اتساع نطاق الملاحقات القضائية لبرلمانيين ومسؤولين في المغرب.. ماذا يجري؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
اتسع نطاق الملاحقات القضائية التي طالت برلمانيين ومسؤولين بارزين في المغرب، على خلفية قضايا فساد وتجارة مخدرات، خلال الآونة الأخيرة.
وفي حين يرى البعض أن ما يجري من ملاحقات قضائية يهدف إلى تعزيز مبدأ المساءلة، يعتقد آخرون أنها تتم بين فترات زمنية وأخرى، لمحاولة ترميم صورة المؤسسات الرسمية بهدف الحفاظ على الشرعية.
وفي أحدث التطورات القضائية، أحال قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الجمعة، الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي، عبد العزيز البدراوي، والبرلماني السابق، محمد كريمين، بتهم " تبديد واختلاس أموال عمومية".
جاء ذلك بعد مسلسل من الملاحقات القضائية مستمرة منذ أسابيع، والتي تفجرت بعد اعتقال رئيس نادي الوداد البيضاوي لكرة القدم، سعيد الناصري، في ديسمبر الماضي.
والناصري (54 عاما)، وهو نائب برلماني عن حزب "الأصالة والمعاصرة" (الائتلاف الحاكم)، وقد اعتُقل بناء على أمر النيابة العامة في مدينة الدار البيضاء بعدة تهم، من بينها "تزوير وثائق رسمية وحيازة وتوزيع مخدرات"، وذلك على خلفية تداعيات ما يعرف بملف "إسكوبار الصحراء"، في إشارة للمواطن المالي، الحاج أحمد بن إبراهيم، القابع في سجن مغربي منذ عام 2019، بسبب الاتجار الدولي في المخدرات، وقضايا أخرى.
وشمل التحقيق في تلك القضية 25 متهما - 21 منهم رهن الاعتقال - بمن فيهم رجل الأعمال البارز، عبد النبي بعيوي، وهو عضو بحزب الأصالة والمعاصرة أيضا.
كذلك، يقبع البرلماني والوزير السابق، العضو في حزب الحركة الشعبية (معارض)، محمد مبدع، في سجن عكاشة بالدار البيضاء، بتهم متعلقة بالفساد و"تبديد أموال عامة".
ماذا يجري؟وتعليقا على هذه التطورات، يقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، رشيد لزرق، إن "الحملة الحالية تأتي في إطار تطبيق مقتضيات دستور 2011، حيث بدأ التطبيق الصارم للقانون وأضحت مسألة سحب الحصانة من البرلمانيين قائمة".
ويضيف لزرق في حديث مع موقع "أصوات مغاربية"، أن "الدستور الجديد نزع الطابع المُطلق من الحصانة البرلمانية، إذ أصبحت حصانة تهم فقط حرية الرأي التعبير داخل قبة البرلمان، ولم تعد تحمي صاحبها من الجرائم والممارسات الجنائية".
ويؤكد أن هناك أيضا "سياقا دوليا" لما يجري من ملاحقات، فالمغرب "دخل في اتفاقيات دولية لمحاربة الفساد والاتجار بالبشر والمخدرات"، مشيرا إلى أن التوجه الجديد "يجعل المسؤولية الجنائية تمتد إلى المسؤولين وصانعي القرار".
وتحدث لزرق عن تأثيرات الملاحقات القضائية على المشهد السياسي، مرجحا أن تؤدي إلى "تجديد النخبة السياسية" و"تخليق الحياة العامة والتأسيس الفعلي لدولة القانون".
كما دعا الخبير القانوني المغربي إلى التمييز بين الملاحقات القضائية بتهم المخدرات وأخرى متعلقة بالفساد، قائلا إن "أغلبية الملاحقين في قضايا سوء التدبير كانوا يُسيرون جماعات ترابية ومجالس عمالات، وجُلّهم من الأعيان وينتمون إلى تشكيلات حزبية متنوعة من الموالاة إلى المعارضة".
والجماعات الترابية في المغرب، عبارة عن كيانات محلية يتم تعيين حدودها الجغرافية بشكل دقيق وفقا لاعتبارات تاريخية وقبلية واقتصادية ومؤسساتية، أو سعيا لتحقيق تعاون وتكامل بين مكونات المنطقة.
وطبقا لدستور المغرب الجديد، تم تغيير تسمية "الجماعات المحلية" إلى "الجماعات الترابية".
ويرى المحلل السياسي المغربي، حميد بنخطاب، أن "المؤسسات التابعة للأنظمة الهجينة والسلطوية تعرف غالبا انتشار المحسوبية والزبونية واستشراء الفساد، وعليه يكون لزاما على ركائن النظام تفعيل القانون ومتابعة المتورطين من أجل منح المصداقية للحكم وتقوية مشروعه السياسي".
ويوضح في حديثه لموقع "أصوات مغاربية"، أن "محاربة الفساد تظل شعارا متداولا حتى داخل الأنظمة الهجينة والسلطوية"، مردفا أن "محاربة الفساد تتم بشكل دوري في المغرب، ففي كل 15 إلى 20 سنة يتم إطلاق حملة جديدة واسعة لملاحقة من يتم اعتبارهم الرؤوس الكبرى لهذا الفساد".
وفي الوقت نفسه، يحذر بنخطاب من أن "تتحول هذه الحملات إلى محطات لتصفية الحسابات السياسية مع بعض الشخصيات، والحساسيات الحزبية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی المغرب
إقرأ أيضاً:
الدكتورة رانيا المشاط: الدول النامية والأقل نموًا تتحمل العبء الأكبر من أزمة الديون العالمية مما يتسبب في اتساع فجوات التنمية
ألقت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، كلمة مصر بالمائدة المستديرة متعددة الأطراف بعنوان «تعزيز التعاون الدولي للتنمية»، وذلك نيابة عن السيد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء؛ خلال فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا المنعقد خلال الفترة من 29 يونيو إلى 3 يوليو 2025.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أن الوقت الراهن يشهد تراجعًا ملحوظًا في التقدّم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية وتعدد الأزمات الحالية، الأمر الذي ترتب عليه آثار سلبية متتالية، خاصة على الدول النامية، ولا سيّما الدول الأقل نموًا، التي تتحمّل العبء الأكبر من أزمة الديون العالمية، مما يتسبب في اتساع الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، وازديادها عمقًا يومًا بعد يوم.
وأضافت أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية يمثّل فرصة مهمة لتأكيد وجود إرادة سياسية حقيقية للتعامل مع الوضع، ولبحث مقترحات فعّالة من شأنها تعزيز التمويل الميسّر، ودعم الآليات التمويلية الحالية، بما في ذلك حقوق السحب الخاصة، إلى جانب استحداث آليات جديدة لحشد التمويل المطلوب.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى أنه من بين تلك الآليات، تأتي أدوات الدين المرتبطة بالتنمية كمثال على أدوات مالية يمكن أن تسهم في تحفيز التمويل المرتبط بأولويات التنمية، مؤكدة أهمية التزام الدول المانحة بتعهّداتها تجاه الدول النامية، متابعة أن التحديات التي تواجهها الدول النامية باتت تطال أيضًا العديد من الدول متوسطة الدخل، التي تواجه خطر تقويض ما حققته من إنجازات نتيجة تفاقم أوضاع الدين العالمي.
وأكدت «المشاط»، ضرورة التركيز على القطاعات ذات الأولوية، كقطاعات الصحة والتعليم، إلى جانب بذل الجهود اللازمة لتخفيف أعباء الديون، والذي يمكن تحقيقه من خلال تطبيق آليات مستدامة تُسهِم في دعم الدول النامية بطريقة متكاملة.
وفي ختام كلمتها، قالت إن الحديث لا ينبغي أن يقتصر على زيادة حجم التمويل فقط، بل يجب أيضًا التركيز على بناء قدرات الدول، حتى تكون قادرة على العمل بفعالية لتحقيق أولوياتها الوطنية، وتنفيذ استراتيجياتها التنموية بشكل مستقل ومستدام، معربةً عن تطلعها إلى أن يخرج المؤتمر بتوصيات ملموسة من شأنها أن تُحدث أثرًا إيجابيًا حقيقيًا في دفع أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 إلى الأمام.