.. أداة أيم إنسايتس لزيادة التفاعل وتحسين الأداء
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟
  • تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر مشهد الاستخدام الرقمي في المملكة
  • «واتساب» في المرتبة الأولى.. تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر مشهد الاستخدام الرقمي في المملكة
  • بعد إلغاء متابعة زوجته له .. عصام صاصا يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي
  • مات وهو جعان.. صرخة جدّة فلسطينية تودّع حفيدها تشعل التواصل الاجتماعي (شاهد)
  • الحزامي: رسائل سلطان القاسمي التربوية ترتقي بمردود الرياضة
  • المغرب يعتزم تشديد الخناق على التواصل الاجتماعي.. هل ينقلب المشهد الرقمي بالمغرب؟
  • “حرب الجبالي” يتصدر التريند على منصات التواصل الاجتماعي
  • بوركينا فاسو: فيديوهات مفبركة تزعم اعتقال جاسوسة فرنسية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي